Thursday 26 July 2007

في البامية من جديد

ماذا بعد أن وضعت حرب الإنتخابات التركية أوزارها؟ فقد حقق حزب العدالة و التنمية فوزا مدويا في الانتخابات التشريعية وبأغلبية تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده فيما وصفه المراقبون بأنه ضربة للعلمانيين بمن فيهم قادة الجيش الذين اضطروا زعيم الحزب الحاكم للدعوة إلى انتخابات مبكرة بعد خسارته معركة تعيين رئيس البلاد. ويرى المحللون أيضا أن هذه الانتخابات كانت اقتراعا بالثقة على سياسات أردوغان خلال السنوات الماضية وجاءت نتائجها بمثابة تفويض قوي بمواصلة إصلاحاته. و قد تعهد رئيس الوزراء التركي باحترام المبادئ الأساسية للجمهورية التركية وعدم تقديم تنازلات بشأنها وخصوصا العلمانية. وأكد أردوغان تصميمه على مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والديمقراطية، ووعد أيضا بالمضي قدما في مسعى بلاده للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. 0
وأظهرت النتائج النهائية حصول الحزب الحاكم بزعامة أردوغان على نحو 47% من الأصوات، أي بزيادة تقدر بنحو 12% عما حققه في انتخابات عام 2002 و هي المرة الأولى منذ نحو 52 عاما في تركيا التي يتمكن فيها حزب حاكم من زيادة نسبة الأصوات التي حصل عليها.ولم يتجاوز حاجز العشرة في المائة الضرورية كحد أدنى لدخول البرلمان سوى حزبين علمانيين آخرين هما الحزب الشعبي الجمهوري القومي وحصل على 20%، وحزب الحركة القومية المنتمي لأقصى اليمين الذي حصل على 15%. في ضوء ذلك سيشغل حزب العدالة والتنمية 341 مقعدا من 550 في البرلمان الجديد وكان يشغل في البرلمان المنتهية ولايته 352 مقعدا لأن تمثيل عدد أحزاب أكبر في البرلمان أدى لتناقص مقاعد الحزب الحاكم رغم الزيادة التي حققها. 0
لقد أشرت في مقال سابق الى التكتيكات التي إتبعتها الأحزاب العلمانية في تركيا من تهديد بتدخل الجيش و الإعتداء على خيار الشعب. كتبت هذا و كنت أتوقع أن الرد سيكون جاهزاً لدى البعض و لقد أشرت لهذه النقطة في رد في نفس الموضوع
هناك بعد آخر في المقالة فضلت عدم نشره حاليا و أعتقد أنه كان سيجعل الموضوع أكثر ترابطا و توازنا. و لكنني فضلت مشاهدة الردود أولا. أتوقع أن يأتي هذا البعد (المحجوب) في أحد الردود .. و أن لم يأتي .. لنشرته بنفسي
لكنني و بصراحة تفاجأت من عدم إثارة النقطة مما أكد لي بشكل قاطع الخلل الكبير في الذهنية الشرقية علمانية كانت أم إسلامية. و لقد حان وقت النشر!! 0
بالله عليكم .. ألم يتساءل أحداً منكم لم نجح المشروع الإسلامي في تركيا العلمانية و لم ينجح في السعودية أو إيران؟ ألم يخطر ببال أحد أن سبب ذلك هو إعتماد هذا المشروع الإسلامي على قضايا التنمية بعيداً عن محاولات الإستئثار بالسلطة و تهميش الآخر و أن سبب قوة الإسلاميين هو النظام المدني للدولة الذي جعل مشروعهم واضحاً و إنجازاتهم الإقتصادية ماثلة أمام أعين الجميع؟ فقد نجح أردوغان في السيطرة على معدل التضخم والحفاظ على إجمالي نمو اقتصادي قوي وجذب الاستثمارات الأجنبية إضافة إلى إطلاق محادثات الانضمام مع الاتحاد الأوروبي. 0
لماذا لم يثير حزب العدالة و التنمية مشاريع البلوتوث و ضريبة الزكاة أم 1% و عطلة يوم السبت و إرتداء الدشداشة و البخنق في المدرسة؟ أليس هذا بدليل على أن مدنية الدولة و إبعاد الدين و رجاله عن إتون السياسة قد يحقق الأهداف التي يرمي اليها المشروع الإسلامي من عدالة و حرية و رقي إجتماعي و إقتصادي؟
الشئ الآخر الذي لمسته من الموضوع السابقة هو أن العلمانية بنظر البعض هي الهدف و ليست وسيلة لتحقيق الهدف الأسمى. فما هي الليبرالية؟ ألا تعني تمحور الأهداف و القيم حول الإنسان نفسه؟ هل إن تحقق هذا الهدف بواسطة أي طريقة كانت نكون قد أنجزنا ما نحاول تحقيقه؟
للأسف .. البعض يتقنع بالعلمانية لا حباً في هذا الأنسان بل بغضاً في أمور أخرى .. لذا ليطرح كل منا مشروعه التنموي و ليعمل من أجل رخاء المجتمع و إستقراره .. بدلاً من النظريات السقيمة التي لا تغني و لا تسمن عن جوع .. و ليكن التنافس موجها لصالح المجتمع و تقدمه لا من أجل تهميش هذا أو هذاك !! 0
العلمانية تعني لأصحاب البامية هي تطبيق نمط حياة استهلاكية جديدة للبضاعة الثقافية الرائجة لطبقات معينة فيما يمكن وصفه بأنه أصولية و عنفٌ كلامي و جسدي معادية للإسلام بشكل خاص. بينما العلمانية هي نظام حكم و نظرية في فصل الدولة عن الدين و ليست فقط معاداة للإسلام الحركي. 0
هل عرفتم الفرق الآن بين باميتنا (علمانيتنا) و علمانيتهم ؟؟

6 comments:

Unknown said...

اول تصريح صرحه اوردغان هو نحترم العلمنة

عزيزى الامثلة التى ذكرتها
لا تتفق مع مرحلتهم هم شعب من يوم ما اتاتورك وصل للحكم مسح ونسف كل ما هو متعلق بالدين
شعب يسكر ليلة راس السنة وثاني يوم رمضان
قد تكون علمانيتهم ملائمة لهم لان ارضية الدولة مهدت لذلك ولكن نحن ارضية الدولة قائمة على المادة الثانية من الدستور فكيف ندير بلد بهذه الطريقة
ناهيك عن طبيعة المجتمع نفسه نحن مهما بلغنا مجتمعات تدار بعقلية قبلية
ولكن هناك عقليات قبلية نجحت
دبي و قطر والسعودية ونحن غلطنا قبليتنا بديمقراطيتنا فانتجت نعجة دوللى خنثى
لا هي ذكر ولا نثية

مشكور على الموضوع الطيب

الطارق said...

التجربة التركية تحتاج منا التأمل والتفكير العميق فيها ، والذي أعرفه أن هناك جلسات نقاشية تدور بين الإسلاميين في العالم العربي وبين حزب العدالة والتنمية التركي ، وأظن أن الحركات الإلامية الناضجة في العالم الإسلامي ستستفيد من هذه التجربة .

أما العلمانيين - أقصد علمانيينا - فمن زمان أنا غاسل إيدي منهم ، فهم ليسوا علمانيين وليسوا ليبراليين من الأساس .

وأظن أن نقطة أخوي مشاري في محلها لابد إذا أردنا قياس التجارب وتقييمها أن نقيمها في سياقها ، فالمجتمع التركي يختلف عن مجتمعاتنا العربية ، وهذه نقطة يجب أن توضع في الحسبان .

شاكر لك يا زميلنا الحلم الجميل تسليط الضوء على هذه التجربة .

تحياتي

Mohammad Al-Yousifi said...

ممتاز

عندنا كلام كثير بس المرض مو مخليني اعرف افكر و اكتب

حلم جميل بوطن أفضل said...

مشاري

لا أدعو الى نسخ تجربتهم. لكن فقط ادعو الى الممارسة السياسية الصحيحة و التنافس على قضايا التنمية .. لا هوامش القضايا

نحن لسنا قبليون مع إحترامي للقبائل و أبنائها الذين هم كويتيون مخلصون. الدستور الكويتي يدعو للدولة المدنية و ليس فيه ادنى إشارة الى القبلية

نحن من خربنا هذه الدولة و السلطة عبثت بكل قيم المجتمع

قطر عقلة قبلية .. ممكن

السعودية نجحت ؟ لا أعتقد

دبي قبلية ؟؟ أيضاً لا اعتقد .. تقصد أبو ظبي .. دبي مالها علاقة بالقبيلة

حلم جميل بوطن أفضل said...

الطارق

فيما يخص العلمانيون و الليبراليون الكوايتة .. أتفق معك الاف يصفة التعميم .. هناك منهم فعلاً من يعي هذه المعاني و يحاول تطبيقها بكل إخلاص و نزاهة .. كما يحاول كلا منا تطبيق أفكاره

مرة أخرى .. لست وراء نسخ التجربة !! فقط الممارسة الراقية و العمل نحو التنمية لا النقاش حول قوانين البلوتوث و الساعة الثامنة

حلم جميل بوطن أفضل said...

كله مطقوق

سلامات .. من كثر ما تتكلم عن نفسك .. صابتك عين

:P