تعيش الكويت أجواء أحتقان سياسي شديد و لا تكاد تخرج البلاد من أزمة حتى تدخل في متاهات أزمة جديدة. تداخلت المسارات و تقاطعت المصالح حتى بات الشارع الكويتي مشوشا في القضية الأولى التي تعيق قطار التنمية ، الا و هي محاربة الفساد. اذ تبادل الفرقاء الاتهامات بالاستحواذ على المال العام دون وجه حق ، حتى بات لسان حال الكتل السياسية يقول .. "من فينا الحرامي؟" 2
و في غمرة هذه الصراعات تأخر قطار التنمية و تقهقرت مكانة الكويت وسط نظيراتها من الدول الخليجية النفطية و بات التراجع سمة كل الخدمات التي تقدمها الدولة من صحة و تعليم و بلدية و فرص عمل ، و باتت الدولة عاجزة عن تقديم الضروريات الأساسية كالماء و الكهرباء ؟
السؤال لماذا أنحرف قطار التنمية ؟
في رأيي المتواضع أن سبب ذلك ليس الدستور و لا الديمقراطية كما يحاول أن يصور ذلك أعدائها. بل أن سبب ذلك هو التسييس الزائد غير المبرر لكل شئ. فبعض أطراف السلطة بدأ بالتسييس أثناء أزمة 1965 حين دفعت بعضا من النواب الموالين لتصعيد اللهجة ضد الحكومة المشكلة حديثا و دفعتها على الأستقالة. ثم بدأت بالتجنيس العشوائي الذي أنتهى بالحل غير الدستوري في سنة 1976. و تحالفت مع التيارات الدينية التي دفعت بأعوانها الى سدة المناصب القيادية في البلد مستغلى المناخ السائد في البلاد. فسيست المناصب و بدأ زرع الأعوان المحسوبين على الأطراف المختلفة. ثم قسمت السلطة البلد الى كانتونات قبلية و طائفية مقيتة ليمكنها التحكم بمخرجات الأنتخابات و أتسع ذلك ليشمل أية أنتخابات لجمعيات النفع العام و الجمعيات التعاونية و الأندية الرياضية. أذن كافة مظاهر التنمية و العمل المدني في الدولة قد سيست في محاولة للسيطرة على مقاليد الحكم بعيدا عن مواد و نصوص الدستور. 0
و حينما يرى الفرد المشاكل الحالية سيتلمس هذا التسييس ، فمثلا قضية مهمة كأختلاسات الناقلات ، يجب أن تجمع عليها كافة التكتلات السياسية متضمنة الحكومة و لكننا نلمس التكسب السياسي و محاولة كسب مزيد من الرصيد السياسي عبر تحالفات وقتية لا تلبث أن تنهار بعيدا عن مصالح الشعب الكويتي. 0
أيضا أصبحت سيادة القانون معدومة ، فالمواطن يحتاج الى واسطة لتمرير مصالحه و شجعت كافة الفرق السياسية هذا الأمر من أجل كسب الولاءات و أندفعت الحكومة أيضا في هذا الأتجاه ، لتتكسب سياسيا ، مبتعدة بذلك عن دورها الأساسي و هو تنفيذ الخطط التنموية. و لعل المتتبع لمسار قضية الدوائر الخمس سيرى أن الحكومة حاولت ان تلعب سياسيا أيضا و أدخلت البلد في متاهة ما كان الدخول لها واجبا. 0
بهذا أكون قد أستعرضت مظاهر الشلل التنموي في البلد ، على أن أستكمل الحديث عن طرق الخلاص من هذا الأحتقان السياسي و الدفع مجددا بقطار التنمية
و للحديث بقية .. 0
4 comments:
عزيزي الحلم الجميل
تحية لك
مقالك في الحقيقة أتى على "لب" المشكلة وهو عملية تسييس القضايا المصيرية والهامة للأمة. وإن كنت، وبحق، قد إستثنيت الدستور والديموقراطية من الأسباب، ولكن يجب أن لا نغفل أنهما "أفكار" مجردة لا يعنيان أي شيء من دون "الإنسان". الإنسان الكويتي يا عزيزي هو لب المشكلة، توجهاته هي لب المشكلة، مذهبه هو لب المشكلة، حزبيته هي لب المشكلة، النمط الإستهلاكي الأعمى له هو لب المشكلة، وغير هذا الكثير الكثير والتي تنعكس سلباً على إختياره الديموقراطي.
إذن "الإختيار الديموقراطي" هو لب الإشكالية الكويتية. والفساد الذي ساهمت فيه قمم الهرم السياسي في الكويتي قد ساعدت على إستفحال هذا الأمر
نحن بلد على شفا هاوية. لا أقول هذا متشائماً ولكن واقع الحال يقول هذا. فنحن لا نملك خططاً تنموية واضحة ولا أجيالاً معدة لمرحلة ما بعد النفط. والطفرة الإقتصادية الحالية ما هي إلا ردة فعل لأسعار النفط المرتفعة. والدنيا والزمان يقولان لنا أن دوام الحال من المحال.
إذا كنا سوف نلقي باللائمة على أحد ليكن ذلك أولاً على من أساء الإختيار سواء في مجلس الأمة أو الحكومات المتتابعة
تحياتي
فرناس
أثري هذا اللي خرعك وخلاك تبي تهج
فرناسو
ياخي والله قبسة هذا
Anyway, Vernus has it completely wrong. His point may have something to do with our backwardness as a nation but the main reason is the way we're governed.
It is not normal to have people in power and who hold power over you :-)
And when you place entire families as the governors of wellness of a country, it is only inevitable that these people abuse their status. That's the main cause. The stuff you mentioned was what had to be done by those families as a natural survival instinct of anyone who is in power.
Post a Comment