عودة و لكن

هذا البوست برعاية "خراف" جمهوري إسلامي إيران

للمرة الأولى في حياتي أشعر بالأسى لدى عودتي الى أرض الكويت. ذهني كان مشوشاً للغاية حين غادرتها طلباً للصفاء الذهني و ترتيب الأفكار. لكن الوقائع التي نقلت لي حول أحداث العشرة الأيام الماضية و المقاطع التلفزيونية التي لم أظن بأني سأشاهد مثلها يوماً ما ساهمت في إحداث حالة ذهنية لا يمكن إختزالها في كلمة واحدة. 9

و لقد إعتقدت بعد هزيمة ليفربول الأخيرة أمام فريق بورتسموث و إصابة اللاعب الخلوق المهذب "ماسكرانو" بأن العالم قد توقف عن الدوران. و لولا انباء هزيمة مانشستر يونايتد القاسية امام فريق فولهام المغمور بثلاثية نظيفة لكنت ما أزال أعتقد بالجمود الكوني الذي أصاب وطننا العزيز. هذه الصدمة الموجعة أتبعتها صدمة أخرى و هي مشاهدة الفنان عبدالعزيز الحداد و هو "مالط الشنب" في دور مراهق في إحدى المسلسلات التلفزيونية. لكن خبر خطبة إستكانة كانت هي القشة التي قصمت ظهر الخروف ،، عفواً ،، البعير. فكيف أتنفس و أحيا دون إستكانة ؟ من سيتكلم عن أحلام البنات و مشاعرهم بعد اليوم ؟ لقد إلتزمت الصمت بحكم مسؤلياتي التدوينية بعد أن أضحت إستكانة خطاً أحمراً لا يمكننا تجاوزه بعد إنتقال زميلنا الطارق من معسكر المعارضة المسلحة الى فسطاط الموالاة المطيعة السلمية جداً جداً. أهذا هو جزائي يا إستكانة ؟ الأول حليمة و بعدين إنتي ؟

لدي أمرين أود أن أكتبها على عجالة دون شرح أو تحليل قبل أن أعلن عن شيئين بالإضافة الى دعوة واحدة. أما الأمور التي تستحق الإيضاح فهي أني كنت على ثقة بأن الشيخ ناصر المحمد فاقد لبوصلة العمل السياسي و رغم الدعم غير المسبوق من "نواب الإنبطاح" فإنه غير قادر على الإدراك أو الأحساس أو التفاعل ناهيك عن التعاطي السليم ومعالجة القضايا التي لا بد أن تسدح نفسها في طريقه. لكن لم أتوقع أبداً بأن الأمور ستتسارع بهذه الطريقة. لذا أعود الى تكرير ما كنت أقوله مراراً في الفترة القصيرة الماضية : الطريق الى جهنم معبد بالنوايا الحسنة. و منهجية ناصر المحمد ليست شراً مطلقاً أبداً و ما أكتبه عن عهد سموه ليس ناتجاً عن خصومة شخصية أو كره أو حقد و لكنها القناعة التامة بأنه لا يملك الكفاءة و لا القوة التي تمكنه من التصدي لقضايا المرحلة المستقبلية. نحن اليوم في حفرة ، إن خرجنا منها فسنقع لا محالة في حفرة أخرى ستكون أعمق من سابقتها و قد لا يمكننا الخروج منها. 9

 الصراع اليوم تعددت أشكاله فمن التلاسن الطائفي الى النبحة العنصرية الى التصادم الفئوي إنتهاءاً الى ما أرادت وسائل الإعلام الموالية لناصر المحمد تصويره بأنه تمرد "فئات" من الشعب على الأسرة الحاكمة و في عرف ناصر المحمد : طبعاً الغاية تبرر الوسيلة ! لكن جوهر الأمر بسيط جداً و لا يود الكثيرون مواجهته او الحديث عنه و يتذرعون بكافة الذرائع من أجل تحوير النقاش الجوهري و المهم ،، نحن ندار بواسطة عقلية حلزونية مهترئة جبانة غير قادرة على مسك زمام المبادرة و لا على نقل رؤيتها حول قضايا التنمية و تعتمد الإعلام سلاحاً وحيداً في مواجهة الجميع. الآتي (و إن كنت لا أعلم أسراره) أدهى و أظلم في عهد حكومة ناصر المحمد و لقد أعذر من أنذر. لقد أعلينا الصوت عل و عسى يستفيق الشعب من غيبوبته المزمنة و قد إستيقظ و الحمدلله ، لكن الإرث السياسي الفاسد لا يتغير بين ليلة و ضحاها و عليه فعلينا الإستمرار الى تغيير هذا الواقع الذي ساهمنا نحن في بنائه و إستقراره. 9

الأمر الثاني هو رفضي لمحاولات بعض المحسوبين على الطائفة الشيعية إستنكارهم الفردي لحادثة مركز "و ذكّر" الذي لم تتغير سياساته منذ سنوات مضت في وسط صمت حكومي مطبق و الإكتفاء بإستنكار محاولات الفتنة الطائفية في مقابل الصمت على منهجية واضحة من أجل إبتزاز ابناء القبائل. يجب أن يعي ابناء الطائفة الشيعية بأنهم مجرد أداة تستخدم لضرب أبناء القبائل و إن حقوقهم الشرعية (إن وجدت) لا يمكن تلبيتها إلا بواسطة سيادة أحكام الدستور الذي يكفل حقوق و واجبات المواطنين أجمعهم دون الإلتفات الى أصل أو دين أو لون أو جنس. إن تغذية مشاعر الحقد التي ستتحول فيما بعد الى كراهية متأصلة في نفوس باقي مكنونات الشعب الكويتي هو أمر خطير تقوم به فئة مرتزقة ممن يدعي تمثيله لأبناء الطائفة الشيعية  و هو بلاء و وبال على أبناء الطائفة الشيعية سيدفعون ثمنها فيما بعد الشيعة الذين سيتلقون الإتهامات  بأنها فئة لا ولاء لها و إنها متحالفة و متواطئة مع سلطة فاسدة و أنها سبب رئيسي في تخلف المجتمع الكويتي تماماً كما يوصم "أبناء القبائل" اليوم بعد أكثر من ثلاثة عقود على توطينهم. 9

يا من تدعون المظلومية و لا تكفون عن النواح و البكاء على أبسط القضايا  ، أنتم من سيذوق المر و العلقم متى ما تخلت تلك السلطة التي تستظلون بها اليوم و هي من أذاقتكم الويل في سالف الأيام التي طويت بلا رجعة و هي من جرجرت نواب الإنبطاح في الشوارع الى مباني أمن الدولة و هي من أثارت خطابات التخوين بحقكم إبان أزمة التأبين. ستدور عجلة التاريخ و ستنقلب السلطة على أعقابها كما إنقلبت على التيار التقدمي ثم التيار الإسلامي ثم التيار القبلي. حينها لن ينفعكم لا عدنان عبدالصمد الذي خرج كالشعرة من العجين من أحداث مكة و كارثة التأبين و سترون واعظ السلاطين القلاف في موقع أقرب الى السلطة و مستشار البلاط عبدالمحسن جمال يمارس تنظيراته الخالية من أدنى موضوعية أو مصداقية و سيعود يوسف الزلزلة الى أحلام الوزارة و ستقبل معصومة المبارك المنح و العطايا بلا أدنى حياء و سيكون عبدلله سهر و حامد العبدلله و يوسف غلوم في سدة مناصب رفيعة ، لكنكم ستعانون من نفس التعليم الواطي و نفس المجازر الطبية و نفس العلب السكنية و نفس الشوارع المزدحمة و نفس شبكة المجاري المهترئة و نفس النظام الإقتصادي التعس الذي لا يضمن الفرص و لا يكفل العدالة الإجتماعية و نفس خدمات الكهرباء و الماء المتكررة الإنقطاع التي يعاني منها باقي الشعب الكويتي. 9

يجب أن تكون مسطرتنا واحدة. من يهزأ بفتوى إهدار دم الميكي ماوس يجب عليه أن يعي بأن التراث الشيعي يحبب قتل "البريعصي" بدعوى إنه غير موالي لعلي ابن أبي طالب. من يسخر من فتوى رضاع الكبير فات عليه فتوى مماثلة للراحل الإمام الخميني تجيز تفخيذ الرضيعة. من يستنكر الأعمال الإرهابية التي تقوم بها فلول القاعدة في الكويت يجب عليه إعلان التبرؤ من أعمال التفجيرات النفطية في 1986. من يقذف الناس بالتكفير يجب عليه أن يرفض تهم "نصب العداء لآل البيت" التي يقذفها المعتوه القلاف و أزلام صحيفة العار القذرة في كل إتجاه. من يتكلم عن ديكتاتورية البعث و وحشيته عليه التمعن قليلاً في مبادئ الثورة الإسلامية في ايران و كيف إنها تخنق صوت الشعب الإيراني الذي إنتفض في وجه ديكتاتور أرعن ليجد نفسه تحت سلطة ديكتاتور آخر. و من كان بيته من زجاج فلا يرم الناس بحجر و لا تزايدون على ولاءات فئة دون الأخرى ! 9

و لقد إطلعت على مسودة بيان قام مجموعة من الناشطين الشيعة بصياغته و توزيعه على الكتاب و الأكاديميين و المثقفين من أجل إستنكار حادثة مركز "و ذكّر" على إنها محاولة للفتنة و تجاهل ذات البيان أية إشارة الى فتن قناة السور و من يدعمها. إن صمت النواب الشيعة و من لطم الخدود و شق الجيوب إبان أزمة التأبين على خطابات الولاءات المزدوجة و الإساءة الى أبناء القبائل هو أمر مستنكر بكل المقاييس و يعبر عن ميكافيلية لا تقل قذارة عن تلك التي يصمون غيرهم بها. 9

و دعوتي للجميع هي بالمشاركة في التجمع الذي سيقام ليلة الغد في العقيلة فعلى أبناء الحاضرة قبل أبناء البادية إستنكار ما تقوم به السلطة من تمزيق للوحدة الوطنية و ضرب الكل بالكل. الحضور غداً واجب على كل مواطن شريف يحاول تعليم أبناءه التمييز بين الصح و الخطأ. فإن كنتم ترون بغير ذلك ، أرجو ان تكفوا عن نفاق أنفسكم و تعليم أبناءكم بأن هناك فرق بين الكويتي الحضري و الكويتي البدوي و ان الكويتي السني لا يتساوى مع الكويتي الشيعي و أن الكويتي الأصيل يختلف عن الكويتي البيسري في حقوقه و واجباته. 9
  

أما الإعلان الأول فهي إستمراري للكتابة عن أسباب فشل ناصر المحمد فيما يخص وسائل الإعلام التي إستخدمها و الى منهجية التضليل التي إستخدمت أدوات كثيرة منها نواب مجلس الأمة نفسهم و بعض مخبولي شارع الصحافة على شاكلة الكابتن الكلاسيكي عبداللطيف الدعيج و عن نيتي للكتابة عن موضوعين تحاشيت الكتابة عنهما لأسباب شخصية أولهما هو أسباب الإحتقان الفئوي (بكافة أشكاله) في الكويت و عن سلسلة مقالات تتناول الطائفة الشيعية في الكويت. 9

أما الإعلان الثاني هو عزمي عن التوقف عن الكتابة لأجل غير معلوم بعد الإنتهاء من هذه المقالات لظروف عملي التي حاولت مقاومتها كثيراً ، لكني اليوم أرفع الراية البيضاء في مواجهتها بعد أن أخفقت في الكتابة بشكل تفاعلي متواصل ما جعلني أغفل الكثير من القضايا و الكتابة عنها في حينها و الإكتفاء بمناقشتها بعد زوالها. مع التنويه بأنني قد قمت بإضافة إيميلي الشخصي في المدونة بناء على طلب القرعان. 9

سأتوقف لكن بعدما أفرغ من كتابة ما كنت أتخوف و أترهب عن الكتابة عنه ! 9