Sunday 7 November 2010

ليلة واحدة في دبي لهاني نقشبندي

دبي هي نيويورك ، و هي دلهي ، هي باريس، و هي القاهرة ، هي الرياض و بيروت ، دبي هي أنا ، وهي أنت ، دبي هي كما تريد أن تراها
 
أقضي كثيراً من وقتي في "دبي" بحكم عملي. و قد ألفت تلك المدينة و أحببتها رغم إن كثيرون لا يجدونها سوى أعمدة من الإسمنت المسلح خالية من الحياة و إبداع الإنسان. لكني أحبها كباقي المدن "الكوزمبوليتان" التي لا تنام و لا تعرف ليلها من نهارها. و لقد حاولت في أسفاري أن أصطحب معي كتاباً ينتمي الى المكان الذي أزوره. لذا كان إختياري لهذه الرواية التي تحكي عن حياة شابة عربية مهاجرة تشعر بالوحدة في تلك المدينة. 9
 
تستيقظ تلك الشابة ذات يوم فتجد عمارة شاهقة قد قامت فجأة بجانب مسكنها فحجبت ضوء الشمس عن نافذة غرفتها الوحيدة. تكتشف فجأة بأنها نست كل شئ عن نفسها ، حتى إسمها تحاول أن تتذكره بلا طائل. تحس بضياع الهوية. ترفض تلك المرأة الإستسلام ، فتبدأ رحلة البحث عن الهوية الضائعة و تغوص في تأمل أحداث حياتها و تعيش جروح الماضي الذي هربت منه الى دبي. أسرتها في الوطن ، حبها الكسير الذي إنتهى ، أحلام عاشت الفشل حتى إستمرأته و تعوّدت عليه ، مرارة الفراق و الخوف و الوحدة. فالعالم تحول إلى أرقام. فقد فيه الإنسان هويته ، لأن الاشياء المادية أصبحت أغلى من الإنسان و إبتعد عن الحب و الروحانية. 9
 
حتى إلتقت بحارس عمارتها. ذلك الهندي المغلف بالبساطة ، تجده نهراً يفبض بالحكمة الإنسانية المتجاوزة لحدود الاختلاف بين الثقافات والديانات. فتنهل منها حتى تجد ذاتها. يتحدث بلغة شعرية صافية عن الأصابع الخفية التي تحرك مصائرنا في الحياة. فتنشأ بينهما علاقة روحية قوية شبيهة بالعلاقة الصوفية بين الشيخ و المريد. تستأنس به لكي يساعدها و يفتح لها آفاقاً جديدة في رحلة البحث عن ذاتها ، و عن ذلك الصوت الخفي الذي ينبع عن عقلها و روحها و جسدها و يدلها على الطريق الذي أضاعته. 9
 
يحدثها الحارس عن الوحدة فيقول : "الوحدة تشبه السعادة ، كلتاهما تنبع من المصدر ذاته ، من دواخل نفوسنا. من لا يكون سعيداً في داخله ، لن يسعد الآخرين. من أجل ذلك نحب من يضحكنا و يسعدنا و يسلي عنا ، لأنه يعوض عمّا نعجز عن صنعه في أعماقنا". لا شئ في حياتنا يستدعي العجلة ، لكن الإنتظار يفصلنا عن الآخرين و يشعرنا كم نحن وحيدون. و يرى الكاتب بأن الوقت هو خصم المرأة القديم فحياتها قائمة على توقيتين : البلوغ و اليأس. و هذه نظرة قاصرة و خطأ عظيم وقع فيه الكاتب "الرجل" الذي يرى المرأة بعين الشهوانية و بقياس "الخصوبة" فقيمة المرأة أسمى و اعلى بكثير من ذلك . 9
 
كما يحدثها الحارس عن الحب فيقول : "الحب كالقتال ، يترك وراءه ندباً و لو خرج الإنسان منتصراً". فالحب الحقيقي عبارة عن وهم الإنتصار و الخسارة ، و في النهاية لا يوجد لا خاسر و منتصر. فالحب عندما يموت يتحول الى خسارة. أما عندما يثمر فهو إنتصار كبير. و في كلتا الحالتين ، يحتاج الحب الى "إرادة كبيرة" كي يستمر أو ينتهي". الحب و الكره نقيضان تجمع المعرفة بينهما. فنحن لا نكره ما لا نعرفه و لن نحبه بالمثل. لكن الأحاسيس القوية خادعة لا سيما إن أتت إنتظاراً لشئ نحتاجه. رائحة الورد ستبدو كرائحة الشواء عندما نتضور جوعاً. لذا سنتألم كثيراً إن توقّعنا الكثير من أناس لم نعرفهم بعد و يزداد إحساسنا بالوحدة ، فلندع الأيام تكشف عن الوردة غطاءها دون أن تعبث بها أصابعنا. أما "الهوية" فهي تكمن في حقيقة واحدة : حب الأشياء في داخلنا و من حولنا. عندما نحب المكان الذي نحن فيه فهو هويتنا. عندما نحب ديننا فهو هويتنا. و عندما نحب امرأة فهي هويتنا. و ما يطهرنا ليس الدين وحده بل الحب. كل دين يدعو الى الحب ، و بالحب يكون "الإيمان الحقيقي". 9
 
تنتمي الرواية الى أدب "الرمزية" فالكاتب يرى دبي هي الرمز لأي مدينة في العالم و فيها شئ من كل شئ ، فلا ينتقدها و لا يمدحها لأن الإنسان يحس فيها بضياع هويته كما هو حال باقي المدن الكبيرة ذات الإيقاع السريع. كما إن الرواية جعلت من الرجل منبع الحكمة الذي تنهل منه المرأة. و هي ذات نهاية مفتوحة لن أحرقها عليكم ، و هو أمر "حكيم" في حد ذاته ، فما النهاية سوى بداية جديدة لأحداث مختلفة ! 9

8 comments:

Anonymous said...

سألتني سؤال بالبوست السابق

إضافة للرواية اللي قاعد اقراها (ذات) لصنع الله ابراهيم, قريت بالسابق رواية بعنوان: أمري كان لي

Yara said...

أصدقائي متحمسين لها ويلحون علي بقراءتها

أنا حاليا على وشك الأنتهاء من رواية سيدة من تل أبيب لربعي المدهون

Um il sa3af wil leef said...

اعجبتني واااايد بشتريها وأقرأ تفاصيلها

شكرا جزيلا

ebtsamh said...

عجبني نقدك ورايك بأن المرأة قيمتها

اسمى >> ع فكره هالحقيقه قلما يدركها

الآخرين . أحب هالنوع من الروايات

الذي يناقش فلسفة وفكر برمزيه اكثر

من صور غرامية واحداث طويله

شكرا استمتعت ..

يوم سعيد

حلم جميل بوطن أفضل said...

غير معرف 1

شكراً

حلم جميل بوطن أفضل said...

يارا

شلونها ؟

حلم جميل بوطن أفضل said...

أم السعف و الليف

عفواً

حلم جميل بوطن أفضل said...

ابتسامة

أنا لست عدواً للمرأة. أنا فقط نصير للرجل

:)