إنبطح ينبطح إنبطاحاً

كتبت في السابع و العشرين من نوفمبر الماضي مقالة تحت عنوان "ليلة القبض على عبداللطيف الدعيج" عددت فيها مظاهر التخلف في أداء حكومتنا الحالية و وصمت الكاتب الكلاسيكي بأنه إنبطاحي و لن يغير من منهجيته الجديدة التي لا تستند لا على عقل و لا على منطق كما إنتقدت ذلك البحث اللاهث عن وهم ما يسمى ب "الإستقرار السياسي" دون إدراك حقيقة أن الإستقرار لا يتحقق إلا بحكومة قوية تملك الرؤية و المنهجية الواضحة و تعتزم حقاً على مكافحة الفساد و إعادة الأمور نحو الدولة المدنية التي نص عليها دستور 1962. 9

و بعدها بأيام أصدر الكلاسيكي معلقته الجديدة في جريدة القبس تحت عنوان "ما صارت خمسة ملايين" و التي حاول فيها الدفاع عن إنبطاحيته مشيراً الى ما وصفه بالمسبة الجديدة ألا و هي الإنبطاحية ! 9

وقتها لم اكن أشأ الدخول في مهاترات جانبية في توقيت حرج زامن إستجواب رئيس مجلس الوزراء و أن أعطي لمن لا يستحق الكثير من الإهتمام مساحة في هذه المدونة. لكن من اللازم أن تصل الصورة واضحة للجميع .. و للكلاسيكي على الأخص قبل غيره .. حتى لا يحرف مواضع الكلم عن مقاصدها و ينجرف في أوهامه التي تبرر له مواقفه الإنبطاحية. 9

حسناً ،، يا راعي الحريات .. هل أصبح وصمك بالإنبطاحية "مسبة" ؟ إذا فنحن نسبك أليس كذلك ؟ و ما قام به الجاهل من بذاءات لم تكن مسبة و لم تهز شعرة في جسدك الذي كان نحيلاً ؟ بل دافعت عنها تحت إطار الحريات و يا عيني على هالحريات ؟ تباً لتلك الحريات التي تفصل على مقاسك الخاص أيها الكلاسيكي الإنبطاحي. 9

المشكلة يا رفاق ،، أن هذا الكلاسيكي الإنبطاحي يريد أن يخلط الزيت بالماء. يريد أن يوهم الجميع بأن إنبطاحيته تلك هي من ستوصلنا للدولة المدنية و سيادة القانون. أي سيادة قانون تلك حين تتم مخالفة قوانين المناقصات و ديوان المحاسبة و نظم و لوائح وزارة المالية و تسرب خمسة ملايين دينار في فترة الإنتخابات كما تسربت ملايين الدنانير من ديوان رئيس مجلس الوزراء ؟ أي سيادة للقانون حين يضلل الوزير الشعب الكويتي و يقول بأنه أحال القضية للنيابة رغم تلقيه كتاباً من النيابة قبل جلسة الإستجواب يفيد بعكس ذلك ؟ أي سيادة للقانون حين تدافع عن الوزير الى الرمق الأخير حتى إذا ما مُنع نصر حامد أبو زيد من دخول البلاد إنقلبت على عقبك و تكوكست بإنبطاحية معهودة و كتبت بأن "الشيخ ناصر «ما فيه طب» ولا يبدو بالفعل انه قادر على مواجهة خصومه والتعامل مع التحديات التي تواجهها حكومته.. لهذا فان القرار المطلوب والخيار الوحيد هو الانضمام الى موقعي عدم التعاون والانتصار للحريات". بل زدت على ذلك بقولك أن "وجود الشيخ ناصر أصبح أكثر كلفة على البلد وأشد خطرا على القوى الوطنية" !! 9

