لا مثال أفضل على ما أريد أن أطرحه ،، على المبررات الواهية التي يسوقها البعض من أجل عدم تطبيق أحكام مواد الجنسية خاصة ما يتعلق منها بإزدواجية الجنسية. الكاتب ساجد العبدلي نشر قبل أيام مقالة بعنوان "مزدوجو الجنسية و الجهالات" طالب فيها معالجة قضية مزدوجي الجنسية و لكن بطريق آخر لا نعلمه غير طريق القانون الحالي الذي (في رأيه) غير قابل للتطبيق الفوري و سيثير حزازات مع الدول المجاورة. 9
و للرد على تلك الدعاوي الباطلة (حاولت التعليق على المقالة في موقع الجريدة لكن لم يُنشر لأسباب أجهلها). يرجي الإنتباه الى النقاط التالية : 9
لا يحق لأحد أن يوقف تطبيق القانون مهما كان المبررات إلا بتعديل القانون عبر الآليات الشرعية ! لكن لنأتي للمبررات التي ساقها الدكتور المحترم. كيف له أن يدعي بأن القانون غير قابل للتطبيق ؟ هل كانت هناك محاولة جادة من الحكومة في السابق و فشلت ؟ هل صعوبة التطبيق تكمن في نص القانون أم في ضعف الحكومة ؟ هل يجب علينا إستبدال الآلية المقررّة في القانون بأخرى أم يجب علينا إستبدال الحكومة التي يناصرها الدكتور المحترم لأسباب لا تخفى على أحد ؟
جميعنا سمع عن حالات متفرقة للإزدواجية أو تزوير الوثائق تم فيها إسقاط وثائق الجنسية و كانت آخرها للمدعو ياسر الصبيح الذي يكتب البعض عن برائته رغم إن المحاكم لم تبرأه مطلقاً بل أقرت بواقعة تزوير إسمه و أسماء أشقائه و والدته. لكنها لم تستطع الحكم على واقعة التزوير تلك لأنها لم تتم في سجلات دولة الكويت الرسمية لكنها تمت في سجلات جمهورية العراق قبل أكثر من 10 سنوات (أكثر من المدة القانونية التي يحاسب على جريمة وقعت خارج الحدود الإقليمية لدولة الكويت. إذاً القانون قابل للتطبيق متى ما "إشتهت السلطة" تماماً كما حدث للدواوين غير المرخّصة التي بنيت على أملاك الدولة من قبل فئات معينة. 9
و إذا سلمنا بهذا المنطق الأعوج ، فهل يقبل الدكتور الفاضل بعدم تطبيق "قانون سب الصحابة" لصعوبة تطبيقه إذ إن متون الكتب الإسلامية المُعتبرة تزخر باللعن المتبادل بين صحابة رسول الله بل إن الأحاديث الشريفة الصحيحة تتحدث عن نفاق بعضهم ! 9
أما مسألة التأثير على دول الجوار ، فهي وهم غير مؤكد فلم نسمع عن دولة شقيقة إعترضت على تطبيق قانون إزدواجية الجنسية مع إعادة التذكير بالشائعة التي حاول البعض ترويجها عن زيارة الشيخ ثامر الجابر الأحمد للمملكة العربية السعودية و مقابلته لأحد أعضاء القيادة السياسية في المملكة بخصوص هذه القضية ، الأمر الذي نفاه الشيخ ثامر في تصريح رسمي. و مع هذا ، فليحدث و أن تعترض أحدى الدول ،، هل العلاقات الثنائية أهم من المصلحة العليا ؟ هل نحتاج للتذكير بأحداث الثمانينيات و كيف غلّبت السلطة السياسية لدينا مصالحها العليا من اجل الحفاظ على علاقاتتها مع نظام صدّام (مع فارق التشبيه) و كيف إنتهت الأمور ؟
القوانين تُسن خدمة للمصلحة العليا و ليس خدمة لإرضاء بعض الفئات. و قضية الإزدواجية بعيدة تماماً عن الولاء مهما حاول الجهلة و المغيّبة عقولهم تخوين بعض الفئات جماعة دون دليل أو قرين. لكن لا يمكن لمنصف أن يقر بإزدواجية الجنسية في ظل المميزات الواسعة التي تمنح للمتمع بالجنسية الكويتية من خدمات دون وجود نظام ضريبي. و "الظواهر السلبية" لحالات الطلاق في الكويت و الزواج مرّة أخرى في دول مجاورة من أجل الحصول على معونات وزارة الشئون و بدل السكن موجودة و تحاول السلطات التقليل من هذا الإستنزاف لموارد الدولة. و "إستصدار الرخص التجارية" و إستقدام العمالة الهامشية دون ممارسة النشاطات التجارية تلك و إستهلاك البنى التحتية هي "ظاهرة سلبية" أخرى مرتبطة بدرجة ما و ظاهرة إزدواجية الجنسية. 9
لذا ليس كل من يرفض إزدواجية الجنسية هو مناصر للنبحة العنصرية و إتهامات التخوين التي يثيرها الجويهل و من هو خلفه لتغييب العقول و إلهاء الناس عن مناقشة قضاياهم الحقيقية (كقانون الخصخصة). و من المؤسف أن أتهم أنا بمثل هذا الأمر فقط لأنني عبرت رفضي لإزدواجية الجنسية و دعوت الى تطبيق القانون بعيداً عن نهج الإثارة الإعلامية التي ينتقدها الدكتور و رافضاً أن توكل هذه القضية لنفس السلطة التي تسببّت بمثل هذه الظاهرة ،، و هي نفس الحكومة التي يرفض الدكتور ساجد بالمساس برموزها ! 9
