حدس و لا حرج

الرقيعي طائر مهاجر يمتاز بسرعته الفائقة على الطيران و أنه يطير على مسافات منخفضة بلا كلل أو ملل لمدد طويلة ، لذا غالباً ما ينتهي به المطاف مصطدماً بأحدى الجدران أو يتم إصطياده من قبل الأطفال ، لذا سمي بالرقيعي من فرط طفاقته. 0

زميلنا و حبيب الكل العم ليبرالي بدأ قبل فترة الحديث عن النائب الرقيعي و توقع أن يصطدم بطوفة جديدة. لم أفهم هذا اللغز في البداية لكن الأحداث الأخيرة مع النائب خضير االعنزي كشفت لنا حل هذا اللغز. خضير العنزي بدأ كصحفي مغمور لدى مكتب الشيخ سالم العلي و أنتهى به المطاف نائباً لمجلس الأمة عن حركة "حدس و لا حرج" . 0

النائب الإحصائي خضير منذ أن دخل المجلس و هو يصطدم بالجميع، لا أدري أن كان يقصد إثارة القضايا ليغطي بها على فقره السياسي، فهو نائب بلا طعم و لا لون و لا رائحة. قراره ليس بيده و لا يستطيع أن يضيف جديداً. 0

آخر الجدران التي إصطدم بها خضير هي أسرة سلطان العيسى المالكة لمكز سلطان. فلقد أصدر خضير العنزي بيانين عن حادثة تم فيها توقيف وافد أردني و زوجته من قبل رجال المباحث. الحادثة هي صحيحة و لكن لم يوفق خضير بإثارتها بالشكل الصحيح لقلة خبرته السياسية ما مكن خصومة من تحوير القضية المركزية و هي فساد بعض رجال المباحث و النيابة العامة. 0

المصادر تؤكد لنا صحة ما ذهب إليه خضير في إتهاماته و أنه لم يبالغ أبداً، الوافد الأردني فعلاً خان الأمانة و تقاضى عمولات غير شرعية على شركة مركز سلطان بمليون و نصف دينار نظير إستيراد فواكه و خضروات ، و لجأت أحد الأطراف المتنفذة الى إيقاف هذا الوافد خارج إطار القانون من خلال الضغط على هذا المقيم الأردني وزوجته والاستيلاء على أموالهما من دون أي سند قانوني أو قضية وحاولوا عابثين من خلال تغيير وتحريف محاضر التحقيق أكثر من مرة. خضير إتهم أحد كبار التجار بتحريض ضابط مباحث مخفر جليب الشيوخ على الوافد العربي من اجل اعتقاله وجلبه مكبلا للمخفر من دون محضر رسمي او سند قانوني او اذن من النيابة العامة وكان الهدف هو الاستيلاء على اموال الوافد العربي الموجودة في البنوك وتحويلها لحساب التاجر المتنفذ. 0

وافق الوافد الأردني بعد الإكراه على تحويل الاموال بشرط عدم المساس به أو بزوجته وعدم ابعادهما عن البلاد، وبعد ذلك توجه الوافد الأردني مع محاسب مركز سلطان واحد افراد المباحث لتحويل المبالغ الى مركز سلطان متحدثا مع مدير عمليات بنك الخليج ومحامي البنك رفضا تحويل تلك المبالغ بسبب ان المباحث معهما ولا يجوز التحويل بتلك الطريقة ومن ثم حضر جميل السلطان وايمن السلطان مع مستشاريهما واستغلوا نفوذهم للضغط على البنك لتحويل المبالغ، حينها تدخلت المستشارة القانونية في البنك ورفضت تلك المحاولات فطلبت زوجة الوافد من البنك ان يقوم بتحويل المبالغ لحسابها في البنك الوطني وبالفعل تم التحويل و من ثم الى حساب مركز سلطان. 0

لقد تعرض هذا الوافد الى إحتجاز لمدة 3 ليال من غير سند قانون و لقد تعرض الى إذاءات جسدية (الضرب) و نفسية شديدة إنتهت الى أمر مخجل و مجرد من الإنسانية و أبسط مبادئ الرجولة بإعتقال زوجة هذا الوافد و إقتيادها الى مخفر جليب الشيوخ لعرضها أمام زوجها بالملابس الداخلية! 0

البيان الأول

البيان الثاني

للأسف مثل هذه الأمور تجعلنا نحس بأن الدولة قد تحولت الى مافيات آل كابوني و لا حل و لا ربط و لا نظام و أن الفساد إستشرى و وصل مراكز عليا ما يجعل مكافحته أمرأ عسيراً. طبعت وزارة الداخلية فتحت تحقيقاً و كما هو الحال بكافة قضايا الفساد في الدولة فأن الجاني غير معروف و حفظت القضية. 0

المهم، تم إستغلال العطلة النيابية و سقوط الحصانة النيابية عن خضير ليتم إستدعائه الى نفس الخصم (النيابة العامة) و إذلاله عبر طلب كفالة مالية بخمسمائة دينار. هنا خضير للأسف لم يكن على قدر كاف من المسئولية و رفض دفع الكفالة مكتفياً بفزعة حدس معه. شخصياً أرى تعسفاً في هذه الكفالة ، لكننا دام نتكلم عن سيادة القانون يجب أن نلتزم به أولا (الكفالة) ثم نطالب بالمحاسبة فيما بعد. رفض خضير حول قضية الفساد هذه الى قضية سياسية إستغلها جاسم الخرافي للأسف للتقرب من حدس و محاولة تعويض مواقفه السابقة منها طمعاً في مساندتها في الإنتخابات المقبلة. 0

إن كان خضير يريد بمظهر البطل كان عليه أن إما أن يدفع الكفالة و يثير القضية مجدداً أو يرفض دفعها و يتحمل نتائج تصديه لقضية الفساد هذه. لكنه للأسف خق بسرعة (هل تذكرون قضية أحمد الشريعان في مجلس 1992 التي لفقتها له الحكومة آنذاك التي مست عرضه و أخلاقه و كيف أن ثبت حتى إكتشف الجميع الحقيقة). دستورياً يجب أن نشدد على الفصل بين السلطات و رغم مظلومية خضير ما كان يجب الخروج عن الأطر الدستورية و رسالة الخرافي سابقة خطيرة ستحمي الكثيرين فيما بعد (الم تلاحظوا فزعة سعدون حماد؟). جاسم الخرافي لم يحترم الدستور يوماً، أهان مجلس الأمة بإستمراره في الوزارة بعد حل مجلس الأمة سنة 1986 و روج للمجلس الوطني المقبور بتصريحه الشهير "إنسوا مجلس الأمة" في سنة 1990. 0

هذه القضية كشفت الوجه القبيح لبعض الكتاب المنافقين. وزير الداخلية بقى بعيداً عن الأحداث و النقد تماماً كما حصل في قضية بشار الصايغ و جاسم القامس أو قضايا التعذيب التي مست أشخاصاً أبرياء و أساءت الى علاقات الكويت ببعض الدول الصديقة فهو ليس مسئول عما يحدث في وزارة الداخلية!! القضية تم التحقيق فيها لمدة تزيد عن العام و تناوب عليها 4 من رجال النيابة بصورة متلاحقة بعد أن يتم تغييرهم بال سبب و ما زالت لجان التحقيق تتوالى من غير أي طائل أو نتيجة من أجل تمييع القضية. 0

كما قال عبد اللطيف الدعيج لا توجد سلطة مقدسة أو أشخاص لا يمكن المساس بهم إلا ما نص عليه الدستور. فلقد بالغ البعض في الدفاع عن السلطة القضائية، بحيث تحولت إلى سلطة فوق السلطات وخارج دائرة المراقبة والمحاسبة. المقدس و النفيس و الثمين هو مصدر السلطات .. الأمة .. الشعب و حقوقه التي تنتهك ليل نهار من مافيا الفساد التي بدأت تنخر في جدار العدالة وتمارس أدواراً أكثر جرأة بدعم من أصحاب السلطة والنفوذ والمال المستغل لضرب الأبرياء وسلب الضعفاء حقوقهم وكرامتهم. 0

ما أود أن أقوله هنا هو ان القضية هي قضية فساد في المقام الأول و الأخير ، لم ينجح خضير بمعالجته لها و خذله أصدقائه في "حدس و لا حرج" التي ينتمي اليها النائب المذكور الذين أصمو الآذان و لم يصدروا بيانا تأييدي و تركوه وحيداً في ساحة المعركة ما جعل سفيهاً مثل أحمد الشحومي يتطاول عليه مع ان هذه القضية تسقط حكومة بكاملها في البلدان الديموقراطية. ثم تداركوا الموقف عبر رسالة الخرافي. و هكذا نرى يوماً بعد يوم أن الدستور ينتهك و الحقوق تغتصب و الفساد ينتشر. هذه القضية يجب أن لا تحور و يجب الإستمرار في ملاحقة ضباط المباحث و النيابة العامة المتورطين في هذا الموضوع . 0

مثل هذه الممارسات تعتبر سبة في جبين ملف حقوق الإنسان في دولة الكويت، وحادثة غير مسبوقة يجب ألا تمر مرور الكرام فهذه الممارسات ستكون مثل كرة الثلج إذا لم نتصد لها جميعا فستصبح واقعا ممارسا بصورة مستمرة، ومع مرور الأيام لن يفلت منها أحد فتضيع هيبة القانون ويأكل القوي الضعيف وتنهار جميع القيم الإنسانية التي نادينا نحن ككويتيين لسنوات بها، بعد ان بذلنا الغالي والنفيس لتثبيتها في أركان المجتمع الكويتي. 0

هذه هي القضية الأساسية و ليست قضية إحتجاز خضير العنزي. لا تنخدعوا بما كتب من أولاد عمومة جميل و أيمن السلطان كحسن العيسى و محمد مساعد الصالح فهؤلاء يودون إخفاء القضية الأصلية بتحوير القضية. 0