Wednesday, 9 May 2007

فسوق عبده خال

سمعت كثيرا عن الكاتب السعودي عبده خال و عن روايته الطين تحديدا و لأننا نعيش في عصر السرعة فأنا أحاول قدر المستطاع التحكم في قراءاتي لضيق الوقت و لم أستسغ القراءة لكتابه لسبب مخجل و لكنني سأكون صريحا. حسب ما فهمت أن الكاتب أتى من بيئة مسحوقة في المملكة العربية السعودية من قلب الأحياء الشعبية التي تمتلأ بالمعاناة و ما تبقى للعبودية في زمننا هذا لذا أحسست بأنه سيشرح معاناة عالمه الخاص و قد لا أفهم هذه المعاناة لأنني لم أعش فيها و لم أكن قريبا منها قد يكون هذا كدفن الرأس في الرمال الا أنني أعترف بموقفي هذا الى أن أصر أحد الأصدقاء و ألح علي بقراءة قصة فسوق التي ما بدأ بشرحها حتى أحسست أنها لا تعبر عن معاناة شخص بل معاناة مجتمع مدقع في التخلف و الأفكار البالية
تتكلم القصة عن واقعة غريبة و هي موت فتاة صغيرة بصورة مفاجأة ثم أختفاء جثتها فجأة و حينما تحاول السلطات تقصي أمر هذه الواقعة يكتشف الضابط المكلف بالتحقيق مدى الظلم الذي وقع على هذه الفتاة العفيفة و يمضي الضابط في صراع ما بين الموروث و بين المأساة الأنسانية التي رأى أن المجتمع بمختلف أطيافه و أفكاره قد ساهم بها
أسلوب الكاتب القصصي و السردي مشوق تماما و أن بالغ كثيرا لا سيما في بداية القصة بأستخدام الصور المجازية التي أنهكت عقلي الصغير في محاولة تصوير البيئة النفسية لشخصيات القصة حيث تحاول في بداية القصة على التعرف هذه الشخصيات و على تصنيفها
من خلال مضيك بالقصة ستطرأ في ذهنك أسئلة كثيرة و لكن ستجد أن الكاتب قد كتب بحرفية كبيرة و ستجد أجوبة أسئلتك تباعا بين ثنايا القصة بأسلوب جميل يعتبر مشابه لأسلوب الفلاش باك المستخدم في السينما و لكنني لاحظت أمور عديدة في هذه الرواية و حيرتني فعلا فلم أعرف كيف أقترحت الأم و هي من كانت تشك بأخلاق أبنتها على المسكينة بان تطفأ نهمها الجنسي عبر ممارسة السحاق مع أقرانها من الفتيات بدلا من الوقوع في حبائل الرجال و ان تفقد عذريتها فما أكتشفته فيما بعد بان الأم أتت من بيئة صالحة متدينة وهي شخصية نموذجية و لم أتصور كيف دفعت بأبنتها الى الشذوذ الجنسي الذي قد يدمر حياتها. ربما تكون هذه الظاهرة منتشرة في المجتمع السعودي و يحاول الكاتبتصويرها و من ثم نقدها و لكنني لم ارى أن أقحامها بالقصة كان متناسقا و البناء النفسي لشخوص القصة كما لم أفهم تماما شخصية الأب الذي مر بمعاناة سابقة في حياته فقد أحب فتاة في صغره حتى قتلت ظلما و جورا من أحد أشقائها رغم أنه أمتنع عن مواقعتها فحبه له كان عذريا و أثرت هذا الواقعة على حياته فأصبح كالمجنون حتى عاد بعد بضع سنوات الى حالته النفسية الهادئة و بشخصية جديدة لكن هذا الأب كان السبب الأساسي في مأساة أبنته فهو من رفض تزويجها الى شخص من نسيج أجتماعي مختلف و هو من سمح لها بمخالطة شخص يتيم ذو شخصية معقدة و هو من دفع بابنته الى ألسن الناس حتى أعتكفت و صمت على ذلك رغم تجربته السابقة و معاناته مع حبيبته السابقة
طبعا يحاول الكاتب أسقاط السلبيات على الموروث الأجتماعي بالمملكة و دور ما يعرف بهيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر افي تحويل الأسلام و الأعراف الى أداة قمع و حاول أن ينشر مفهومه ل "الأجتثاث" و عمل جاهدا على نشر هذه الفكرة خلال حوارات الأصدقاء الثلاثة في القصة
هناك أمر آخر و هو كثرة أستخدام الكاتب لمصطلح "مسمار" في تعبيراته المجازية فمرة يقول مسمار في حائط و مرة مسمار في أرض قاحلة و مرة مسمار في طين فلم أعرف سبب ولع الكاتب بالمسامير
و تجدر الأشارة الى أن هذه القصة تشبه بشكل كبير رواية سايكو للروائي روبرت بلوخ و التي تحولت الى فيلم سينمائي شهير للمخرج السينمائي الفريد هيتشكوك يحمل نفس الأسم. هذه القصة مستوحاة عن قصة حياة السفاح أيد غين . يرجى الأطلاع هنا على نقد الرواية الأصلية
عموما .. أستمتعت كثيرا بقراءة هذه الرواية .. التي رأيت فيها نقدا لحال لبيئة الكاتب .. و حتما سأحاول أقتناء روايته الأخرى الطين

No comments: