Tuesday, 8 May 2007

لجنة تنقيح الدستور

الهدف من هذا الموضوع هو دراسة قانونية و دستورية تشكيل لجنة تنقيح الدستور التي شكلت بموجب المرسوم الصادر في العاشر من فبراير سنة 1980 بتشكيل لجنة للنظر في تنقيح الدستور. راودني هذا السؤال حينما شاهدت هجوم النائب الفاضل عادل الصرعاوي على وزير التربية السابق الدكتور عادل الطبطبائي (في أحد جلسات مجلس الأمة بدور الأنعقاد الماضي) و أتهامه بأنه خائن للدستور و جاءت خيانته للدستور الذي أقسم على الحفاظ عليه و أحترامه من خلال مشاركته في أعمال تلك اللجنة. كان رد وزير التربية عاطفيا محاولا مغالبة دموعه مذكرا بأن ما قام به كان دورا وطنيا بتصديه لتلك المهمة التي أنتهت برفض المقترحات الحكومية في ذلك الصدد. يومها تساءلت أي العادلين على حق ؟ النائب الصرعاوي أم الوزير الطبطبائي ؟ كان لدي العديد من الزملاء الذين يعرفون الوزير الطبطبائي خير المعرفة ممن أكدوا بأنه شخص أنتهازي و وصولي أتت به الظروف ليكون المحلل الدستوري لأزمة الحكم الأخيرة و كوفأ على دوره بتعيينه وزيرا. بينما أكد زملاء آخرون على سمو أخلاق الوزير الطبطبائي و رفعة مكانته العلمية التي جعلته محبوبا بين زملائه و تلاميذه. حقيقة أحترت بين الرأيين فقررت المضي قدما في البحث عن الجواب الشافي لداء تساؤلاتي. كمقدمة لهذا الموضوع، تجدر الأشارة الى أن مجلس الأمة قد تعرض الى حل غير دستوري في 29 أغسطس سنة 1976 أوقف بموجبه العمل بأحكام المواد 56 فقرة 3 و 107 و 174 و 181 من الدستور الصادر في 11 نوفمبر سنة 1962م. و قد جاء في الأمر الأميري في المادة الرابعة منه ما يلي

يصدر مرسوم بتشكيل لجنة من ذوي الخبرة و الرأي للنظر في تنقيح الدستور لتلافي العيوب التي أظهرها التطبيق العملي و توفير الحكم الديمقراطي السليم و الحفاظ على وحدة الوطن و استقراره على أن يكون التنقيح متفقا مع روح شريعتنا الاسلامية الغراء مأخوذا عن تقاليدنا العربية الكويتية الأصيلة

و أستنادا الى تلك المادة صدر المرسوم المذكر أعلاه بتشكيل اللجنة الموقرة التي شارك في أعمالها الخبير الدستوري الدكتور عادل الطبطبائي. تكونت اللجنة من 35 عضوا وعقدت لجنة تنقيح الدستور اول اجتماع لها في 19 فبراير 1980 وقد حضر الاجتماع سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح والقى خطابا في الجلسة مطالبا الاعضاء بالحفاظ على الدستور وصيانة مبادئه الاساسية مشددا على المسؤولية الملقاة على عاتق اللجنة لخدمة شعب الكويت وتحقيق امنه ورخائه واستقراره. وانهت لجنة تنقيح الدستور اعمالها يوم 22 يونيو 1980 بعد ان عقدت عدة اجتماعات استمرت 18 اسبوعا واطلعت اللجنة على 13 تصورا من الحكومة وتصور واحد من الاعضاء. أهم ما عثرت عليه في معرض بحثي دراسة قانونية قيمة للدكتور عثمان عبد الملك الصالح (و هو غني عن التعريف) نشرت في مجلة الحقوق و الشريعة – العدد الثالث – السنة الخامسة – سبتمبر 1981يقول فيها بأن
الدستور ينقح من قبل مجلس الأمة و أن الأمير و الشعب عليهم أحترام سلطة وسمو الدستور و تعديل الدستور يكون فقط من خلال مجلس الأمة و الرجوع للسلطة التأسيسية الأصيلة التي هي الشعب عن طريق الأستفتاء و لا يجوز أصلا تشكيل لجنة مع وجود الدستور الا أذا أسقط لسبب من الأسباب كثورة أو أنقلاب اذ لا يجوز وضع لجنة لتعديل الدستور، و الاجراء الوحيد المقبول هو اعمال المادة 174 بطرح مشروع التعديل على مجلس الأمة و بعد موافقة ثلثي أعضاء المجلس و تصديق الأمير عليه يمكن أن يتم التعديل
و تنص المادة 174 من الدستور على التالي

للامير وثلث اعضاء مجلس الامة حق اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل او حذف حكم او اكثر من احكامه ، أو باضافة احكام جديده اليه فاذا وافق الامير واغلبية الاعضاء الذين يتالف منهم مجلس الامة على مبدأ التنقيح وموضوعه ، ناقش المجلس المشروع المقترح مادة مادة ، وتشترط لاقراره موافقة ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس ، ولا يكون التنقيح نافذا بعد ذلك الا بعد تصديق الامير عليه واصداره ، وذلك بالاستثناء من حكم المادتين 65 و 66 من هذا الدستورواذا رفض اقتراح التنقيح من حيث المبدأ او من حيث موضوع التنقيح فلا يجوز عرضه من جديد قبل مضي سنة على هذا الرفض ولا يجوز اقتراح تعديل هذا الدستور قبل مضي خمس سنوات على العمل به

و قد نشرت جريدة الطليعة بتاريخ 20 فبراير من سنة 1980 مقالا دعت فيه الحكومة الى تشكيل لجنة أستشارية مكونة من خبراء قانونين و دستوريين و بأصدار قرار من مجلس الوزراء و ليس بمرسوم أميري مع النص أن توصياتها ستقدم الى مجلس أمة منتخب و هذا أمر يحق للسلطات أن تمارسه بموجب الدستور في أية وقت لكن تشكيل اللجنة الحالية و تركيبتها يشير أشارة قوية الى أن التعديلات المنوي أدخالها لا يمكن تحريرها بواسطة الطرق التي رسمها الدستور بل ربما ستجعل من الدستور شكلا فارغ المحتوى يؤدي الى قيام مجلس ضعيف عديم الفعالية و لا يمكن أن يمارس أي رقابة شعبية على السلطة الحاكمة
الآن سأترك لكم الحكم على قانونية و دستورية هذه اللجنة و الحكم على أتهامات التخوين التي صدرت بحق الدكتور عادل الطبطبائي. على أن أتعرض لتلك المقترحات الحكومية (لنتعرف على الديمقراطية التي تريدها السلطة) في مقال آخر

No comments: