Showing posts with label سياسة خارجية. Show all posts
Showing posts with label سياسة خارجية. Show all posts

Sunday, 25 September 2011

صلابة الجبهة الكويتية ،، والمحيط الخارجي

من يقرأ التاريخ جيداً مشفوعاً بالاوضاع السياسية المحيطة حالياً بدولة الكويت سيجد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الكويت كدولة هي الأصلب مقارنة ً بالدول المجاورة لها.9
المثلث الكويتي منذ تـأسيسه في منتصف القرن السابع عشر كمجتمع قبلي صغير متعايش استطاع التعامل مع متغيرات كثيرة كالدولة العثمانية و بريطانيا العظمى ...الخ ، إلاّ أن هذه المتغيرات كانت متزامنة مع ثابت واحد في الكويت هو الاستقرار الاداري - سواء قبل إعلان الدولة أو بعدها - حسب العقد الاجتماعي بين آل الصباح وبقية الأسر الكويتية. بل و حتى عندما حدثت كارثة الغزو الصدّامي؛ لم يكن أشد المتفائلين يتوقع ذلك الاصطفاف الكويتي الشعبي الكامل خلف القيادة الدستورية المتمثلة بسمو أمير البلاد من أسرة الحكم الصباحية؛ مما أجبر جميع المجتمع الدولي العقلاني على تأييد حق تحرير الدولة وإعادة الشرعية لنصابها.8
ومقارنةً بالكويت منذ أن بدأ حكم آل الصباح لها في حوالي 1756 ميلادي إلى اليوم ، نرى في نفس الفترة الزمنية على سبيل المثال لا الحصر أن:7
السعودية (كمسمى الدولة الحديث) قد عاصرت قبل نشوئها تحولات كثيرة في أنظمة حكم مناطقها المختلفة كدهام بن دواس آل شعلان و الدولتين السعودية الأولى و الثانية و بني زيد و آل علي في نجد ، و الأشراف في الحجاز، و بني خالد في شرق الاحساء ، بالإضافة إلى التواجد العثماني. 6

أما إيران (كمسمى الدولة الحديث) ، فقبل الثورة الإسلامية كان هناك آل بهلوي و القاجاريون و الزنديون وسلالة أفشاريد. 8
و كذلك العراق ، فمن الحكم العثماني ؛ إلى الاحتلال البريطاني ؛ متبوعة بالملكية الهاشمية ؛ وبعدها انقلابات العهد الجمهوري بتسلسل عبدالكريم قاسم ثم الشقيقين عبدالسلام و عبدالرحمن عارف مروراً بحزب البعث وصولاً إلى الاحتلال الامريكي و الحكم الحالي.3
إذن ؛ فالخلاصة هي أننا و لو كـنــّا الأصغر حجماً فما نزال الاكثر استقراراً ، وجميع المؤشرات تشير إلى أن المحيط الذي حولنا هو اكثر عرضة للتغير منـّا. وبالتالي فـإن سياستنا العامة يجب أن تكون مبنية على صلابة الجبهة الداخلية و عدم وضع بيضنا كله في أي سلة من سلال الدول المحيطة و إن مـيـّـزنا علاقاتنا ببعض الدول عن الاخرى وفضّـلنا بعضها على بعض ، فمصلحتنا كويتية بالدرجة الأولى و إن تراءى للبعض بأن الكونفيدرالية مع السعودية أو مغازلة ايران أو تدليل العراق هو الحل الافضل و الأسلم لاستقرار الكويت في ظل الصراعات المتنوعة القائمة محليّا ً وإقليمياً. 3

Sunday, 11 January 2009

غزة : للضمير كلمة

من أصعب المواقف على الأب هي حين يقف عاجزاً عن إغاثة أطفاله وقت العسرة. و من أصعب اللحظات على رب الأسرة حين يشعر بأن ليس بمقدوره حماية عائلته. هذا بالضبط هو ما أحس به و يقشعر له بدني حين أرى صور الأبرياء من الأطفال و النساء و الشيوخ و هم يقتلون بوحشية من قبل جلاوزة النظام الصهيوني. و حين أقول بأننا نعيش في زمان المتناقضات فإنني لا أبالغ في قولي هذا. فنحن في زمن بلغت المتناقضات فيه مبلغاً تجعل "بينوكيو" يخجل من "مصداقيته". 9

حين نرى بأن مواخير الإلحاد الملتحفة كذباً و زوراً بستائر العلمانية و الليبرالية (و هي منها برّاء) تنزع أقنعتها الكريهة و تقر بعنصريتها في مساندتها لنظام عنصري ديني في جرائمه ضد مواثيق حقوق الإنسان فإننا لا نعجب. خصوصاً عندما نرى مواقف مبدئية أصيلة من العلمانيون المحترمون لما يدعونه من مبادئ. 9
حين نرى كيف يتخلى المسلم عن أخاه المسلم و هو يقتل و يذبح يومياً بحجج واهية كإلقاء النفس في التهلكة دون أن يذكر نفسه بمقاومة الشعب الكويتي الشجاعة ضد محتل ظالم. حين نرى هناك من يحرم الإستعانة بدول غير عربية متناسياً فتاوى الأمس في جواز الإستعانة بقوات أهل الكتاب فإننا لا نستغرب. 9

حين نرى أدبيات من يلقي قصائد الشعر على موائد الأمراء و الملوك في النخوة و الشجاعة و مساعدة الضعيف و نصرة المظلوم تتلاشى و تحل محلها قصائد المديح في النظم التي خذلت شعوبها طمعاً في رضى الأجنبي الغريب عنها فإننا لا نستنكر. تلك هي ثقافتنا التي جبلنا و تربينا عليها طوال ألف و أربعمائة سنة، ثقافة الشجاعة الصوتية التي لم تطلق رصاصة في حياتها قط. 9
حين نرى من يخرج و يطالب بالعقلانية و ضبط النفس و يقر بحق إسرائيل في الدفاع عن الناس و يتغاضى عن حق الفلسطينين في مقاومة المحتل الذي أقرت بإحتلاله قرارات الأمم المتحدة و مجلس الأمن و المعاهدات و المواثيق الدولية فإنه لا يسعنا إلا أن نستذكر قصيدة "أحمد مطر" الخالدة : 9
عباس وراء المتراس
يقظ منتبه حساس
منذ سنين الفتح يلمع سيفه
ويلمع شاربه أيضا، منتظرا محتضنا دفه
بلع السارق ضفة
قلب عباس القرطاس
ضرب الأخماس بأسداس
(بقيت ضفة)
لملم عباس ذخيرته والمتراس
ومضى يصقل سيفه
عبر اللص إليه، وحل ببيته
(أصبح ضيفه)
قدم عباس له القهوة، ومضى يصقل سيفه
صرخت زوجة عباس: " أبناؤك قتلى
عباس
ضيفك راودني
عباس
قم أنقذني يا عباس" 9
عباس ــ اليقظ الحساس ــ منتبه لم يسمع شيئا
(زوجته تغتاب الناس)
صرخت زوجته : "عباس ، الضيف سيسرق نعجتنا" 9
قلب عباس القرطاس ، ضرب الأخماس بأسداس
أرسل برقية تهديد
فلمن تصقل سيفك يا عباس" ؟"
لوقت الشدة ،، إذا ، اصقل سيفك يا عباس
لا أحد يجرؤ أن يهاجم أرض الكنانة "مصر" و لا شعبها و يحاول المزايدة فيما يخص القضية الفلسطينية فهي قدمت من الشهداء ما يتجاوز الدولة العربية قاطبة. و لكن النقد ينصب على النظام المصري ، و هناك فرق جوهري بين النظام و الدولة. فأبناء مصر هم من ينتقد نظامهم الذي ذاقوا منه الويلات. نظامهم الذي حبس الماء و الهواء عن أهل غزة بتواطئ فاضح مع النظام الصهيوني و ساداتنا الأمريكان من خلفهم. أرجو أن لا يحاول أحداً إنكار ذلك. فأحبار قصص الملك حسين في حرب تشرين لم تجف بعد. بل تناثرت الأنباء عن إضطرار تل أبيب لإدخال المساعدات القطرية لسكان غزة بعد أن تعثر وصولها عن طريق الجانب المصري. يعني حتى الأعداء أصبحوا أرحم من النظام المصري الذي إنكشفت تبعيته و عمالته تماماً اليوم. 9

نعم هو النظام المصري هو من نهاجم اليوم لا الشعب المصري. لكننا في خضم نقدنا هذا يجب أن نعرف حجمنا و قدرتنا على التأثير. لذا فقد سعدت جداً حين ألغيت مظاهرة إتحاد الطلبة الموجهة ضد السفارة المصرية. فلسنا دولة ثورية تناطح العالم أجمعه. بل نحن شعب صغير مسالم ينشد السلام لنفسه و لباقي الشعوب. و سوف تفسر تلك المظاهرة بسهولة على إنها هجوم و إصطفاف ضد الشعب المصري في وقتٍ نحن أحوج ما نكون فيه الى الوحدة والتعاضد. لذا يجب أن نكون حذرين في مسألة إستنكارنا لصمت زملائنا و أحبائنا و أصدقائنا على جرائم التطهير العرقي في غزة. مخجل أن يتم تبرير تلك الجرائم بموقف سياسي ضد حدس ، فمن الطبيعي أن تصطف حدس وراء إحدى تنظيمات الإخوان المسلمين. هذا أمرٌ مسلم به و لا ينفي عدالة القضية بتاتاً. لكن ما هو غير طبيعي أن نستنكر صحوة ضمير شعب قد قاسى صنوف التعذيب من قبل محتل غاصب غاشم. هل سنستغرب أن يتحول الطفل الذي فقد عائلته و أصدقائه و السقف الذي كان يستظل بظله الى قنبلة موقوتة و مجاهداً في الزمان و المكان الخطأ؟ ألن يترعرع هذا الغضي على مشاعر الكراهية للعالم بأسره (بمن فيه نحن) ؟
أقول ،، مع هذا كله ،، يجب أن لا ننجر الى خطابات التخوين و التكفير و الإتهامات بالنفاق. فقط لندعو لإخواننا بالهداية ، فتلك ثقافة المسلمين للأسف التي طوعتها فتاوى وعاظ السلاطين و أكاذيب النخب الفكرية. هذه الثقافة المؤسسة و المزروعة بداخلنا لا يمكن تغييرها في يوم و ليلة بل علينا أن نحاول أن نكسب مزيداً من الأصدقاء بدلاً من أن نخلق مزيداً من الأعداء. 9
هو وقت عصيبٌ هذا الذي نعيشه ،، لكن لا يسعنا إلا أن ندعي الآخرين بالحسني. و كان الله في عونكم يا أطفال فلسطين ،، و غفر الله لكل من تخاذل عن نصرتكم أياً كان مذهبه : إنسانياً كان أم إسلامياً أم مجرد فزعةً جاهلية ! 9
فقط هي اللعنة عليك يا عباس ! 9

Monday, 11 August 2008

أنا السندباد المغترب

ما هي أقسى محنة أمنية مرت بها الكويت ؟ سواء في تاريخها القديم و الحديث؟ أعتقد بأن الجميع يتفق بأن كارثة الغزو العراقي كانت هي الأبشع. و قد تمت في ظل غياب السلطة التشريعية و إنفراد مؤسسة الحكم بمقاليد الأمور في البلاد. و لقد شكلت لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول الغزو العراقي في برلمان 1992 ترأسها آنذاك السيد أحمد باقر ، و لم تنشر نتائج هذا التحقيق حتى يومنا هذا و لم تتم محاسبة أية مسئول أو فرد و لكن الكل يتحدث اليوم عن نصب المشانق و الإبعاد و التسفير دون أن يتكلم عن خطيئة الإحتلال التي أودت بالبلد من غير أدنى صورة من صور تحمل المسئولية. ما السبب؟ لا أدري ، ربما الجُبْن ، ربما الزيتون ، ربما عدم القدرة على مواجهة الحقيقة المرة ! 9

