Monday, 8 February 2010

الحالة الطائفية في الكويت : منهجية الإخراج من الملة


الحالة الطائفية في الكويت هي كمثل الحالة القبلية أو الفئوية و تعتمد على منهجية واحدة .. منهجية "الإخراج من الملة". السني محامي القاعدة أسامة المناور يقول بأن الدولة سنية مالكية رغم إن هذا لم يرد بالدستور و المذهب المالكي معتمد في قانون الأحوال الشخصية فقط. المعتوه القلاف يصم الآخرين ممن يختلفون معه بأنهم نواصب تكفيريون رغم إنه من يقوم بالتكفير ايضاً. علي الراشد يصيح و يقول "البدو كلونا" و الجويهل يحذر من تأثير مزدوجي الجنسية على البنية التحتية في الكويت ! 9

كل هذه الخطابات الإعلامية تعتمد على محورين إثنين لا ثالث لهما .. "التكفير" و "التخوين" و كلاهما يسعيان لإخراج فئة من ملة "الكويتيين". و الهدف ينحصر على توزيع ثروة شركة الكويت المساهمة على أقل عدد من الناس. ألم يقل جان جاك روسو في نظرية "العقد الإجتماعي" بأن المجتمع متساوي في السيادة بين أفراد هذا المجتمع ؟ إذاً فإن ثروة هذا المجتمع يجب أن توزع بالتساوي .. لكن ليس على كافة أطياف الشعب الكويتي .. لكن يجب أن تنحصر بجماعتنا .. طائفتنا .. قبيلتنا .. فقط لا غير في تطبيق عملي لنظرية "الإستحواذ" ! 9

ألم يكن هذا ما جرى إبان أزمة التأبين عندما تم تخوين كامل الشيعة .. و اللي مو عاجبه ياخذ طرّاده اللي يه فيه و يرجع ايران ؟؟ أليس هذا خطاب الكراهية الموجه لأبناء القبائل بالعودة الى الجنوب ؟ أليس هذا خطاب أبناء داخل السور ؟

مشكلتنا أننا نسقط معتقداتنا الشخصية على الآخرين و لا نحترم ثقافاتهم. نعم أبناء القبائل كثير منهم ينتهك القانون .. و لكن ماذا عن أبناء الحاضرة ؟؟ هل يحترمون القانون ؟ نعم أبناء القبائل هم من يطالب بإسقاط القروض .. لكن من طالب بصندوق الأستقرار المالي و يدافع عن البنوك التي نهشت الكثير من الأسر بإنتهاكاتها للوائح و قرارات البنك المركزي ؟

الشيعة يعتقدون بطواف النساء الذي تحرم فيه نساء العالم على من يحج و لا يطوفه .. و لكن هل هذا يعني بأن من يعتقد بهذا المعتقد أن أبناء الطائفة السنية هم أبناء حرام لأنهم آبائهم لم يقوموا بطواف السنة ؟ المسلمون لا يعتقدون بالتثليث .. لكن هل هذا يعني بأن أهل الكتاب هم مشركون و لا يجوز إستقدام الخادمات المسيحيات أو أكل لحوم أهل الكتاب ؟ أهل الكتاب هؤلاء .. ألم تصدر فتاوينا نحن بجواز الإستعانة بقواتهم من أجل تحرير أرضنا من جارنا المسلم الذي كان يبني المساجد و يطبع المصاحف و نترحم عليه و يصفه علماءنا بالشهيد ؟

المعتقد أمر شخصي و لا يجوز إسقاطه على الآخرين ! ليحترم كل منا معتقد الآخرين و يسعى لإظهار هذا الإحترام ! لا نريد لا العريفي الذي لا يحترم معتقدات الشيعة و لا الفالي الذي لا يحترم معتقدات السنة ؟ لم يصر نفر منّا على إستقدام الفتن من الخارج فقط لتعزيز معتقداته ضارباً بعرض الحائط جميع دعاويه الكاذبة عن إحترام الآخر و سعيه الدؤوب المتواصل لتعزيز الوحدة الوطنية ؟

الخطاب الطائفي هو كأي خطاب عنصري .. خطاب ملئ بالكراهية .. يسعى لإلغاء الآخر .. يسعى لإحتكار الحقيقة .. و لا يمارسه إلا المفلس فكرياً .. المفلس أخلاقباً .. المفلس مبدئياً ! هذا الخطاب يجب أن يجرّم لأن يهدم و لا يبني .. هذا الخطاب بعيد جداً عن الحرية التي نطالب بها فما الحرية إلا وسيلة لرفعة الشعوب و تعزيز قيمة الإنسان و ليست غاية نهائية لكي يمارس الفرد الواحد منا شذوذه الفكري الأخلاقي على باقي أفراد المجتمع. و هنا يقع الحد الفاصل بين الدولة المدنية و الدولة الدينية .. فإما أن نمارس ما ندعيه من نشدة للدولة المدنية و أن نحترم الجميع و معتقداتهم محتكمين بذلك على القانون أو نكون كالآخرين تائهين في الخطابات الطائفية التي تعتقد بأنها إحتكرت الحقيقة و تسعى لإلغاء و تهميش من لا يعتقد بنفس معتقدنا. 9

و مثل هذا الأمر لا يعني إلغاء المعتقدات الشخصية او كبح الحريات فيما يخصها. و لا يعني إلغاء التنوعات الموجودة في مجتمعنا لكن تقنين العلاقة بين الفرد و المجتمع من شأنه أن يؤصل علاقة التلاقي والتفاهم بين الفئات المتنوعة والمختلفة في معتقداتها داخل مجتمعنا. 9

لنعد الى زمن الفتنة الكبرى حين خرج معاوية على علي .. فما كان قول علي لأصحابه و عسكره في صفين غير "لا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم ، فأنتم على حجة وترككم قتالهم حجة اخرى ، فاذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبراً ، ولاتجهزوا على جريح ، ولاتكشفوا عن عورة ، ولاتمثلوا بقتيل . ولاتهتكوا ستراً ، ولاتدخلوا داراً ، ولاتأخذوا شيئاً ، ولاتهيجوا امرأة وان شتمن اعراضكم وسببن امراءكم وصلحاءكم". 9

و من حاول جهده المحافظة على حالة السلم في الأمة ودفع ثمن ذلك غالياً في حياته الشخصية والعامة وفي حقوقه السياسية و آثر التضحية بحقوقه في سبيل مراعاة هذه الفكرة والحرص على تطبيقها قائلاً "والله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليّ خاصة إلتماساً لأجر ذلك وفضله وزهداً فيما تنافستموه من زُخرُفِهِ وزِبْرِجِهِ". علياً لم ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك و لا إلى النفاق ولكنه كان يقول: "هم إخواننا بغوا علينا". بل حتى من خرج على علي من الخوارج في مسجد الكوفة أتته دعوة المحبة و وصية القائد لأتباعه "لكم عندنا ثلاث خصال: لا نمنعكم مساجد الله أن تصلوا فيها ولا نمنعكم الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا ولا نبدؤكم بحرب حتى تبدؤونا". 9

فأين نحن من خطاب المحبة و التسامح و الدعوة الى عدم شق و تمزيق النظام و إحداث الفتنة و أين نحن من وصايا القائد ؟! 9

ما ندعو إليه هو ضرورة التنبيه لخطر هذه المنهجية و الدعوة لتجريمها و الحذر من يحاول هدم أسس هذا المجتمع تحت دعاوي الحرية لنشر أفكاره الخبيثة. لا يستفيد أحد من هذا الصراع السني الطائفي إلا الملحد الكافر بكل شئ و الذي لا ينتمي لا لسنة و لا لشيعة و لا أي عقيدة إنسانية فيجد من الدعوة لنشر الكراهية و الدفاع عن خطابات الكراهية بإسم حرية التعبير مدخلاً لنشر أفكاره. هذا البذئ هو من تجده اليوم متحالفاً مع السلطة داعياً للفوضي و رافضاً لتقنين قوانين تجريم خطابات الكراهية من تخوين و تكفير و خلافه! 9

هذا المجتمع الصغير وسع الكثيرين من قبل .. سنة و شيعة .. بدو و حضر .. داخل السور و خارج السور .. و يستطيع أن يسع الكثيرين اليوم .. إن أحسنّا النوايا و طهرناها و سلّحناها بالوعي ! 9

إحذروا أعدائكم و أعرفوهم بالصفة قبل الإسم ! 9

إنتهى !! 9

Sunday, 7 February 2010

الحالة الطائفية في الكويت : السلطة و توزيع الثروة



حضرت قبل فترة ليست بالطويلة ندوة للنائب حسن جوهر تحدث فيها عن التجاذبات الطائفية التي باتت تعصف بالمجتمع الكويتي. أشار النائب جوهر في تلك الندوة بمقابلة القيادة السياسية لعدد من النواب و تحدث جوهر في تلك المقابلة عن سياسة "الوجهين" التي يقوم بها الساسة الكويتيون حين يتحدثون في الندوات بخطاب معتدل بينما يضمرون الشر للفئة المقابلة خلف الأبواب المغلقة و دعا الى تفعيل دور ما يعرف ب "الكبارية" و "الوجهاء" من أجل تخفيف الشد و الجذب. كلام النائب جوهر كما إدعى لاقى إستحسان القيادة التي أثنت على هذه الفكرة. 9

و في واقع الأمر أرى أن خطاب حسن جوهر هذا هو وجه آخر من أوجه سياسة "الوجهين" لا سيّما حينما يحاول خداع نفسه عبر إفتراض حسن النية و الدفع في نفس الإتجاه الذي ترغب به السلطة من عشائرية الدولة التي تحتكم الى زعماء العشائر كبيدل عن الى سيادة القانون. فحين تكلم حسن جوهر تحدث عن الحواجز التي زرعت في المجتمع الكويتي. يا دكتور حسن : من أقام الكانتونات القبلية في المناطق الخارجية غير السلطة ؟ و من دمر التركيبة السكانية في الكويت غير السلطة ؟ و من خلق مشكلة البدون في الكويت غير السلطة ؟ و من قتل سيادة القانون و نمى و شجع الواسطة غير السلطة ؟ و من عبث بالمناهج و أدخل النصوص التكفيرية و ألغى مقررات التربية الوطنية غير السلطة ؟ و من إعتمد سياسة المحاصصة الطائفية و الفئوية و القبلية غير السلطة ؟

 "السلطة" هي المستفيد الوحيد و الحقيقي مما يجري من حالات طائفية في الكويت و التي تمنع الإلتفاف حول المطالبة بالحقوق المدنية السليبة وصولاً الى إستكمال الشكل النهائي للدولة المدنية من أجل إلغاء و تحييد الخطأ التاريخي ممثلاً بدستور عبدالله السالم حتى تعود الدولة العشائرية التي تعتمد على حكم شيخ العشيرة و عصاه و منسفه كما عبر عن ذلك بعض رموز السلطة. 9 

و السلطة هي أيضاً من خلق طبقة "الوجهاء" و ما هم بوجهاء و لكنهم "عبيدٌ" للسلطة  ممن إلتف حولها في وقت سابق و إستفاد من منصبه و أثرى ثراءً غير مشروعاً جعله وجيهاً في طائفته أو قبيلته. و هم من يدعي اليوم الدفاع عن حقوق طائفته أو قبيلته أمام الفئة المنافسة. هل كان محمود حيدر كويتياً قبل ثلاثين سنة حتى يصبح وجيهاً و ممثلاً عن الطائفة الشيعية اليوم ، أم إن أمواله هي من منحته تلك الصفة ؟ و هل كان المهري حريصاً على اللحمة الوطنية في ثمانينات القرن الماضي أم إن قربه من السلطة و تسبيحه بحمدها هي من جعلته ناطقاً رسمياً معتمداً لدى السلطة للتعبير عن هموم الطائفة الشيعية ؟ و هل نظرائهم في الطائفة السنية مخولون للحديث عن أبناء طائفتهم أم إن جلهم كان من طبقة كبار الموظفين أو أعضاء في جهاز البلدية أو لجان الأوقاف ممن إستغلوا مناصبهم تلك للحصول على جزء من كيكة توزيع الثروة من خلال تثمين الأراضي أو الإنتفاع من سيطرتهم على أموال الوقف. 9

كما أسلفت مراراً و تكراراً .. الصراع في الكويت إقتصادي .. و لا علاقة له بالسياسة أو الطائفة .. فمن معه قرش يسوى قرش .. و ها هو "سعود صاهود" يتحدى الجميع و يتكلم عن مفاوضاته مع الخرافي لشراء بعض أصوله فمن كان يجرؤ على فعل ذلك في السابق. لكن هذا الصراع الإقتصادي قد يتشكل و يتغطى بغطاء سياسي أو طائفي أو فئوي من أجل إيهام عامة الناس فقط لا أكثر. 9

