Monday 31 December 2007

الجرّة المكسورة

* القصة مقتبسة عن حكمة صينية قديمة
كان لدى إمرأه مسنه إنائين كبيرين تنقل بهما الماء، وتحملهما مربوطين بعمود خشبى على كتيفيها. وكان أحد الإنائين به شرخ والإناء الآخر بحالة تامه ولاينقص منه شئ من الماء. وفى كل مرة كان الإناء المشروخ يصل إلى نهاية المطاف من النهر إلى المنزل وبه نصف كمية الماء فقط. ولمدة سنتين كاملتين كان هذا يحدث مع السيدة المسنة، حيث كانت تصل منزلها بإناء واحد مملوء ونصف. 9
وبالطبع، كان الإناء السليم مزهواً بعمله الكامل. وكان الإناء المشروخ محتقراً لنفسه لعدم قدرته وعجزه عن إتمام ماهو متوقع منه. وفى يوم من الأيام وبعد سنتين من المرارة والإحساس بالفشل تكلم الإناء المشروخ مع السيدة : 9
أنا خجل جداَ من نفسى لأنى عاجز ولدى شرخ يسرب الماء على الطريق للمنزل
فأبتسمت العجوز وقالت : 9
ألم تلاحظ الزهور التى على جانب الطريق من ناحيتك وليست على الجانب الآخر؟
أنا أعلم تماماً عن الماء الذى يُفقد منك ولهذا الغرض غرست البذور على طول الطريق من جهتك حتى ترويها فى طريق عودتك للمنزل ، و لمدة سنتين متواصلتين قطفت من هذه الزهور الجميلة لأزين بها منزلى. ما لم تكن أنت بما أنت فيه، ما كان لى أن أجد هذا الجمال يزين منزلى. 9
كلٌ منا لديه ضعفه ولكن شروخاتنا وضعفاتنا تضع حياتُنا معاً بطريقة عجيبة ومثيرة و يجب علينا جميعاً أن نتقبل بعضنا البعض على مانحن فيه وللنظر لما هو حسنٌ لدينا. 9
لكل من يشعر بالعجز أو النقص أو الضعف ،، لا تنسوا أن تَشْتمّوا عبق الزهور المتناثرة حولكم9
و لكم جميعاً أتمنى لكم سنةً جديدةً جميلة ، مليئة بالأفراح و خالية من الأحزان و الهموم
و لها أقول ،، أحبك

Saturday 29 December 2007

لماذا أنحرف قطار التنمية ؟ - الجزء التاسع

الجزء التاسع : في قانون إنشاء الأحزاب – الخلاصة و الحلول
بعد ان استعرضت و إياكم الأسباب التي دعت البعض للتفكير بإنشاء أحزاب سياسية في الكويت و التحول إلى النظام الحزبي، حاولت أن أكون أميناً قدر المستطاع في التعبير عن هذه الآراء و استعنت ببعض الأصدقاء لمراجعة ما كتبت، ثم استعرضت هذه الفكرة بالنقد و المناقشة قبل أن أطرح وجهة نظري في الموضوع. هي وجهة نظر قد تكون صائبة أو خاطئة لكنني أدعي بأنها مبنية على أسس موضوعية موجودة في الأجزاء السابقة. 9

تعمدت أن تكون هذه المواضيع ضمن سلسلة لماذا انحرف قطار التنمية رغم إنها كتبت و صيغت بأسلوب مختلف لأنني اعتقد بأن إنشاء الأحزاب هي من مظاهر التنمية السياسية. الموضوع يمكنني تلخصيه بالمثال التالي: نحن نمتلك قطاراً قوياً قادر على إيصالنا الى وجهتنا الأخيرة. لكن مشكلتنا إن هذا القطار انحرف عن مساره لأسباب عديدة. تمت مناقشتها في الجزأين الأول و الثاني من هذه السلسة. كما إننا مختلفون حول الوجهة النهائية أو بالأحرى لا نملك رؤية مشتركة و واضحة حول هوية و شكل الدولة على المدى الطويل. 9
هنا و بدلاً من أن نناقش كيف نعود بالقطار الى مساره، نحن نناقش من يقود القطار !! أليس من الحكمة بأن نعيد القطار أولاً و أن نصلح ذلك المسار ثم تبقى مسألة إختيار قائد القطار مسألة نسبية لا تؤثر لا على مسار القطار أو سرعته دام إننا نعرف وجهتنا النهائية؟
للأسف ، نحن نفتقد الى مفهوم التخطيط السليم و تبقى إدارتنا للأمور عشوائية و تعتمد على ردود الفعل الطائشة. إستيقظنا ذات صباح و وجدنا الحال سيئاً ، حكومة تائهة ، لا خطة ، لا رؤية. لذا كان الحل مباشراً ،، لننشأ الأحزاب و لنأخذ زمام المبادرة من الحكومة. 9
لا أنفي أن في هذا الحل بعضاً من الإيجابية. لكن كما نقول لرئيس الحكومة سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح .. إن النيات الطيبة وحدها لا تكفي ، يجب ان نوجه ذات النقد إلى انفسنا. و يجب أن لا نعطي لأنفسنا المبرر للخمول أو السلبية أو قبول الواقع السيئ الذي نعيش فيه بل يجب أن نبحث عن الحلول المناسبة. 9
قبل أن أفصل الحل الذي أقترحه أود أن أعيد التذكير ببعض الأمور : 9
الهدف من إنشاء الأحزاب هو تطوير الممارسات السياسة بشكل يهدف الى تعزيز التنمية الوطنية بشكل عام. أي أن إنشاء الأحزاب ليس بهدفٍ بحد ذاته ، بل مجرد وسيلة
الحياة الحزبية هي قمة الأداء الديمقراطي متى ما كانت منضبطة و في إطارها الصحيح
في دول المشرق العربي، كانت للأحزاب آثار سيئة تنوعت بين العمالة للأجنبي أو الديكتاتورية أو الإنحراف عن المبادئ التي قامت عليها تلك الأحزاب
التنظيمات السياسية في الكويت واقع موجود و لا يمكن تجاوزه و يجب التعامل معه على هذا الأساس
تفتقر اغلب هذه التنظيمات المحلية الى البرامج الواضحة و تعتمد بشكل أساسي على الأفكار التاريخية المخزنة في عقول قياداتها التوافقية السياسية هي المدخل الرئيسي الى الإصلاح و هو أمر غير مستحيل متى ما طهرت النفوس من ضغائن الماضي و نوقشت القضايا على أسس موضوعية واضعة في الحسبان مصلحة الوطن أولاً و أخيراً و ليست مصلحة المجموعة الخاصة التي ننتمي إليها (قبيلة ، عائلة ، طائفة) 9
السلطة السياسية عملت على تشويه مظاهر العمل الديمقراطي في الكويت و إختطافه. هذا هو أحد الأسباب الذي دفع التنظيمات
السياسية المحلية الى اللجوء لغير إطار الوطن الأكبر و باتت تعتمد أكثر فأكثر على التكتيكات الضيقة المرتكزة على حسابات مناطقية و عشائرية
التشريعات الضامنة لمبادئ العدالة و الحرية و المساواة و التكافؤ الإجتماعي شبه غير موجودة
أيضاً آليات المراقبة و التصويب الشعبية غير موجودة بتاتاً
(Measurement & Adjustment)
في ظل هذه "الحقائق" أعتقد بأن إشهار الأحزاب بصورة فورية لن يسهم في دفع عجلة التنمية بل سيعمق الخلافات الموجودة على الساحة المحلية. لكن من الواجب أن نتفق على أن الأحزاب تبقى فكرة جيدة من ناحية المبدأ. لذا أعتقد فإن أول خطوة هي أن نتفق على ضرورة إنشاء الأحزاب خلال فترة زمنية. هذه الفترة الزمنية يمكن تحديدها و الإتفاق عليها. فلتكن بعد خمس سنوات أو بعد فصلين تشريعيين مثلاً من تطبيق نظام الدوائر الخمس. 9
هذه الفترة الزمنية ستمنح الجميع الفرصة لتهيئة البيئة الصحيحة لتطبيق هذه الفكرة و تحييد العيوب التي ذكرت في الجزء السابق. في ورشة عمل بسيطة تشارك فيها القوى السياسية و مؤسسات المجتمع المدني و المختصين يمكن الإتفاق على سلسلة الخطوات تلك. على سبيل المثال: 9
تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية بشكل يسمح للمواطنين بالطعن في عدم دستورية القوانين و اللوائح
إستصدار تشريعات تحرم و تجرم الدعوات الطائفية و القبلية و الفئوية
إقرار قوانين تضمن الرقابة و المحاسبة الشعبية كقوانين الذمة المالية و الدعايات الإنتخابية
مناقشة تعديل الدستور و اللائحة الداخلية لمجلس الأمة فيما يخص عدد الأعضاء، عضوية الوزراء، توزير غير المنتخبين، الأغلبيات البسيطة و المطلقة، ألخ
إستحداث آليات جديدة و مكتوبة لتشكيل الوزارات و الحصول على الثقة البرلمانية و مناقشة مسألة توزير أبناء الأسرة و الوزارات السيادية
مناقشة قانون الأحزاب مناقشة مستفيضة حتى إقراره
تعديل المناهج و تطوير التعليم
إلا أن الإيجابية الكبرى ستكون في منح المواطنين (قبل تطبيق فكرة الأحزاب) الفرصة الكافية لاستيعاب التغييرات الجديدة التي طرأت على مناخ الحريات في الكويت. فمنذ عام 2006 طرأت أحداث هامة على الصعيد المحلي. تم إقرار مشروع الدوائر الانتخابية الخمس و إقرار الحقوق السياسية للمرأة في الانتخاب و الترشيح و فتح الباب أمام استصدار تراخيص جديدة لصحف يومية و إلغاء مادة التعطيل الإداري للصحف كما تم سن قانون لتنظيم الإعلام المسموع و المرئي و أنتهج مجلس الوزراء سياسة جديدة في التوسع في منح التراخيص اللازمة لمؤسسات المجتمع المدني كما إن المحكمة الدستورية قضت بعدم دستورية قانون التجمعات. للأسف معظم هذه الخطوات الإصلاحية أتت بناءً على ضغوط داخلية أحياناً و خارجية أحياناً أخرى و لم يكن لدى السلطة الحاكمة إقتناعٌ بأهميتها. لذا وجب علينا أن نرضخ للعقل و المنطق بأن لا ننتظر مبادرات إصلاحية من الحكومة فهي فاقدة للوعي السياسي و مكبلة بأغلال آثام الماضي و تكتيكات تخريب العملية الديمقراطية في الكويت. إذ من المفترض أن تكون فكرة إنشاء الحزاب حاضرة و سط منظومة خطة التنمية الشاملة. 9
و كحل وسط حتى تطبيق فكرة الأحزاب يمكن أيضاً اللجوء أيضاً الى فكرة شبيهة بقانون التجمعات السياسية المطبق في البحرين حتى نشجع هذه التجمعات المرتقبة على التنظيم و مواجهة تحديات مرحلة إشهار الأحزاب المرتقبة. 9
في النهاية يتوجب علي أن أشير على أن هناك بدائل أخرى قد تحقق بعض الأهداف المرجوة من فكرة إنشاء الأحزاب. و هي شعبية الوزارة بحيث يتم إختيار رئيس شعبي لمجلس الوزراء و بذلك نستطيع أن نوسع دائرة الإختيار و نوفر كفاءات جديدة و نضمن أن هذا الإختيار ما هو إلا إمتداد إلا لسياسات الحكم. و البديل الآخر هو الملكية الدستورية على النمط الأردني و لكن أعتقد أن مناقشة هذا الأمر فيها تجني على حقوق الأسرة الكريمة ، إذ يجب أن تكون مناقشة هذا الأمر مناطة بأهل الإختصاص من الأسرة لأنهم بذلك يكونون قد تنازلوا عن مكتسبات كثيرة لهم (من أجل صالح الوطن) و لا أعتقد أن هذا الأمر من المناسب مناقشته الآن لا سيما أن لا يوجد هناك من يملك الخبرة الكافية بأمور الحكم. 9
ختاماً ، أتمنى فقط أن الموضوع لم يكن ثقيلٌ عليكم خلال القراءة ، هي مجرد وجهة نظر لكم أن تقبلوها أو تناقشوها و تنتقدوها. أيضاً أود تذكيركم بالمشاركة في الإستفتاء الموضوع على يمين الصفحة. 9

Wednesday 26 December 2007

لماذا أنحرف قطار التنمية ؟ - الجزء الثامن

الجزء الثامن : في قانون إنشاء الأحزاب - المناقشة و المخاوف
في البداية وقبل كل شيء يجب أن نعترف بأن شرعنة الأحزاب السياسية بالمنظور الذي يتصوره متبنوا هذا المشروع قد يجنح للمثالية والخيال بعض الشيء. فمن جهة فإن المكتسبات السياسية لمؤسسة الإمارة وأفرادها ليس من السهل التنازل عنها لصالح أحزاب عاملة ذات فكر ايديولوجي مناهض للكثير من السياسات المتبعة لقمة الهرم السياسي في الكويت، بل الحقيقة هي بأنه لن يتم التنازل عنها حتى وإن توافقت تلك السياسات مع سياسات الأفراد الفاعلين في مؤسسة الإمارة. ومن جهة أخرى، فإن "مشاريع" تكوين أحزاب ذات برامج عمل واضحة ومحددة وذات تبعية ايديلوجية فكرية أو سياسية أو فلسفية، فيما عدا جماعة الإخوان المسلمين، هو ضرب من الخيال الواعد أو "الحلم الجميل" هنا في الكويت. فجميع الأطياف السياسية في الكويت، تقريباً، هي أطياف مذهبية عرقية قبلية متصارعة. هذا الصراع ليس على المصلحة العامة للمجموع في الأغلب الأعم، ولكنها متصارعة على ذات المصالح التابعة لها من منظورها العرقي والقبلي والطائفي. 9
فعلى الرغم وجود تسعة تكتلات سياسية معلنة ، فإن معظمها يفتقد جوهر مقومات التكوين الحزبي القائم على أساس برنامج وأهداف مشتركة لادارة الحكومة حيث أن الزعامة الشخصية و القيادة التاريخية هي القاسم المشترك لديها بعيداً عن الرؤى و الأهداف الوطنية وخطابها مع الجماهير طائفي أو قبلي أو فئوي، وقضاياها مطلبية شعبوية بدلا من أن تكون تنموية. 9
يجب أن تكون نقاط الضعف تلك حاضرة في الأذهان عند قراءة بقية هذه المقالة. ولكن هذه النقاط لا تمنعنا من مناقشة هذه الإطروحات سياسياً في محاولة منا للفهم والمناقشة. 9
كما إتفقنا في الحلقة السابقة فإن غياب المشروع التنموي الواضح و الرؤية المستقبلية لأطراف الحكم هي أحد أهم أسباب تداول فكرة إنشاء الأحزاب في الكويت. لكن يجب علينا الإعتراف ايضاً بأن هذا الخلل ليس مرده الضعف السياسي فحسب، بل هو ناتج عن إنعدام الكفاءات في الأسرة أيضاً، مما يطرح و بقوة فكرة شعبية الوزارة، أي أن يعين رئيس وزراء من عامة الشعب يكون قادراً على طرح رؤاه الخاصة للمناقشة. و في هذا الصدد تجدر الإشارة الى أن مساحات الإختلاف فيما يخض المشاريع التنموية قليلة إن لم تكن منعدمة. فلا أحد يعارض تقليل الإعتماد على المداخبل النفطية و تنويع مصادر الدخل و تعديل التركيبة السكانية و تطوير التعليم و الخدمات الصحية و حل المشكلة الإسكانية و تحديث البنى التحتية و فتح البلاد تجارياً و مالياً و سياحياً و مكافحة أوجه الفساد و تطوير أشكال و أنواع المجتمع المدني. 9

لذا فإن تعيين رئيس وزراء كفؤ قادر على تكوين نوع من الإجماع الشعبي على خطة تنمية طويلة المدى ليس بالأمر المستحيل. 9
و في الوقت نفسه يجب أن نحذر نفسه من مغبة علاج مشاكلنا الحالية بمزيد من التسييس. فالتسييس الواضح في كل مجالات العمل في البلاد قد أضر بالتنمية. و ليس هناك أبلغ مثال على التقاتل الواضح و الشد و الجذب السياسي في تعيين المسئولين في وزارات البلد و هيئاتها الرسمية. 9

أنا أتفق هنا و بقية الزملاء على أن تنظيم العمل السياسي في البلاد من خلال اشهار الاحزاب او الجماعات السياسية هو من الأمور البديهية لأية ديمقراطية متكاملة، ففي الوقت الراهن اختلطت الامور ولم نعد نميز بين ما هو تنظيم سياسي او اجتماعي او حتى جماعات ضغط تضع 'يافطة' ثم تغدق عليها من شعارات الوطنية والديموقراطية الى ما لا نهاية. ولكن هل اشهار الاحزاب هو الاولوية رقم واحد بالنسبة للديموقراطية؟ ام ان هناك اولويات اخرى يجب ان تسبق اشهار الاحزاب حتى نستطيع توظيفها كما يجب، لا ان تكون عبئا آخر يضاف على الساحة السياسية؟ فمن يضمن عدم تحويل هذه الأحزاب الى كانتونات مناطقية أو طائفية أو قبلية؟ و من سيضبط عملية التمويل و نحن لا نملك قانوناً للذمة المالية؟

إن من يدعو الى تقنين الأحزاب لتغليب أيديلوجية معينة على غيرها هو مخطئ تماماً في دعواه هذا. فالمشكلة ليست أيدلوجية بقدر ما هي نقص في الكفاءة. و هنا أنبه الى أن تقنين الأحزاب سيؤدي الى تحويل أغلبية الإئتلاف الحاكم من أغلبية بسيطة (26 مقعداً من أصل 50 في البرلمان) الى أغلبية شبه مطلقة إذا ما أضفنا 15 صوتاً إضافياً هي أصوات حكومة الإئتلاف الحاكم بحكم أن وزارئه قد يكونون من خارج البرلمان ، ما يرفع عدد المقاعد الى 41 مقعداً. 9
و هذا ما قد يفتح الباب على مصراعيه لتغليب هذه الإيدليوجية و تطويع القوانين و تغييرها بشكل يخدم مصالح هذا الإئتلاف الذي قد يناقض إرادة 48% من النواب المنتخبين ، بل و قد يدفع الى إجراء تغييرات دستورية قد تصيب المكتسبات التاريخية للشعب الكويتي في مقتل. إن التخوف الحقيقي هو أن الصراع الحزبي سيكون أيدليوجياً بدلاً من ان يكون تنموياً و لن يكون هدفه الرؤية و الخطة بل نشر الأفكار مما يتنافى و الغاية السامية التي حاولنا الإتفاق عليها في الجزء السابق. فالسلفي الملتزم سيدعو الى تعديل المادة الثانية، الشيعي سيدعو الى إنشاء الحسينيات، الليبرالي الى إلغاء كافة أنواع الرقابة، الإخوام المسلمون الى تعزيز العمل الإجتماعي الديني و عدم وضع أية ضوابط حوله و القبلي سيلتزم بالتصويت لإبن قبيلته مهما كان فكره. 9
و في ظل عدام إكتمال البنيان التشريعي في الكويت فإن أثر هذا المقترح قد يكون مضاعفاً. فقانون المحكمة الدستورية لا ينص على جواز تقدم الأفراد بالدعاوي المباشرة أمامها. و لكن قد يتم النظر في دستورية القوانين إما عن طريق الحكومة (الإئتلاف الحاكم) أو البرلمان (أغلبية الإئتلاف الحاكم أيضاً) أو عن طريق تحويل الإستشكالات من محاكم أخرى. و في نفس الوقت لا نرى أية قوانين تجرم القبلية و الفئوية و الطائفية و هو الأمر الذي سيشكل نواة تشكيل الأحزاب في ظل الواقع الذي نعيشه يومياً. 9
من هذا نرى بأنه من اللازم تحصين المبادئ السامية التي نص عليها دستور 1962 حتى لا تكون عرضة للعبث متى ما وصلت أغلبية بسيطة الى سدة الحكم. بل و سن تشريعات جديدة تحكم هذه الحريات و تنظمها و من ضمنها مراقبة نظم تمويل هذه الأحزاب التي تغلغل بعضها في مؤسسات الدولة حتى أصبحت الدولة هي الراعي غير الرسمي لها و سد كافة أبواب التمويل غير المباشر لها كبيت الزكاة و الهيئة العامة للأوقاف. 9

لذا فإن الدفع بأن إنشاء الأحزاب قد يؤدي الى تغليب الولاء والقبلية على اعتبارات سياسية وتؤدي لاحداث المزيد من الفرقة والتشرذم وخاصة في ظل الظروف الحالية فضلا عن التخوف بشأن ارتباط تلك الاحزاب بأيديولوجيات معينة خارج مجتمعنا هو أمر يجب أن لا نتجاهله أو نتجاوزه حتى نتصدى له بالنقاش الموضوعي و وضع البرامج و الحلول قبل إقرار التجربة الحزبية في الكويت. و يزداد هذا الأمر أهمية في ظل التجربة السيئة للأحزاب العربية و إرثها البالي خصوصاً إذا ما أدركنا أن الحياة الحزبية في الدول المتقدمة قد إستغرقت ت قرونا في الممارسة السياسية والتواجد الحزبي بينما الكويت دولة حديثة العهد بالعمل السياسي المنظم الذي قمع و بشدة من السلطة فسادت مظاهر الإختلاف في مجتمع صغير لا يتعدي تعداد سكانه المليون نسمة رغم إنه يحظى بوفرة مالية غير مسبوقة. 9

القراءة الصحيحة لإرثنا السياسي يتوجب علينا أن نعي بأنه وبسبب العبث بالنظام الانتخابي فقد هيأت الاجواء لتقسيمات جديدة لم تكن في الحسبان - او كانت - من اخطرها تعزيز التقسيمات الفئوية واشعال النعرات الطائفية والقبلية، ناهيك عن جنوح المرشحين لانتخابات مجلس الامة الى أساليب غير شريفة، نتيجة لسهولة تحركاتهم الانتخابية داخل مساحة جغرافية محدودة، وقدرتهم على استثمار ارصدة العلاقات الاجتماعية والعائلية، الامر الذي افضى في النهاية الى قتل مبادئ الوحدة الوطنية و الممارسات السياسية الصحبحة و النزيهة بصورة بطيئة طوال الفترة الممتدة من (1980 - 2006). لذا يتوجب علينا إصلاح العقليات و النفوس قبل المضي قدماً في تجربة الأحزاب اذ لابد من بعض الاعداد السياسي والتوعية الشعبية وبيان مخاطر الطائفية والقبلية ففرص نجاح الانضباطية الحزبية في تبدو محدودة و هناك ثمة احتمالات مؤكدة بأن يحاول البعض استغلال مثل هذه الادوات السياسية لمصالح طائفية وقبلية ومقاصد فاسدة، كما في لبنان و العراق مثلاً. 9

و يجب أن لا ننسى أن أفضل الحركات السياسية تنظيماً و هي الحركة الدستورية الإسلامية لم تستطع مقاومة المد القبلي على سبيل المثال في مواجهة التقسيمة الإنتخابية الظالمة، فوقفت ضد الحقوق السياسية للمرأة و مارست الإنتخابات الفرعية جهاراً نهاراً في عمل يتنافى و أدبياتها المعلنة. لذا من اللازم أن ننقى الشوائب و نخلق البيئة الصالحة لتطبيق الحياة الحزبية و هذا الأمر يستدعي بعض التعديلات التي سنتطرق لها في الجزء القادم. 9

ختاماً يجب التذكير بأن النظام السياسي في الكويت هو نظام وسط بين النظامين البرلماني و الرئاسي و روعيت فيه الخصوصية الكويتية في إرساء دواعم الديمقراطية مع الحفاظ على حكم آل الصباح. إن تطبيق نظام الأحزاب بصورة فورية من دون إجراءات مسبقة سيسبب خللاً كبيراً في هذا النظام الوسط الذي لم يصمم على أساس النظام البرلماني الذي ينص على حكم الأحزاب و على تشكيل الحكومة من أعضاء مجلس الأمة المنتخبين ، بل إن مسألة توزير ابناء الأسرة الحاكمة ليس لها تفصيل واضح في هذا الإطار. 9
كل هذه العوامل من المحتم بأنها ستلقي بظلال قاتمة على مشروع تقنين إنشاء الأحزاب في الكويت في الوقت الراهن. لكن ما هو الحل البديل إذاً ؟؟ هذا ما سنتناوله في الحلقة الأخيرة. 9

الآن أدعوكم للمشاركة في الإستفتاء الموضوع على يمين الصفحة لمعرفة مدى قبولكم لفكرة إنشاء الأحزاب في الكويت. أعتقد بأنه يمكن لزوار المدونة غير المسجلين المشاركة في التصويت أيضاَ. 9

و للحديث بقية ،، 9

لماذا أنحرف قطار التنمية ؟ - الجزء السابع

الجزء السابع : في قانون إنشاء الأحزاب - الفكرة و الهدف

تعيش الدولة أجواءً من البلادة السياسية فما أن تخرج الحكومة من أزمة إلا أن دخلت في أخرى ، و يتسم أداءها بالضعف الشديد و التردد مما جعل المراقبون يقرون بإنعدام الرؤية و غياب المشروع التنموي الواضح الذي سيعيد الأمور الى مجاريها. و بالنظر الى ما تعيشه الأسرة الحاكمة من تفكك و فقر شديد في الأسماء المطروحة لقيادة البلاد ، أصبح الجميع يتحدث عن ضرورة أخذ زمام المبادرة عن طريق تقنين إنشاء أحزاب سياسية ذات برامج تنموية واضحة و سياسات ملموسة الأثر و أن تترك مهمة قيادة الشعب إلى ما يشبه الإئتلاف لهذه الحكومة بقيادة شعبية مستمدة من قوة هذه الأحزاب في الشارع. و يصور مؤيدو المشروع بأنه بصيص الأمل الذي سيخرج البلاد من النفق المظلم الذي تعيشه الآن و أنه لا توجد حلول أخرى منطقية لتحقيق الأهداف الواردة في نهاية هذه الحلقة. 9

و يأمل مقترحو هذه الفكرة الى توفير رؤية تنموية شاملة تنتشل البلاد من حالة الضياع التي نعيشها و توفر الغطاء السياسي لحملة الإصلاحات. تعتمد هذه الرؤية على ديمقراطية الأغلبية و التي ستشرعن المشروع التنموي. 9
أما الأهداف قصيرة المدى المرجوة من هذا المشروع هو تنظيم الفوضى السياسية و تحسين مستوى الممارسات السياسية و تهذيبها و تقليص الفوارق بين قوى الشارع الكويتي في إطارات فكرية واضحة و مساعدة الأسرة الحاكمة في وضع الحلول و مساعدتها على تنفيذها. و هنا تستوجب الإشارة إلى أن الجميع متفق على جهداً كبيراً يجب أن يبذل في سبيل تطمين القيادة السياسية الى أن هذا المشروع لا يعني تهميشاً للأسرة الحاكمة و لا رغبة على الإستيلاء على مقاليد الحكم. 9
و من المظاهر المرجوة عند تطبيق الفكرة : ترشيد العمل الحكومي من خلال وجود أغلبية واضحة لديها برنامج عمل حكومي او تنموي تستطيع ان تحققه، وهو ما من شأنه ان يساهم في تخفيض حدة التأزيم السياسي والتجاذب بين اطراف اللعبة السياسية و تطوير عمل وبرامج وآليات التيارات السياسية القائمة من خلال تعزيز صور الديموقراطية الداخلية في اتخاذ القرار وتطبيق الشفافية في قيادة العمل السياسي وكذلك ادارة الشؤون المالية للحزب، واخيراً وليس آخراً فإن وجود قانون الاحزاب المقترح هو خطوة لتقنين واقع قائم من خلال وجود تيارات سياسية هي أحزاب في حقيقتها، ولكن يسعى القانون لتنظيم نشاطها رسميا وجعلها احدى المؤسسات الفاعلة في الدولة. 9
كما يجب أن لا نغفل عامل الشفافية الإيجابي في اي عمل كان ، سياسياً كام أم غير سياسي. فالعمل الواضح تحت الشمس وأمام الناس والسلطة كفيل بتطوير آليات العمل السياسي ودفعها الى الأمام، بدلا من العمل المستتر الخفي، ان اشهار الاحزاب يعني تحولها الى مؤسسات تحمل الصفة القانونية ولها تعامل رسمي مع أجهزة الدولة ولها مقر رسمي وفروع وعناوين ولها ميزانية توضح فيها الايرادات والمصاريف، وكذلك كشوفات رسمية للاعضاء في الحزب، وكل هذه الأعمال والالتزامات الجادة ستخلق عملا سياسيا جادا ومؤسسيا، و سيكون للناس الحق بالاطلاع على الخطط والبرامج الحزبية للسنوات المقبلة ومن اجل اختيار الاغلبية لأحد البرامج ولمتابعة تنفيذها مما سيحمل القائمين على الاحزاب مسؤولية العمل والتنفيذ حيث محاسبة القواعد للقيادات. 9
في المجالس السابقة كنا نرى بأن كل عضو مستقل فكرياً عن الآخر و أن مجالات التنسيق محدودة جداً مما أوجد ما يعتبره البعض خمسين نائباً أفكارهم مختلفة و كذلك أولوياتهم ما قلل من مساحة الأرضية المشتركة التي تجمعهم. لكن الحراك السياسي و ضغوط التجمعات الشبابية التي أفضت الى تقليص الدوائر الى خمس قد ألزم هؤلاء النواب الي إنشاء تكتلات نيابية ذات أفكار و منطلقات فكرية مختلفة ، يعتقد بأنها ستكون نواة لتشكيل الأحزاب متى ما أقر المشروع. 9
إذا من الممكن تلخيص هذا المشروع بالأهداف التالية : 9
إيجاد رؤى تنموية واضحة
توفير الأغلبية وراء المشاريع الإصلاحية
تطوير الممارسات السياسية و مستوى التنسيق بين النواب
تقليص الفوارق و إذابتها في أطر فكرية واضحة
توفير كفاءات شعبية لقيادة الحكومة
الشفافية في العمل السياسي و تطوير نظم المحاسبة الشعبية
لكن تبقى الغاية الأسمى في تنظيف شوائب ممارسات العملية السياسية و التي عطلت قطار التنمية و هي المسطرة التي يجب أن نقيس بها مدى ملائمة هذا المشروع للتطبيق في الوقت الراهن. 9

تنويه : أشكر الزملاء الأفاضل حمد و فرناس الذين ساعدوني بتنقيح و تهذيب هذه الحلقة من أجل أن تخرج بصورة متوازنة و موضوعية. 9
و للحديث بقية ،، 9

Sunday 23 December 2007

لماذا انحرف قطار التنمية ؟ – الجزء السادس

الجزء السادس : في تقنين إنشاء الأحزاب - المقدمة و التمهيد
أطل مشروع الأحزاب المقدم من عدة كتل سياسية في البرلمان بقوة على الواقع السياسي المحلي. في السابق كان بعض الكتاب و المتعاطين بالشأن يطرحون هذه الفكرة من ناحية المبدأ. لكنها ما لبثت ان تطورت الى مشروع بقانون نوقش بإستفاضة في العديد من التجمعات السياسية. كنت و ما زلت ممن لا يرون بصوابية هذه الفكرة في الوقت الراهن على الأقل. و كان رأيي هذا مشوب ببعض الإستحياء بغية عدم التعمق في نقاش مشروع غير جلي المعالم. البعض عاب (و هو محق) علي ضبابية موقفي هذا و دعاني لمراجعة الحسابات في ظل الأزمة السياسية و التنموية التي تشهدها الدولة. و كنت أنوي منذ فترة الكتابة عن هذا الموضوع إلا إن ما أعاقني هو الكسل من جانب لأن النقاش سيكون مستفيضاً و سأكون حريصاً على أن أتلمس جميع جوانبه. و من جانب آخر لأن هذه السلسلة التي تناقش قضايا التنمية في الكويت بشكل عام لم تكتمل بعد. و ستكون مناقشة هذه القضية خارج التسلسل الموضوعي حيث سأتطرق الى نقاط كنت أود أن أناقشها بإستفاضة. و لكنني قررت الآن و بعد إلحاح أن أتصدي لمناقشة قضية إنشاء الأحزاب على أن أنوه الى تلك النقاط التي سيكون لها تفصيل آخر في المستقبل. 9

لتشعب هذا الموضوع ، قررت أن أنشره على 4 أجزاء. أنا ممن لا يستهون حقيقة هذه الأسلوب لكنني أرى نفسي مضطراً لأن الموضوع سيكون طويلاً جداً و من الصعب قراءته ناهيك عن كتابته دفعة واحدة. ستتناول الأجزاء 4 نقاط أساسية. المقدمة و التمهيد (و هي ما تقرأه الآن) ، الفكرة و الهدف ، المناقشة و المثالب ثم ننتهي بالحل الأمثل (أو لنقل الحلم). 9
أعترف بأنني لدي حكم مسبق على هذا الموضوع. لككني حاولت أن أكون موضوعيا و مجرداً من هذا الرأي قدر الأمكان. و أعترف بأنني إنتهيت الى نفس الرأي و بحماسة أكبر من ذي قبل. و أود أن أقول في هذا المقام بأن رأيي يجب ألا يحسب على أنه معارضة للفكرة بل هو هو مجموعة تحفظات ستذوب أمام رأي الأغلبية ، أي أن لا غضاضة لدي من تطبيق الفكرة و لو إنني شبه متأكد بأن حماس الجميع سيفتر بعد التطبيق. و لقياس الرأي ، فإنني سأقوم بعمل إستبيان بعد الحلقة الثالثة و لمدة إسبوع لأستطلع رأيكم في فكرة تقنين الأحزاب. 9
الأمر الأخير هو أن هذا الجزء ستكون على نقيض ما قبله. فهي وقفة مع النفس حرصت تمام الحرص أن تكون موضوعية. لذا أرجو من الجميع أن يخفف من حدة نقده بأنني حاولت أن أجامل هذا الفكرة على حساب تلك. قد يقفز أحدهم و يتهمني بأنني لا أحبذ إنشاء الأحزاب لأنني لا أنتمي الى أية جماعة سياسية و أن هذا ليس متوافقاً و أفكاري ، و يمكنني الرد ببساطة بأن إنشاء الأحزاب سيكون من مصلحة الحزب أو الجماعة السياسية التي هو ينتمي إليها. أرجو أن لا نسلك هذا الطريق الشائك و نغوص بالنيات ، بل أن نبقى النقاش محصوراً في الأدلة و البراهين و الحجج. 9
ما هو مكتوب هنا ، هو مجرد إجتهاد مني فقط لا غير بحسب المعطيات المتوفرة لدي و قراءة للوضع الراهن بحسب الأفكار و المبادئ التي أعتنقها ، أرجو ان لا ننسى ذلك. و هنا أقول توكلت على الله. 9
ملاحظة: باقي الأجزاء غير مكتوبة الى الآن. لذا يمكنكم التعليق في أي وقت بحيث يمكنني التصدي لتعليقاتكم ضمن سياق الموضوع نفسه. 9

