Showing posts with label صحراء المماليك. Show all posts
Showing posts with label صحراء المماليك. Show all posts

Thursday, 18 March 2010

صحراء المماليك لخيري شلبي


حين يصبح مكتوباً عليك أن تحتك بالجلاد القاتل السفّاح أو تعاشره أو حتى تقترب منه لا يكون أماك سوى التقية. تلك هي ملاذ الشعب المصري طول تاريخه : يعرف كيف يتّقي جلاديه و لكنه لا يعرف كيف يواجههم أو يقاومهم


تتناول الرواية التعذيب في السجون وتتعرض لأحوال المسجونين وتأثير القيود الحديدية على أجسادهم وأرواحهم إبان ثورة يوليو في مصر و ترصد علامات التعذيب وآثاره من خلال أحد الأشخاص الذين تناط بهم قيادة السجون وإرغام المتهمين على الإدلاء بالاعترافات الصحيحة وغير الصحيحة. و تحكي واقع المجتمع الذي امتلأ بأدوات وأساليب جديدة للتعذيب. و العنف مرض عدواه سريعة الإنتشار ، هو في الأصل إدمان شأنه شأن أي عقار مخدر يدمر خلايا العقل و يقتل القلب و متى ما قُتِل القلب في إنسان لا يعود إنساناً بالمرة ! 9

و تتناول التغيرات العمرانية الجديدة التي شهدتها مدينة القاهرة خلال السنوات القليلة الماضية لا سيما في منطقة تعرف ب "صحراء المماليك". حيث يقارب الكاتب بين عصر المماليك و عصر الثورة في مصر حيث تفنن المماليك بأساليب التعذيب ظل الحكم العثماني الذي ابتكر طريقة الخازوق وسيلة للإعتراف والإعدام البطيء وكان معظم المماليك من الغلمان عملهم الوحيد في الحرب مهنة التجسس. 9

ينتقد الكاتب من خلال هذه المقاربة ثورة يوليو التي دمرت الإنسان المصري و عمقت النظام المملوكي و رفعت شعارات لم يتحقق منها شئ و كانت دولة المخابرات. فالثورة نجحت في أن تجعل الابن يتجسس على والده ويكتب عنه تقارير و الشباب بالذات لأنهم كانوا مخدوعين بوهم الثورة، فلم يكن هناك ثورة من البداية و لكنه مجرد انقلاب رغب أصحابه في أن يلبسوه ثوب الثورة دون تمهيد، فلم يكن هناك جماهير تدرك مبادئ الثورة وتعمل على تحقيقها ويقفوا ضد من يخرج عنها او لم ينفذها. لم تكن هناك ثقافة ثورية سياسية بل كان عبد الناصر يحاول تثقيف زملائهم الذين أصبحوا الباشاوات الجدد كالمشير عامر و صلاح نصر. تضاءل الوطن شيئاُ فشيئاُ ، حتى لم يعد يتسع للأحلام !! 9

تنتمي الرواية الى أدب السجون كان البطل فيها سجّان و جلّاد صوّرت حياته مع المساجين و هو يعذبهم حتى أصبح بدورة معذباً شأن أي إنسان يرتكب الأثام ضد البشر وهو مثلهم وحينما تنسحب عنه الأضواء تستيقظ في نفسه الاشباح التي عذبها والتي تألمت بسببه وتولت هي تعذيبه. فالنظم الإستبدادية تحتاج لكلاب الحراسة من أمثال هذا السجّان أكثر من إحتياجها للعلماء و المفكرين ! و كل المتعاملين مع هذه النظم مصابون جميعهم بمرض الكلب ! 9