Saturday 24 December 2011

الفرعية تحت مسمى التشاورية .. الكذبة الديمقراطية المتجددة

في السادس والعشرين من ديسمبر 2010؛ كان لي الفخر بافتتاح "حسابي التويتري" بكتابة التغريدة السابقة. واليوم وبعد حوالي عام كامل بالضبط ، استرجع كتابتها ونشرها تقديراً و وفاءً للدور الوطني المتألّق الذي قامت به تلك المجاميع الرائعة بمعارضة الفساد وتأصيل تلاحم النسيج الوطني ؛ الدور الذي كان -بل وما زال- الكثيرون من مدّعي الليبرالية المنادية لتأصيل قواعد الدولة المدنية المؤسساتية -زوراً وبهتاناً- يستنكرون على أبناء القبائل القيام به؛ ظانـّين سوءاً بأن أي حراك معارض للحكومة هو حق أصيل لهم يفعّلونه كيفما أرادوا و وقتما شاؤوا دون أن يكون للآخرين أي مكان في دائرة صنع قراره. ض
وتأكيداً للغاية الأسمى التي تعطي الحق لكل كويتي شريف للمساهمة في تنمية بلده ومحاربة كل ما به من خراب، فقد أعقبت التغريدة الأولى حينذاك و بعد ثلاثة أيام تحديداً بأخرى تشجيعية نصُّها: "ما يحدث الآن من حراك شعبي إيجابي خصوصاً من أبناء القبائل المدافعين عن الدستور ومدنية الدولة؛ يجب أن يكون البداية ولا ينتهي كما حدث في نبيها 5". ض
إلاّ أننا وبعد أن سرنا مع زملاء الكفاح الوطني غير المسلح خطوات شاسعة إلى الأمام بدرب الانصهار المجتمعي وترسيخ قواعد العمل البرلماني الصحّي، ظهرت علينا بعد حل مجلس الأمة جماعات من فلول الغوغاء تحاول تجريح كل ذلك الجهد المبذول؛ من خلال تجديد الدعوة لاختيار مرشحي الانتخابات العامة القادمة عبر البدعة الديمقراطية المسمّاة "التشاوريّات" أو كما هي معروفة لدينا جميعاً بالانتخابات الفرعية للقبائل.ض
ولن أجامل هنا أبداً ؛ حيث بلغت درجة الغثيان أوجّها من "كم الاستعباط السخيف" الحاصل من أولئك المبررين لدعواتهم للانتخابات الفرعية بأنها تحدث كذلك في مكاتب الحركات السياسية و الأحزاب وفي المساجد و الحسينيات وبين أبناء العوائل و التجاّر و السّادة؛ بل و أنها أيضاً تحصل في أمريكا لاختيار ممثليهم للانتخابات الرئاسية، وقياساً عليه فللقبائل أيضاً حق "التشاور" لاختيار مرشّحيهم للانتخابات البرلمانية!! ض
وبنفس درجة استعباط أولئك المتفذلكين الساعين لتجميل هذا الالتفاف على قانون تجريم الفرعيات أتساءل: هل ما تخرجه لنا "إنتخاباتكم التشاورية" من مرشحين هم نظراء بالرؤية والفكر لـ "باراك أوباما أو بيل كلنتون أو جورج بوش" حتى تقارنو "فرعياتكم" المقيتة بما يجري في الولايات المتحدة؟ ض
إن ما تقومون به أيها الأعزاء الدّاعين للانتخابات التشاورية الفرعية هو أسلوب فرز سيء لاختيار مرشّحيكم للانتخابات البرلمانية و لا سبيل لمقارنته بما يجري لدى الحركات السياسية والأحزاب، فأولئك حين يلتم شملهم لاختيار المرشحين تكون اجتماعاتهم خلف أبواب مغلقة بأماكن معلومة وبآليات واضحة و ليست خـِفـْية وبأساليب كوميدية متنوعة لطمس حقائقها مثل تصويت مزاين الإبل أو الاشتراك بتويتر أو واتس أب وصولاً تسمية المرشحين بأسماء "بزارين و ورعان" لم يبلغوا السن القانوني . ض
وبخلاف ما تقدّم من القدرة على التفنن في اختراع آليات الحيلة و الإفساد بين الدافعين للالتزام بالفرعيات، فأننا لم نسمع يوماً أن تم نقاشاً داخلياً بين المرشحين حول البرامج الانتخابية الوطنية أو الرؤية التنموية لتطوير الكويت أو حتى مدى التزام كل مرشح بالبرنامج العام الذي ستظهر من خلاله القبيلة بمرشحيها للساحة. بل كل ما يُنقل لنا عبر الأحباب إن "فلان اللي يشتغل بالصيانة في شركة النفط فخذه أكبر وفلان العقيد بالمرور يقول مشّى معاملات أكثر وفلان الدكتور اللي فخذه أصغر يقول إذا تم انتخابه عنده قواعد خارجية من الأقليات ممكن تضمن كرسي القبيلة ..الخ!" لا و تزداد المأساة حين نرى أن المنافسة الانتخابية "التشاورية" تتم بين الليبرالي و الإسلامي و الدكتور و "المهبّل" كلهم سواءُ بسواء كونهم يحملون ذات لقب القبيلة وباستطاعتهم دفع مبلغ عربون الترشيح!! ض
وعلى الرغم من كوني شخصياً أتمنى -وفي ذات الوقت أعمل دائما-ً على أن يكون العمل والتنافس السياسي يجمع في نفس الفريق كافة أطياف المجتمع ، إلاّ إنني وكما الكثيرين قد نقبل على مضض لو كانت هذه حقاً عبارة عن اجتماعات تشاورية تتم بين وجهاء القبيلة وعقلائها من جهة والمرشحين من جهة أخرى ؛ تتم من خلالها تزكية (أو حتى التصويت المـقــنــّـن لـ) المرشّح الواعي لحقوق بلده لا ذلك الساعي لملأ جيبه وتنفيع أقاربه. ض
و أجده لزاماً علي في هذا المقام التشديد بأن المرشحين الرافضين لدخول الفرعية - كمسلم البراك والدقباسي والصواغ ومحمد هايف و خالد طاحوس و و و – وبكل أسف لا نرى منهم دور حقيقي جهاراً نهاراً لمحاربة الفرعيات ولا نسمع "الصراخ على قدر الألم" لما تسببه من هتك للنسيجين الوطني والاجتماعي القبلي ( بين أبناء العم)، بل لا نجد منهم سوى التغاضي عن المساوئ الكثيرة -الواضحة للعيان- خوفاً على جرح مشاعر أبناء القبيلة وكذلك حتى لا تتأثر حظوظهم بكسب الأصوات المؤدية للكرسي الاخضر. ض
ولا يوازي أولئك بدورهم السلبي السيء المهادن للفساد الديمقراطي المتكرر في عقر دارهم سوى نظرائهم المتناقضين فكريا ً ممن ذهبوا "فزّاعة" للمشاركة بالتجمعات المطالـِبة بتطبيق الحكومة للقانون و عدم التفافها على الدستور(بترحيل الاستجوابات وعدم حضور الجلسات) و من ثم هم أنفسهم يتحايلون على القانون وتجريمه للانتخابات الفرعية، ويشاركون بها على أنها تشاورية!! ض
ختاماً، إن انسلاخ أبناء القبائل عن ثوب التبعية الذي نسجته لهم سلطة "المصالح وفرّق تسد" لم يكن بالأمر الهيّن، لذلك فإن خير ما نتمناه من و لأبناء القبائل هو الاستمرار بتأييد هذا النهج الاصلاحي المعارض من أجل الضغط على الحكومة لتفعيل الدور الحقيقي لدولة المؤسسات المدنية التي تساوي بين الجميع، وتأكيد تلك المطالبات بالتسابق الالتزام بتطبيق القانون. ض
دعوا عنكم الانتخابات الفرعية، واتركوا لكل فرد من أفراد القبيلة الحق في الترشيح دون ضغوط، وليكن الحراك التصويتي بين كافة أبناء المجتمع مبني على الكفاءة و القدرة على العطاء لجميع الكويتيين وليس العرق و الأصل والفخذ والبطن. ونادوا في ذات الوقت أن تعامل السلطة والحكومة المواطنين سواسية ابتداءً من تشكيل الحكومات وانتهاءً بالخدمات العامة ، لا بتمييزهم حسب القبيلة هذه او العائلة تلك بناءً على نتائج الانتخابات البرلمانية، ولتكن رسالتنا واضحة جلية لهم بأننا سئمنا من التفريق بيننا ككويتيين!! ض
ولمن يود الاستمرار بفرعياته و تشاورياته نقول له بالعامية: ترى لاعت كبودنا ، وصرنا بالفعل كارهين فعلتكم هذي اللي قاعدة تنخر بعظام وحدتنا الوطنية يوم بعد يوم، فـ بطلوا قبل لا تتحول الحالة من الكره للفعل إلى الكره الفئوي ومن ثم الكره الشخصي. ض

2 comments:

Anonymous Farmer said...

بس فرعيات ؟ تركت البلاوي المتلتلة ورسيت عالفرعيات يا حمدمد يابو قراش الإنسولين ؟


طب اسمعني الحين .


هناك عدة أمور وجب إيضاحها أولها وأهمها الإشادة بنهوض القبائل وتحركهم الفعلي في الشوارع من أجل الإطاحة برئيس وزراء لم يكن يصلح للرآسة أبدا ، الإشادة بالقبائل لا بأي ممثل سياسي أم نائب بغيض على الإطلاق بل للجموع الشبابية فقط ومنذ ذاك الحين وحتى اليوم وبشكل مكرر ، بل كما قلت لك سابقا إن هذه التغريدة بالذات كانت السبب لمتابعتي لك على تويتر ، كذلك اتفق معك بشدة فيما ذهبت إليه من حيث استئثار "النخب اللبرالية" دور المصلح الوحيد في هذا البلد ، بل إن إسقاط ناصر المحمد جاء كأكبر صفعة لهذه النخبة ، وهذا الحدث - أم بالأحرى الانتصار - سيولد آثار سيئة لديهم كالمزيد من الانعزالية والتطرف الفكري أم العنصرية بدلا من الرجوع عن الرأي أم على الأقل مساءلة النفس .


لكن يا عزيزي ، في كل دولة الحراك الشعبي له محاسن ومساويء إن لم يتم التحكم بمخرجاته من قبل أفراد واعية ذات بصيرة وقدرة على التجرد التام للحكم بموضوعية بما يصلح البلد ، أعطيك أنا مثال للحراك الشعبي الأميركي في حقبة الستينات لعلم الجميع بتاريخه .. فهذا الحراك ثار بالأساس ضد سياسة الحكومة الأميركية الجائرة على الحقوق المدنية للمواطنين السود والمرأة ، وعلى الاعتداء على دول الغير وكانت فيتنام في ذاك الحين ، خرجت جموع هائلة في الشوارع تطالب بالحقوق الإنسانية ونجحت رغم اتصافها بالانحلال الأخلاقي وتفشي المخدرات وما إلى ذلك ، وبالرغم من وقوف فئة كبيرة من الشعب الأميركي المحافظ ضد هذا التحرك نسبة لعيوبه المذكورة إلا أنه نجح بشكل كبير في تغيير القوانين وسياسة الدولة القمعية بشأن ذوي الحقوق المسلوبة وهذا انجاز شعبي عظيم .