Friday 21 December 2007

المطاوعة لمبارك الدعيلج

أثارت هذه الرواية جدلاً شديداً مؤخراً و تسببت في نزاع قانوني بين مؤلفها مبارك الدعيلج و دار النشر - رياض الريس - حيث أعلن المؤلف تبرؤه مما جاء في بعض أجزاء الرواية من عبارات وفقرات مؤكداً أن كثيراً مما جاء بالرواية أضيفت دون علمه وتخالف مما جاء في أصل النص المكتوب. بما إن الرواية ممنوعة ،، و نحن نعشق كل ممنوع ، فلقد أعارني أحد الأصدقاء هذه الرواية للإطلاع عليها. 9
الرواية من النوع الصادم تماماً ،، بمفرداتها ، أحداثها ، صراحتها. كنا نسمع كثيراً عن الشذوذ في المجتمع السعودي. و الرواية تتناول بشكل مباشر تماماً هذه الظاهرة في أوساط المطاوعة و يحاول الكاتب أن يصور نماذج و قوالب لهذه الشخصيات التي تسيطر على الحركة الإجتماعية في المملكة و تسرد حقائق عن سلوكياتها و أنماط معيشتها. 9
يعترف ناشر الرواية بأنه حاول إستغلال شعبية رواية بنات الرياض. الكتاب ألقى بمساحة من الضوء على ظواهر قد تكون موجودة لكن حال كحال بنات الرياض ، مجرد متعة قرائية دون أي جديد يذكر. أعتقد بأن الإسم المناسب لهذه الرواية هو ورعان الرياض !! 9
أتفق و رأي ناشر الرواية فالمؤلف فقير لغوياً إلا من بعض الكلمات الخادشة هنا و هناك و الصور الروائية منتفية و لا عقدة رئيسية و لا فرعية في الرواية. بنات الرياض برغم تفاهتها و سذاجتها إلا إنها كتبت بإسلوب مميز تماماً و كانت تعتبر متعة قرائية و ليست فكرية. هذه الرواية خسرت المعركة على الجبهتين. يبقى كل ممنوع مرغوب !! 9
كلمة السر Tipsclub

Thursday 20 December 2007

أنصفوهم

في ظل واقع وطننا المحبط ، لا يملك الفرد إلا الترحم على ماضيه المجيد
نتكلم بكل أسى عن رجال الدولة ، رجال العلم ، الشجعان ، و الحكماء الذين بنوا هذه الدولة
نقرأ لهم فنصاب بالدهشة على تقدمهم آنذاك عن باقي الدول
نرجع الى واقعنا ، فنرى أن أثرهم قد إختفى
و كأن البعض يريد فعلاً لهذا الأثر أن يختفي
و أن يطمس ملامح دولتنا و هويتنا و يستبدلها بأخرى مسخ لا تنتمي لنا
لذا نقول أنصفوا هؤلاء الرجال
دعوا أطفالنا ، و أطفال أطفالنا من بعدنا ، يغرفون من بحر علومهم ، من ثقافتهم الكويتية الأصيلة
عبدالعزيز الرشيد ، رجل دين مصلح ، شارك في رسم ملامح أول مجلس تشريعي
كان شاهداً على ما جرى آنذاك ، و كان متنوراً
حاول كما نفعل الآن ، أن يدون تاريخ بلده و قضاياه
حاول أن يكتب الحقيقة كما رآها و سمعها و عاشها حتى وافاته المنية و هو مغترب عن أرض الوطن في جاكرتا
كتب كتابه .. تاريخ الكويت
هل تعلم بأنه لا توجد نسخة كاملة من هذا الكتاب؟
هناك من يقول بوجود صفحات ناقصة ،، نزعت منه
حتى محاولة أحمد الديين لإعادة نشر الكتاب كانت ناقصة
العديد من الأسماء المهمة مسحت من تلك الطبعة
هل تعلم بأنه لم يطلق حتى إسم شارع من أجل هذا الرمز؟
عبدالعزيز الرشيد أول صحافي و ناشر لمجلة الكويت ، أول مبعوث ، أول مصلح إجتماعي
عبدالعزيز الرشيد هو أول من كتب تاريخ الكويت ، و لو لم يطلب تلك الوثائق في أرشيف أمير الكويت الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح لضمها في كتابه تاريخ الكويت ، لتعرضت للضياع و الطمس
بينما محمد بن لعبون أتى ال الكويت منفياً تنفيذاً لحكم صدر بحقه من الأمير علي باشا آل زهير، وهو أحد حكام إمارة الزبير، عاش ابن لعبون في الكويت ثلاث سنوات حتى توفي عام 1836م بوباء الطاعون الذي اجتاح الكويت وغيرها من دول الجوار الجغرافي، وبعد أن مضى على وفاته 170 سنة أطلقوا اسمه على أحد الشوارع الراقية في منطقة النزهة
من هو محمد بن لعبون حتى نطلق إسمه على أحد شوارع الكويت و لا نطلق إسم عبدالعزيز الرشيد؟
من أجل عبدالعزيز الرشيد
من أجل صالح العجيري
من أجل الشيخ يوسف بن عيسى
من أجل عبدالرزاق البصير
أنصفوهم
لا نطلب شيئاً ، لا تجمع لا إعتصام ، لا شئ من هذا العبث
فقط أخبر أطفالك عن تاريخ هؤلاء الرجال

Monday 17 December 2007

العيد عيدين

فقط لنتذكر فرحتنا في عيد السنة الماضية ، بعد إن إكتشفت أن لا فرحة و لا "خروف" لدينا في هذه العيد !! صدام حسين قتل الملايين شرد الشعب إستباح الحرمات هدم بيوت الله و المقدسات قتل العلماء و رغم هذا يخرج علينا وعاظ السلاطين
قال المولى عز و جل في سورة يونس
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ
هل يتفضل علينا شيخ الإسلام و المسلمين بشرح هذه الآية؟ ألم يغرق فرعون و طلب المغفرة من رب العباد و هو غريق؟ و ماذا كان رد الرب عليه؟
إنهم وعاظ السلاطين و لا شئ غير ذلك !! 9
هل تعلمون أن كوتشينة صدام الشهيرة المكونة من 55 إسم إحتوت على 35 إسم من قادة العراق لا يحملون غير شهادة الإبتدائية؟
هناك حادثة شهيرة تروى عن نائب رئيس الجمهورية عزت الدوري الذي كان يبيع الثلج صيفاً و الباجة شتاءً. بأن صدام دعا القيادة البعثية الى إجتماع عاجل بعدما أكدت له بعض الدول أن الحظر الدولي سيعلق. و كان في إنتظار مكالمة مندوب العراق في الأمم المتحدة آنذاك نزار جمدون. الرفيق عزت الدوري كان كالعادة يحملق في السقف و يكش ذبان بين الفينة و الأخرى. حتى رن جهاز الهاتف ، تحدث صدام مع نزار حمدون الذي أبلغ صدام إعتذاره عن فشل المهمة و أن الحظر قد تم تمديده الى أجل مسمى. صرخ صدام غاضباً (بنبرة غاضبة و بصيغة الإستفهام و التوكيد) إتمدد ؟؟!!؟؟
و فجأة قفز عزت الدوري (السبعيني المصاب بالسرطان) من كرسيه ، و إنبطح على الأرض مستسلماً فنظر إليه صدام بإستغراب متسائلاً ماذا بك؟ فرد عزت الدوري .. سيدي .. إنت صحت تمدد !! 9
يا ترى لو كان صدام قد طلب من وعاظ السلاطين ، التمدد و الإنبطاح بل و حتي (....) ، هل كانوا سيترددون بذلك؟
كل عام و أنتم بخير ،، 9

Saturday 15 December 2007

الخيميائي لباولو كويلو

اذا رغبت في شئ ، فان العالم كله يطاوعك لتحقيق رغبتك
ملكي صادق

هذا هو ملخص رائعة الخيميائي للروائي البرازيلي باولو كويلو و التي تدور أحداثها في أسبانيا و المغرب و مصر حول سانتياغو ذلك الراعي الأندلسي الذي ينطلق في رحلة للبحث عن الكنز المفقود بجانب أهرامات الجيزة بحسبما أخبره الملك "ملكي صادق" ذلك الرجل الغريب الذي يعلم أسرار سانتايغو الشخصية ، و الذي أخبره بأن عليه أن يُصدق حلمه ويسعى للبحث عن الكنز الذي رآه في أحلامه وأن يتبع الإشارات الطبيعية التي تُشير إلى موقع الكنز ، بعبــارة أخرى عليه أن يتبع أسطورته الشخصية. 9 9
فيبدأ سانتياغو رحلة البحث عن الكنز ، يبيع قطيع خرافه منطلقا نحو مِصــر ، مرورا بالمغرب وشمال أفريقية ، و يقابل العديد من الأشخاص الذين يساعدونه, أو يلهمونه, أو يقفون ضده, في طريقه للكنز. ويواجه الراعي أيضاً الكثير من المواقف الصعبة, والأفكار المحيرة, واللحظات التي تتطلب شجاعة, واللحظات التي تتطلب بصيرة، كالعرافة الغجرية ، اللص العربي ، بائع الزجاجيات ، الرجل الإنجليزي ، بدو الصحراء ، فاطمة ! ، وأخيــرا الخيميائي. 9
تدور الفكرة العامة للرواية ، حول مسألة أن هناك لكل شخص - أسطورة شخصية - وأن الله ييسر الإشـارات والعلامات للشخص ليحقق أسطورته الشخصية ، فإن غفل عنها أو لم يكترث بها لن يصل لهذه الأسطورة ، وإن بحث عن أسطورة غيره لن يصل إلى أسطورته أيضـا. 9
النص الروائي فلسفي عميق و مستوحى من أدب الرحلات كباقي كتابات كويلو. و الرواية تشير الى أن لا شيء يحدث في هذه الدنيا مصادفة انما هو دليل او إشارة كما اسماها الخيميائي اذا اخذها الانسان بجد وفعل فكره في سبب حدوثها فسوف تساعده على ايجاد دربه لتحقيق امنياته في الحياة ولكن الكثير منا تمر عليه هذه الاشارات مرور عابر على اساس انها صدفة ليس الا.9

Thursday 13 December 2007

أوهام الشرق الأوسط الجديد

في أوج العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان أتحفتنا كونداليسا رايس برؤيتها و مشروعها لمنطقتنا المشتعلة على أنها "آلام مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد" مما شكل صدمةً آنذاك للضمير العالمي. قد يترائى للبعض أن هذا الشرق الأوسط الجديد سيكون أقل غلياناً و أكثر ديمقراطيةً و يخدم أهداف السياسة الخارجية الأمريكية بحسب ما يود الساسة الأمريكان. إلا أن الواقع يعكس حالةً أخرى فلم تكن الولايات المتحدة الأمريكية يوماً بمثل هذا الضعف حيث قلت مساحات المناورة أمامها و باتت تحالفاتها مشكوفة و تحرج حلفائها في المنطقة و لم يسبق لإسرائيل أن كانت محاربة بهذا القدر من قبل. وتحت ذريعة محاربة الإرهاب أدخلت هذه الإدارة المنطقة في نفق من العنف البدائي والصراعات الدينية والمذهبية، ففي حين أطلقت يد الميليشيات السوداء في بغداد فإنها أطلقت جحيم الغطرسة الإسرائيلية في لبنان والأراضي الفلسطينية. ومن خلال هذا النفق الأسود تريد هذه الإدارة من العالم أن يصدق أنها تسعى نحو شرق أوسطي جديد خالٍ من الإرهاب والعنف والاحتلال واستبداد الأنظمة. 9
تدعي كونداليسا رايس أنّ السبب في اضطراب الشرق الأوسط هو عدم تطابق الحدود الجغرافية مع الحدود الإثنية والطائفية والعرقية في المنطقة، والسبب في ذلك أوروبا التي قسّمت الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى لم تراع ذلك وراعت أهواءها وبعض المصالح الخاصة ما يحتم ضرورة تصحيح الجوانب الحدودية من أجل التوصّل إلى شرق أوسط مستقرّ. طبعاً هذا المشروع يحتوي على أهداف دعائية كبيرة من مثل تحقيق الأمن والسلام والتنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان وإزالة الأُمّية وإقامة العدل إلخ...، لكنّ هذه الأهداف تبقى في حدود الدعاية. و يحرك هذا المشروع النـزعة الطائفية والتفتيت الطائفي وتستهدف وحدة الأُمّة العربية والإسلامية بحجّة الظلم الذي لحق هذه الطوائف والأعراق خلال التاريخ الماضي، وهذا الاستهداف للإحياء الطائفي يخدم إسرائيل بالدرجة الأولى، ويمكن أن نتأكّد من ذلك باستعراض السياسة الأمريكية في مناطق أخرى مثل أمريكا اللاتنية وشرق آسيا، فهي لا تمارس هذا الدور من التفتيت الطائفي مع أنّ تعدّد الطوائف والأعراق والأجناس موجود في تلك المناطق وبصورة أكبر مما هو موجود في المنطقة العربية. كما يهدف هذا المشروع إلى دمج إسرائيل في المنطقة من جهة، وجعلها تعلب دوراً مركزياً من جهة ثانية. 9
لكن هل نجحت السياسات الأمريكية في تطبيق مشروع " الشرق الأوسط الجديد" على أرض الواقع؟
في العراق ، ما زال يضغط الديمقراطيون من أجل الظفر بجدول زمني لإنسحاب القوات الأمريكية من المستنقع العراقي و من تلك الحرب التي رآها بوش تحريراً للعراق و رآها العرب غزواً له. في نفس الوقت ، نفذ صبر الحلفاء فبدأ الجميع بالإنسحاب أو التخطيط له مثل أسبانيا و كوريا و بريطانيا و غيرها من الدول. حتى إن التقارب الذي أبداه الرئيس بوش بإستقباله السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق و المقرب من النظام الإيراني أتى كرد فعل على تنامي شعبية و نفوذ السيد مقتدى الصدر المعادي تماماً للسياسات الأمريكية في العراق. 9
في أفغانستان ، إنبعثت طالبان من جديد و إنتشرت صادرات الأفيون حتى بلغت مستويات قياسية و إستمر الحلفاء البريطانيون بعقد الهدنات مع زعماء طالبان. و في الجارة باكستان ، إهتز عرش برويز مشرف بعد فشله في كبح جماح الجماعات المتطرفة حتى إضطر لدعوة السيدة بنازير بوتو و من ثم نواز شريف و تقاسمها السلطة معه مع تنازله عن رئاسة الجيش. 9
و في لبنان ، أدى سكوت عن تمادي الغطرسة الإسرائيلية الى إندلاع حرب أفضت الى دمار شامل للبنان و نصر معنوي لحزب الله و حين نزل الجمهور اللبناني الى الشارع ، إستنكرت الولايات المتحدة و حلفائها هذا التصرف متناسين أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من شجعت العصيانات المدنية في بلغراد و تبليسي و مينسك. و ما يراه السيد بوش في إسرائيل كنموذج للديمقراطية يراه العالم نموذجاً للعنصرية التي تضطهد السكان الأصليين و تهجرهم و تستولي على أراضيهم. 9
و قبل فترة حذر الممثل السامي للسياسات الأمريكية في المنطقة العاهل الأردني من إندلاع حروب أهلية في كل من العراق و فلسطين و لبنان لكنه تجاهل آثار إنتشار النفوذ الإسلامي المعادي للسياسات الأمريكية في دول أخرى كالصومال و تركيا و المغرب و البحرين. 9
لكن ، أتعلمون ما السبب في فشل السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط؟
السبب هو أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تسع جادة في يوم ما لنشر الديمقراطية و تحرير شعوب المنطقة بل كان تبحث عن الإستقرار السياسي الكفيل بإبقاء صمامات الخزانات النفطية مفتوحة و فتح أسواق المنطقة أمام البضائع و الشركات الأمريكية فحسب. فهي من تشجع محمد حسني مبارك على قمع شعبه و تزوير إرادته و هي من تخنق شعوب المنطقة في ظل أنظمة تقليدية لا تعترف بالمتغيرات العالمية من حولها و لا تقيم للإنسان الفرد و الجماعة وزناً و لا قيمة و هي من تتنافس مع الدول الأوربية لكسب ود عدو الماضي و حبيب الحاضر و المستقبل العقيد معمر القذافي. 9

ولم تكن إدارة بوش في وارد سؤال حكومات هذه المنطقة الواسعة أو شعوبها عن خياراتها، وأصبحت دعاوى الإصلاح السياسي ذريعة جوهرية للتدخل الأميركي في شؤون المنطقة والضغط على نظمها بوسائل مختلفة، وهذه الذريعة لم تنته حتى الرفض الأميركي لنتائج الديمقراطية التي لا تنسجم مع سياسات واشنطن، مثلما حدث في الموقف الأميركي إزاء فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية، ناهيك طبعا عن استمرار دعم واشنطن للأنظمة الإستبدادية المؤيدة لها في المنطقة. 9

هذه هي السياسات الغبية هي التي أدت الى صعود نجم الإخوان المسلمين في مصر و حماس في فلسطين و غزة و حزب الله في لبنان و الشيعة المتطرفين في العراق و أحمدي نجاد في إيران و أحزاب التنمية و العدالة في تركيا و المغرب و حركات الإسلام السياسي في برلمانات الكويت و البحرين. 9
فهل تتعظ الولايات المتحدة الأمريكية من فشل مشروعها هذا؟ 9