الفارق كبير جداً بين الصراع الطائفي في لبنان و سوريا و العراق و بين الصراع على توزيع الثروة بإسم الطائفة و القبيلة. فالنظام مؤسسي في الكويت و يعتمد أسرة الحكم التي سيطرت على مقاليد الحكم و لا سيّما السلطة التنفيذية و أخضعت السلطتين التشريعية و القضائية لنفوذها المطلق بسبب إستغلال صراع توزيع الثروة. هي من نفذت سياسة توزيع الثروة و المداخيل النفطية الجديدة من خلال تثمين الأراضي و توزيع أراضي الشاليهات و القسائم الصناعية و المزارع و المناقصات التي تعد العصب الأساسي الذي يمد القطاع الخاص بالأموال. 9 

الوجهاء و الطبقة التجارية وهم كبير نعيشه و يحاول الكتاب و الصحافة زرعه فينا. و ما أجوبة الوزراء على أسئلة النائب حسن جوهر عن غرفة التجارة و الصناعة التي لا تخضع لأي قانون محلي إلا دليل على ذلك. هذه الطبقة التجارية فشلت مرة بعد مرة .. من أزمة المناخ الى قانون المديونيات الى صندوق الإستقرار المالي القديم إنتهاءً الى صندوق الإستقرار المالي الجديد .. في تحقيق نجاحات تدلل على ذكاءها و خبرتها الإقتصادية. 9

الحقيقة المستقرة هي .. أنك ستثري و ستنتفع بحكم قربك من السلطة فقط لا أكثر .. و في سبيل ذلك .. كل شئ جائز .. إستغلال الطائفة .. القبيلة .. العائلة .. بل حتى الإيديولوجية السياسية. 9

و مما يزيد استفحال هذه المشكلة أن السلطة في الكويت بعيدة جداً عن هموم الشعب و لا تستشعر آلامه. فمن منهم يخشى على أطفاله من سوء التعليم أو من مشكلة صحية طارئة أو يسعى جاهداً ليل نهار لتحسين ظروفه المعيشية. نحن لا نراهم في الشارع بيننا بل نسمع عن الشوكولاته السويسرية التي تستقدم بالطائرات طازجة و نرى مهرجانات السيارات التاريخية الفارهة و عن رحلات ديفون و الشويميات و صحاري المغرب و الجزائر و صقور منغوليا. صعب جداً أن تستشعر السلطة فداحة ما يجري و أن تقتنع كما نحن مقتنعون بأن الحل و الخلاص لا يكمن في تهميش فئة و تغليب أخرى فكلنا في الهم سوى و جميعنا سيكتوي بنيران العنصرية أياً كان مظهرها أو مصدرها و لو بعد حين. السلطة بعيدة جداً جداً جداً عن نيران الحالة الطائفية و لا يمكن أن نعتمد عليها لحل مشاكلنا بل يجب أن نعتمد على نفسنا أولاً و أخيراً. 9

علي الراشد عرف الملعوب .. كما عرفه الجويهل .. كما الطبطبائي و هايف .. و كذلك المتروك و المهري و حيدر .. كلهم يسعون للحصول على جزء من الكيكة .. و لا يسعون للحصول على السلطة أبداً ! 9

السلطة لم تزرع فينا الطائفية و القبلية و الفئوية فحسب. لكنها مهدت لذلك عبر زرعها لثقافة "الإستحواذ" فينا التي كانت بمثابة الماستر كي لعقولنا. التثمين هو إستحواذ. مناقصات الدولة هي إستحواذ. البطالة المقنعة في أجهزة الدولة هي إستحواذ. إلغاء الكوادر المهنية و الإستعاضة عنها بزيادات عامة على الرواتب هي إستحواذ. توزيع المكارم على هيئة مائتي دينار هي إستحواذ. إسقاط القروض و فوائدها هو إستحواذ. صندوق اٍلإستقرار المالي هو إستحواذ. المديونيات الصعبة كانت مجرد إستحواذ. 9

و الجميع يعمل من أجل مزيد من الإستحواذ. و في سبيل ذلك .. إعتنقوا عقيدة دعوة "الإخراج من الملة" حتى لا يشاركهم أحد في هذا الإستحواذ التي سنتحدث عنها في المقال القادم. 9

