Showing posts with label وطنية. Show all posts
Showing posts with label وطنية. Show all posts

Thursday, 6 August 2009

من حقنا أن نحلم

المقال السابق "من هم سكان الكويت" كُتب قبل خمسة و ثلاثون سنة و تحديداً في تاريخ 21 اكتوبر 1974 بواسطة الكاتب الألمعي عبداللطيف الدعيج. هكذا كان حال التيار الوطني "الحقيقي" الذي أحببناه و آمنا به و خطاباته التي توحد الجميع خلفها. عبداللطيف الدعيج كان يحلم بدولة مدنية تضم جميع الأطياف و لا تقف عند آفة التجنيس السياسي من أجل تغيير التركيبة السكانية ن فتذيب الفوارق و تكسر الحواجز و تعتمد المواطنة مقياساً للتفاضل بين أبناء الوطن الواحد. يومها كان عبداللطيف الدعيج في نفس أعمارنا. 9
و نقول له اليوم : من حقنا أن نحلم يا بو راكان كما كنت تحلم في تلك الدولة الجميلة التي توحد و لا تفرق بين أبناءها تكفل له الفرص في حياة معيشية أفضل و تضمن لهم حقوقهم في ظل دولة القانون التي لا تميز على أساس عرقي أو طائفي أو فئوي. نحلم في دولة الكفاءة و المواطنة الحقة لا دولة الفداوية و الساسة الفاسدين المتلونين. نحن لم نتلوث بالسياسة الخبيثة لنواب "تيارك الوطني الجديد" الذين باتوا يعزفون نفس النغمة التي كنت تنتقدها تحقيقاً لمصالح لا ندخل في حساباتها عبر إستثارة و تاجيج النفس العنصري البغيض الذي أصبحت أنت اليوم من المدافعين عنه. 9
أنت من يراهن خاسراً على بث روح التفرقة واستثارة العواطف العصبية طمعاً في الاحتفاظ بالأوضاع على ما هي عليه. و القوى الوطنية مصلحتها مع الشعب و الدفاع عن مصالحه و الذود عن أمواله لا الدفاع عن ناصر المحمد و الوقوف في صف الحضر ضد البدو ! 9
سنظل نمارس دورنا في رقابة النواب غير عابئين بالنباح و النياح و العويل ، تماماً كما دعانا الى ذلك السيد صالح الملا ب "الضغط الشعبي على النواب الذين آثروا السلامة حتى يكون لهم موقف" قبل أقل من سنة. نفس صالح الملا الذي كنت تستنكر علينا نقده و كأنه منزه من الخطأ ،، لأننا مدفوعون من أحمد الفهد و نحاول تمرير تعديل القوانين الرياضية. أليس كذلك ؟
ما قولك حين يمتدح صالح الملا رسالة الوزير العفاسي قائلاً بأنه إكتفى بالمراجعة دون التعديل ؟ هذا التصريح ليس صفعة لمن راهن على تعديل القوانين الرياضية بل هي صفعة على وجهك الذي ما عد يحمر خجلاً من دفاعك المحموم عمن فرط بأموال الشعب و سرقها في رابعة النهار. يستمر نفس التناقض الذي عهدناه من النائب المحترم و أصبحت صفة ملازمة له فإستمر كالبهلوان يتقافز على الحبال دون أن نعرف ماذا يريد حقاً. فما الهدف من المراجعة إن لم تنتهي بالتعديل كما صرح الوزير. لم نراجع قوانين لا تمس المواثيق الأولمبية الدولية و ندعي القوى الخارجية الى التدخل في تشريعاتنا فقط من أجل إرضاء بعض الأطفال المدللين ؟
مرة أخرى تقص فيك الحكومة الحبل. و مرة أخرى يخذلك نوابك التي لا تريد لأحد أن ينتقدهم. و مرة أخرى تستمر في صمتك كما فعلت حول البلاغ المزعوم. 9
أنت مكشوف يا زعيم و ما عادت ورقة التوت تغطي تقلباتك و تغيراتك و إختلاف "تدليسك الوطني" عن مبادئنا. فقط لتعرف من هو المحترف الذي يتقاضى الأموال من أجل الكتابة. و من هو هو الناشئ الذي يمارس هوايته حباً فيها و حباً في هذا الوطن. 9
إنتهى ! 9