Tuesday 11 December 2007

الوقت

الوقت من ذهب 9
الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك 9
هذا ما تعلمناه في صغرنا. كان الجميع يحثنا على الدراسة المبكرة إستعداداً للإمتحانات. في النادي كان المدرب يحثنا على الحضور المبكر للإستعداد المبكر من خلال الإحماء و تمديد العضلات. الشقيقات كان يلحن علي بالزواج من أجل الإنجاب المبكر و كي لا بيتعد الفارق العمري بيني و بين أطفالي. و هكذا نحن نلهث. 9
تتطلع من حولك فترى نماذج البشر المختلفة. هذا يصرخ في الهاتف و هو يتحدث مع زوجته عن أقساطه و كيف أن المؤجر تباطأ بالسداد. و وافد أجنبي تأخر على الذهاب إلى مقر عمله ما أنفك يتحلطم على السائق الذي أمامه في محطة البانزين و الذي يبدو مستمتعاً في ملء خزان الوقود. ثم ترى سيارة مسرعة يقودها شاب طائش لا يدرك من أين أتى و لا أين هو ذاهب ، تفسح له الطريق خوفاً من تهوره لتجده بعد لحظات قليلة بجانبك على الإشارة الضوئية ، فتتساءل ماذا إستفاد من سرعته هذه. 9
نحن نقضي حياتنا هذه لاهثين معتقدين أن الوقت سينتهي الآن و أن رصيدنا سينتهي تاركين عن أنفسنا ملكة التأمل و التمتع في الحياة التي نعيشها. 9
شخصياً أصبحت حياتي رتيبة و لكن جميلة خلال أيام الأسبوع. أقضي فيها وقت فراغي الذي إزداد بصورة ملحوظة في القراءة و الكتابة و ممارسة الهوايات التي أحبها. لكن عطلة نهاية الأسبوع تحولت إلى جحيم لا يطاق بسبب قلة الوقت. 9
حسبت عدد ساعات عطلتي فوجدتها 40 ساعة. أقضي 16 ساعة منها في النوم و 6 مع الأطفال و مثلها مع العائلة و الزيارات الإجتماعية و 4 ساعات للتسوق و 4 أخرى لإنجاز الأشغال من معاملات و بنوك و كراجات و يتبقى لي ما يقرب 4 ساعات فقط للخروج مع الأصدقاء. 9
إنعكس هذا على مزاجي فعلى عكس الطبيعة البشرية (و طبيعتي سابقاً) بت أستمتع بالهدوء و الراحة و الطمأنينة خلال أيام الأسبوع و أعاني من القلق و التوتر خلال عطلة نهاية الأسبوع. حتى امست هذه العطلة ثقيلة على قلبي و بت أخشاها. 9
يقول ميخائيل نعيمة في مذكرات الأرقش
أنا و الزمان فارس و مطية. فلا هو يسبقني و لا أنا أسبقه. و متى نبلغ الهدف فنحن لا فارس و لا مطية. و إني لأشفق على الذي يسابقون الزمان فإذا بهم ما يبرحون حيث هم. و أحق منهم بالشفقة أولئك الذين يمتطيهم الزمان و ما يفتأون يرددون: ((الوقت من ذهب)) فيا لثقل ما يحملون!! 9
فهل ما زال الوقت من ذهب ؟ أم أن إننا إكتشفنا أن هناك ما هو أغلى من الذهب ؟! 9