و منذ أيام قليلة مرت علينا الذكرى الثامنة العشر للإجتياح الصدامي و نشرت العديد من المدونات مواضيع تتكلم عن ضرورة عدم نسيان هذا الغزو. للأسف الجميع كان يتكلم عن أهمية عدم تناسي آثار هذا الغزو ، دون أن يتكلم عن الدروس المستفادة منه. ففي الغزو برز التكافل بين أبناء الوطن و وحدة صفهم و رغبتهم على تناسي أخطاء المرحلة السابقة. و من هذه الأخطاء الدعم اللامحدود الذي تلقاه حامي البوابة الشرقية في مواجهة الغزو الصفوي و الهجمة البربرية التي طالت كل من إمتلك قليلٌ من الشجاعة ليحذر من مخاطر هذا الغول الشمالي. لكن أصوات الغباء و الطائفية كانت أقوى فتعالت أصوات الجارلله و أحمد عبدالله حسين و هي تنادي : ألقوا بالطابور الخامس في البحر ، بعد أن رفض ثلاثة من نواب الأمة مشروع بقانون يقضي بمنح قروضاً و تسهيلات مالية الى النظام البعثي. اليوم يحاول جهالة القوم فعل الشئ نفسه و كأننا لم نتعلم من طراق الغزو ، إذ يقولون بأن كل طراق ب "تعلوم" لكن هل تفتهم الخراف؟ 9
و عندما ساءت العلاقات في صيف 1990 ، خرجت علينا دبلوماسيتنا الشامخة بتصريحها الأثير "الأزمة مجرد سحابة صيف" و ما هي إلا سويعات قليلة حتى إستيقظ الشعب الكويتي الآمن على صوت رعد هذه السحابة التي أمطرت دماً و مآسي إنسانية لم يألفها هذا الشعب المسالم. إندفع الجميع مستغيثاً نحو قبلة العرب ، الجامعة العربية ، التي آمنت وزارة خارجيتنا بها و بالقضايا القومية بعد أن قام بتأسيسها العم جاسم القطامي و الذي إختار خيرة شباب القومية العربية لقيادتها. و لكن الصفعة كانت قاسية من أنظمة إمتدت لها يد الخير الكويتية لتطعمها سنين طويلة كاليمن و الأردن و تونس و ليبيا و السودان و فلسطين ، لكن هذه الأنظمة عضت يد الخير تلك. 9
يومها سقط القناع عن دبلوماسيتنا الفاشلة التي فشلت في تسويق إسم الكويت كبلد محب للسلام و جنحت الى تكوين وفود شعبية تشرح عدالة القضية و تتواصل مع المؤسسات الرسمية و منظمات المجتمع المدني في إنهيار كامل لسفاراتنا بالخارج ، و لولا تكاتف أهل الكويت حول قيادتهم الشرعية و حسن إستغلال سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد للإحتياطيات المالية لما عادت إلينا الكويت. 9
مثل هذا التاريخ هو ما يلزم علينا الحذر في نبحث عن مصالحنا الوطنية أولاً و أخيراً بعيداً عن مصالح الدول الكبرى التي لا تهتم إلا بتدفق النفط (العراق مثالاً) و في حماية الأنظمة الموالية لسياساتها (مصر مثالاً) و ما يستوجب علينا التدقيق على عدم إنفراد شخص ما بقيادة الخارجية الكويتية خصوصاً إن كان محدود القدرات كالشيخ محمد صباح السالم مع تقديرنا و حبنا الشديدين لمعاليه و على وجوب الحديث الشفاف الصريح من قبل جميع المواطنين دون أن يدعي أحدهم بأنه "أفهم" من غيره لكن جميع المؤشرات التاريخية تدل على عكس هذا الأمر و إلا لما كان حالنا مايل. فالسياسة الخارجية الكويتية عديمة الطعم و الرائحة ، و لا توجد لها خطوط واضحة. و هناك حديث عن عدم قدرة الشيخ محمد على تطهير الوزارة من الحرس القومي القديم. فعلى سبيل المثال تم إدانة سفيرنا السابق في تونس بتهمة الإعتداء على طفل قاصر ، فتم نقله الى اليابان بعد أن ترك أبواب السفارة بمفاتيحها و هرب الى الكويت. و بعد فترة تم تسجيل قضية تشاجر داخل ملهى ليلي لذات السفير الذي نقل مرة أخرى الى ديوان الوزارة ليسبب مشاكل أخرى ، إضطرت الشيخ محمد الى نقله الى سفارتنا في دولة أوربية بعد أن عجز عن التخلص منه. 9
أعتقد إذا بأن تاريخنا و حاضرنا الدبلوماسي غير مشرف. و قولي هذا لا يمكن ان ينفي جهود الكثير من المخلصين من أعضاء السلك الدبلوماسي ، فحين نتكلم عن سوء الخدمات الصحة فنحن لا ننتقص من كفاءة الأطباء الكويتيين و حين نسجل أبناءنا و بناتنا في مدارس خاصة فإننا نستذكر الجهود المخلصة لكثير من المعلمين و المعلمات. لكن الأزمة هي أزمة إدارة أولاً و أخيراً. إدارة لا تتمتع لا بالكفاءة و لا الحزم و لا الرؤية الإستراتيجية. إدارة تريد أن تؤمن بقاءها على رأس السلطة و من بعدي الطوفان. لذا فإنني أعتقد بضرورة أن نناقش و بشفافية تامة مسألة التوتر الأمريكي الإيراني في المنطقة و إنعكاساته على الكويت. 9
غني عن الذكر أهمية التواجد الأمريكي العسكري على أراضينا. لكننا يجب أن نعترف بأن هذا التواجد له كُلَفَهُ السياسية و الإقتصادية أيضاً. فالتواجد أتى عن طريق معاهدات أمنية مشتركة تم توقيعها بعد التحرير ألزم حكومتنا لإنشاء و تخصيص قواعد عسكرية دائمة للقوات الأمريكية. و بنود هذه الإتفاقيات سرية. و لا يعلم أحداً عن مدى قدرة الدولة على إلزام الولايات المتحدة الأمريكية على عدم إستخدام هذه القواعد و التسهيلات ضد دول مجاورة. 9
من هذا الجانب أتى حديث الشيخ محمد صباح السالم الأخير الذي قال فيه «نحن صحيح حلفاء لاميركا ولها فضل كبير في تحرير الكويت من الاحتلال العراقي، لكن في الوقت نفسه نحن صريحون مع الولايات المتحدة وقد اعلنا موقفنا بصراحة، اننا ضد اي عمل عسكري ينطلق من الاراضي الكويتية ضد ايران». المشكلة في إلزامية هذا التصريح للحليف الأمريكي و مدى مطابقته لبنود الإتفاقية الأمنية. و هذا الخوف ليس مرده لحرص على إيران بقدر ما هو خوفنا على سلامة الكويت من أي ردة فعل إيرانية. التاريخ يؤكد مثل هذا الشئ حين منحت الكويت تسهيلات للعراقين خلال حرب الخليج الأولى فشهدنا التفجيرات الداخلية (و هو ما أشار إليه السيد القلاف) كما إن ثقتنا في الحكمة الإيرانية محدودة إن لم تكن معدومة فقد تكفي طلقة طائشة لإشعال نار موقدة في المنطقة. و ليت كرم التصريحات يمتد ليشمل الحليف الأمريكي و يؤكد إلتزامه بما تفضل به الشيخ محمد و يطمئن الجميع على إن الكويت ستكون بمنأى عن أية صراعات إقليمية لا ناقة لنا فيها أو جمل. 9
هذه الجزئية تجرني للحديث عن موقفي من حرب تحرير العراق. فأنا ممن ساند موقف الكويت من هذه الحرب لسبب بسيط تماماً. و هو إنني ظننت بان تخليص الكويت و المنطقة من الشرور الصدامية البعثية هو أمرٌ في صالح الكويت و سيقلل من إنفاقنا العسكري و ينشط الدورة الإقتصادية في البلد بعد هيمنة المخاوف الأمنية في فترة التسعينيات. اليوم لا أرى للكويت مصلحة في مهاجمة إيران و إستخدام القواعد العسكرية خلال هذا الهجوم. ربما لا أعلم أو أفقه شيئاً من خبايا الأمور التي يعلمها غيري. لكن أرجو أن توضحوا لي ما لا أعلمه. فنحن نحكم على ما يتوفر لنا من معلومات و لا تتوفر لنا قدرات فؤاد الهاشم الإستخباراتية و لا معلومات فداوية العهد اليديد التدوينية. 9
الأمر الآخر هو تميز الكويت عن باقي شقيقاتها من دول مجلس التعاون في ردة الفعل. فتصريح الشيخ محمد الأول كان مفاجئاً للجميع و لم تقابله ردة فعل خليجية مماثلة فأصبحنا نحلق خارج السرب و أتي التصريح و كأنه يحاول إذكاء نار الصراع (و هذا كان مغزى السيد القلاف و نصيحته لوزير الخارجية بالتعقل) فأتي تصريح الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي في اليوم التالي ثم أتبعه الشيخ محمد الصباح بتصريح آخر لمحطة العربية كان غاية في التوازن و الإعتدال و التعقل طمأن فيه الجميع الى انه يوجه هذا الحديث من باب النصيحة والصداقة والاخوة والجيرة لان هذه البحيرة نشترك فيها جميعاً. كما أكد الشيخ محمد بأن هناك منيريد ان ينفخ و يثير او يوقظ هذه الفتنة الطائفية وهناك من يريد ان يعلب الدول والمجتمعات على حسب العلبة او التوصيف الطائفي لكل مجموعة من البشر، واكد ان الكويت هي بحق بلد الرأي والرأي الاخر بمجملها، بمؤسساتها وبصحافتها وبثقافتها. 9
ما أقول إلا يسلم تِمّك يا بو صباح على هالكلام و ليت البعض يتعظ. 9 9
الأطراف الإيرانية حاولت الإشارة الى إن هذا التصريح كان موجهاً الى الولايات المتحدة الأمريكية لا دول المنطقة. فهي تعلم بأن تأثير إغلاق المضيق سيكون مضاعفاً على الولايات المتحدة الأمريكية التي ستخسر نصف الإنتاج العالمي من النفط (أكثر من 20 مليون برميل نفط يومياً) بينما معظم الدول الخليجية (عدا الكويت التي تحاول إنشاء مخزون نفطي خارجي في كوريا) ستكون لها منافذ تصدير أخرى كالسعودية (البحر الأحمر) و العراق (خط الأنابيب التركي) و إيران (البحر الهندي) و قطر (خط أنابيب الدولفين) و عمان (بحر عمان) كما إن هذه الدول ستعمد الى إستخدام إحتياطاتها المالية لتعويض شح السيولة لمدد قد تصل الى عامين. و لكن الشيخ محمد إعتبر إن مجرد الإشارة الى هذه الخطوة ستكون إشارة الى نوايا عدوانية تجاه مصالح المنطقة و هو موقف سليم لا غبار عليه. 9
إلا إن هذا الموقف لا يستند للأسف على نقاط قوة. ففي ذروة حرب الناقلات و في منتصف الثمانينيات ، طرحت فكرة إنشاء خط تصدير خليجي موحد يمتد من الكويت الى عمان و يهدف الى تزويد الدول بوسائل تصديرية بديلة تلغي ورقة إغلاق مضيق هرمز. لكن هذا المشروع باء بالفشل لسبب هو نفسه الذي منع الكويت من التزود بالغاز الطبيعي من قطر و يمنعها من إقامة مصفاة داخل حدود أراضيها بنحو 40 كم شمال حدودها الجنوبية. فعن أية كرامة نتحدث و أية سيادة ندعي؟ 9
الأمر الآخر الذي يجب الإنتباه إليه ، هو إن باقي دول الخليج لا تقف ذات الموقف الذي تقفه الكويت في دعمها للولايات المتحدة الأمريكية. فالمملكة العربية السعودية نأت بنفسها عن حرب تحرير العراق و إستغلت الفرصة للتخلص من القواعد الأمريكية التي إنتقلت الى قطر فأزالت الحرج السياسي عنها و وفرت لنفسها حماية خارجية قريبة تستطيع إستدعائه بسهولة و يسر دون أن تعاني من المشاكل الداخلية المتعلقة بإستقدام القوات الأجنبية. 9
أما قطر فهي طرحت نفسها مفتاحاً للسياسات الأمريكية و السياسية في المنطقة فهي حليف يمكن الوثوق به و الإعتماد عليه في الوصول الى تفاهمات مع دول مناهضة للسياسات الأمريكية كإيران و سوريا و حكومة حماس. و مرد هذه القوة القطرية هو إحتفاظها بقدر من الحيادية لا تتمتع به باقي القوى التقليدية في المنطقة التي إندفعت في تأييدها للسياسات الأمريكية كالسعودية و مصر. و سياسة قطر الخارجية موجهة بذكاء لخدمة مصالحها ، فهي تريد أن تؤكد للغرب الأهمية الإستراتيجية للنظام القطري (و المخالف للنظام السعودي) و تحاول أن تدفع فوائضها المالية لتأكيد هذه الأهمية بمقدار يحفظ لها وجودها و إستقلاليتها السياسية بعكس الكويت التي فقدت التأثير تماماً بما يوجه الأمور نحو مصالحها الخاصة. 9
أما الإمارات و هي صاحبة النزاع الحدودي الوحيد مع إيران فهي منغمسة في لعب دور محطة البضائع الإيرانية و بوابة الترانزيت للتجارة الإيرانية و التي هي بدورها بوابة للشرق الآسيوي و جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق. فهي دولة تبحث عن مصالحها الإقتصادية و تغض النظر عن مشاكلها الحدودية. و هنا أود أن أرد على أحد الآراء التي طالبت الكويت بإتخاذ موقف متشدد من إيران بسبب قضية الجزر الثلاث الإمارتية و أقول : الى متى و الكويت تدفع ثمن قضايا من لا يكترث يقضاياه. في الأمس كنا قوميين و فلسطينيين أكثر من الفلسطينين أنفسهم و اليوم تريدوننا أن نرتكب ذات الجرم و ذات الخطأ؟
إذا أين الخلل؟ الخلل هو في التحرك المتأخر و إنعدام النظرة الإستراتيجية و التنسيق مع الأشقاء في المنطقة. أتذكر بانني خضت هذا النقاش مع الزميل العزيز بدر الكويت قبل أكثر منذ سنتين. و كان مقال بدر الكويت مفاجئاً للجميع يومها لأنه كان أول مقال يكتب بإسمه الحقيقي. يومها ناقشنا أسباب جنوح إيران للطاقة النووية. فإيران دولة نفطية إلا إنها تعاني من محدودية الطاقة التكريرية و تهالكها ما يجعلها تستورد المشتقات النفطية من الخارج و تستهلك في ذلك جزءاً كبيراً من مخزونها من العملات الصعبة. و كان يمكن لدول المنطقة أن تشجع إيران على عدم المضي قدماً في مخططاتها عبر تزويدها بالمشتقات النفطية بأسعار تفضيلية و شراءها للغاز الطبيعي (غير المتوفر في الكويت) منها لتوفر لها موارد جديدة من العملة النفطية و تستغل هذا الغاز الطبيعي إما في حقن الآبار أو مشاريع بتروكيماوية جديدة. الخيار الآخر كان هو الربط الكهربائي الموحد بين دول الخليج جميعها. الأمر الذي كان سيوفر على الدول كلف إنشاء محطات كهربائية جديدة و يوفر فوائض من الطاقة و يحسن مستويات البيئة في هذه الدول. 9
النقطة القاتمة الأخيرة هي التأثيرات البيئية لمحطة بو شهر النووية على الكويت. فبالرغم من إن النشاط النووي السلمي حق لأي دولة وقعت بروتوكولات و معاهدات وكالة الطاقة الذرية ، إلا إن هذا الأمر لا ينفي الآثار السلبية المحتملة على المنطقة جواً و بحراً. ضاعف هذا الأمر إختيار منطقة قريبة من التجمعات السكانية غرب الخليج و بعيداً عن المدن الإيرانية الكبرى في الشمال. و كان يجب على الدول المطلة على الخليج التنسيق مع الإيرانيين من أجل إنشاء شبكة رصد مبكر و توقيع معاهدات من أجل زيارات تدقيق صارمة بإشراف وكالة الطاقة الذرية تضمن التشغيل الآمن الذي نخشي أن لا يتحقق في دولة من دول العالم الثالث. 9
يجب أن نعترف بمحدودية قوتنا. نعم نحن دولة صغيرة وسط مثلث من الأقوياء. لدينا شبه جيش أضعف من ميليشيات الخمير الحمر نصفه من البدون. نحاول إخراج البنغال من بلادنا فلا نستطيع معارضة ضغوطات رئيسة وزراء البنغال. يضيع قارب في عرض البحر فلا تستطيع قوات خفر السواحل العثور عليه. تسرق أغطية المناهيل لدينا. و الأسلاك و الشباك بل حتى الأنابيب النفطية. و الأدهى بأن وزارة الداخلية قد إستخدمت شركة حراسة من أجل تأمين مخفر صباح الناصر. لسان حالنا يقول : أنا بأخاف من الفار بيطلع لي أسد ؟
هذه هي الواقعية السياسية التي لا يرغب البعض في مواجهتها. فيلقي باللوم على الجميع ، عباءة القلاف و فاكس المهري و ثوابت محمد هايف و جياتي العوازم و فيمتو الشيعة و مخازن الجناعات و عيوش الوزان. لكن لا يستطيع مواجهة الحقيقة المجردة في سبب تردي أحوالنا. حين يتهين الكويتي في بلده و موطنه و تنعته بأبشع النعوت و الصفات ، كيف لك أن تطالب الآخرين بإحترامك؟. 9
ختاماً ، من وجهة نظري المتواضعة ، إن مثل هذه النقاط كان يجب أن تناقش كرد على فعل على تصريحات وزير الخارجية من كافة المواطنين لا سيما البسطاء منهم و الذين لا يملكون الحسابات الخارجية و التي تمكن علية القوم من ضمان مستقبل أبناءهم بعيداً عن هذه الأرض الطيبة. فنحن دولة لا تفعل شيئاً حتى تقع الفأس في الرأس و لا نمتلك خطط بديلة كما فعلت باقي دول الخليج. لذا نجد بأن خياراتنا محدودة دائماً ما يجعلنا أسرى الإرتباط مع القوى الخارجية. و تبقى المصلحة الوطنية العليا هي نقطة المرجعية لأية سياسة خارجية بعيداً عن خرابيط القومية و الجيرة و مصالح الحلفاء التي يجب أن نشدد على أن تكون موجهة لصالح البلد. 9
السؤال : هل كان يمكنني طرح مثل هذا الموضوع الهادئ في ظل التخرفن التدويني و من دون تحييد دعاوي الطائفية؟ و هل كان يستطيع أحد أفراد القطيع بأن يناقش بموضوعية ما يعتقد بأنه مصلحة البلد دون أن يقحم ماركة فاكس المهري أو عدد لفات عمامة القلاف في صلب النقاش؟ كان هناك إحتمال بأن يتهمني أحد بأنني علي بابا زميل السندباد و أن براقش ما هي إلا الأميرة ياسمينة. من يدري ،، فعند ولد الديرة الخبر اليقين ! 9

Sunday, 10 August 2008

خرافنا الأعزاء

حاول بعض الزملاء خلق ضجة حول تصريحي السيدين وزير الخارجية الشيح محمد صباح السالم و النائب حسين القلاف بعد أن هددت إيران بغلق مضيق هرمز في وجه حركة الملاحة إن قامت الولايات المتحدة بشن هجوم عسكري عليها. للأمانة لم أجد في تصريح الشيخ محمد نبرة حادة و تصعيدية إنما كان التصعيد من قبل وسائل الإعلام التي نقلت هذا التصريح بشكل مغلوط و على الضفة الأخرى لم أجد في تصريح السيد القلاف ما يمكنني ان اختلف معه و لا أعتقد بأن هناك أحداً حريصٌ على سلامة البلد سيختلف معه. إذ جاء في سياق موضوعي و بإسلوب محترم يحفظ لوزير الخارجية (المحبوب) تقدير الشعب و إحترامهم له. إذاً ما سبب هذه الضجة و الجلبة ؟
السبب هو ما كنا إنتقدناه في مناسبات سابقة ، و هو ميل الكويتيين الى التخندق عند أدنى فرصة و إستغلال البعض لهذا التطرف بما يخدم مصالحه. لنأخذ مثالاً حياً ، شاهدته قبل أيام إنفجرت على أثره من الضحك على أدمغة البعض الفارغة. 9
الشاب اللطيف بو دم خفيف ولد الديرة كتب بوست وصف فيه السيد القلاف بأنه سندباد قمي و إنتقد تصريحه الذي دعى فيه وزير الخارجية بأن يهدئ الأمور لا أن يؤججها لأن الكويت ستكون الخاسر الأكبر (على حد زعمه). و مضى زميلنا المقدام فتهكم على النائب الذي تجرأ و إنتقد تصريح معالي الوزير ملمحاً إلى إن يرتجي مصلحة الفرس لا مصلحة الكويت و دعا الى تسليم القلاف دفة قيادة مركب وزارة الخارجية. و بعد أن فرغ من القلاف و لزيادة شحنة الغضب لدى خرفاننا المسالمة عرج على المهري و تصريحه الداعي الى إسقاط القروض على العراق. 9
زميلنا ولد الديرة إستطاع و بمهارة شديدة أن يقود قطيع خرفان التدوين ممن ركب الموجة و أشهر يراعه الكيبوردي و قنابل الماوس التفجيرية و أسلحة الفوتوشوب التدميرية الى المكان الذي أراده لهم. فقد ألقى ببعض العلف الطائفي ليقودهم الى حظيرة نتنة لا ترى فيها الى الأحقاد و البغيضة و الجهالة. ليبدأ فاصلٌ جديد من عزف فرقة حسب الله الموسيقية. فلم يناقش أحد من خرافنا الأعزاء مصلحة الكويت العليا، و لم يناقش أحد حقيقة موقف الكويت من الأزمة الإيرانية الأمريكية ، و لم يكلف أحدهم العناء في الإطلاع على مواقف الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي . و لم يناقش أحد أو يحاول شرح وجهة نظره (لا يهم صحيحة كانت أم خاطئة) فقط كانت نفس المقطوعة الموسيقية : خونة ، جواسيس ، فرس ، شيعة ، صفويه. أصبح السيد حسين خليفة البحراني فارسياً قمياً كما كتب السيد سون أوف ذ سيتي و هو العربي المتحدرة أصوله من أشرف أنساب العرب. و للسيد القلاف مساوئ و خطايا كبيرة كتبت عنها كثيراً و أعتبره أحد أسوء نواب مجلس الأمة و يتمتع بقدر لا مثيل له من السذاجة (و قد تكون غباوة) السياسية ، لكن الأمانة و الإنصاف تقتضي بأن نعطي هذا الرجل حقه حين نتكلم عن إيمانه الشديد بوحدة الصف الكويتي و ضرورة الإبتعاد عن أية مسألة من شأنها أن تثير نعرات طائفية أو قبلية أو فئوية و ما تصريحه ضد النائب صالح عاشور (قبل محمد هايف) و وصفه بأنه "صاحب فتنة" إلا أبلغ دليل على ما أقول. 9
أما المهري ، رغم إنني لا أعلم سبب إقحامه في الموضوع ، فأنا لن أفشي سراً من أسرار الدولة إن صرحت بأن هذا المعتوه لا يحظى بأي قبول أو دعم من طائفته. والجميع يعلم بأنه صنيعة من صنائع السلطة التي حثت بعض أطرافها المؤسسات الإعلامية التي تتملكها على نقل تصريحاته المتعلقة بمشكلة دارفور و موت الحيتان و النعجة دوللي. السلطة حاولت على مر سنين كثيرة خلق قيادات طائفية ، متعاونة مع السلطة ، و تستطيع أن تلعب الدور الذي لعبته القبائل ، بل إن هذا الأمر قد طال حتى عائلة الكنادرة الكريمة التي جرى تشكيل مجلس عائلة موالي لأذناب الفساد ، لكن تم لفظه و رفضه من قبل الشرفاء الكثيرون في هذه العائلة. فالمهري تستطيع السلطة أن تقطع الكهرباء عن فاكسه الذي يستخدمه لنشر تصريحاته التي تنشرها صحف معينة (العفن ما غيرها) و تتجاهلها صحف أخرى محترمة فنستريح من شروره و نستطيع أن نقف في وجه تلك الأطراف التي تقف خلفه لكي تقتل هذا الحلم فينا في وطن واحد لا تمييز بين أبنائه تسوده العدالة و التراضي و الحب بين أطيافه فنتقاتل و نتخندق في مجموعات صغيرة يسهل التأثير عليها و إغرائها بالحماية و الدعم ليسود المبدأ الخالد ... فرق تسد ! 9
أنا لا أعيب علي زميلي ولد الديرة إستخدامه لهذا الخط الكتابي لأن لكل شخص الحق في الوصول الى مبتغاه و أنا أعلم جيداً ما لا يود ولد الديرة أن نناقشه و ما لا يملك القدرة على مواجهته و سآتي على ذلك في مقال قادم. لكنني أعيب على تلك الخراف التدوينية التي لا تعي ما يجري و تسمح للآخرين بإستغلالها لتوصل الى مبتغاها. فتهدم بدلاً من أن تبني و تشيع الفوضى و الحقد و الكراهية و توغل القلوب و الصدور ، ثم ما تنفك أن تتغنى في حب هذا الوطن المسكين و نسمع الأناشيد و الأهازيج الرومانسية في إنها ليست طائفية و لا فئوية و لا قبلية. سؤالي ، إن كان الجميع يظن بأنه وطني من الطراز الأول ، فلم نواجه هذه الفرقة إذاً و ما سبب مشاكل الديرة ؟ و إن لم تكونوا طائفيين ، فلماذا لم يصف أحداً منهم السيد جاسم بودي بأنه سندباد قمي أو وجه آخر لعملة قذرة؟ أليس لأنه سني من بطنها و ليس شيعياً؟ فقط إكتفيتم بالقول بأنه يبحث عن مصالحه الخاصة و إن من يكتب مقالاته هو لبناني جنوبي (في إشارة الى الشيعة من جديد) دون أن يعلم أحداً من الخراف أن من يكتب هذا الكلام هو من طرده جاسم بودي من صحيفته بالقنادر كما طُرِدَ من قبْل من الديوان الأميري فأمتلأ قلبه حقداً على الجميع. 9
لم أجد كلمات تصف هذه الخراف التدوينية أفضل من إفتتاحية جريدة "الرؤية" السلفية ، التي أرفع القبعة الى رئيس تحريرها السيد سعود السبيعي على كلماته الطيبة في مقاله "فتنة مصالح لا فتنة طائفية" التي عبرت عما يجول في خاطري عن الخرفان التدوينية : 9
كثر الحديث في الآونة الأخيرة، همساً كان أو جهراً، حول مفهوم إيقاظ الفتنة الطائفية في الكويت، حتى بات الأمر وكأنه واقع سياسي واجتماعي يهدد الوحدة الوطنية ويقوّض النظام الاجتماعي في البلاد، إلا أن هذا الحديث ما هو إلا أكذوبة يرددها أولئك الساعون إلى احتكار السلطة والثروة، وينتهكون حقوق الوطن أولاً ومن ثم حق المواطن السني والشيعي على حد سواء. فالعزف على وتر الطائفية هو أحد أهم أسلحة صراع المصالح، ومن أنجح تطبيقاته ونظرياته، تيمناً بمقولة فرّق تسد! فهذا الصراع التنافسي البغيض لا يفضي إلا إلى الفساد، وهذا بدوره لا يفرق بين مواطن وآخر ولا بين حق وباطل. فنحن ندرك كمواطنين أنه لا توجد بيننا فتنة طائفية أصلاً، حتى يمكن إيقاظها، ولكننا في الوقت ذاته نعي بحسنا الوطني أن هناك من يريد زرع الفتنة وتوطينها بيننا، محاولاً في سبيل ذلك نكش الأزمات وغرس شتلات الكراهية، بتأليب ضعاف النفوس من سفهاء الطرفين وجهّالهم الذين يتبعون كل ناعق ويميلون مع كل ريح، وكما قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: «ما قصم ظهري إلا عالم متهتك وجاهل متنسك»، فالجاهل يدعو إلى الباطل بتنسكه والعالم يغرهم بتهتكه، فما أكثر هؤلاء بيننا. ومع الأسف فإن من يروّج ويشيع البغضاء والطائفية هم أدعياء الوطنية والصلاح ومن تدثروا بأثواب التقوى وعمائم الورع، والذين لا يظهرون علينا إلا في مواسم التكسب الشعبي بغية الوصول الى كراسي الولاية والوصاية، فلا همّ لهم سوى متاع الدنيا. 9
اليوم و بعد إن إطلعنا على حكمة وزير الخارجية من خلال تصريحاته التي تدعو الى التهدئة و الى التعقل و الى إشاعة السلم الذي حرمت منه المنطقة منذ عام 1978 ، لا يسعنا إلا أن نقول ،، ما تستحون على ويهكم يا خرفان؟ ألا تملكون و لو قليلاً من العقل و توافقون وزير خارجيتنا حين يستجيب لصوت الحكمة و يصرح بأن «دول مجلس التعاون مع الحل السلمي وضد اي عمل عسكري، ولذلك فان الحديث عن اغلاق مضيق هرمز وكأنه عملية موجهة ضد دول مجلس التعاون وليس ضد اميركا، واذا خرجت الطائرات من اسرائيل على سبيل المثال لضرب ايران، فهذا سيناريو من السيناريوهات المطروحة فاسرائيل عدوة لايران ولدول مجلس التعاون... واذا تم اغلاق مضيق هرمز فمن الذي سيتأثر بذلك... بالطبع دول مجلس التعاون و انه يوجه هذا الحديث من باب النصيحة والصداقة والاخوة والجيرة لان هذه البحيرة نشترك فيها جميعا، وان الكلام عن اغلاق مضيق هرمز يؤثر علينا بشكل كبير... ليس الاغلاق وحده وانما مجرد الحديث عن الاغلاق يخلق حالة من التوتر، وسوف يرتفع التأمين المفروض على السفن العابرة في هذا المضيق». 9
و بعد أن أفسدنا قنابل ولد الديرة الدخانية و تأكيدنا على حق "كل" مواطن في مناقشة السياسة الداخلية أو الخارجية للبلد فإننا سنتكلم في المقال القادم عن جميع الأمور التي لا يجرؤ زميلنا على مناقشتها أو الدفاع عنها و التي حاول بزجه للطائفية (التي لا مكان لها بيننا) أن يتوّه عقول خرفان التدوين عنها و يحجب عنهم حقة المناقشة و الإستزادة قبل أن يدلي كل منهم برأيه الشخصي فيها. 9

