Friday 29 February 2008

الكراديب لتركي الحمد

الكراديب هي الجزء الأخير من ثلاثية أطياف الأزقة المهجورة للكاتب السعودي تركي الحمد. و هي تتناول حياة الشاب السعودي هشام العابر في سجن الكراديب بجدة. بعد أن تم إلقاء القبض عليه لعضويته في حزب البعث عندما كان يعيش مع والديه في الدمام. و قبل أن ينتهي من دراسته الجامعية في علم الإقتصاد في الرياض. 9

الثلاثية كما أسلفت ، تتناول المحرمات الثلاث في المجتمع السعودي ، السياسة ، الجنس و الدين. في الجزء الأول (العدامة) عرفنا كيف إنتمى هشام الى حزب البعث رغم إنه أفكاره كانت خليطاً من الإشتراكية و الماركسية و القومية. و في الجزء الثاني (الشميسي) شاهدنا كيف تفتحت عيون هذا الشاب على ملذات الحياة كالجنس و الخمر و سهرات الشباب الصاخبة و كيف كان يتنازع قلبه هوى بنت الجيران نورة و مودة بنت خاله موضي و حب جارته المتزوجة سارة و إغواء الغانية رقية. 9
لكن في هذا الجزء ، و بعد إلقاء القبض على هشام ، يتم نقله الى جدة الى سجن مملوء بالمساجين السياسيين حيث يلتقي برفاقه في نفس التنظيم أو من تنظيمات أخرى كالأحزاب الشيوعية و الأخوان المسلمين. يتعرض هشام الى تعذيب نفسي و بدني من عقيد السجن و مساعده جلجل. و يمضي في حوار فلسفي حول الهدف من الحياة و أمور كالحتمية و القدر و العبث و العدم. يحاول هشام أن يعيد إكتشاف نفسه مستعيناً بحواراته مع أناسٍ ينتمون لمرجعيات مختلفة. 9
يطغى على هذا الجزء ، الجانب الفلسفي الذي هو أقرب الى الهلوسة. يستخدم الكاتب أسماء مفكرين و يقحم أسماءهم عنوة في النص دون أن يستعرض أفكار هؤلاء المفكرين و مدي إتفاقها أو تضادها. و أعتقد ان الكاتب هنا فقط أراد إستعراض عضلاته الفكرية و أن يؤكد أنه قرأ لجميع هؤلاء المفكرين و أستوعب نظرياتهم المختلفة. لذا فإن الجرعة المعرفية شبه منتفيه من الرواية و هي أقرب الى السيرة الذاتية للمؤلف الذي مر بنفس تجربة السجن في الستينيات. و يبدو أن الحوار الدائر في الرواية ماهي الى إستذكار لحوارات تركي الحمد مع نفسه في السجن. 9
الجزء الثالث ، رغم إنه يتناول مسألة جدلية هي الدين ، فإنه يبدو أضعف أجزاء الثلاثية و أسوأها. 9
هل سأقرأ مرة أخرى لتركي الحمد؟ لا أعتقد ذلك و لو إنه تم إهدائي كتابه " ريح الجنة" !! 9
Password : Tipsclub

Saturday 23 February 2008

لماذا انحرف قطار التنمية ؟ - الجزء الخامس عشر

الجزء الخامس عشر : في انحراف المسار الدستوري - الخلاصة و الحلول
أولاً : ان المادة 173 من الدستور كفلت لذوي الشأن وهم الافراد اللجوء الى المحكمة الدستورية في حين رفضت المادة الرابعة من القانون اللجوء بشكل مباشر ، واستثنت من ذلك حالة اللجوء عدم المباشر من خلال دفع جدي يثار من دعوى ومن ثم فإن القانون يكون مخالفا للدستور. 9

ثانياً : ان المادة 173 من الدستور تبنت من خلال النص الدستوري مبدأ مركزية الرقابة إذ أناطت للمحكمة الدستورية فقط البت بعدم الدستورية و لم يذكر النص الدستوري وجود جهتين للرقابة وهما المحكمة الدستورية ولجنة فحص الطعون ، لذلك لا بد من الاتساق مع النص الدستوري من خلال اللجوء الى المحكمة الدستورية فقط والغاء لجنة فحص الطعون. 9
ثالثاً : غالبية الاحكام التي تصدر تكون بالرفض من لجنة فحص الطعون ويعد حكمها نهائيا لا يجوز الطعن فيها ومن ثم لا يجوز الذهاب للمحكمة الدستورية حسب القانون ويترتب على ذلك ان مبدأ حق التقاضي المنصوص عليه في الدستور الذي يكفل لذوي الشأن اللجوء للمحكمة الدستوري يكون قد أهدر. 9
رابعاً : لجنة فحص الطعون التي يصدر منها حكما بعدم جدية الدفع بعدم الدستورية يصدر من دائرة من ثلاث مستشارين في حين ان الحكم الذي يصدر من المحكمة الدستورية يصدر من خمس مستشارين وفي ذلك اهدار لضمانة التقاضي للافراد خاصة وان الدفع يتعلق بعدم دستورية قانون. 9
خامساً : إعادة إختصاص النظر في عضوية و اهلية عضوية مجلس الأمة الى المجلس نفسه و ليس الى المحكمة الدستورية. فنفس الإختصاص المتعلق باهلية سمو الأمير منعقد لدى مجلس الأمة و ليس لدى المحكمة الدستورية. 9
سادساً : إعادة النظر في أسس تشكيل المحكمة الدستورية بحيث تشكل من 7 أعضاء مثلاً ، يختار مجلس القضاء الأعلى 3 منهم من خلال الإقتراع السري المباشر و يختار مجلس الأمة عضوية خبيرين و مجلس الوزراء خبيرين آخرين. بحيث تدرس جميع الآثار المتعلقة بأحكام هذه المحكمة دراسة شاملة و وافية و يتم تمثيل جميع السلطات من خلالها. 9
من هنا جاءت المطالبة بتعديل القانون الخاص بالمحكمة الدستورية. فقد تقدم السيد عبد العزيز المطوع في يونيو 1999،باقتراح بقانون يهدف لتعديل إجراءات رفع الدعاوى القضائية لدى المحكمة الدستورية بحيث يجيز التعديل لكل ذي شأن رفع الدعوى مباشرة للطعن بعدم دستورية قانون أو مرسوم أو لائحة. هذا و قد وافقت لجنة الشؤون التشريعية و القانونية على هذا الاقتراح و أحيل للمجلس. 9
و لكن المشروع لم ير النور !! 9
للأسف نحن لا نستطيع ابطال قانون انشاء المحكمة الدستورية لأننا سنذهب الى مقر المحكمة الدستورية (لجنة فحص الطعون وقبلها المحكمة الكلية) فمن المستحيل أن تقول في مبنى المحكمة الدستورية أن قانون انشاءها يعارض الدستور لأنها الخصم والحكم في هذه الحالة. لذلك فإن الطريق الأسلم و الأفضل هو أن يتقدم أعضاء مجلس الأمة بمشروع قانون جديد أو تعديل للقانون نفسه وأن يكون هذا القانون متوافقا مع الدستور علما بأنني أفضل الطريقة الاولى لأن في حالة ابطال هذا القانون يزال بأثر رجعي مع كل الاحكام السابقة اما في حالة تغييره فتظل الاحكام السابقة التعسفية. 9
أعتقد إن تعديل قانون المحكمة الدستورية هو مدخل جديد و أصيل للإصلاح يوازي في أهميته قانون تعديل الدوائر الإنتخابية و يعزز الحريات و يعود بالممارسة البرلمانية و التشريعية الى نصابها الصحيح. 9
قد يتحجج البعض بأن فتح الباب امام الجميع سيعيق عملية التشريع ، و لكن هذا امر مردود عليه ، فلا يستطيع أحدٌ تهويل عدد القوانين التي يقرها مجلس الأمة و التي ستتقدم على إثرها جماعات معينة بالطعن في دستوريتها ، فهي قوانين قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة كل سنة كل سنة. كما إن التأخير في التشريع من أجل توافقه مع مبادئ الدستور لهو أمر أفضل بمليون مرة من أن يلغى قانون بعد عشرات السنين لعدم دستورية بعد أن لحق ظلم ماحق بفئات مستضعفة طوال هذه السنين كما كان الحال بقانوني التجمعات و الإنتخابات (ألذي لم يسمح للمرأة بالتصويت). 9
هذا هو العنب الذي نريد ، فهل أنتم متفقين على هذا الأمر الدستوري يا ليبراليين و يا إسلاميين؟
هيا لنعيدها كما كانت ، دولة مدنية خالصة. 9
إنتهى بحمدلله. 9

Friday 22 February 2008

لماذا انحرف قطار التنمية ؟ - الجزء الرابع عشر

الجزء الرابع عشر : في اصلاح المسار الدستوري - تنقيح الدستور و إنحرافه من خلال المحكمة الدستورية

اما الاختصاص الثالث وهو تفسير مواد الدستور ، فهو طامة كبرى و أقحم عنوة في قانون إنشاء المحكمة و هو الاختصاص المشكلة الذي احدث مشكلة بين المحكمة الدستورية ومجلس الامة في مجلس 1985 وبينه وبين الفقه الدستوري في السنوات الاخيرة. 9
بحيث أصبحت المحكمة الدستورية تقوم بآلية التنقيح المبطن وبمجرد النظر الى أحكامها وخاصة عندما نظرت في موضوع السؤال البرلماني وقيدته بمنح أحقية للوزير بالجواب على الاسئلة دون الوثائق وبالتالي عدم وضوح الاجوبة وازدياد حقل الفساد في المتابعة في سياسته , فعند تقييد العملية الرقابية يزيد الفساد وهذه معادلة واضحة، كما إن الحكومة حاولت في غير مرة بان تمد تفسيرات المحكمة الدستورية لتشمل تفسير مواد الاستجواب والتحقيق البرلماني وأدعو الله الا تقوم المحكمة بتفيسرها فبالتأكيد ستقيّد هذه النصوص مثل ما قيدت السؤال البرلماني. 9
فليس للمحكمة تفسير ماهية السؤال البرلماني و ماهي ضوابطه ... فذلك جانب تنفيذي و ذو صبغة عملية بل يقتصر دورها على دستورية اللائحة الداخلية للمجلس فقط و مدى توافقها مع المواد الدستور. لذا فإن عملية تنقيح الدستور مشرعنة ، و للأسف ، من خلال قانون المحكمة الدستورية. 9
كما لا ننسى قرار المحكمة الدستورية في طلب التفسير رقم 1\1985 الذي يقضي بأن مشروعات القوانين التي تتقدم بها الحكومة الى مجلس الأمة لا يوقف اجراءاتها أو سقوطها انتهاء المجلس التشريعي لمجلس الامة بل تظل موجودة ومطروحة حتى يقرها المجلس أو يرفضها حتى لو في فصل تشريعي آخر على خلاف أعضاء مجلس الامة التي تسقط اقتراحاتهم بالقوانين بانتهاء الفصل التشريعي. 9
و للحديث بقية ،، 9

Thursday 21 February 2008

لماذا انحرف قطار التنمية ؟ - الجزء الثالث عشر

الجزء الثالث عشر : في إنحراف المسار الدستوري - الشبهات حول لجنة فحص الطعون
وقد اختار المشرع الكويتي طريقا أخر بان انشأ داخل المحكمة الدستورية من بين أعضائها لجنة اسماها " لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية " وشكلها من رئيس المحكمة واقدم اثنين من المستشارين ، وعهد إليها بالفصل في الطعون التي يرفعها ذوو الشأن من الإفراد الذي قدرت محاكم الموضوع عدم جدية ما أبدوه من دفوع. 9

تقول الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون إنشاء المحكمة "ويجوز لذوي الشأن الطعن في الحكم الصادر بعدم جدية الدفع وذلك لدي لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية في خلال شهر من صدور الحكم المذكور ، وتفصل اللجنة المذكورة في هذا الطعن علي وجه الاستعجال ". 9
ولجنة فحص الطعون إذ تختص بنظر هذه الطعون ، فأنها بذلك تحجب المحاكم من الدرجة الأعلى بالنسبة للمحكمة التي حكمت بعدم الجدية من النظر في هذه الطعون وهي بصدد النظر في استئناف مرفوع أمامها . والحقيقة أن لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية الكويتية أثارت بعض الجدل لدي دارسي الموضوع من أساتذة الحقوق في الكويت. 9
وقد آثار البعض شكوكا حول دستورية هذه اللجنة ، ذلك أن النص الدستوري لم يشر إليها ، وانما أنشأها قانون المحكمة ، كما أثير أيضا مدي اتفاق وجود هذه اللجنة ونهائية أحكامها وحجبها لكثير من القضايا من أن تصل إلى المحكمة الدستورية ، أثير أيضا مدي اتفاق ذلك مع مبدأ مركزية الرقابة الذي اخذ به الدستور عندما عهد إلى جهة واحدة دون غيرها برقابة دستورية القوانين. 9
والحقيقة أن هذه اللجنة قامت بدور واضح في عدم وصول كثير من القضايا التي لم تقبل المحاكم الموضوعية فيها جدية الدفوع إلى المحكمة الدستورية وذلك باتجاهها الغالب لتأييد محاكم الموضوع في رفض الدفوع واعتبارها غير جدية ، ويبدو أن لجنة فحص الطعون في كثير من الحالات تجاوزت أمر النظر السريعة إلى الدفع وذهبت إلى أن تصورت انها " محكمة دستورية من درجة أولى – وإن كان قرارها نهائيا – وتعرضت لدستورية النصوص المطعون فيها". 9
كما تنص المادة الاولى من القانون رقم 14/1973 على أن : تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح وفي الطعون الخاصة بانتخاب مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم ، ويكون حكم المحكمة الدستورية ملزماً للكافة وسائر المحاكم. وتبين المادة السابقة ان الاختصاص الثاني هو المتعلق بالطعون الخاصة بانتخاب اعضاء مجلس الامة و صحة عضويتهم . وهذا الاختصاص ليس اختصاص أصيل بل اختصاص عهدت به السلطة التشريعية للمحكمة الدستورية استنادا الى نص المادة 95 من الدستور والتي تنص على : يفصل مجلس الامة في صحة انتخاب اعضائه ، ولا يعتبر الانتخاب باطلا الا باغلبية الاعضاء الذين يتالف منهم المجلس ويجوز بقانون ان يعهد بهذا الاختصاص الى جهة قضائية . ظاهر النص يبين ان المختص بالفصل بالمسائل المتعلقة ببطلان عضوية مجلس الامة هو مجلس الامة واجاز المشرع الدستوري ان يعهد مجلس الامة لهيئة قضائية وهي المحكمة الدستورية وهذا ما جرى ، اذا اين المخالفة ؟
من خلال نص المادة 95 من الدستور يتبين ان الاختصاص منعقد فقط في صحة الانتخاب في ان المادة الاولى من قانون المحكمة الدستورية تحدثت عن اختصاصين هما صحة الانتخاب و صحة العضوية. 9
فصحة الانتخاب هي الطعون الانتخابية التي نعرفها جميعا وهي دائمة الاخذ بها في كل انتخابات وهي معروفة ولا تحتاج شرح. أما صحة العضوية هي ان يطرأ بعد فترة من الزمن على احد الاعضاء من فقد احد شروط الانتخاب كما لو يتضح ان جنسيته مزورة واسقطت عنه وهنا يتبين ان الدستور لم يتحدث عن هذه الحالة في حين ان المشرع اعطى هذه الصلاحية للمحكمة الدستورية ويترتب على ذلك ان المشرع اعطى ما لا يملك للمحكمة الدستورية. 9
لم يكن هناك مبرر لهذه اللجنة خاصة وان الطعون ليست كثيرة ، فعلي مدي سنوات طويلة – حوالي ثلاثين عاما – لم تفصل المحكمة الدستورية إلا في عدد محدود من القضايا منها كثير من المتشابهات التي يجري الحكم في واحدة منها علي كثير من القضايا المماثلة. 9
لذا فإننا ندعو الى تعديل القانون الخاص بالمحكمة الدستورية والغي هذه اللجنة التي لا سند لها في الدستور. 9
و للحديث بقية ،، 9

Wednesday 20 February 2008

لماذا انحرف قطار التنمية ؟ - الجزء الثاني عشر

الجزء الثاني عشر : في إصلاح المسار الدستوري - إختصاصات و طرق إنعقاد المحكمة الدستورية و سوء التطبيق

اختصاصات المحكمة الدستورية كما جاء في مرسوم القانون بإنشائها هي : 9
نص الدستور – م 173 – على أن المحكمة تختص في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح فحسب . ولكن الدستور أجاز لقانون إنشاء المحكمة أن يضيف إليها اختصاصات أخرى. وبالفعل فانه وفقا للمادة الأولى من قانون إنشاء المحكمة ، فأنها تختص بالتالي: 9
أولاً : بتفسير النصوص الدستورية
ثانياً : الفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح
ثالثاً الفصل في الطعون الانتخابية الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة
رابعاً : الفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الأمة
و ترفع المنازعات الى المحكمة الدستورية باحدى الطريقتين التاليتين : 9
الأولى - بطلب من مجلس الامة او من مجلس الوزراء. 9
الثانية - اذا رات احدى المحاكم اثناء نظر قضية من القضايا سواء من تلقاء نفسها او بناء على دفع جدي تقدم به احد اطراف النزاع , ان الفصل في الدعوة يتوقف على الفصل في دستورية قانون او مرسوم بقانون او لائحة توقف نظرا لقضية وتحيل الامر الى المحكمة الدستورية للفصل فيه . 9

ويجوز لذوي الشان الطعن في الحكم الصادر بعدم جدية الدفع وذلك لدى لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية في خلال شهر من صدور الحكم المذكور وتفصل اللجنة المذكورة في هذا الطعن على وجه الاستعجال. 9
لذا فأننا نرى بأن المشرع الكويتي قد اختار أن يكون انعقاد الاختصاص للمحكمة الدستورية حينا بطريق الدعوى الأصلية وحينا أخر بطريق الدفع . أما طريق الدعوى الأصلية ، فقد أباحه المشرع لإحدى جهتين : مجلس الأمة أو مجلس الوزراء ، وهذا يعني أن الحكومة تستطيع أن ترفع دعوي دستورية أصلية ومباشرة أمام المحكمة الدستورية طاعنة في قانون أصدره مجلس الأمة حتى رغم موافقة الأمير عليه. 9
كذلك ومن ناحية أخرى ، فان القانون أعطى مجلس الأمة الحق في رفع دعوي دستورية مباشرة أمام المحكمة الدستورية طاعنة في قانون أصدره مجلس الأمة حتى رغم موافقة الأمير عليه. كذلك ومن ناحية أخرى، فان القانون أعطى مجلس الأمة الحق في رفع دعوي دستورية مباشرة أمام المحكمة ، ولكن للطعن في ماذا ؟ هل لنا أن تتصور بأن يطعن مجلس الأمة بعدم دستورية قانون قام هو بإقراره ، ثم صدره الأمير؟
من الصعب تصور ذلك ، ولو أن القانون أباح لعدد محدود من أعضاء المجلس الحق في هذا الطعن المباشر لتصورنا أن الأقلية التي لم توافق علي القانون يكون من حقها الطعن بعدم دستوريته ، ولكن هذا الفرض غير وارد حيث أن النص يقول ، إن الطعن يتم " بطلب من مجلس الأمة " وليس بطلب من عضو أو عدد من أعضائه ، ومفهوم هذا أن المجلس – بصفته – هو الذي يتقدم بطلب الحكم بعدم الدستورية ، والمتصور والحالة هكذا أن يقتصر هذا الحق علي الطعن في المراسيم بقوانين وفي اللوائح. 9
أما طريق الدفع ، فقد أعطاها المشرع لإفراد الناس الذين يتقاضون أمام المحاكم ويقدرون أن أقضيتهم سيطبق عليها قانون أو نص في قانون يرون انه مخالف للدستور فيقومون بالدفع أمام المحكمة التي تنظر الموضوع بعدم دستورية نص القانون أو المرسوم أو اللائحة المقصود تطبيقه عليهم. وهذا الدفع يخضع لتقدير محكمة الموضوع ، فان هي قدرت أن الدفع جدي أوقفت نظر القضية وأحالت الأمر إلى المحكمة الدستورية للفصل فيه. وهناك وسيلة أخرى لعقد اختصاص المحكمة الدستورية وهي طريقة الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية من تلقاء نفسها – أي محكمة الموضوع – إذا غم عليها الأمر وتشككت في دستورية قانون أو نص في قانون أو مرسوم أو لائحة يراد منها تطبيقه علي موضوع النزاع وتستشعر المحكمة أو تتشكك في أن النص غير دستوري ، عندئذ تحيل محكمة الموضوع الأمر إلى المحكمة الدستورية صاحبة الاختصاص وحدها في الفصل في المنازعات الدستورية. ولكن ، ماذا إذا قررت محكمة الموضوع التي دفع أحد الأطراف أمامها بعدم دستورية نص أن هذا الدفع غير جدي ولم تستجب له ولم تفحل الأمر إلى المحكمة الدستورية ، هل ينتهي الأمر عند هذا الحد؟
مثل هذا القصور في القانون الحالي هو ما أعاق الطعن في قوانين غير دستورية كثيرة كقانون الإنتخابات القديم و الذي حرم المرأة من حقوقها السياسية في الإنتخاب و الترشيح رغم المحاولات المتعددة و التي دامت لأكثر من عقدين من الزمان. 9
و للحديث بقية ،، 9

Tuesday 19 February 2008

لماذا انحرف قطار التنمية ؟ - الجزء الحادي عشر

الجزء الحادي عشر : في إصلاح المسار الدستوري - إنشاء الدستور و الخلل الذي إعترى الممارسة الدستورية بعد وفاة عبدالله السالم
إشتمل الدستور الكويتي على رؤية شاملة لمستقبل و نظام دولة الكويت الحديثة. و هي دولة مدنية قوامها الدستور و نظام الحكم فيه ديمقراطي و السيادة هي للامة مصدر السلطات جميعها. يقوم هذا النظام على فصل السلطات الثلاث: التنفيذية و التشريعية و القضائية. و حوت مواد الدستور مواد مهمة تتعلق بحرية المعتقد و النشر و الرأي و أبرزت دعامات المجتمع و مصادر التشريع فيه و بينت كذلك حقوق و واجبات المواطنين و المقيمين. 9

من المعلوم بان الدستور تم تطويره من خلال لجنة خاصة في المجلس التأسيسي عملت على مناقشة هذه الرؤية و رفعت المشروع الى المجلس الذي قرر الموافقة على ما جاء في هذا المشروع من اللجنة بعد إن إمتنع وراء الأسرة الحاكمة من التصويت عليه بأمر مباشر من الشيخ عبدالله السالم رحمة الله و رضوانه عليه. النقطة التي أود إستخلاصها هنا ان هناك من في الأسرة الحاكمة من لم يقتنع تماماً بالمبادئ الواردة في الدستور. 9
في ذلك الحين إستعانت الكويت بخبرات دستورية عربية هي السيد عبدالمحسن حافظ الذي تم إستدعائه بطلب شخصي من الشيخ عبدالله السالم الى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. و البعض يعتقد بأن الخبير الدستوري عبدالرزاق السنهوري قد شارك في وضع الدستور الكويتي إلا إن هذا الأمر يعد خطئاً تاريخياً كبيراً. حيث إنه شارك في وضع القوانين الرئيسية التي اعقبت إقرار الدستور و التي بينت ملامح الدولة الجديدة كدولة مدنية تستند على القوانين. لكن هناك قوانين كثيرة لم تصدر في تلك الفترة الواقعة بين 1962 و 1965 أي وفاة الشيخ عبدالله السالم. فبعد تلك الفترة شهدت البلاد محاولة لطمس آثار أبو الدستور و إنجازاته ، تلتها واقعة تزوير الإنتخابات في سنة 1967 و تخريب التركيبة السكانية و إقرار قوانين كثيرة معيبة كقانون الوظائف العامة و قانون التجمعات و قانون إنشاء المحكمة الدستورية. 9
و قد نصت المادة 173 من الدستور على : 9
يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح، ويبين صلاحياتها والاجراءات التي تتبعها. ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوى الشان في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية القوانين واللوائح. وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون او لائحة يعتبر كان لم يكن. 9
و ننوه أن الدستور إستخدم كلمة جهة بدلاً من محكمة و لكن أسبغ عليها الصفة القضائية و بين حق ذوي الشان أي كل من يتأثر بهذه القوانين في الطعن لدى هذه الجهة. كما إن الدستور اختار أن يجعل الرقابة مركزية في يد هذه الجهة وحدها دون غيرها . ورغم أن الدستور الكويتي قد صدر في 11 نوفمبر 1962 م . فان قانون إنشاء المحمكة الدستورية قد تأخر عن ذلك أحد عشر عاما و هو ما يثير الريبة و التشكك ، حيث صدر القانون رقم 14 لسنة 1973 م بإنشاء المحكمة الدستورية في 9 يونيو لسنة 1973. 9
وقد نصت المادة الأولى من ذلك القانون علي أن " . . تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح وفي الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم ، ويكون حكم المحكمة الدستورية ملزما للكافة ولسائر المحاكم " . 9
ويلاحظ أيضاً أن قانون الإنشاء اتجه إلى صيغة " المحكمة " وليس " الجهة " كما عبر الدستور ، وفي تقديري أن الدستور عندما اختار لفظ " جهة قضائية " ، كان يقصد إلى أن لا يقتصر تشكيل المحكمة علي القضاة وحدهم وانما أجاز الدستور أن تشارك الحكومة ومجلس الأمة في اختيار أعضاء المحكمة أو بعضهم ومع ذلك فان اتجاه القانون إلى " المحكمة " في بلاد مثل بلادنا قد يكون اكثر معقولية واكثر تحقيقا للحيدة . وتؤلف المحكمة الدستورية من خمسة مستشارين يختارهم مجلس القضاء بالاقتراع السري كما يختار عضوين احتياطيين ، ويشترط أن يكونوا من الكويتيين ويصدر بتعيينهم مرسوم . 9
ويفهم من نصوص قانون المحكمة الدستورية أن هؤلاء المستشارين الخمسة ليسوا متفرغين تماما لعملهم في المحكمة الدستورية ، وانما هم يقومون بوظيفتهم الدستورية إلى جوار عملهم الأصلي باعتبارهم أعضاء بدائرة التمييز أو محكمة الاستئناف . 9

وهكذا ، فان الأصل في مستشاري المحكمة الدستورية انهم – أصلا – مستشار في دائرة التمييز أو في محكمة الاستئناف ، وان مجلس القضاء يختارهم للقيام بوظيفة الرقابة القضائية الدستورية وسائر الاختصاصات الأخرى التي جاءت في القانون إلى جوار عملهم في القضاء العادي سواء في الاستئناف أو النقض . 9
و للحديث بقية ،، 9

Monday 18 February 2008

لماذا انحرف قطار التنمية ؟ - الجزء العاشر

الجزء العاشر : في إصلاح المسار الدستوري - المقدمة و التمهيد
تناولنا في حلقات سابقة قضايا سياسية و إقتصادية من شأنها أن تدفع بعجلة التنمية من جديد. موضوع هذه الحلقة سيكون تشريعياً و قانونياً. و هو إصلاح الإعوجاج القانوني الحاصل اليوم من خلال تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية. علماً بأن هناك جانب قانوني و هو الفراغات القانونية و التي تسمح بإنتهاك الحريات و هو ما سأتناوله في موضوع آخر مستقبلي. سأناقش هذه القضية على ستة أجزاء منفصلة . و نظراً لطول الموضوع ستنشر الأجزاء تباعاً بصورة يومية على أن يمكنكم التعليق متى ما شئتم. علماً بأن بعض أجزاء هذا الموضوع هي حصيلة مناقشاتي مع بعض الزملاء لدراسة قانونية للأستاذ يحي الجمل. 9
ستناقش هذه الحلقات النقاط التالية : 9
المقدمة و التمهيد
إنشاء الدستور و الخلل الذي إعترى الممارسة الدستورية بعد وفاة عبدالله السالم
إختصاصات و طرق إنعقاد المحكمة الدستورية و سوء التطبيق
الشبهات حول لجنة فحص الطعون
تنقيح الدستور و إنحرافه من خلال المحكمة الدستورية
الخلاصة و الحلول
و قد احتل القانون المقدم من السيد على الراشد و رفاقه على قانون تنظيم التعليم العالي و الأحكام الواردة فيه بما يخص منع الإختلاط مساحة كبيرة في النقاشات اليومية و أثارت جدلاً كبيراً. أنا أعتقد بان كلا الطرفان (مؤيدي التعديل و مناوئيه) مخطئان بطريقة الطرح و تناولهما للموضوع التي تبدو و كأنها محاولة لفرض القناعات و الأفكار الخاصة لكل فريق و محاولة تغليبها على الفريق المنافس. أعتقد بان ليست هذه الديمقراطية و ليس هذه الدولة المدنية التي نبتغي. حينما ينعت طرفاً الآخر بأنه متخلف و ظلامي و يرد الطرف الآخر عليه بأنه ديوث و أنه يدعو للرذيلة و الفساد الأخلاقي و يستشهد بفتاوى معلبة مللنا من سماعها في كل مناسبة و تفصل على مقاس الموضوع المراد تحويره. إذا ما هي مرجعية الدولة المدنية؟
عندما نقول بمدنية الدولة فإننا نعني بأن الدولة تستند على نصوص قانونية يجب أن تطبق بحذافيرها (إلا إذا عدلت). هذه النصوص تستند على مبادئ مهمة واردة في الدستور وجب على الجميع إحترامها. فالدولة تطبيق القانون المدني لا القانون العسكري و لا القبلي و لا الديني. هذا كان خيار الكويتيون و ما يزال ، و من لديه غير هذا القول فليفصح عنه. هذه النقطة مفصلية و وجب على الحركات و التكتلات السياسية المحلية التي تدعي إلتزامها بدستور عبدالله السالم أن تؤيد هذه القضية إلا إن كانت ترى بخلاف ذلك. 9
ليست هناك دولة مدنية قوية بدون شعب قوي يتابع حقوقه وحرياته و في هذا الجانب استغرب صمت بعض التيارات السياسية التي لا تعرف الا كلمتين (نبي اصلاح ومانبي فساد) فالاصلاح والفساد يبدأ بقوانين قوية وبمتابعة أقوى لتطبيق هذه القوانين. كما إن الشعب القوي يخلق جمعيات ونقابات وحركات قويه الذين بدورهم يخلقون برلماناً قوياً للمطالبه بالحقوق المسلوبهو المحافظة عليها من خلال لتعديل القوانين التي تشوبها الشوائب.ولكن نحن في الكويت الشعب يعيش فتره من الخمول السياسي ونتائجها واضحه في عدم وجود جمعيات ونقابات او احزاب قويه وفاعله سياسياً فلذلك لانجد برلمان قوي يطالب بالحقوق وتعديل القوانين. السلسلة يجب ان تكون متكامله وبدايتها تكون بوعي وثقافة الشعب. 9
للأسف الطعن بدستورية قانون منع الإختلاط غير وارد في ظل الوضع المعيب الذي نعيشه حالياً من خلال القانون الحالي للمحكمة الدستورية (و هو ما سنشرحه من خلال الموضوع). و كحال أي نظام ، يجب أن تكون هناك آليات للمراجعة و التعديل تضمن لبتطور في الإداء و حسن الممارسة و صحتها. و المحكمة الدستورية هي أحد هذه الآليات التي تحفظ للأفراد و الجماعات حقوقهم الدستورية و تؤكد على تطابق القوانين مع ما إبتغاه الآباء المؤسسون للدستور. لكن المحكمة الدستورية في الكويت مازال دورها محدوداً وغير مؤثر ، بل إن كثيراً من الخبراء القانونيين لا ينظرون إلى أحكامها نظرة الرضا والقناعة. 9
قانون المحكمة الدستورية لم يقر إلا في سنة 1973 ، أي بعد الردة على الدستور و وفاة أبو الإستقلال الشيخ عبدالله السالم الصباح و وضوح رغبة السلطة في العودة عن المبادئ التي أصلها الدستور. جاء القانون المرتقب ، للأسف مخالفاً للنصوص الدستورية و روحها. و بعيداً عن التنظير فإن التجربة الديمقراطية أثبت بما لا يدع للشك خلل هذا القانون و عيوبه فلم تعرض قضايا كثيرة على هذه المحكمة منذ إنشائها و كان دورها محدوداً جداً في النظر في دستورية القوانين و أنيطت بها مهام لم ترد في الدستور مما أثار جدلاً كبيراً و كان ينظر لهذه المحكمة بغير عين الرضا. 9
لذا سنناقش هنا دستورية قانون إنشاء المحكمة الدستورية عوضاً عن بحث دستورية قانون منع الإختلاط. لأن العنب الذي نريده هو إيجاد آليات تعديل تسمح بالعودة الى الدولة المدنية و تعزيز هوامش الحرية في كل المجالات بإطار قانوني لا يعتمد على الرغبات و المعتقدات الخاصة للأفراد و النخب ، بل يعتمد على قوة القانون و مبادئ الدولة المدنية فحسب. و هناك الكثير من القوانين غير الدستورية المعيبة غير قانون منع الإختلاط كقانون المحكمة الادارية، حيث اعطاها المشرع اختصاصا حصريا لا تدخل ضمنه طعون الجنسية والاقامة وانشاء دور العبادة، و قيد حرية التقاضي في هذه الخصوصية، وايضا قانون جمعيات النفع العام، حيث هو نقيض لما هو في الدستور والاصل في الترخيص للجمعيات والقانون يقضي بسحب الترخيص والغائه وهذا غير دستوري، و غيرهم قانون الأحكام العرفية و قانون حماية المال العام و قانون المطبوعات و النشر و قانون الزكاة و قانون الجنسية و قانون القضاء و قوانين الوظيفة العامة و قانون الجزاء و الإجراءات الجزائية المرتبط هبه و قانون إيجار العقارات و قانون تنظيم مهنة المحاماة . 9
إذاً فإن المعركة طويلة و لا تقتصر على قانون منع الإختلاط فحسب. ما نود بحثه هو آلية تعديل هذه القوانين بحيث نضمن عدم إنتهاكها لأي من مواد الدستور. فعلى الله توكلنا. 9

للحديث بقية ،، 9

Saturday 16 February 2008

لماذا ندعو الى الغاء قانون منع الإختلاط؟

هذا السؤال الذي تحاول جماعات التكسب السياسي الإجابة عنه بطريقتها الخاصة. التعليم المشترك أصبح بنظرهم دعوة الى التحلل و الفساد الأخلاقي. بل سيؤدي الى مزيد من اللقطاء و أطفال السفاح و الأمراض الجنسية!! بل هناك من قارنه بشرب الخمر و الدعوة الى البغاء !! 9
لكن هل هذا هو فعلاً ما ندعو اليه؟

أين درسنا نحن؟ و في ظل أي تعليم؟ و أين تعمل نساؤنا و نساؤكم؟ و أين نتسوق؟ و في أي مطاعم نأكل و الى أية مرافق ترفيهية نذهب؟ هل أصبحت لقيطاً بين يوم و ليلة و أنشر الأمراض الجنسية؟ طبعاً لن أرد الشتيمة بالمثل ، فهذا أسلوب أحاول أن أتخلى عنه قدر المستطاع. و لكنني أحببت فقط أن أفضح من يحاول أن يصور نفسه على إنه داعية الأخلاق الحميدة. 9
أردت ان أفضح تلك التيارات التي تقول بأنها دستورية و هي تستبيح الدستور في كل لحظة و في كل ثانية كما فعلت تماماً في ستة و سبعين. التي تقول بانها إسلامية و هي تشتم و تسب و تطعن بأخلاق الجميع و كأن رداء العفة مقصورٌ عليها و هي من تبيع مبادئها في أسواق النخاسة السياسية. 9
و لا أدري لم تطال هذه النظرة النساء دوناً عن الرجال !! أليس الإختلاط محرماً عند الرجال كما هو محرمٌ لدى النساء؟ ماذا عن أبناءكم الدارسين في الخارج؟ و العاملين في مؤسسات الدولة و الذين يسافرون في دورات تدريبية الى الخارج؟ كيف يجلس محمد العليم و أحمد باقر مع نورية الصبيح؟ ألم تروا إبتسامة محمد البصيري الساحرة في حفل إفتتاح قناة العفن و هل يستمع لأغاني و يرى تمايلات شمس الكويتية؟
لكن الى الآن لم نجاوب على السؤال؟ لماذا ندعو الى الغاء قانون منع الإختلاط؟
قطعاً ليس للأسباب التي تحاول أن تصورها لكم هذه الفئة الكاذبة. 9
البعض أبرز فوائد التعليم المشترك على بناء شخصية الفرد و تهيئته للعيش مع باقي زملائه و زميلاته؟ و لكن هذا الأمر قد يستحمل الجدال و النقاش و البعض يقول أنه لهذا الأمر فوائد و لكن مضاره أكبر. لذا يجب أن تقاس الأمور أولاً. 9
الآخرون نوّهوا الى الكلفة العالية التي ستتحملها الدولة بسبب تطبيق القانون. فنحن سنحتاج الى فصلين بدلاً من فصل. و الى مدرسين بدلاً من مدرس و الى جهازين بدلاً من جهاز. لذا فإن الدراسات تشير الى أن الكويت في سلم الإنفاق على التعليم، تأتي في المرتبة الحادية عشرة وهي مرتبة متقدمة نسبيا، أما المؤشرات الأخرى مثل درجة تدريب الكوادر ففي المرتبة الثامنة والأربعين، وجودة كليات الإدارة في المرتبة التاسعة والستين، و من بين أرقام أخرى كلها تقود إلى نتيجة واحدة، هي خلل هائل بين الإنفاق على التعليم وبين جودة المنتج، وارتفاع الإنفاق يأتي في جزء منه نتيجة تبذير الموارد، ومنها الإنفاق مرتين على المجال التعليمي نفسه عند النساء والرجال. و لكن الفوائض المالية رهيبة و لا يجب أن نقصر على أنفسنا في أية قضية تنموية ، و لا توجد قضية تنموية أهم من التعليم فاٌستثمار الصحيح يكون بالإنسان لا بالشوارع و المباني.
9
نحن ندعو الى الغاء هذا القانون لأنه يفرض وصاية على الآخرين. الدستور الكويتي نادى بحرية الإعتقاد و حرية الممارسة. من يظن بأن الإختلاط غير محبذ بين الجنسين في مراحل عمرية معينة (و أنا منهم) لا يجوز أن يفرض رأيه هذا على باقى أفراد المجتمع. و إلا لفُرِضَ الحجاب قسراً و غصباً على الجميع أيضاً. و من ثم العباءة ، و النقاب. و لدُرّسَت نصوص هذه التيارات التي لا نعتقد بصحتها في المدارس ، و سيس المجتمع و إنغلق كما هو الحال في البلدان المجاورة. 9

لمن يدعي بأنه لديه رؤية تعليمية ، نقول له أفصح عنها ! لماذا تناقشها مع الوزيرة خلف الأبواب المغلقة؟ هل رؤيتكم أن يكون حال التعليم كما هو موجود في المملكة العربية السعودية؟ رأينا دولتين هما المملكة العربية السعودية و الجمهورية الإسلامية الإيرانية تفرضان نفس قيمكم الخاصة التي تحاولون فرضها في الكويت على الجميع. و لكننا لم نرى بأنهم إنقلبوا الى مجتمعات ملائكية !! بالعكس أنا أدعي و أفخر بأن حالنا الإجتماعي أفضل منهم بكثير و لا داعي للتفصيل في هذا المجال. 9
نحن من نمتلك الرؤية. نحن من يحافظ على المبدأ. نحن من يلتزم الدستور. لا حركتكم الخائنة للدستور. التي لا تحترم الديمقراطية و لا تقيم لها وزناً. أين كلامكم المعسول عن لا دينية الدولة كفوا عن زج فتاوي عوير و زوير المسيسة حتى النخاع في كل قضية كما حصل في إسقاط القروض و ولاية المرأة !! 9
هذا هو المحك ، نحن نقول بعدم دستورية هذه القانون و انه ينتهك مبادئ مهمة أكد عليها الدستور في مواده 7 و 30 ، فإلى المحكمة الدستورية يجب أن نحتكم. ليقدم طلباً مشتركاً بإحالة هذا القانون الى المحكمة الدستورية و ليفصل فيه القضاء العالي. 9
متى سمحت للغير بأن ينتهك خصوصية و حرية و حقوق جيراني ، فيجب أن أعلم فوراً بأن نفس الإنتهاكات ستطالني يوماً. لذا فإن الدفاع ليست عن حقوقهم ، بل هي عن حقوقي و حقوقكم و حقوق كل من في هذا المجتمع. 9
ما يحدث اليوم هو فرضُ بعض القوى الإجتماعية المحافظة لقناعاتها التربوية و الإجتماعية على المجتمع. و هذا الفرض ليس ديمقراطياً لأنه ينتهك الدستور و ينتهك حقوق الآخرين و لا يستند على أي أساس ديني بغير فتاوى وعاظ السلاطين المعلبة. 9
الموقف من هذه القضية أمر مفصلي. إما هي مدنية الدولة الديمقراطية و سيادة القانون و إما فوضى الغاب الداروينية. 9
الحل؟ لنحتكم الى قانون القوانين ، دستور عبدالله السالم. 9
إصدقوا فيما تقولون و لو لمرّة !! 9

Friday 15 February 2008

في منع منع الإختلاط ، على نفس النقطة نقف

تنويه : ليس هذا هو الموضوع الذي سبق و نوهت بأنني بصدد كتابه لشرح أسباب رفضي لقانون منع الإختلاط. بل هو تأكيد للزميل حمد بأننا نقف نفس الموقف العقلاني كما شرحه في موضوعه نحن هنا ،، عند هذه النقطة ! 9
سأتناول قضية إلغاء قانون منع الإختلاط من منظور آخر و يشير إليه بعض الزملاء بأن القضية أكبر من إلغاء قانون الإختلاط. نعم بعد أن ارتفعت أصوات (لا تقف ضد الغاء القانون) و لكنها تنتقد الطرح و التوقيت ، برزت التبريرات بأن ما يحدث هو حشد لقوى المجتمع من أجل نصرة الدولة المدنية ضد الدينية. 9

جميلة هي الدعوى و نحن معها قلباً و قالباً ، و لكن هل هذا فعلاً ما يجري؟ ألم يكن من الأفضل أن تطرح القضية بصورة شمولية على إنها العودة للدولة المدنية و تنظيف الساحة من الممارسات التي شابت العملية السياسية و أثرت في الساحات التربوية و الإجتماعية و الفكرية ، بدلاً من أن تطرح محصورة في قضية خلافية سيستغلها حزب الإنتهاز على تصويرها بأنها دعوى للإنحطاط الأخلاقي و نشر الأمراض الجنسية و دعوةٌ خالصة للفساد؟ أظن بأن هذا الطرح كان سيعطي زخماً أكبر لهذا التحرك و كانت ستتنضم العديد من القوى المحافظة الى مجموعة المطالبين بمثل هذا الأمر و كنا سنكسب الكثيرين و سنرغم الجميع بمن فيهم الإسلاميين على ركوب هذه الموجة تماماً كما حدث في نبيها خمس. 9
الشئ الآخر ، هل عرفنا حجم و حدود المطالبة بالدولة المدنية؟ ما هي مطالبنا تحديداً؟ و ما هي وسائلنا؟ أنا أمتلك تصوراً ، و أنت تملك تصوراً و غيرنا يمتلك تصوراً آخر. لذا فمن يقول بأن التحرك هدفه أشمل من قضية إلغاء قانون منع الإختلاط فهو مخطئ ، لأن ليس هذا ما حدث ، و ليس هناك أفكار محددة و واضحة لمثل هذا الأمر ، بل هي مجرد تبريرات يود البعض ايرادها دفاعاً عن التخبط الذي نعيشه.9
إن أي محاولة لتحليل و فهم الأمر يجب أن يرتكز على حقائق ثابتة على أرض الواقع و هي : 9
القضية أثيرت بعد أن كشفت حدس عن وعود الوزيرة الصبيح لها بالإلتزام بتطبيق قانون منع الإختلاط. بل تعدى هذا الشئ الى أستصدار قرار وزاري قبيل جلسة طرح الثقة يقضي بأن يطبق القانون على الجامعات الخاصة أيضاً ، و ربما جميع المراحل العمرية في المدارس الخاصة أيضاً. 9
من المفارقات المضحكة و التي تبين مقدار السذاجة ، أن تحتفي نفس الجمعية النسائية بوزيرة التربية بعد عبورها للإستجواب بعد أن التزمت بتطبيق القانون و أكثر كما بينا في النقطة السابقة. ثم تأتي بعد أيام لتقيم مهرجاناً جماهيرياً عاطفياً لتهاجم ذات القانون الذي كان ثمن مقعد الوزيرة!! أي ضحك على الذقون هذا. 9
قانون منع الإختلاط ما كان ليأتي لو إستقال أحمد الربعي من منصبه كوزير للتربية. هذا الأمر كان سيرفع الحرج عن الحكومة التي صوتت على مضض حمايةً لبو قتيبة المغوار. و كان يمكنها رد القانون فيما بعد لتجبر المجلس على التصويت و الإحتكام الى أغلبية خاصة لم تكن متوفره للإسلاميين آنذاك. الحكومة مررت ما هو أدهى من قانون الإختلاط و هو قانون الحقوق السياسية للمرأة غصباً عن خشم الإسلاميين و كان بإمكانها أن تفعل المثل مع قانون منع الإختلاط. لكن كرسي بو قتيبة كان في مهب الريح. اليوم كرسي نورية في مهب الريح ، و يا لسخرية الأقدار. 9
المشروع لن يمر في المجلس الحالي. لن يمر ! هذه حقيقة على أرض الواقع !! شاء من شاء و أبى من ابى. نظرة بسيطة الى أسماء أعضاء اللجنتين التعليمية و التشريعية و ستعرف الجواب مقدماً ، خصوصاً و أن لم يؤيد القانون إلا مؤيديه حتى الآن. يعني ثلاثة أصوات بالتمام و الكمال. 9
أنا لن أغوص في النيات و لكن سأقدم للزملاء و الزميلات هذه الحقائق الثابتة و أتركها لعقولكم حتى تحكموا بأنفسكم. إما عن نفسي فقد وصلت للأمور التالية التي بت شبه مقتنعٌ بها و هي : 9
المشروع بطرحه و توقيته السيئ قد قسم الشارع تماماً. مما سيلغي إحتمال الإتفاق على قضايا مصيرية تنموية ، منها على سبيل المثال قانون الأحزاب المقدم من السيد علي الراشد ما غيره!! يا لخسارة وقتنا. فعلاً تخبط ما وراه تخبط و ضياع تام في الأولويات من أجل تسجيل موقف في قضية خاسرة. 9
إحتمالات تعديل قانون المحكمة الدستورية تتضاءل الآن. لأن متى ما قدم المشروع الموجود في أدراج المجلس منذ يونيو 2003 بعد موافقة اللجنة التشريعية عليه و لكنه لم يناقش في المجلس أبداً !! فإن القوى الإسلامية ستراه بعين الريبة على إنه محاولة لإلغاء قانون منع الإختلاط و ستحشد الشارع ضده. بينما المفترض أن يكون مدخلاً أصيلاً و جديداً للإصلاح السياسي و يعزز هوامش الحريات و يكون رافداً للممارسة السياسية الصحيحة المستندة على دستور 1962. 9
القوى الليبرالية أججت مشاعر الشباب و أيقظت الروح فيهم بعد أن عانوا من الوصاية الفكرية و بات الجميع ينتظر عودة الجيداي. للأسف أرى الخسارة منذ الآن و أرى آثارها المدمرة على جهود و طاقات الشباب التي كان يجب أن تستثمر بطريقة أفضل. التيار الليبرالي لا يريد أن يجاهد و يكافح و ينشر فكره. لا يريد مخاطبة الآخرين. ما رأيناه هو أنه يخاطب مريديه ممن يعتقدون بصوابية رأيه حول هذه القضية. و لكنه لم يحاول كسب صوت واحد إضافي. و البعض يعتقد ساذجاً و للأسف ، بأن هذا يكفي. للأسف هذا لا يكفي. يجب علينا التمهيد جيداً لمثل هذه القضايا. يجب علينا التحرك بذكاء ، و فق خطط مدروسة و أهداف مرحلية واضحة و معلنة للجميع. و ليست ردة فعل أو تسجيل موقف ، سرعان ما ستخمد و ستترك الساحة فارغة أمام التيار المنافس. 9
الخسارة المحتمة لن تثبط عزائم الشباب فحسب ، و لكنها ستعطي شرعية و زخماً شعبياً للتيار الإسلامي في هذه القضية و ربما ستغريه بمزيد من التمدد الأفقي و العمودي في مطالبه غير الديمقراطية. 9
قانون منع الإختلاط ينتهك الحرية الشخصية. ينتهك مواد الدستور. ينتهك أبسط مبادئ الديمقراطية. لا يستوي أن يستمر مثل هذا القانون و أن يستهلك موارد مالية ضخمة إرضاءً لفئات إجتماعية معينة. و نحن نطالب بإلغاء القانون فوراً. ما يفعله علي الراشد و رفاقه هو تأخير لهذه المطالبة. أكرر تأخير فحسب !! تأخير و ذر للرماد في العيون حمايةً للوزيرة و كرسيها. من يريد حقاً أن يلغي القانون فعليه أن يطالب فوراً بتوجيه الجهود نحو طرق و تكتيكات أخرى أجدى نفعاً ، و إن كان ثمنها كرسي الوزيرة. 9
أخيراً ، صن تسو محلل إستراتيجي عسكري صيني. كتب رائعته فنون الحرب قبل آلاف السنين. و ما زالت نظرياته تدرس في جميع ميادين الحياة للمخططين العسكريين و رؤساء الشركات و الدول. يقول صن تسو أنه يجب على القائد الناجح أن يختار موقع المعركة و توقيتها بدقة. و أن القائد الناجح ليس من يفوز بمائة معركة متالية. بل هو من يفوز بالمعركة دون أن يخوضها. ما كان علينا أن نخوض هذه المعركة الآن ، و لا في هذا التوقيت. بل كان يجب علينا أن نستثمر جهودنا في أمور أخرى ، و أن نحاول كسب المعركة عن طريق تعديل قانون المحكمة الدستورية و الطعن في جميع القوانين المعيبة و إعتماد الدولة المدنية كخيار قرره الدستور الكويتي ، قانون القوانين ، و وجب على الجميع الإلتزام به. أرجو أن يهدي أحدكم هذا الكتاب الى عمالقة التخيطيط الليبرالي لدينا في الكويت. 9
المفارقة الأخيرة التي تسقط الأقنعة من أمامي يوماً بعد يوم. أن هناك من يعيب على الأمم و الشعوب النضال و المقاومة و يدعو الى عدم تدمير الأخضر و اليابس في معارك خاسرة!! و الآن نرى نفس الموقف الغبي منهم من أجل تسجيل موقف في قضية خاسرة. و لكنهم سيستفيدون منها بمزيد من البروز الإعلامي الذي يعشقونه. ألا نحتاج فينوغراداً يمسحهم من خارطة العمل السياسي؟

Wednesday 13 February 2008

كله بيضحك على كله

تقدم السيد على الراشد و زميليه محمد الصقر و فيصل الشارع بمشروع قانون لإلغاء قانون منع الإختلاط في الجامعات و جميع آثاره. و قد أثار هذا الطلب أصداء واسعة في صفوف التيار الليبرالي و عدم إكتراث لدى الخصوم الإسلاميين. 9
أود قبل أن أخوض فيما أريد أن أقوله بأن أشير الى ثلاث نقاط مهمة. أولها إنني شخصياً لا أحبذ الإختلاط في مراحل مختلفة من العمر ، لكن هذا خياري الخاص و هو مبني على إعتبارات إجتماعية و تربوية و لا يحق لي أن أفرضه على غيري. النقطة الثانية إنني من المناهضين لقانون منع الإختلاط و أدعو الى إلغائه فوراً و بلا شروط ، الأمر الذي سأشرح أسبابه في بوست منفصل. النقطة الثالثة ، إن رأيي هذا لا يحق له أن يلغي أي مطالبة شعبية أو نيابية بالتحرك من أجل إلغاء القانون ، فلا أدعي بانني أَفْهَمُ من غيري ، و لكنها فقط وجهة نظري الخاصة ، أنشرها من باب حرية الرأي فحسب و سأصمت بعدها. 9

لم أجد وصفاً لما يحصل الآن أجمل و أدق من وصف الدكتور ساجد العبدلي. فعلاً كله بيضحك على كله. فقد كان ثمن الخروج من إستجواب الدكتور نورية الصبيح هو التطبيق الجدي لقانون منع الإختلاط ليس فقط في جامعة الكويت و لكن في الجامعات الخاصة أيضاً حيث أصدرت الوزيرة قراراً غير مؤرخاً قبل جلسة طرح الثقة بيوم يلزم الجامعات الخاصة بالفصل التام و العزل بين الجنسين في مرافقها. و مؤخراً دعت وزارة التربية جميع المدارس الخاصة بالإلتزام بمنع الإختلاط في أنشطتها التربوية. و يأمل الإسلاميون ان يمتد هذا المنع و الحظر ليشمل جميع مراحل الدراسة. 9
هذا الأمر أدى الى إهتزاز صورة النواب الليبراليون أمام قواعدها الإنتخابية الملتزمة ، فجاء هذا الطلب رغم إن الجميع يدرك بأن الخسارة ستكون ماحقة. مثل هذا الطلب يعمق الشعور بسذاجة العمل الليبرالي في الكويت لأسباب عديدة. فالليبراليون لا يريدون الإعتراف بأن أساس المشكلة تنبع من داخلهم و ليس بسبب قوة التيار الإسلامي. الحكومة مررت قانون الحقوق السياسية للمرأة و كان من الممكن أن ترد هذا القانون حين إقراره. لكن لنعترف ، هذا القانون كان ثمن بقاء الدكتور الربعي متربعاً في كرسيه. ماذا كان ليحدث اليوم لو أن الربعي كان قد قدم إستقالته و ردت الحكومة القانون بعد إقراره حتى يتم التصويت عليه بالأعلبية الخاصة؟ سبب هذا الوضع هو أنتم يا سياسيون يا ليبراليون ، بسبب غبائكم ، و عدم إدراككم لتبعات هذا الموقف. اليوم يتكرر نفس المشهد مع نورية الصبيح ! 9
لننظر للإسلاميين و تيار الأخوان المسلمون تحديداً. تيار منظم ذو أولويات واضحة و خطوات مدروسة بدقة و غير مبنية على ردات الفعل. و حَقّ لزميلنا الطارق أن يفخر مزهواً إبان إستجواب الوزيرة نورية الصبيح بقوله ، لقد حصلنا على العنب و الناطور معاً ، في إشارة الى تبني الوزيرة لكثير من رؤى الحركة الدستورية بشأن التعليم و على تأكيدها بالإلتزام العملي بقانون منع الإختلاط. نعم هكذا يعمل التيار الإسلامي و هكذا ينجح. 9

و في المقابل ، نتخبط نحن. فلا خطة و لا أولويات و لا طرح منطقي يمكننا إقناع غيرنا. ما ترونه في الندوات هم أنتم. أنتم تخاطبون أنفسكم فحسب و لا تسمعون إلا صدى أصواتكم. هنا أنوه الى التشابه بين التيار الليبرالي و بين جمال عبدالناصر في حرب 1967. كثيرٌ من الخطابات النارية و قليلٌ من العمل. أرى أحمد سعيد و محمد حسنين هيكل و أستمع الى أناشيد عبدالحليم حافظ الثورية تدعو الى النصر. و أرى القوات مبعثرة و الطائرات رابضة و المدرعات مدمرة في معركة من خيالات سياسيينا الذين يريدون محاربة الطواحين في معرك دونكيشوتية. نريد أن ندفن رؤوسنا في الرمال و لا نريد أن نستمع لصوت العقل الذي أحاول أن أخاطبه فيكم الآن. نفس العقل الذي تطالبون غيركم بإستعماله. هل تريدون أن يعيش شبابنا نكسةً كنكسة يونيو؟ كفاكم إستهتار بمشاعر الشباب من أجل مصالحكم. 9
يبدو الليبراليون في طريقهم الى ليس فقط خسارة معركة الإختلاط ، و لكن أيضاً عجزهم على شرح و توضيح للشارع أسباب رفض هذا المنع (سأشرح هذا الأمر من وجهة نظري الخاصة في بوست منفصل). قرأت مقالات كثيرة في هذا الإطار مؤخراً و كلها جاءت من باب فرض الرأي و رفض سيطرة القوى الإسلامية على المجتمع و صورت المعركة على إنها فكرية ، فيما يجب أن تكون قانونية. 9
أقول قانونية لأنني أعتقد جازماً بأن هذا هو الطريق الأمثل لتناول هذه القضية و لقد وضعت ساحة الصفاة (ألمحسوبة على التحالف الوطني) بوستين متتاليين حول هذا الموضوع لنفاجئ بنواب التحالف الوطني (!!) يقدمون طلباً في الإتجاه المغاير و هذا ما يؤكد التخبط الليبرالي. الطريق الأسهل هو تعديل قانون المحكمة الدستورية ما يسمح ليس فقط بالطعن في دستورية هذا القانون لكن بتعديل قوانين أخرى كثيرة معيبة كالتجنيس و القضاء و الأحوال الشخصية و غيرها من القوانين المنتهكة للحريات الشخصية و التمييزية. هل غاب هذا الشئ عن علي الراشد و هو القانوني المحنك؟
القضية أبداً لم تكن فكرية ، فلا يجوز تغليب فكر على الآخر في مجتمع حر و ديمقراطي كالذي نحاول و نسعى إليه. و هذا ما كنا ندعو اليه منذ البداية. و لو سلكنا هذا المسلك لأنتصر العرف الإجتماعي و القبلي على سيادة الدستور و القانون في ظل الدولة المدنية التي دعا اليها دستور عبدالله السالم و لكنا دوماً خاسرين. لأننا ندعو الى التغيير و التغيير دائماً صعب خصوصاً في مجتمع كمجتمعنا الذي يتسم بالجمود. الديمقراطية لا تعني فقط الإلتزام برأي الأغلبية. لكنها تعني أيضاً إحترام حقوق الأقلية. 9
الإختلاط ليس له علاقة بمستويات و مخرجات التعليم بل هو خيار تربوي و إجتماعي فحسب ، فليس بالإختلاط يرتقي التعليم و ليس بمنعه تتقدم و تزدهر الأمم. هذه القضية لم تكن يوماً من أولويات التيار الليبرالي و لم تطرح في برنامج أياً من مرشحيه. فأين ذهب كلامنا عن التخطيط و الأولويات و التنمية؟ هل ذهب كلامنا هذا من أجل تسجيل موقف فحسب؟
حسناً و أن سجل هذا الموقف ، فماذا بعد؟ هل أصبح غاية مرادنا و أحلامنا تسجيل المواقف؟ هل هذا هو الطرح الليبرالي الذي نسعى اليه؟ هل الأمر لا يعدو "فشة خلق" من هيمنة القوى الإسلامية. أنا أخشى بأن هذا الطلب هو فقط ذر للرماد في العيون ، بحيث إن طالبنا نوابنا بعد حين بالعمل من أجل إصلاح الأمور سيأتينا الرد المعلب و الجاهز بأنه تم تقديم مشروع القانون و سقط! نعم سقط لأن توقيته كان خاطئاً و طرحه كذلك و حاولتوا إستغفال عقول الشباب و اللعب على عواطفهم. 9
هل هو التعبير عن الغضب فحسب؟ لنملأ الدنيا صراخاً و زعيقاً و لنكتب على الجدران و المحولات معلقاتنا الثورية إذن !! و لكن لماذا نهدر وقتنا في مناقشات عقيمة نعرف نتيجتها مسبقاً. ألم نكن نحن من يتهم وليد الطبطبائي و تجمع ثوابت الأمة بالمزايدات؟ كمنع الشيشة و منع الإحتفال بالفالنتاين و منع الأحتفال بالكريسماس و غيرها من الأمور التافهة التي تصب في خانة المزايدات!! ألا يعتبر هذا الموقف "منع منع الإختلاط !!" في هذا التوقيت نوعاً من المزايدات أيضاً؟
كونوا أذكياء يا ليبراليين. أنا لا أريد أن أكون وسط تيار ليبرالي غبي منغلق على نفسه و لا يريد أن يكون ناجحاً. يرفع الشعارات فحسب التي لن يكون مصيرها التطبيق يوماً ما على أرض الواقع. بل أريد أن أعيش هذا الحلم و سأعمل من أجله. أدعو الآخرين و إشرحوا لهم وجهة نظركم بكل حب. لنكف عن كتابات الكراهية و الإستخفاف بالآخرين. لنشرح لهم معنى الحرية التي قدسها الدستور. ليس حريتنا نحن فحسب ، بل حرياتهم و حريات أطفالهم أيضاً. 9
المستفيد هنا أربعة فئات. التيار الإسلامي الذي سيخرج منتصراً بفوز وهمي و يدغدغ مشاعر الناس فس مزايدات إجتماعية تصور الصراع على أنه الحق ذد الباطل ، الخير ضد الشر. الفئة الثانية هي السياسيون الليبراليون الذي يريدون تبييض وجوههم المسودة أساساً. الفئة الثالثة هي كل من يريد أن يعطل عمل المجلس و أن يؤخر القوانين القابعة في أدراج اللجان و يؤزم الأمور لصالحه. أما الفرقة الرابعة فهي فرقة حسب الله من الراقصين و المطبلين و عازفي التشلو ، التي تعشق البروز الإعلامي و تقتات على هكذا مناسبات. نفس الوجوه تتكرر من جديد في كل مناسبة و قضية و كارثة و نفس الإسطوانة المشروخة نسمعها مراراً و تكراراً حتى حفظناها و مللناها. 9
بإختصار شديد ، أرى ما يحصل هو نوع من المزايدة الرخيصة. قضية عادلة و لكنها توقيتها سيئ وطريقة طرحها أسوأ و سيكون مصيرها الفشل حتماً. 9
في النهاية ، أريد أن أسأل كل من سيخالفني الرأي ، فقط قل لي و أكون من الشاكرين : متى سيرفع منع الإختلاط؟ أريد موعداً واضحاً منكم حتى أعمل معكم و يحاسبنا الناس إن فشلنا. لا أريد قيادات وهمية تريد إبراء الذمة و تدغدغ مشاعر قواعدها. بل فقط أريد إرجاع الحق الى أصحابه. 9
لمزيد من الإطلاع ، مواضيع قيمة و ذات صلة في مدونتي فرناس و حمد. 9