الحالة الطائفية في الكويت هي كمثل الحالة القبلية أو الفئوية و تعتمد على منهجية واحدة .. منهجية "الإخراج من الملة". السني محامي القاعدة أسامة المناور يقول بأن الدولة سنية مالكية رغم إن هذا لم يرد بالدستور و المذهب المالكي معتمد في قانون الأحوال الشخصية فقط. المعتوه القلاف يصم الآخرين ممن يختلفون معه بأنهم نواصب تكفيريون رغم إنه من يقوم بالتكفير ايضاً. علي الراشد يصيح و يقول "البدو كلونا" و الجويهل يحذر من تأثير مزدوجي الجنسية على البنية التحتية في الكويت ! 9
كل هذه الخطابات الإعلامية تعتمد على محورين إثنين لا ثالث لهما .. "التكفير" و "التخوين" و كلاهما يسعيان لإخراج فئة من ملة "الكويتيين". و الهدف ينحصر على توزيع ثروة شركة الكويت المساهمة على أقل عدد من الناس. ألم يقل جان جاك روسو في نظرية "العقد الإجتماعي" بأن المجتمع متساوي في السيادة بين أفراد هذا المجتمع ؟ إذاً فإن ثروة هذا المجتمع يجب أن توزع بالتساوي .. لكن ليس على كافة أطياف الشعب الكويتي .. لكن يجب أن تنحصر بجماعتنا .. طائفتنا .. قبيلتنا .. فقط لا غير في تطبيق عملي لنظرية "الإستحواذ" ! 9
ألم يكن هذا ما جرى إبان أزمة التأبين عندما تم تخوين كامل الشيعة .. و اللي مو عاجبه ياخذ طرّاده اللي يه فيه و يرجع ايران ؟؟ أليس هذا خطاب الكراهية الموجه لأبناء القبائل بالعودة الى الجنوب ؟ أليس هذا خطاب أبناء داخل السور ؟
مشكلتنا أننا نسقط معتقداتنا الشخصية على الآخرين و لا نحترم ثقافاتهم. نعم أبناء القبائل كثير منهم ينتهك القانون .. و لكن ماذا عن أبناء الحاضرة ؟؟ هل يحترمون القانون ؟ نعم أبناء القبائل هم من يطالب بإسقاط القروض .. لكن من طالب بصندوق الأستقرار المالي و يدافع عن البنوك التي نهشت الكثير من الأسر بإنتهاكاتها للوائح و قرارات البنك المركزي ؟
الشيعة يعتقدون بطواف النساء الذي تحرم فيه نساء العالم على من يحج و لا يطوفه .. و لكن هل هذا يعني بأن من يعتقد بهذا المعتقد أن أبناء الطائفة السنية هم أبناء حرام لأنهم آبائهم لم يقوموا بطواف السنة ؟ المسلمون لا يعتقدون بالتثليث .. لكن هل هذا يعني بأن أهل الكتاب هم مشركون و لا يجوز إستقدام الخادمات المسيحيات أو أكل لحوم أهل الكتاب ؟ أهل الكتاب هؤلاء .. ألم تصدر فتاوينا نحن بجواز الإستعانة بقواتهم من أجل تحرير أرضنا من جارنا المسلم الذي كان يبني المساجد و يطبع المصاحف و نترحم عليه و يصفه علماءنا بالشهيد ؟
المعتقد أمر شخصي و لا يجوز إسقاطه على الآخرين ! ليحترم كل منا معتقد الآخرين و يسعى لإظهار هذا الإحترام ! لا نريد لا العريفي الذي لا يحترم معتقدات الشيعة و لا الفالي الذي لا يحترم معتقدات السنة ؟ لم يصر نفر منّا على إستقدام الفتن من الخارج فقط لتعزيز معتقداته ضارباً بعرض الحائط جميع دعاويه الكاذبة عن إحترام الآخر و سعيه الدؤوب المتواصل لتعزيز الوحدة الوطنية ؟