و المضحك إن منهجية الإتهام و التشكيك بلا دليل تطالني أنا أيضاً و أُطالب بأن أقدم الدليل من خلال كتاباتي على التبرؤ من خطابات الجويهل. ألست أنا من كتب "قاتل الله العنصرية" ؟ ألست أنا من كتب عن الزمن المُرّ الذي أصبح فيه الجويهل رمز الوطنية و متحدثاً و مناقشاً للديكتاتورية العادلة مع زميله سعود الورع ؟ ألست أنا من كتب عن كيس القمامة و الفارق بين خطابات الكراهية و حرية التعبير ؟ ألست أنا من كتب عن إستحقاق إستجواب وزير الإعلام ؟
لكن هذا لا يعني باني لا ألتزم بتطبيق كافة نصوص القانون دون تأخير أو إبطاء. لنفرق دائماً بين القضية و الأشخاص ! 9
إذا أين الخطأ في مقال الدكتور ساجد ؟
الدكتور ساجد و بكل بساطة يتحدث عن آليات معالجات هذه المشكلة و يؤكد على إستحالة تطبيق الآلية القانونية و هي الآلية الشرعية الوحيدة التي يمكن لنا إستخدامها لحل أي مشكلة ! و في حديثه هذا .. يتجاوز الحديث عن المبدأ الذي يجب أن نناقشه أولاً .. ألا و هو .. هل يجوز لأحد أن يتمتع بإزدواجية الجنسية ؟
قيل قديماً .. الشيطان يكمن في التفاصيل. و أرى من الواجب أن نتفق على هذا المبدأ ، إما أن نقر و نسلّم بالمبدأ الذي أكده قانون الجنسية في عدم جواز إزدواجية الجنسية أو نعلن عن رأينا الواضح في ضرورة تعديل القانون بما يناسب مصالح بعض الفئات تماماً كما فعل السيد مبارك الدويلة في مقالتين "ازدواجية الجنسية و الحلال" و "حكومة غاوية مشاكل". 9
أما أن نحوّر النقاش و نتجاوز الحديث عن المبدأ الأساسي و ندخل في تفاصيل آليات التطبيق و نحن لا نعلم حقيقة الموقف من إزدواجية الجنسية ، فهو مجرد وهم يحاول بعض الكتاب زراعته في عقول القراء من أجل الوصول الى مبتغاهم دون إعلان حقيقة موقفهم. و هنا لدي ملاحظة جوهرية و هي إستغرابي عن الحديث عن إستحالة تطبيق القانون حينا تمس هذه القوانين فئات بعينها كما هو الحال في قوانين مكافحة الفرعيات و إزالة الدواوين ! 9
أخيراً ،، مارس الدكتور الفاضل ساجد العبدلي نفس الوهم الذي تحدثت عنه "حرية التعبير" حين يرفض مناقشة النقد الموجه لمقاله بحجة أن لي موقفاً مسبقاً منه على خلفية قضية سابقة. و بذلك فهو يهرب من هذا النقد و يرفضه تحت حجة أن لا حق لمن إنتقد الدكتور ساجد في السابق بأن يمارس هذا النقد مرة أخرى ! و عاشت حرية التعبير ؟! 9
ألم أكتب أنا بأن الدكتور ساجد من الأقلام المميزة ؟ ألم أشيد و أمتدح موقفه من قضايا منع الإختلاط و التأبين ؟ ألم أدّعي أنا بأن إختلافنا معه خلال حملة "إرحل" لا يفسد للود قضية مع الدكتور الجميل بأخلاقه و عقله ؟ ألم أنتقد أنا السيد محمد الوشيحي حينما غمز و لمز حول مواقف الدكتور ساجد العبدلي من رئيس الحكومة ؟ لماذا يُمسح هذا كله و نتوقف فقط حين يزعجنا نقد الموقف المتقلب للدكتور ساجد حين ينتقد من قال إرحل لناصر المحمد تحت حجة إنه إبن إسرة الحكم والتي ستبقى الرحم الذي ينجب حاكم هذه البلاد و يمارس نفس الحق الذي حجبه عن غيره و يقول لأحمد العبدلله (إبن نفس الأسرة) إرحل فنحن نستحق الأفضل ؟ لا يوجد أسهل من الهرب و قذف الإتهامات بالشخصانية على من يخالفنا الرأي و نحن نقر بحق الدكتور في أن يتخذ ما يشاء من المواقف لكن هذا لا يعني التسليم بما يكتبه و حجبه لحق النقد عن مخالفيه. 9
أما التمنع عن نقاش ما أكتبه بحجة إنه يكتب بإسمه الشخصي و لا يريد الرد على تعليقات الأشخاص المجهولين بالنسبة له ،، فهو أمر مخجل لمثل من يملك عقل الدكتور. ألا ترد على عشرات التعليقات على مقالاتك المنشورة في موقع الجريدة ؟ هل تعلم أسماء و أرقام البطاقات المدنية لكامل هؤلاء القرّاء حتى ترد عليهم ؟ عموماً إيميلي و عنوان الآي بي الخاص بي موجود لدى جريدة الجريدة التي لم تمنحني حق الرد. و لك أن ترد أو لا ترد لك و شرائط و أسس الحوار يحددهما الطرفين المتحاورين. لكن لا يوجد في الخليقة شئ يمنعنا من نقد ما تكتبه و إن إتفقنا أو إختلفنا معك. 9
نهاية القول ، إحذروا الوقوع في هذا الفخ ، و هي نقاش التفاصيل الصغيرة و الغرق في الإختلافات دون الإتفاق على المبدأ الرئيسي الذي يجمعنا و الذي قد يؤسس أرضية صلبة تمكننّا من نقاش سبل و طرق حل مشاكلنا ! 9