Once Upon a Time in America

سألني أحد الأصدقاء عن أعظم فيلم بالتاريخ ، فأجبت بلا تردد .. إنها رائعة سيرجيو ليوني .. حدث ذات مرة في أمريكا

سيرجيو ليوني هو المخرج الإيطالي الذي أخرج لنا أعظم أفلام الغرب الأمريكي ، الطيب الشرير القبيح ، من أجل حفنة دولارات و حدث ذات مرة في الغرب. عندما تم نشر رواية العراب أو الأب الروحي و تسارعت إستديوهات هوليوود لتحويلها الى فيلم سينمائي كان هناك إسم واحد فقط يتردد في الأذهان. كان سيرجيو ليوني. لكن سيرجيو ليوني رفض معلناً بأن سيتفرغ لمشروعه القادم و الذي سيتفوق على فيلم العراب. 9

أمضى سيرجيو ليوني 17 سنة على هذا الفيلم ، نعم 17 سنة مما جعل الكثير يتحسفون على طاقة هذا الرجل التي كان من الممكن أن تنتج لنا المزيد من الأفلام لولا شغفه و ولعه بهذه القصة. حتى أنتج لنا في عام 1984 فيلماً مكونا من أكثر من ست ساعات. كان ينوي سيرجيو ليوني عرض القصة على جزئين مكونين من 3 ساعات لكل منهما. صدم منتجو الفيلم و ألحوا على سيرجيو ليوني أن يبادر الى تقليل وقت عرض الفيلم مما أدى الى تخفيضه الى 4 ساعات و نصف في النسخة التي عرضت في أوربا و 3 ساعات و50 دقيقة في النسخة التي عرضت في الولايات المتحدة. 9

أختير الفيلم لكي يعرض في إفتتاح أكبر مهرجان سينمائي في العالم ، مهرجان كان. فماذا كانت النتيجة؟ تصفيق مدوي من جميع الضيوف إجلالاً و إكراماً لهذه الرائعة الفنية إستمر لمدة 15 دقيقة وقوفاً على الأقدام !! 9

الفيلم يتحدث عن مجموعة أطفال ترعرعوا في إحدى أحيار نيويورك اليهودية. إتفق هؤلاء الأطفال على أن يتشاركوا في أحزانهم ، أفراحهم ، أحلامهم. الأطفال شكلوا فيما بينهم عصابة صغيرة تم ترؤسها بصورة ثنائية من قبل نودلز (روبرت دي نيرو) و ماكس (جيمس وودز). في نهاية تلك الحقبة يتم قتل أصغر أعضاء العصابة، دومينيك ذلك الطفل الجميل ، ما جعل نودلز ينتقم له و إنتهت تلك الفترة بالقبض عليه و إيداعه السجن حيث أمضى بقية فترة طفولته. 9

عندما خرج نودلز من السجن وجد أن ماكس قد نظم العصابة التي باتت محترفة الآن و متورطة في أعمال المافيا و جاهزة لإستقبال نودلز مرة أخرى حيث أقسم اعضائها على الإخلاص لوعدهم السابق بالمشاركة في كل شئ. و تم الإتفاق على توزيع الثروة من خلال خزينة إيداع موجودة بإحدى محطات القطار. 99

تمضي الأمور بشكل حسن و من سرقة لأخرى و يعيش نودلز قصة حب حياته مع معشوقته منذ أيام الحي ، ديبرا تلك البالرينا الراقصة اليهودية الى إن تغلبت غريزته على مشاعر الحب في لحظة جنون ندم عليها أشد الندم فيما بعد، إغتصبها في السيارة لتمضي هاربة منه الى آخر الفيلم. 9

و في أحدى السرقات المخططة بدقة يفاجأ نودلز بإنكشاف أمر الخطة و مقتل جميع أصدقائه و تفحم جثثهم. يسرع الى محطة القطار للهرب و يتذكر تلك الخزنة امليئة بالأموال فيجدها فارغة و يتساءل من فعل هذا؟ من قتل أصدقائي و حطم حياتي و سرق أموالي؟ فيختار نودلز المنفى للعيش في إحدى مزارع الأفيون لمدة 32 سنة حتى تصله دعوة غامضة تدعوه للرجوع الى الحي. 9

يعود نودلز و قلبه يعتصر ألماً على ذكريات الماضي الجميلة ، بعد أن خسر كل شئ ، حبه ، حياته ، ذكرياته ، أصدقائه ، أمواله. و يمضي في تلك الرحلة العجيبة للبحث عن الحقيقة .. حقيقة ما جرى. 9

يتم تصوير الفيلم بطريقة الفلاش باك على ثلاثة أزمنة .. فترة الطفولة في العشرينات و فترة ما بعد السجن في الثلاثينيات و فترة العودة من المنفى في الستينيات. يمتاز تصوير سيرجيو ليوني بالتركيز على إنفعالات الوجه (كلوز أب) من خلال مقاطع تصويرية طويلة. و يتميز الفيلم بموسيقاه التصويرية الخالدة و التي عدت من أروع الموسيقى المصاحبة في الأفلام. 9

هناك العديد من اللقطات الخالدة التي تصور مظاهر الجشع ، الخيانة ، الرغبة ، الشهوة ، الحب ، الوفاء ، الطفولة ، الحزن، الحسرة ، الندم منها ذلك المشهد الرائع حينما يتشارك الأطفال في شراء قطعة جاتوه إحدي الفتيات البغايا في الحي الفقير من أجل إمتاع صديقهم في يوم ميلاده. يأخذ الفتى تلك القطعة بكل لهفة و يسرع بها إلى الفتاة و يطرق الباب ممنياً نفسه بلحظات سعيدة. تأخذ الفتاة بعض الوقت حتى تخرج له فينظر الفتى الى تلك القطعة الشهية و تتمازج مشاعر الشهوة لديه ، شهوة الغذاء و الطعام اللذيذ الذي حرم منه و شهوة الجسد الغض الذي سيستكين لرغباته و تكون الغلبة لأحد تلك الشهوتين في وسط موسيقى خالدة لن تنسى. عموماً لن أحرق عليكم تلك المشاهد و سأكتفي بوضع كليب يصور أحداث القصة مصحوبا بأروع موسيقى بالفيلم .. مقطوعة الفقر لأينو ميروكوني