ولكن - وهنا النقطة المفصلية - سرعان ما استطاع الشعب بحراكه أن يغير سياسة الدولة أصبح السياسيون وذوي المراكز الاقتصادية في البلد يستغلون هذا التوجه الجديد لمصالحهم دون رعاية لأي شيء آخر ، أي كما السياسي الحق فعلا ، فأصبح "ما يريده اليسار" من الشعب هو ما يجري ورائه السياسيون لكسب الكراسي النيابية دون تحفظ بالمرة نسبة للأخلاق أم الإنسانية الحقة أم غيرها ، وعلى ذلك فكما صدرت قوانين تشرع حقوق المواطن الأسود والمرأة صدرت قوانين تشرع الشذوذ الجنسي والإباحية وما إلى ذلك من "تكسبات انتخابية واقتصادية" فقط نسبة للحراك الشعبي الهائل في عدده والذي أخاف أميركا بأسرها ، والمضحك أن اليوم تسارع المنظمات النسائية المتحررة متضامنة مع الجماعات الدينية لمحاربة ذات الصناعات الإباحية التي انشأها حراك الستينات ، لكن ليه فات الفوت ما ينفع الصوت .


والمغزى ، أن الحراك الشعبي - على ندرة وقوعه وبالتالي كونه جميل - إلا أنه في المحط الأخير يظل نقطة ضعف لذات الشعب يستغلها السياسيون في تلبية كافة رغبات وتطلعات أصحاب الحراك دون تفعيل يذكر لمبادئ العدالة الحقة لمصالح الجميع وبالتالي مصلحة الوطن ، والتاريخ شاهد على ما أقول ، فنواب التحرك الشعبي لم يمتنعوا فقط عن التصدي للفرعيات رغم امتناعهم عنه أنفسهم بل امتنعوا عن التصدي لكثير من الأمور السيئة وأهمها الطائفية المتفشية في البلد والفكر الإقصائي الضيق ، وهذا لا يدل سوى على وجود فكرة واحدة في أذهان هؤلاء السياسيين نواب الأمة وضمير الحراك الشعبي : الكرسي والكرسي فقط .


أعود لأقول بأن الحراك الشعبي حقق نتائج عظيمة نسبة لمحاسنه ولكن وجب الالتفات على عيوبه السابقة جيدا لأنها ستعود علينا بذات الأمور الوخيمة التي جاء بها حراك أميركا وأي حراك شعبي آخر ، وجب إخضاع النواب الحاليين للمحاسبة على المواقف المتخاذلة السابقة بشأن الفرعيات وغيرها حتى لا يجيروا علينا بإشاحه النظر عن الطائفية القذرة أم الأسوأ مساندتهم لها باستنفار بعضهم على اخواننا الشيعة في الكويت وفي البحرين كما فعلوا بالسابق ، يجب التصدي للنواب في محاولتهم لتضييق سقف الحريات بل ومناداة بعضهم بإلغاء الدستور كلية ، يجب التصدي لهذه التوجهات السقيمة واللإنسانية واللادينية لكونها تعتمد على ذات الوسائل القمعية التي نزل الشعب إلى الشوارع لمحاربتها ، يجب التصدي لهؤلاء النواب حتى لا يشرعوا المزيد من القوانين التي تخدم هذه الأفكار نسبة فقط لكونها "مطلب شعبي" ، فهنا تكمن الكارثة .


التصدي لهذا الأمر يستوجب الدراية والعلم والشجاعة والخوف من الله لا من الرأي العام وما يقوله الآخرين .


أخيرا لمن استطاع ، لا تنسوا أخوانكم في سوريا ، أوجه حديثي لا للجماعات اللبرالية عديمة الإنسانية بالمرة ولا لغيرهم ممن انتفى عنهم الإيمان ، بل ادعو جميع من تأصل الإيمان والدين في نفسه أن يقوم بدوره ولو لمرة واحدة في اليوم مناصرة لشعب يتم الاعتداء عليه بأبشع الطرق وللأطفال الصغار الذين يتم تصويبهم في الشوارع ، ناصروا اخوتكم ممن بات يتوسل كل يوم وفي كل لحظة .


فارمر

prefer not to disclose my name said...

لو سمحت ممكن تطمني على الأخ حلم؟

وشكرا