واحسرتاه على أبناءك يا كويت

.

التردد هو سمة الضعفاء. حكومتنا مترددة و هذا يزيد ضعفها ضعفاً. بالأمس القريب تعرضت حكومة ناصر المحمد الى هزة قوية عندما أهمل إكتمال الجسد الحكومي حتى فرضت عليه القوى السياسية رأيها و إضطر لتمرير التغيير على عجالة. ثم إضطر الى إجبار الوزير بدر الحميضي على الإستقالة و ما زال مقعد وزير النفط شاغراً بعد أكثر من إسبوعين. فهل سنضطر الى إنتظار نزول الوحي عليه. ألم يتعظ من أخطاء الماضي؟

و في نفس الإتجاه ، تواجه حكومتنا العتيدة معضلة كبيرة بعد إضطرارها لقبول ثلاثة كوادر مالية للقطاع النفطي و للأطباء و مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية. أقول إضطرت لأن الحكومة تأخرت في إقرار هذه الكوادر المستحقة حتى وقعت الفأس في الرأس. و الآن ظهرت الجكومة بمظهر الضعيف مرة أخرى مما شجع كثير من النقابات على المطالبة بإقرار كوادر وهمية و غير مستحقة بل و التهديد بالإضراب. الخطأ يتحمله مجلس الخدمة المدنية و الحكومة العتيدة من وراءه. فلا آلية واضحة لمناقشة الكوادر و مسببات قبولها أو رفضها. كثير من الكوادر المطروحة تلكأت الحكومة في رفضها و هي تتحمل الآن نتيجة ترددها. 9

المشكلة تكمن في عدم تشجيع معايير الكفاءة و الإنتاجية. كثير من هذه الكوادر قد تبدو مستحقة و لكنها تشمل الموظف الجيد و السيئ. لذا تنتفي معايير العدالة معها. مثلاً الكادر النفطي أقر على أساس كادر المهندسين و المحاسبين لكن أقر بصيغته الحالية التي تشمل باقي الوظائف من سكرتارية و ضباط أمن يحملون الشهادات المتوسطة و حملة الدبلوم. فلا يستوي أن تتجاوز رواتب هؤلاء قطاعات منتجة كالصيادلة و التمريض و غيرها من المهن التي تستحق التشجيع. 9

القرار الغبي الأخير بإلغاء الكوادر هو مؤشر واضح على عقلية إدارة البلد. الكوادر أشبعت بحثاً و نقاشاً في العديد من اللجان الحكومية. الكوادر قدمت من جهات حكومية و أحالها مجلس الوزراء على مجلس الخدمة المدنية الذي يتكون من نفس أعضاء مجلس الوزراء. لكن النقمة الشعبية على تمييز القطاعات المنتجة من غير المنتجة كان أقوى من هذه الحكومة المتخاذلة. 9

ما هي الرسالة التي تريد السلطة إيصالها الى أبناء الشعب؟ هل تريدون ذبح العطاء و الإنتاجية؟ هل تريد أن تساووا من هلك عمره في الدراسة و البحث مع خريجي المعاهد الخاصة؟ أصبح البنك الدولي هو الشماعة الآن ، ما رأي البنك الدولي في تثمين جليب الشيوخ و السالمية؟ هل تستطيعون مواجهة ماجد موسى و يوسف الصويلح كما تصديتم لإقرار المطالب المشروعة من الأطباء و المهندسين و الطيارين؟

حكومتنا الرشيدة مؤمنة بمبدأ المساواة في الظلم عدالة. و لا أعرف سر تلك الهيكلية الإدارية العجيبة التي تحاول أن تجمع نظام التعويضات المالية لقطاعات الأطباء و المحامين و مساحي الأراضي و السكرتارية و حفاري القبور و العسكريين كلهم في 8 درجات وظيفية متساوية. لا أدري كيف تتوقع الحكومة مزيداً من الإنتاجية في ظل هذه المساواة غير العادلة و المثبطة للعزائم و الهمم؟

تبدو الحكومة فاقدة البوصلة تماماً، فاقدة للإرادة ، فاقدة للرؤية ، و فاقدة لزمام المبادرة و هو ما سهل مهمة تلك الطبقة الغوغائية المطالبة بتوزيع الهبات و العطايا كإسقاط القروض و بدلات البطالة و دعم الأعلاف و تعويض المزارعين عن الصقيع! حان الوقت لتقول الحكومة "لا" .. لا لإسقاط القروض لا للدولة الريعية لا للكسل لا للخمول لا للتردد. 9

النيات الطيبة وحدها لا تكفي بل ستفاقم الأمور سوءاً

على الهامش : بعد إلغاء الكوادر ، يوم عن يوم يزداد إقتناعي بصحة قراراتي الأخيرة برغم الكلام "السم" الذي أسمعه من الأقارب و الأحباب. و ليذهب كل من يزايد على الشباب المحبط بوطنيته الى الجحيم !! 9