Sunday 9 December 2007

سقوط ورقة التوت ،، هل وضحت رؤيتنا الآن ؟

بعد ان ناقشنا موضوع إسقاط القروض و فوائدها من الناحية الأخلاقية و الإقتصادية سنحاول أن نناقشها قانونياً. و حتى أبتعد عن الجدلية في هذا الموضوع في ظل كثرة الخبراء القانونيون التي باتت آرائهم تتصدر الصحف و تزاحمنا على شركة الإنترنت ، فقد إخترت شخصاً ينتمي سياسياً إلى أحد الكتل المساندة لهذه الإقتراحات ألا و هو السيد الدكتور محمد المقاطع. 9
للتنويه فقط و حتى أكون أميناً في رأيي ، فأنا من الناس الذين لا يضعون وزناً لرأي الدكتور المقاطع لأنه غالباً ما يكون مسيس و لعل أبلغ دليل على ذلك هو ما تفضل به من آراء خلال فترة إستجواب الوزير علي الجراح و تبريرات مضحكة تم تفنيدها بكل سهولة من الأستاذ الدكتور يوسف الحمود. 9
لكن المغزى من إختيار الدكتور المقاطع هو تفنيد كل الأساليب و الحجج التي تتذرع بها الكتل السياسية في مسايرتها للشارع من أجل الحفاظ على شعبيتها بعيداً على توافق تلك المقترحات و الأسس الدستورية و المصلحة الوطنية العليا و المرجعيات الأخلاقية و السلوكية التي تحكم حياة الفرد و الجماعة. 9
يقول الدكتور محمد المقاطع في دراسته أن المقترحات تخل بمبدأي العدالة والمساواة، كما تتعارض مع مبدأ العدالة الاجتماعية، فضلا عن المخالفة لواجب حفظ الاموال العامة وحمايتها المقررة في الدستور، الى جانب اخلال تلك المقترحات بمبدأ العمومية والتجريد في التشريع، وتعارضها اخيرا مع مبدأ سلطان الارادة والحرية الاقتصادية. 9
أولاً: إخلال المقترحات بقوانين لشراء المديونيات بمبدأي العدالة والمساواة
كرس الدستور الكويتي في جملة من المواد الدستورية المهمة مبدأين جوهرين الا وهما العدالة والمساواة، حيث قررتهما ديباجة الدستور والمواد ،7 ،24 29 منه. ومفهوم هذه المبادئ انه لا يجوز وضع اي تفرقة في المعاملة التي تكون الدولة طرفا فيها، فيما تقدمه من تسهيلات او خدمات او انتفاع بمرافقها واموالها. ومن ثم فإن وجود اقتراح بقانون يهدف الى قيام الدولة بشراء مديونيات بعض المواطنين ممن قاموا بالاقتراض او الحصول على تسهيلات وفقا لتقديراتهم وفي حدود امكاناتهم وفي ضوء ظروف متساوية مع اقرانهم من بقية المواطنين، وقبلوا ان يضعوا انفسهم موضع المدينيين للحصول على وضع او امتياز مالي او ترفيهي او اسكاني بهذه القروض او التسهيلات، دون ان يمتد القانون ليشمل كل المواطنين بأنواع قروضهم المختلفة، وكذلك غير المقترضين يعد اخلالا جسيما بالمبدأين الدستوريين السابقين. حيث ينهار مفهوم المساواة الدستوري في عدم جواز تمييز اي مواطن عن الآخر بأي حجج او مبررات آنية او ظرفية وكذلك استنادا الى قرارات ارادية تقوم على اسس تعاقدية محضة، مما يجعل مثل هذا الاقتراح بقانون بعيدا عن المنال الدستوري في تحقيق فكرة المساواة بين المواطنين. كما ان مثل هذه الفكرة تهدر مبدأ العدالة بصفة عامة والعدالة الاجتماعية بصفة خاصة ، حينما تفرد بعض المواطنين بهبة او بعطاء من قبل الدولة من الاموال العامة دون النظر الى حقيقة وجود نوع من التماثل الذي يعني وجود عدل بين الناس، او دون وجود اوضاع اضطرارية او اعسارية او استثنائية تجعل من التدخل التشريعي مبررا بالاستناد الى ايجاد نوع من التوازن في اوضاع عائلية او اجتماعية يمكن ان تنهار او تتهاوى اذا لم يتم اسعافها وانقاذها بتحرك اطاره نحو فكرة العدالة الاجتماعية التي تبنى على مبدأ الدور التكافلي والتضامني للمجتمع والدولة والشعب في تلافي الاضرار الحالة التي قد تلحق فئة من الشعب ان لم يتم تدارك ذلك بتطبيق صحيح لمبدأ العدالة الاجتماعية. 9
ثانياً: تعارض المقترحات ومبدأ العدالة الاجتماعية
ان فكرة العدالة الاجتماعية التي تبنى على مبدأ الدور التكافلي والتضامني للمجتمع والدولة والشعب في تلافي الاضرار الحالة التي قد تلحق فئة من الشعب ان لم يتم تدارك ذلك بتطبيق صحيح لمبدأ العدالة الاجتماعية. تعتبر مبررا دستوريا للتدخل من قبل الدولة لتحقيق فكرة التضامن والتكافل، بضوابطها وحدودها وقيودها الدستورية، اما التصدي لاوضاع مجموعة او فئة من المواطنين دون تحقق ذلك بالنسبة لهم فهو خروج على الدستور ومبدأ العدالة الاجتماعية، الذي اعتنقه الدستور وردده في ديباجته والمواد 8 و20 و 22 و24 و25 و48 وهي عبارة عن منظومة دستورية متكاملة، لا تتوافق والمقترحات المقدمة بلا قيود او ضوابط مع شرائطها ولا تحقق الحكمة او الابعاد الدستورية في تقريرها. 9
ثالثاً: المخالفة لواجب حفظ الاموال العامة وحمايتها المقررة في الدستور
تنص المادة 17 من الدستور على انه 'للاموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن' وتنص المادة 91 من الدستور على انه 'قبل ان يتولى عضو مجلس الامة اعماله في المجلس او لجانه يؤدي امام المجلس وفي جلسة علنية اليمين الاتية: اقسم بالله العظيم ان اكون مخلصا للوطن وللامير، وان احترم الدستور وقوانين الدولة، واذود عن حريات الشعب ومصالحه وامواله، واؤدي اعمالي بالامانة والصدق'. وقد وضع الدستور في هذه المواد الواجبات الدستورية الواقعة على كاهل كل عضو من اعضاء مجلس الامة من جهة، وكل مواطن من المواطنين من جهة اخرى، تجاه الاموال العامة والتي يجب الا تكون محلا للافراط فيها او التساهل في مواضع صرفها او ان تكون محلا او موضعا للاهدار او التبديد او العطاءات او الهبات التي ليس لها اي مبرر او سند منطقي ومشروع، ويدخل في ذلك ايضا حالة الانحراف التشريعي بتقديم مشروع قانون يسعى الى تحقيق منفعة مالية او عطاء على حساب الدولة لفئة او مجموعة من المواطنين على حساب البقية منهم. ولما كانت الاموال العامة موقوفة على المصلحة العامة وتسعى الى تحقيقها على اطلاقها دون استفادة البعض من المواطنين دون البعض الاخر، وهو واجب يلتزم به القائمون على السلطتين التشريعية والتنفيذية في آن واحد، فان خروجهم عن ذلك وعدم العمل بمقتضياته يعدان انحرافا في استخدام السلطة يشوب اعمالها بعدم المشروعية الدستورية، ويسم التشريع او القانون الذي يوضع خلافا لذلك فانه ضرب من ضروب الانحراف التشريعي والخروج عن الاختصاص المقرر دستوريا. 9
رابعاً: اخلال مقترحات شراء المديونيات بمبدأ العمومية والتجريد في التشريع
ان احد اهم المبادئ الاصولية من الناحية القانونية التي تحكم وتضبط آلية واجراءات وضع التشريعات قوانين كانت او لوائح، هو اتسام تلك التشريعات بصفتي العمومية والتجريد، بمعنى انها تكون عامة فيما تضعه من قواعد ومبادئ واحكام مجردة من الاوضاع والاحوال الخاصة، وان تكون من التجريد الذي يبتعد عن التفصيل الخاص للقانون لفئة معينة من الناس لتشمل جميع المواطنين او الاشخاص الذين يمتد حكمها اليهم، وتنطبق على اوضاعهم.اما اذا جاءت التشريعات مفصلة ومحددة لفئة معينة ينطبق عليها القانون دون غيرها من الفئات او من المجموعات، وان تكون هذه الفئة معروفة ومحددة بأشخاصها او ممكنة التحديد او الحصر فيما لو تم القيام بذلك، فان ذلك يعد اخلالا بالمبدأ الاصولي الذي ينفي عن القانون صفتي العموم والتجريد بما يجعله معتلا بعوار عدم الستورية لخروجه على تلك المبادئ والاصول. 9
خامساً: تعارض المقترحات ومبدأ سلطان الارادة والحرية الاقتصادية
اخذ الدستور الكويتي بمبادئ الملكية الفردية والحرية الاقتصادية في التعاملات التجارية والمالية للافراد، تماشيا مع مبدأ شرعي وقانوني مهم الا وهو العقد شريعة المتعاقدين، وهذا المبدأ يجسد فكرة سلطان الارادة الحرة للفرد فيما يدخل به من تعاقدات وفيما يقوم به من التزامات، بارادته واختياره، مع ما يترتب عليها من تحمله لكل الاثار الناتجة عن مثل هذا القرار وتلك الاختيارات، ومن ثم فان قيام الدولة بشراء المديونيات فيه الغاء للمبدأ الدستوري المهم والخاص بحرية التجارة وسلطان الارادة، ولا يمنع عدم دستورية هذا المسلك ان يصدر قانون بذلك من مجلس الامة حيث ان القانون في هذه الحالة مشوب بعيب عدم الدستورية لمخالفته للمبدأ المذكور. 9
أعتقد بأن ورقة التوت الآن قد سقطت عن هذه الإقتراحات التي تسعى الى نهب موارد الدولة و أموالها في منظر شبيه بما حدث للدوائر و الممتلكات العراقية التي نهبت من الغوغاء بعد سقوط نظام الطاغية الديكتاتوري. أيضاً سقوط ورقة التوت قد أعطى مثالاً جلياً على مساوئ الحياة الحزبية في الكويت حيث ستسعى الكتل في ظل العقلية البليدة التي تحكم الشارع الكويتي الى دغدغة عواطفه و الخروج عن مواد الدستور الكويتي (و هو ما نخشاه) و الإضرار بالمصالح الوطنية المشتركة من أجل الحصول على المكاسب الحزبية و الوصول الى سدة الحكم. و أرجو كل من يختلف مع هذا الرأي أن يتفضل و يدلي برأيه في هذا الشأن. مع العلم بأنني قد وعدت بالكتابة عن موضوع الحزبية إلا أنني لم أفي بوعدي هذا (من باب الكسل ليس إلا). و أعد مرة أخرى (؟؟) بأنني سأجتهد و أكتب عن هذا الموضوع في القريب العاجل لأوجز تحفظاتي على تقنين الأحزاب في الوقت الراهن. و لكنني أود الإشارة الى خطورة فتح هذا الباب في ظل الفوضى السياسية و الفكرية الحالية من غير تحصين المكتسبات الدستورية أولاً. 9 9
ختاماً .. قد يتساءل القارئ ، إن كنا نعترف بوجود المشكلة و لا نقر هذه الإقتراحات فما هو الحل؟
أقول لوضع حلول منطقية لأية مشكلة يجب أن ندرس الأسباب الجذرية و المؤسسية لها و أن لا نكتفي بالحلول المباشرة و الترقيعية. في هذه الحالة يجب علينا أن المسئولية تقع على ثلاثة أطراف : الأول هو الحكومة الرشيدة التي تهاونت في الرقابة و الرصد و تباطأت في إستغلال الفوائض لتحقيق مستويات رفاهية أفضل للمواطنين و التي عجزت أيضاً عن حل المشكلة الإسكانية. و الثاني هو تلك المؤسسات البنكية الجشعة التي تستهل إستغلال ضعف الرقابة الحكومية من خلال البنك المركزي و لا تكلف نفسها البحث عن أدوات إستثمارية جديدة تنمي بها مواردها بدلاً من توجيه سيولتها لخدمة الإقتراض الإستهلاكي المباشر. و الثالث هو المواطن الذي لا يعي نتيجة قراراته و التي غلبت على تصرفاته النزعة الإستهلاكية البعيدة عن العقل و المطالبة بإستمرار الإعتماد على موارد الدولة. 9
إذا حزمة الحلول يجب أن تكون موجهة تجاه هذه الأطراف الثلاث و التي أن أسرد رؤوس أقلامها دون التوغل في تفاصيلها التي من الممكن ان نناقشها في مواضيع منفصلة في وقت لاحق: 9
تشديد الرقابة على البنوك و محاسبة المخالفين
إلزام كافة الشركات و التي توفر خدمة التقسيط بالإلتحاق بنظام ساي نت
التنسيق بين البنك المركزي و وزارة التجارة و الصناعة حول منع محلات التجزئة من إقراض المواطنين بنظام الأقساط إلا بعد موافقة البنك المركزي و تطبيق نظام ساي نت
دراسة خفض الفائدة من قبل البنك المركزي (نقترح 1%)
إجراء مراجعة شاملة للرواتب و الأجور
التخفيف من الإجراءات القضائية المتعلقة بالمعسرين بهدف إخافة البنوك من عدم تمكينها من الضغط على المعسر بحيث تزداد كلفة المخاطر في هذه الحالة و توجه سيولة البنوك الى أدوات إستثمارية ذات نسبة مخاطر أقل. يذكر إن معظم الإجراءات و القيود التي تم وضعها من قبل البنك المركزي كان موجهة لحماية البنوك و ملاءتها المالية و لم تكن بغرض التقليل من مخاطر الإقتراض بالنسبة للجمهور
البدء فوراً في إستثمار الفوائض النفطية في السوق المحلي
الجدية في حل المشكلة الإسكانية عبر تحرير الأراضي من هيمنة الشركات النفطية و فرض ضرائب تصاعدية على ملاك الأراضي (أكثر من 5,000 متر مربع) و منع المضاربة على الأراضي من خلال منع بيع العقار إلا بعد إنقضاء فترة زمنية كما هو الحال لباقي دول مجلس التعاون
إنشاء محفظة المعسرين بالتعاون مع بيت الزكاة و لكن وفق شروط و ضوابط قاسية تمنع التلاعب كما حصل في مكرمة الشيخ سالم العلي
مراجعة الشروط التعاقدية بين البنوك و المقترضين و توحيدها بغرض تعميمها على الجميع لتحقيق مبادئ العدالة و الشفافية
إنشاء جمعيات لحماية المستهليكن يكون هدفها رصد المخالفات و متابعتها مع الجهات المختصة
ربما تكون هناك حلول أخرى و لكن هذا ما يحضرني في الوقت الحاضر. 9