Thursday, 13 December 2007

أوهام الشرق الأوسط الجديد

في أوج العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان أتحفتنا كونداليسا رايس برؤيتها و مشروعها لمنطقتنا المشتعلة على أنها "آلام مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد" مما شكل صدمةً آنذاك للضمير العالمي. قد يترائى للبعض أن هذا الشرق الأوسط الجديد سيكون أقل غلياناً و أكثر ديمقراطيةً و يخدم أهداف السياسة الخارجية الأمريكية بحسب ما يود الساسة الأمريكان. إلا أن الواقع يعكس حالةً أخرى فلم تكن الولايات المتحدة الأمريكية يوماً بمثل هذا الضعف حيث قلت مساحات المناورة أمامها و باتت تحالفاتها مشكوفة و تحرج حلفائها في المنطقة و لم يسبق لإسرائيل أن كانت محاربة بهذا القدر من قبل. وتحت ذريعة محاربة الإرهاب أدخلت هذه الإدارة المنطقة في نفق من العنف البدائي والصراعات الدينية والمذهبية، ففي حين أطلقت يد الميليشيات السوداء في بغداد فإنها أطلقت جحيم الغطرسة الإسرائيلية في لبنان والأراضي الفلسطينية. ومن خلال هذا النفق الأسود تريد هذه الإدارة من العالم أن يصدق أنها تسعى نحو شرق أوسطي جديد خالٍ من الإرهاب والعنف والاحتلال واستبداد الأنظمة. 9
تدعي كونداليسا رايس أنّ السبب في اضطراب الشرق الأوسط هو عدم تطابق الحدود الجغرافية مع الحدود الإثنية والطائفية والعرقية في المنطقة، والسبب في ذلك أوروبا التي قسّمت الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى لم تراع ذلك وراعت أهواءها وبعض المصالح الخاصة ما يحتم ضرورة تصحيح الجوانب الحدودية من أجل التوصّل إلى شرق أوسط مستقرّ. طبعاً هذا المشروع يحتوي على أهداف دعائية كبيرة من مثل تحقيق الأمن والسلام والتنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان وإزالة الأُمّية وإقامة العدل إلخ...، لكنّ هذه الأهداف تبقى في حدود الدعاية. و يحرك هذا المشروع النـزعة الطائفية والتفتيت الطائفي وتستهدف وحدة الأُمّة العربية والإسلامية بحجّة الظلم الذي لحق هذه الطوائف والأعراق خلال التاريخ الماضي، وهذا الاستهداف للإحياء الطائفي يخدم إسرائيل بالدرجة الأولى، ويمكن أن نتأكّد من ذلك باستعراض السياسة الأمريكية في مناطق أخرى مثل أمريكا اللاتنية وشرق آسيا، فهي لا تمارس هذا الدور من التفتيت الطائفي مع أنّ تعدّد الطوائف والأعراق والأجناس موجود في تلك المناطق وبصورة أكبر مما هو موجود في المنطقة العربية. كما يهدف هذا المشروع إلى دمج إسرائيل في المنطقة من جهة، وجعلها تعلب دوراً مركزياً من جهة ثانية. 9
لكن هل نجحت السياسات الأمريكية في تطبيق مشروع " الشرق الأوسط الجديد" على أرض الواقع؟
في العراق ، ما زال يضغط الديمقراطيون من أجل الظفر بجدول زمني لإنسحاب القوات الأمريكية من المستنقع العراقي و من تلك الحرب التي رآها بوش تحريراً للعراق و رآها العرب غزواً له. في نفس الوقت ، نفذ صبر الحلفاء فبدأ الجميع بالإنسحاب أو التخطيط له مثل أسبانيا و كوريا و بريطانيا و غيرها من الدول. حتى إن التقارب الذي أبداه الرئيس بوش بإستقباله السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق و المقرب من النظام الإيراني أتى كرد فعل على تنامي شعبية و نفوذ السيد مقتدى الصدر المعادي تماماً للسياسات الأمريكية في العراق. 9
في أفغانستان ، إنبعثت طالبان من جديد و إنتشرت صادرات الأفيون حتى بلغت مستويات قياسية و إستمر الحلفاء البريطانيون بعقد الهدنات مع زعماء طالبان. و في الجارة باكستان ، إهتز عرش برويز مشرف بعد فشله في كبح جماح الجماعات المتطرفة حتى إضطر لدعوة السيدة بنازير بوتو و من ثم نواز شريف و تقاسمها السلطة معه مع تنازله عن رئاسة الجيش. 9
و في لبنان ، أدى سكوت عن تمادي الغطرسة الإسرائيلية الى إندلاع حرب أفضت الى دمار شامل للبنان و نصر معنوي لحزب الله و حين نزل الجمهور اللبناني الى الشارع ، إستنكرت الولايات المتحدة و حلفائها هذا التصرف متناسين أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من شجعت العصيانات المدنية في بلغراد و تبليسي و مينسك. و ما يراه السيد بوش في إسرائيل كنموذج للديمقراطية يراه العالم نموذجاً للعنصرية التي تضطهد السكان الأصليين و تهجرهم و تستولي على أراضيهم. 9
و قبل فترة حذر الممثل السامي للسياسات الأمريكية في المنطقة العاهل الأردني من إندلاع حروب أهلية في كل من العراق و فلسطين و لبنان لكنه تجاهل آثار إنتشار النفوذ الإسلامي المعادي للسياسات الأمريكية في دول أخرى كالصومال و تركيا و المغرب و البحرين. 9
لكن ، أتعلمون ما السبب في فشل السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط؟
السبب هو أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تسع جادة في يوم ما لنشر الديمقراطية و تحرير شعوب المنطقة بل كان تبحث عن الإستقرار السياسي الكفيل بإبقاء صمامات الخزانات النفطية مفتوحة و فتح أسواق المنطقة أمام البضائع و الشركات الأمريكية فحسب. فهي من تشجع محمد حسني مبارك على قمع شعبه و تزوير إرادته و هي من تخنق شعوب المنطقة في ظل أنظمة تقليدية لا تعترف بالمتغيرات العالمية من حولها و لا تقيم للإنسان الفرد و الجماعة وزناً و لا قيمة و هي من تتنافس مع الدول الأوربية لكسب ود عدو الماضي و حبيب الحاضر و المستقبل العقيد معمر القذافي. 9

ولم تكن إدارة بوش في وارد سؤال حكومات هذه المنطقة الواسعة أو شعوبها عن خياراتها، وأصبحت دعاوى الإصلاح السياسي ذريعة جوهرية للتدخل الأميركي في شؤون المنطقة والضغط على نظمها بوسائل مختلفة، وهذه الذريعة لم تنته حتى الرفض الأميركي لنتائج الديمقراطية التي لا تنسجم مع سياسات واشنطن، مثلما حدث في الموقف الأميركي إزاء فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية، ناهيك طبعا عن استمرار دعم واشنطن للأنظمة الإستبدادية المؤيدة لها في المنطقة. 9

هذه هي السياسات الغبية هي التي أدت الى صعود نجم الإخوان المسلمين في مصر و حماس في فلسطين و غزة و حزب الله في لبنان و الشيعة المتطرفين في العراق و أحمدي نجاد في إيران و أحزاب التنمية و العدالة في تركيا و المغرب و حركات الإسلام السياسي في برلمانات الكويت و البحرين. 9
فهل تتعظ الولايات المتحدة الأمريكية من فشل مشروعها هذا؟ 9

Saturday, 1 December 2007

آل علمانية آل

سأكون مباشراً واضحاً صريحاً بلا مواربة ،، قال راعي البقر الأمريكي قي إفتتاح مؤتمر أنابوليس9
هذا ما يسعى له الرئيس الأمريكي .. إقامة دولة يهودية .. لتكن وطناً يهودياً للإسرائيليين
على حد علمي اليهودية ليست مذهب فكري سياسي أو إقتصادي أو إجتماعي ،، بل هي دين سماوي فيه تشريعات ربانية مستقاة من الكتب السماوية و التعاليم التي أنزلت على نبي الله موسى. الملحدون المتقنعون بلحاف العلمانية ما إنفكوا يدعون الى الصهيونية قائلين بأنها هي الحل و إن إسرائيل هي الدولة "العلمانية" الوحيدة في المنطقة .. و إنه يجب إقتفاء أثرها في ركاب الحضارة الإنسانية (!!) العالمية. 9
بذمتكم .. في كذب أكثر من هذا ؟ قد لا يكون مصطلح "الكذب" هو المناسب .. قد يكون تدليس .. تزوير .. لا أعرف ..لكنه مجرد دليل آخر على الأمراض النفسية التي يعانيها هؤلاء. 9
يوم بعد يوم .. يزدادون ضعفة و إنعزالاً .. بعد أن لفظهم الجميع .. 9
كذب الملحدون و ما عمرهم صدقوا
و لتحيا بنت عبود الكرخي !! 9

Saturday, 24 November 2007

وعاظ السلاطين و ورقة التوت

سقطت ورقة التوت التي كانت تعتري المواقف السعودية منذ الحرب الصهيونية الهمجية على لبنان الشقيق ، إذً أعلنت المملكة العربية السعودية رسمياً مشاركتها لمؤتمر السلام الذي سيعقد في أنابوليس بمشاركة إسرائيل. 9
أنا لا أجد غضاضة في عقد علاقات طبيعية سواء مع اليهود أو إسرائيل. شرعياً أرى إن هذا الأمر محصور بالحصول على حق السيادة بما يخص المقدسات الدينية فقط. أما باقي الأمور فهي إما سياسية و تشمل ترسيم الحدود و التعويضات أو إنسانية و تشمل حقوق الإنسان و عودة المهجرين لا سيما في مخيمات اللاجئين التي تعاني من البؤس و الشقاء. 9
و شخصياً لا أرى بأن إقامة المؤتمر ناهيك عن مشاركة المملكة العربية السعودية فيه سيجدي نفعاً على الفلسطينيين أو العرب أو حتى المسلمين و لن يحل المشاكل الأزلية القائمة. فإسرائيل ما تزال دولة إرهابية و لا تحترم أدنى مواثيق حقوق الإنسان و لا توجد هناك نوايا طيبة تدفعنا للإيمان بصدقية هذه المناورات السياسية الخبيثة. 9
لكن أعود و أكرر بأن منطلقاتي سياسية و إنسانية بحتة و لا علاقة لها بالدين. 9
لكن لنعود لموروث وعاظ السلاطين. الجلوس مع اليهود حرام. السلام عليهم حرام. التعامل معهم حرام. و لكن للسلطان أن يحلل الحرام و أن يحرم الحلال ، أليس كذلك؟ 9
فقط راقبوا الأيام القليلة القادمة و سترون الفنون الإبداعية لوعاظ السلاطين المنافقين. ستقلب الفتاوى و ستسبدل بأخرى على وزن
و إن جنحوا للسلم فأجنح لها. 9
اليوم سقطت ورقة التوت عنكم يا ملاعين. 9