الخطاب الطائفي هو كأي خطاب عنصري .. خطاب ملئ بالكراهية .. يسعى لإلغاء الآخر .. يسعى لإحتكار الحقيقة .. و لا يمارسه إلا المفلس فكرياً .. المفلس أخلاقباً .. المفلس مبدئياً ! هذا الخطاب يجب أن يجرّم لأن يهدم و لا يبني .. هذا الخطاب بعيد جداً عن الحرية التي نطالب بها فما الحرية إلا وسيلة لرفعة الشعوب و تعزيز قيمة الإنسان و ليست غاية نهائية لكي يمارس الفرد الواحد منا شذوذه الفكري الأخلاقي على باقي أفراد المجتمع. و هنا يقع الحد الفاصل بين الدولة المدنية و الدولة الدينية .. فإما أن نمارس ما ندعيه من نشدة للدولة المدنية و أن نحترم الجميع و معتقداتهم محتكمين بذلك على القانون أو نكون كالآخرين تائهين في الخطابات الطائفية التي تعتقد بأنها إحتكرت الحقيقة و تسعى لإلغاء و تهميش من لا يعتقد بنفس معتقدنا. 9
و مثل هذا الأمر لا يعني إلغاء المعتقدات الشخصية او كبح الحريات فيما يخصها. و لا يعني إلغاء التنوعات الموجودة في مجتمعنا لكن تقنين العلاقة بين الفرد و المجتمع من شأنه أن يؤصل علاقة التلاقي والتفاهم بين الفئات المتنوعة والمختلفة في معتقداتها داخل مجتمعنا. 9
لنعد الى زمن الفتنة الكبرى حين خرج معاوية على علي .. فما كان قول علي لأصحابه و عسكره في صفين غير "لا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم ، فأنتم على حجة وترككم قتالهم حجة اخرى ، فاذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبراً ، ولاتجهزوا على جريح ، ولاتكشفوا عن عورة ، ولاتمثلوا بقتيل . ولاتهتكوا ستراً ، ولاتدخلوا داراً ، ولاتأخذوا شيئاً ، ولاتهيجوا امرأة وان شتمن اعراضكم وسببن امراءكم وصلحاءكم". 9
و من حاول جهده المحافظة على حالة السلم في الأمة ودفع ثمن ذلك غالياً في حياته الشخصية والعامة وفي حقوقه السياسية و آثر التضحية بحقوقه في سبيل مراعاة هذه الفكرة والحرص على تطبيقها قائلاً "والله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليّ خاصة إلتماساً لأجر ذلك وفضله وزهداً فيما تنافستموه من زُخرُفِهِ وزِبْرِجِهِ". علياً لم ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك و لا إلى النفاق ولكنه كان يقول: "هم إخواننا بغوا علينا". بل حتى من خرج على علي من الخوارج في مسجد الكوفة أتته دعوة المحبة و وصية القائد لأتباعه "لكم عندنا ثلاث خصال: لا نمنعكم مساجد الله أن تصلوا فيها ولا نمنعكم الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا ولا نبدؤكم بحرب حتى تبدؤونا". 9
فأين نحن من خطاب المحبة و التسامح و الدعوة الى عدم شق و تمزيق النظام و إحداث الفتنة و أين نحن من وصايا القائد ؟! 9
ما ندعو إليه هو ضرورة التنبيه لخطر هذه المنهجية و الدعوة لتجريمها و الحذر من يحاول هدم أسس هذا المجتمع تحت دعاوي الحرية لنشر أفكاره الخبيثة. لا يستفيد أحد من هذا الصراع السني الطائفي إلا الملحد الكافر بكل شئ و الذي لا ينتمي لا لسنة و لا لشيعة و لا أي عقيدة إنسانية فيجد من الدعوة لنشر الكراهية و الدفاع عن خطابات الكراهية بإسم حرية التعبير مدخلاً لنشر أفكاره. هذا البذئ هو من تجده اليوم متحالفاً مع السلطة داعياً للفوضي و رافضاً لتقنين قوانين تجريم خطابات الكراهية من تخوين و تكفير و خلافه! 9
هذا المجتمع الصغير وسع الكثيرين من قبل .. سنة و شيعة .. بدو و حضر .. داخل السور و خارج السور .. و يستطيع أن يسع الكثيرين اليوم .. إن أحسنّا النوايا و طهرناها و سلّحناها بالوعي ! 9
إحذروا أعدائكم و أعرفوهم بالصفة قبل الإسم ! 9
إنتهى !! 9