Friday 12 February 2010

الرمز المفقود لدان براون


"ان العيش من دون ادراك معنى العالم هو أشبه بالتجوّل في مكتبة عظيمة دون لمس الكتب"

على مرّ قرون تجاهلت "أذكى العقول" على وجه الأرض العلوم القديمة ، و سخرت منهت على أنّها خرافات تنم على الجهل. و عوضاً عنها ، تسلحت بالتشكك و بالاختراعات التكنولوجية الجديدة الباهرة ، و هي أدوات زادتها بعداً عن الحقيقة. كانت تكنولوجيا كل جيد جديد تثبت خطأ اكتشافات الجيل السابق. لقد امتلك العلماء حكمة علمية عميقة. ما يحققه العلم اليوم ليس "اكتشافات" بقدر ما هو "إعادة اكتشاف". يبدو أنّ الجنس البشري قد فهم في الماضي حقيقة الكون .. و لكنه أفلتها .. و نسيها. و استمر العالم على ذلك الحال عبر العصور. كلّما تعلّم الإنسان أكثر ، أدرك أنّه لا يعلم ! هكذا عاش الجنس البشري لآلاف السنين فنحن بالكاد نخدش سطح قدراتنا العقلية و الروحية. 9

كل ثقافة في كل مكان و في كل زمان ، كان لديها دوماً قاسم مشترك. لدينا جميعنا خالق. استخدمنا أسماء مختلفة و صلوات مختلفة ، و لكن الله هو الثابت الكوني بالنسبة الى الإنسان. الله هو الرمز الذي تشاركناه كلنا. رمز جميع أسرار الحياة التي لم نفهمها. لقد مجد القدماء الله كرمز للقدرة اللامحدودة ، و لكن البشر أضاعوا ذلك الرمز مع الزمن ، حتى اليوم. في جميع أنحاء العالم ، ننظر الى السماء بحثاً عن الله .. من دون أن ندرك ابداً أن الله ينتظرنا في داخلنا. 9

منذ الحروب الصليبية الى دواوين التفتيش الى السياسة الأمريكية ، تم استغلال اسم المسيح في جميع أشكال الصراع على السلطة. و منذ القدم ، كان صوت الجهل هو الأعلى ، يقود الشعوب و يجبرها على الإنصياع. فدافع الجهلة عن رغباتهم الدنيوية محتجين بجمل لا يفهمونها من الكتاب المقدس و تمسكوا بتعصبهم كدليل على قناعاتهم. فالزمن نهر .. و الكتب زوارق. كثير من المجلدات بدأت رحلتها في ذلك الجدول ، لتتحطم و تضيع بين رماله. قلة فقط تجاوزت اختبارات الزمن و عاشت لإسعاد الأجيال التالية. و الآن ، بعد كل تلك السنوات ، تمكن البشر أخيراً من محو كل ما هو جميل في المسيح. 9

هذا كان محور و أهم ما ورد في رواية دان براون الجديدة "الرمز المفقود"  و التي تكمل سابقتيها "ملائكة و شياطين" و "شفرة دافنشي". نفس الرموز القديمة. نفس الأسلوب السريع المتقطع. نفس الأحداث المتسارعة التي تبدأ و تنتهي في غضون يوم واحد. لكن الأحداث تجري هذه المرة في واشنطن العاصمة و هو ما يثير المفارقة. فالأمريكيون لديهم تلك العادة في محاولة تصوير وطنهم على إنه حضارة عالمية شبيهة بالحضارة الرومانية أو الفرعونية أو عصور التنوير في أوروبا النهضة. يحاول عبثاً دان براون نقش الحجر في الصخر بلا طائل من أجل تثبيت الرمزية في بدايات إنشاء الولايات المتحدة الأمريكية على إنها بذرة النور التي زرعت في الأرض العذراء بعد أن إمتد الظلام الى العالم القديم. 9

تناقش الرواية التنظيمات الماسونية التي تحاول تمجيدها بشكل واضح و تصويرها على إنها ما هي إلا "نظام اخلاقي يحجبه المجاز و توضحه الرموز" و في المناقشات التي دارت في الرواية يغفل الكاتب عامداً متعمداً حقيقة أن الماسونية هي نظام قاصر على الرجل و لا يشمل المرأة بأي صور من الصور و يدافع بسذاجة عن السرية المطلقة التي تحيط الماسونية بأفكارها و طقوسها. 9 

هذه المرة يبحث البروفيسور "روبرت لانغدون" على الخريطة السرية المخبأة في هرم ماسوني قديم تكتنفه رموز متنافرة هي أشبه بالفوضى التي ستولّد النظام. هذه الخريطة هي ما سيدّل العالم الى الحكمة المفقودة التي ستكشف الأسرار و تفجّر طاقات الإنسان و تولّد النور في وسط الظلام. و يحاول الكاتب مقاربة تلك الفكرة بيوم القيامة أو يوم الحساب و يدّعي بأن ذلك يعني نهاية العالم ، و لكنه يعني نهاية العالم القديم و بداية عصر تنويري جديد ترعاه الماسونية العالمية. 9

الحبكة لم تكن متقنة هذه المرّة .. لا أدري لماذا ؟ ربما لأننا قد تعودنا على إسلوب دان براون .. فمنذ الصفحات الأولى كنت قد خمّنت الشخصية الحقيقة للشرير الذي يحاول روبرت لانغدون مصارعته و قكنت قد كشفت بنفسي أسرار بعض الرموز الواردة في القصة دون الحاجة لقراءة تفسيرات البروفيسور لانغدون ! 9

لكن كالعادة ،، كتب دان براون مشوّقة جداً و تجبرك على الإنهماك بها حتى تخلص بين يديك في ساعات قلائل. تبدو هذه الرواية أفضل من روايتي "حقيقة الخديعة" و "الحصن الرقمي" و لكنها ليست بأفضل من "ملائكة و شياطين" و "شفرة دافنشي". 9 

13 comments:

عين بغزي said...

اشكرك شجعتني على قرائتها :)

MARSHAL Q8 said...

اتفق على اغلب ما جاء ..:)

وتظل شفرة دافينشي هي جوهرة دان براون

ebtsamh said...

صراحه خوش تحليل للكتاب

وآنا بعد شوقتني لقراءة الكتاب

جد قواك الله

حلم جميل بوطن أفضل said...

عين بغزي

العفو

تستحق القراءة فعلاً

حلم جميل بوطن أفضل said...

مارشال

لا شئ يضاهي شفرة دافنشي

جوهرة الأدب الحديث و ليست جوهرة براون فحسب

حلم جميل بوطن أفضل said...

ابتسامة

الله يقويك

Anonymous said...

توقعت الرواية أن تكون أفضل من ذلك،خاصة في بدايتها.المشكلة هي أن شفرة دافنشي كانت عظيمة فالمقارنة ستكون لصالحها في أغلب الأحيان.أرغمت نفسي على الاستمرار في قراءتها في البداية ثم ما لبثت أن عادت إلى تشويق براون المعتاد.أحسست أيضا أن بها شيئ من التكرار..

Anonymous said...

يعطيك العافيه عزيزي

بالنسبه لدان براون فهو كاتب رائع يستطيع ان يصور لك المشهد بالكامل بشكل جميل

انا افضل ان تكون اعماله في حدود الكتب لكي يعطي القارئ المجال ليسبح بخياله

NOIR said...

i ll get it
thx for the summry
مشجع جدا للقرائه و خصوصا الاديان
موضوع شائك جدا
افيون الامم

حلم جميل بوطن أفضل said...

غير معرف 1

فيها كثير من التكرار. ليست بمستوى الروايات التي سبقتها. لكن التشويق حاضر و بقوة

حلم جميل بوطن أفضل said...

غير معرف 2

الله يعافيك

ما يطرحه دان براون لا يعدو نظريات المؤامرة. لذا فمن الأفضل تغليف الخيال في شكل رواية بدلاً من طرحها على صيغة كتاب

حلم جميل بوطن أفضل said...

نوير

الإسلام دين إنساني و الفهم الصحيح له يعتمد على قوة العقل و لا يخدره أبداً

Anonymous said...

رواية ممتازة
لكنها لا تضاهي شيفرة دافنشي التي تشدك لقراءاتها من اول صفحة