الله أكبر .. ألم يكن هذا نفس من دافع عن رئيس الوزراء و وزير داخليته حتى الرمق الأخير ؟؟ كيف أنقلب بين ليلة و ضحاها ؟ هل كانت كتاباته مبنية على قناعات ؟؟ أم هي مجرد أهواء شخصية تفصل المبادئ على حسب مشيئة تلك الأهواء ؟

و حين إنتقد عموم الناس و بموضوعية شديدة و إحترام دعوات النائب علي الراشد لتنقيح الدستور عن طريق الإستفتاء العام ،، هب الكلاسيكي لمناصرة رفيقه في معسكر الإنبطاح بدعوى حرية الرأي و هذا شئ محمود و لم يستنكره أحد. لكن لم تكثر عمن يخالفه الرأي حقه في النقد و فضح هذه الدعاوي المشبوهة ؟؟ لكن لحظة .. ألست أنت من كتب بأن كل من هو ضد الشيخ ناصر المحمد هو ولد حرام ؟؟ هل قابلنا "مسبتك" تلك بمسبة على وزنها يا "بيل أورايلي" القبس ؟ و قبل ذلك ،، من ظل لسنوات يكتب عن خفافيش الظلام و قوى التأسلم ؟ إن مُسحت تلك الكتابات من ذاكرتك بفعل إنبطاحيتك الجديدية فلم تُمسح من ذاكرتنا نحن. 9

و عندما كان الجميع يقيّم أعمال حكومات ناصر المحمد المتعاقبة و خطاياها في حق الوطن .. خرج علينا الكلاسيكي فجأة لكي يوهم الجميع بأن القضية هي قضية الرياضة المغتصبة من عيال عم الشيخ سلمان ! طيّب و من سمح لهم بإغتصابها ؟ و من تقاعس عن تطبيق القانون و خاف من مواجهة الشيخ طلال الفهد و شقيقه نائب رئيس مجلس الوزراء ؟ اليوم إمتدت الإنبطاحية و قدمت الحكومة تعديلاتها على قوانين الرياضة مخافة إيقاف النشاط الرياضي و للأسف قبل النواب الأفاضل مرزوق الغانم و صالح الملا و عادل الصرعاوي هذه التعديلات لتهبط الصفعة القاسية على قفا الكلاسيكي و من صدقه عبر كتاب اللجنة الأولمبية القاضي بإيقاف عضوية اللجنة الأولمبية الكويتية !! لوين رايحين يا إنبطاحيين ؟؟ و كفاكم ضحكاً على ذقون هذا الشعب ! بماذا أفادتكم الحكومة و نحن نشهد هذا التمرد على قوانين الدولة ؟ يله ورنا مراجلك يا كلاسيكي فنحن نجابه هؤلاء المتمردين و أعوانهم في مجلس الوزراء قبلك و نعلي الصوت و نقول لا لحكومة لا تستطيع مواجهة الفساد .. فماذا سيكون موقفك يا ترى غير مزيد من الإنبطاح. 9

دعني أخبرك المزيد كي تكتب عنه يا كلاسيكي .. في الجلسة التي ترافع فيها الشيخ طلال الفهد نيابة عن مجالس إدارات الأندية العشرة المنحلة في الدعوى المقامة ضد الهيئة العامة للشباب و الرياضة ،، قام السيد طلال بدخول غرفة المداولة الخاصة بالقضاة منفرداً و إجتمع بهم دون حضور محامي الدولة .. و حين حاول محامي الدولة الدخول تم منعهم من قبل المرافقين الخاصين بالشيخ طلال !! فماذا أنت فاعل يا عزيزي ؟؟