للحديث بقية ،، 9

Saturday, 6 February 2010

الحالة الطائفية في الكويت : مركبك طبعان

هناك أشكال مختلفة تأثيرات السلطة على تنمية الحالة الطائفية في الكويت. أول هذه الأشكال و الممارسات هي سياسة "فرق تسد" الناجحة و الناجعة دوماً من اجل إحكام قبضة السلطة على مقاليد الأمور في الدولة. فالخصم فيمرحلة بناء الدولة كانت التيارات القومية التي كانت تعادي أبناء العوائل المهاجرة من الساحل الإيراني فإستخدمت أولاً التيار الديني و المد الذي حملها للتحالف معها في سبعينيات القرن الماضي لا سيّما بعد هجرة الكثير من كوادر الإخوان المسلمين بعد أن فتك جمال عبدالناصر بهم و تعاطف بعض رموز السلطة في الكويت معها ما أدى الى توطين كوادرها في الكويت. ثم أتت ظروف حرب الخليج الأولى و تحالف الدول المجاورة (العراق و السعودية) في وجه الثورة الشيعية في إيران و إمتداد الدعوة الوهابية السلفي في الكويت ما جعل الكويت ساحة حرب مفتوحة في الثمانينات. كل هذه الأشكال تبين لنا أن تأثير السلطة قد اتى بدوافع محلية و خارجية أثرت على المنطقة و لم تكن الكويت بمعزل عنها بسبب ضعف السلطة و عدم تعاطيها السليم مع مجريات الأمور و تفضيلها لخيارات غير ديمقراطية تخدم أطماعها في الإستفراد بالسلطة عبر تغليب ذلك الطرف على ذاك في ممارسة واضحة لسياسة "فرق تسد". 9
لذا يجب أن لا نغفل هذا العامل المهم و هو السلطة في إنتشار الحالة الطائفي في الكويت و التضييق على أبناء الطائفة الشيعية في مرحلة سابقة و تشجيع التيارات المتطرفة و تغييب الحس الوطني في مواجهة هذا الخطر. 9

و بما إن المشهد المحلي قد أصبح جزءاً لا يتجزأ من الصورة الإقليمية. فهناك من يحلو له المقاربة بين الحالة الطائفية في لبنان و سوريا و العراق و الحالة الطائفية في الكويت كشكل من أشكال الصراع على السلطة متضمناً الصراع المذهبي بين شعوب المنطقة. 9

و هنا اجد الإختلاف واضحاً بين حالة الكويت و باقي حالات المنطقة. فجميع الأمثلة المطروحة تختلف عن الكويت في نقطة جوهرية واحدة. فالشعب السوري الذي يتكون معظمه من أغلبية سنية تحكم من قبل أقلية علوية لا تتعدى نسبتها السبعة بالمائة من إجمالي الشعب. كذلك هو الحال بالنسبة للطائفة المارونية في لبنان التي تحكم الأغلبية المسلمة بجناحيها السني و الشيعي ناهيك عن طائفة الدروز. أما في العراق فقد وصل صدام بعد إسقاط الحكم الملكي الهاشمي السني و النظام المتحالف مع الشيوعية "نظام عبدالكريم قاسم" ليحكم بلداً ينتمي غالبية شعبه الى المذهب الشيعي. لذا فإن هذه المقاربة كانت ستصح لو أننا شاهدنا صراعاً على السلطة في الكويت بين أقلية و غالبية تنتميان الى طوائف مختلفة. لكن حقيقة الأمر بأن الصراع على السلطة منتفي تماماً في الكويت و قد تكون أقصى مظاهر الصراع مقتصرة على الظفر بعضوية المجالس النيابية أو التحالف مع السلطة. فلم نصل بعد الى مرحلة الصراع على كرسي رئاسة الوزراء بين أسرة الحكم و الشعب و حتماً لن نشهد تغييراً في نظام الحكم الوراثي في الكويت فهذا أمر مفروغ منه. 9

إذا الحالة الطائفية لم يكن مردها الصراع على السلطة في الكويت ،، و لكنها كانت صراعاً على أمر آخر .. و هو الصراع على الثروة عبر "عقلية الإستحواذ" ! 9 

للحديث بقية ،، 9

Friday, 5 February 2010

فصلة : فاصل و نواصل


هذا البوست برعاية "آش و شبزي" للشوكولاتة الفاخرة

بعد أن تصاعدت التسريبات عن تهديد كتلة العمل الوطني بإستجواب رئيس الوزراء على خلفية قضية صمته عن تدخل الوزيران أحمد الفهد و روضان الروضان و تجاوزهما لصلاحيات غيرهم فيما يخص قضية الرياضة الكويتية و الايقاف الدولي ، يقوم النائب المبجل "حسين القلاف" بتحضير نفسه لمسيرة مليونية جديدة لقصر الشويخ العامر على صهوة "طقطاقي" كلاسيكي تاريخي معار من معرض الدائرة الأولى للطقطاقيات الفارهة "إنبطاح دي إليجانس". 9 


و الله ولي التوفيق ،، 9

Thursday, 4 February 2010

الحالة الطائفية في الكويت : أسباب التخندق الطائفي

هناك من كتب بأن هناك عاملين رئيسيين لأسباب التخندق الطائفي لدى الشعب الكويتي : عدم الإنتاجية بسبب الثروة النفطية الطارئة و الفراغ الفكري لدى الشعب الكويتي. و هو بهذا الرأي لا يعترف بأي دور للسلطة في هذا التخندق بل يرى أن الشعب الكويتي هو مساهم رئيسي في الفوضى التي وصلنا اليها. 9

و للرد على هذا الكلام "غير الدقيق" أجد من الواجد ان نضع مثاليين على دول أخرى مشابهة لنا في الظروف. "مملكة البحرين" هي دولة شقيقة و تقع في نفس محيطنا الجغرافي و تمتلك ذات النسيج الإجتماعي لدولة الكويت مع مراعاة الفارق بأن الأغلبية السكانية هناك تدين بالمذهب الجعفري على عكس دولة الكويت. و تعتبر هذه المملكة الصغيرة أحد الدولة التي ابتليت بالتخندق الطائفي ما أوجد حالة من عدم الإستقرار و العصيان توجت بأحداث عنف منتصف التسعينيات و ما زالت الحالة الطائفية قائمة بدرجة أو أخرى. لكن أجد من المعيب أن أن يقول بان أسباب الحالة الطائفية هي غياب الإنتاجية و الثروة النفطية فالبحرين مملكة فقيرة جداً إلا بعنصرها البشري الذي يتفوق حتى على الكويت. فكثير من شباب البحرين هم من العاطلين عن العمل و المثقفين و المتسلحين بتعليم جاد و المتعطشين الى وظائف تطلق طاقاتهم. إذاً هذا المثال ينفي السبب الأول في التخندق الطائفي ألا و هو زيادة معدلات الثروة و غياب الإنتاجية. 9

المثال الثاني هو معاكس و مغاير للمثال الأول و هي أيضاً مملكة و لكنها لا تقع فيمحيطنا الجغرافي و هي "مملكة النرويج" التي حظت بثروة ناضبة و هي نفط حقول الشمال. إستثمرت هذه المملكة ثروتها في إنشاء صندوقها السيادي و عبر إستغلال ثروتها المؤقتة في الحصول على خبرات هندسية عالية المستوى في مجال الإنشاءات الهندسية و منصات الحفر البحرية. و من المعلوم بأن طبقة الشباب في هذه المملكة تعاني من الفراغ الفكري بسبب زيادة معدلات الثروة فيها ما أنتج مشكلة حقيقية تمثلت في زيادة معدلات الإنتحار. لكن لم يسمع أحدنا بصراع طائفي بين قبائل الفايكنغ مثلاً و لم نشهد بزوغاً لنجم الاحزاب اليمينية المتطرفة كما هو الحال في باقي دول أوربا. إذاً هذا المثال ينفي السببين الأول و الثاني في التخندق الطائفي وهما : الثروة المالية (معدلات الرخاء) و الفراغ الفكري. 9

وجهة نظري بأن الأسباب المذكورة أعلاه هي مجرد عوامل مساعدة لزيادة معدلات إنتشار الحالات الطائفية و ترسيخها في نفوس أبناء الشعب ، و لكن لا يمكن تصويرها بأنها السبب الرئيسي الجذري في ظهور هذه الحالات. علينا إذاً البحث عن أسباب أخرى تشخص المشكلة قبل الشروع في حلّها. 9

أنا أقول "فتش عن السلطة" تجد السبب ،، مع التنويه بعدم إغفال دور صاحب البيت "الشعب" حين ترك الباب موارباً و لم يغلقه أو يوصده في وجه من أراد و إستطاع الدخول الى البيت المنيع و عبث بكافة محتوياته و أغراضه و أعني هنا "ذهنية و عقلية الشعب الكويتي". 9

لا يمكن لعاقل أن يغفل دور السلطة ، فكما يجب علينا أن نطالب جميع ركاب السفينة التي أوشكت على الغرق من أجل العمل معاً على سد الثغرات التي أصابت جسد السفينة حتى نفذ الماء إليها و هددها بالغرق. يجب علينا أن لا نغفل على دور من يصيب جسد السفينة بمزيد من الثغرات ، و إلا لأصبح الجهد الجماعي لأهل السفينة بلا طائل ، فكلما سدوا ثغرة وجدوا المزيد من الثغرات الجديدة. 9

يجب علينا أن نلقي القبض على من يزرع الفتنة في نفس الوقت الذي نكافحها فيه !! 9

للحديث بقية ،، 9

Wednesday, 3 February 2010

الحالة الطائفية في الكويت : هل كنّا كذلك ؟


حتى نعرف إن كانت المشكلة كامنة في صميم تكوين المجتمع الكويتي أم إنها قد أضيفت الى النسيج الإجتماعي الكويتي في وقت لاحق ، علينا أن نتساءل : 9

هل كنا كذلك ؟

هل كان المجتمع الكويتي بمثل هذا العصبية الفئوية و الرغبة في الدخول في أي صراع : قبلي كان أم طائفي أو حتى عائلي ؟

هل عُرفت الكويت يحالات الثأر كما كان الحال في الصعيد المصري مثلاً أو في بادية الجزيرة العربية ؟

أنا أدعي و أقول بأن المجتمع الكويتي قد طالته الكثير من التغيرات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية منذ نشأته مروراً بمراحل الهجرة المختلفة في تاريخه و إكتشاف النفط و الإستقلال و إنشاء الدولة و تفكيكها (و هي ما نعيشه الآن). بعض هذه التغيرات هي سياق طبيعي لتأثيرات البيئة المحلية أو الخارجية و بعض التغييرات كان بفعل فاعل و هذا ما سنحاول إستكشافه. 9

مثلما ندعو و يدعو غيرنا الى عدم تصوير المجتمع الكويتي بالملائكية ، يجب علينا أيضاً أن نكون منصفين للتاريخ و أن لا نهول الأمر و نصور مجتمعنا الكويتي على إنه مجرد مجتمع طائفي كانت تعصف الخلافات به و التقاتل كان أبرز سماته. 9

المجتمع الكويتي مجتمع متدين بالفطرة يدين بعقيدة أهل السنة و الجماعة في غالبيته على المذهب المالكي و الحنبلي بالإضافة الى بعض الشوافع و توجد فيه أقليات تنتمي للمذهب الجعفري و بعض مئات من المسيحيين.  و هو مكون بالأساس من مجموعة من المهاجرين : إما من الجنوب أو الشمال أو الشرق. وفد أغلبهم بلا مال أو عمل بحثاً عن الأمان في بيئة قاسية لم ترحم أحداً. توفرت فرض العيش لكثيرين و لم تتوافر لغيرهم ممن فضلوا مواصلة الهجرة الى مكان آخر. 9

الحقبة الوحيدة التي برز فيها الإصطفاف الطائفي كانت مرحلة الثمانينيات و هو ما يجب علينا الإعتراف به و دراسه أسبابه. فالعامل الخارجي كان حاضراً : من نجاح الثورة الإسلامية في إيران و مؤثرات تصدير الثورة و بزوغ نجم الجماعات الإسلامية بعد اتفاق السياسات السعودية المصرية و مرحلة الإنفلات التي سادت الأوضاع المحلية بعد تحالف السلطة مع تيارات الإسلام السياسي و غياب سيطرتها على مجريات الأمور لا سيما سماحها للمخابرات الأجنبية لأن تعيث فساداً في الكويت. و تميزت تلك المرحلة بتخريب السلطة للبنيان الدستوري و التشريعي عبر تعطيل العمل بأحكام الدستور و التضييق على الحريات و تشجيع حركات الإسلام السياسي و تشجيع مفاهيم الواسطة و القبلية و تغييب سلطة القانون.  9 

بإستثناء هذه المرحلة ، نستطيع و بإمتياز إن ندعي بأن المجتمع الكويتي لم يكن طائفياً كما هو الحال اليوم. بل إن المقارنة البسيطة مع باقي دول المنطقة تؤكد و بإمتياز إن الشيعة في الكويت هم أفضل حالاً بكثير من باقي الشعوب و إن لا مطالب حقيقة لديهم في الكويت. لذا قبل أن نضع الحلول ، يجب علينا رصد المتغيرات التي طالت هذا المجتمع و أن نتلمس حقيقة الصراعات فيه. و يمكن الإستخلاص بأن الحالة الطائفية الحالية هي حالة جديدة و لها مسبباتها الخاصة التي سنتناولها فيما بعد. 9

أعتقد بأن الرأي الأسلم هو أن لا النفس البشرية لا تخلو من العنصريات و منها الطائفية و لكن السلطة هم من غذت و رعت و نمّت هذه المشاعر في نفوس الشعب الكويتي لأسباب لا تخفى على أحد. 9

للحديث بقية ،، 9

Tuesday, 2 February 2010

الحالة الطائفية في الكويت : هل نحن طائفيون

النفس البشرية هي منبع الشرور كلها. منها أتى الغرور و الشراهة و الحسد و الشهوة و الغضب و الطمع و الحقد. و الإنسان يعيش في صراع دائم بين إيمانه بشئ ما و بين الشهوة التي تدعوه الى تجاوز هذا الإيمان من أجل متعة ما. لذا فإن القول بأن الإنسان خالٍ تمام هو ضرب من ضروب خداع النفس فلا تخلو تلك النفس مهما علت و تسامت من تعصب لفكرة أو معتقد ما. قد تصور هذه النفس بأن تلك الفكرة هي "الحق" و لكن جميعنا يعلم بأن لا حقيقة مطلقة في هذا الكون إلا الله. و ما دون ذلك فهو أمر نسبي يحتمل النقيضين كالشر و الخير و البرودة و الحرارة و غيرها من المتناقضات. 9

إذاً القول بأن مجتمعنا الكويتي هو مجتمع لا يحمل الرواسب الطائفية هو قول عارٍ من الصحة و لا يقبله العقل السليم. هكذا حال المجتمعات : قبلية كانت ام حضرية ، إسلامية ام مسيحية ، دينية أو علمانية ، لا يد من ترسبات عنصرية : طائفية كانت أم فئوية. ففي أمريكا نرى العنصرية ضد السود ماثلة حتى يومنا هذا و في المملكة المتحدة صاحبة أعرق الأعراف الدستورية نرى صعود نجم حزب "الجبهة الوطنية البريطانية" و في فرنسا منشأ العلمانية نرى اليمين المتطرف و نجمه "جان ماري لي بان" و كذلك الحال في النمسا و بقايا الفلول النازية في ألمانيا و الفاشية في ايطاليا و المشكلة الأزلية بين السفرديم و الأشكناز في أسرائيل و إرهاصاتها على العملية السياسية في إسرائيل و البروتستانت و الكاثوليك و الصراع الدموي بينهما في ايرلندا. 9

لذا كما أسلمنا بأن القول بأن لا طائفية في مجتمعنا هو أمر خاطئ ، يجب أن نسلم بأن هذا الأمر هو أمر طبيعي تماماً يحدث في أكثر الدول تقدماً و إلتزاماً بالقانون و لكن الفارق يكمن في طريقة معالجة هذا الشر و مواجهته بالسبل القانونية دون إنتهاك المبادئ العامة للحريات تماماً كما تجرّم النازية في بعض دول أوربا و معاداة السامية في الولايات المتحدة دون أن يقول بشر بأن ذلك مخالف لحرية النشر و التعبير. 9

نعم نحن جميعنا طائفيون كباقي البشر و المجتمعات. لكني أزعم بأن الصراعات التي طفت على ساحة الأحداث في الكويت لا علاقة لها بالطائفية أبداً. لم يكن المجتمع الكويتي الأول بمثل هذا التخندق الطائفي و لم يتكون على أسس طائفية أو عرقية. هناك من يحاول أن يدفع بهذا الرأي و يأصله في عقولنا خدمةً لأهدافه الخاصة و هذا حقه و هنا بيت القصيد إذ هناك من يحاول زرع هذا الوهم بأننا في غاية السوء لأننا نحوي في أنفسنا تلك الشرور بسبب طائفيتنا بينما هو لا ينتمي لا لطائفة و لا ملة و لا مذهب إنساني. لكن القراءة المجردة تنفي هذا الإدعاء و هذا ما سنفصله في المقال القادم. 9

للحديث بقية ،، 9