الدوس يتم ببطن القانون من قبل الحكومة يومياً .. فهي من يخالف قانون الإفصاح عن الملكيات في الشركات المدرجة في البورصة .. و لا تعلن عن تدخل محفظتها الوطنية من أجل إنقاذ الشركات التابعة لمجموعة الخرافي حتى لا تقع تحت طائلة قانون حماية المال العام. و هي أيضاً من يمارس الصرف على إستقرار الشركات التي أهدرت أموال مساهميها و تدخلت في الإقتصاد الذي تدعو أنت الى حريته و عدم بعثرة الأموال العامة على الأشخاص أو المجموعات الإقتصادية رغم إن الدستور الكويتي و في مادته الواحدة و السبعون على أن المرسوم الصادر في فترة غياب مجلس الأمة يجب أن يعرض في أول جلسة لمجلس الأمة فإن لم يعرض فقد زالت قوة القانون بأثر بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك. فأين من يتحدث عن سيادة القانون و أين من يتحدث عن مفهوم الإنتاجية و الإبتعاد عن نثر الأموال لمساعدة المتعثرين ؟

و في مثال آخر على الوهم الذي يحاول الكلاسيكي زرعه .. حين حاول المقارنة بين تيارات الإسلام السياسي و بين نائبة ال "إجه إجه" الست رولا في الموقف من إحتفالات الكريسماس و رأس السنة الميلادية. و قد أكد فيها عن سعادته بموالاة نواب الموالاة كالست رولا لأنهم إنتصروا. حقيقة صدق من قال "إلا الحماقة .. أعيت من يداويها" !! و من منع هذه الإحتفالات يا كلاسيكي يا محترم ؟ ألم تكن حكومة ناصر المحمد و وزير داخليتها الذي شكره نائب المعارضة وليد الطبطبائي على جهوده في مكافحة الفرح و التضييق على حريات الناس ؟ ألست أنت و الست رولا من دافع عنه بإسم الحريات و تحت شعار مكافحة الفرعيات ؟؟ و أي فرعيات قد كافح ؟؟ لماذا لم تكافح وزارة الداخلية فرعيات قبيلة الرشايدة ؟؟ و ما أسباب مناصرة نواب هذه القبيلة (الخرينج و الخنفور و المويزي) لوزير الداخلية في جلستي طرح الثقة ؟! 9

 

القول بأن مناصرة الحكومة هو إنتصار للدولة المدنية و لسيادة القانون هي كذبة كبيرة جداً يتقولها كتاب الإنبطاح .. الذين إنبطحوا .. و إنبطح النواب من فوقهم .. و إنبطحت الحكومة من فوقهم جميعكم و فعلت بهم ما فعلت من أفعال خادشة لسيادة القانون و الدولة المدنية و "كسرت عينهم". و هذا الإنبطاح لا يعني "حتماً" الخيانة و بيع الضمير من أجل حفنة نقود ، لكن ما نتساءل بخصوصه ما هي مطالب الإنبطاحيين لحكومة الإصلاح ؟ هل سيعود مناخ الحريات ؟ و هل ستشجع الثقافة و الفنون ؟ و هل سيتم إصلاح التعليم و تطوير المناهج ؟ و هل ستتوقف عطايا البخور و المسابيح ؟ و هل ستوقف جرائم المال العام في حق أموال متقاعدي مؤسسة التأمينات الإجتماعية التي تحدث عنها كثير من المدونين الناشئة و صمت عنها الكتاب الكلاسيكيون ؟؟

ما نقوله بأن إنبطاح التيار الوطني الجديد من غير ذي جدوى و لن يوصلكم لا للدولة المدنية و لا سيادة القانون بل ستتوالى الصفعات في وجوهكم كما يحدث كل يوم. بل إن هذا يثير الريبة و يدفع الشكوك نحو مآرب خفية من هذا الإنبطاح ، سنتحدث عنها في حينها. حقيقة الأمر إنك تدافع عن حكومة تضم في عضويتها الشيخ أحمد الفهد و تناصرها و تناصر خطواتها الإصلاحية "المزعومة" لمكافحة الفساد .. و نحن نرفض مثل هذه الحكومة جملة و تفصيلاً .. هذه هي حقيقة الأمر بلا رتوش ! 9

المقال القادم بعنوان "يا أحرار الكويت إنبطحوا" .. و أيضاً الكلام لك أيها الكلاسيكي !! 9