Tuesday, 4 August 2009

من هم سكان الكويت ؟

من هو كاتب مقال "من هم سكان الكويت" ؟
لا شك أن موضوع التجنيس في الكويت كان ولا يزال مدار حوار وأخذ و عطاء في جميع الميادين، وفي شتى المجالات، وبين كل المستويات، ولا شك أيضا بأن العديد من المعنيين ببعض الأمور قد اضطروا مراراً إلى تجاوز البحث في هذا الموضوع عند اصطدامهم به بشكل مباشر أو غير مباشر وذلك بسبب خطورة البحث في هذا الموضوع، و بسبب الخشية من أن يؤول الكثيرون من المتمصلحين من عمليات التجنيس الفجائية و غير الطبيعية، الخشية من أن يؤول هؤلاء و يفسروا البحث بغير ما قصد إليه و بعيداً عن النتائج الإيجابية التي قد يتوصل إليها من يحاول أن يطرق موضوع التجنيس في الكويت. 9

و نحن و مع إدراكنا لصعوبة الخوض في هذا الموضوع، ومع وعينا للكثير من المطبات و المزالق التي سوف يفتعلها من حاول و يحاول كثيراً أن يكبت الجدل حول التجنيس أو أن يطمس الحقائق التي يسجلها البعض على عمليات التجنيس الخاطئة و الفجائية التي تمت خلال السنوات الماضية، نحن مع إدراكنا لكل هذا سنحاول ان نطرق هذا الموضوع و إنْ بعنف وصراحة قد يرتعب منهما البعض، و لذا سنسعى لأن نسجل وتطويقاً مبكراً لأية ردة فعل قد تحاول إلهاب المشاعر واستفزاز النعرات و العصبيات الكامنة، سنسجل تحفظنا المسبق – وغير الملزم أيضاً – على أية محاولة للطعن في هذا البحث أو تشويه مراميه و مقاصده، كما سنسجل أيضا – وهذا هو المهم – أن أي اعتراض نتوصل إليه على عمليات التجنيس يبقى اعتراضاً وانتقاداً لهذه العمليات وليس على أي شيء آخر، وبمعنى أوضح لن يكون تحفظنا أو اعتراضنا منطلقاً من دافع إقليمي أو عنصري كما قد يحاول البعض أن يصوره، على هوية و أصل من طالتهم عمليات التجنيس بقدر ما سيكون اعتراضاً وانتقاداً لهذه العمليات وحسب… 9
كانت هذه مقدمة ضرورية حتى لا يجنح البعض بعيداً في محاولة تأويل ما سنطرحه واستثارة العواطف ضده من خلال تفسيره بما يخدم طموحات و أوضاع البعض، وبالتالي يعزز مصالحه التي لن تكون سوى طائفية أو قبلية أو ترتكز عليهما على الأقل … 9
والآن وبعد هذه المقدمة التوضيحية، ماذا لدينا حول عمليات التجنيس من ملاحظات؟ كيف تمت وكيف كان يجب أن تتم ؟؟
كي نستطيع أن نتفهم الوضع جيدا، و كي نستطيع أيضاً أن نحدد موقفا صريحا و علميا من عمليات التجنيس لا بد لكي نصل إلى ذلك من الرجوع قليلاً إلى الخلف، ليس فقط إلى تاريخ و أوضاع صدور قانون الجنسية الكويتي لعام 1959 بل إلى قبل ذلك بقليل، أي بعيد بدء الإنتاج النفطي و تدفق عائداته بقليل .. وإذا كانت هذه الفترة هي التي تعنينا في رصد مسار عملية التجنيس في الكويت فإن الفترة التي سبقتها بقليل أيضاً تعيننا على تحديد سكان الكويت و هويتهم في تلك الفترة. 9
في الفترة التي سبقت الإنتاج النفطي كان سكان الكويت ينقسمون ظاهرياً – وليس حقيقياً – إلى ثلاث فئات عنيت كل فئة بقالب إقتصادي مميز. 9
* ففي المدينة حيث تحضر الكويتيون – الذين كانوا بدوا في الأصل – كان الإنتاج يعتمد على الملاحة و التجارة سواء في الغوص أو السفر مع بعض الصناعات الخفيفة التي تولاها القادمون من الإحساء أو القادمون من نجد بدون إنتماء قبلي محدد. 9
* وفي القرى أو الواحات بالأصح تمركز القرويون الذين كانوا أيضا في الأصل من البدو – معضمهم من العوازم – يحترفون الزراعة بشكل أساسي إلى جانب امتلاك الماشية و صيد السمك. 9
* وفي اطراف المدينة و القرى ظل البدو – أصل الكويت – يمارسون الرعي لحساب أنفسهم بشكل جزئي و لحساب أسر القرى الغنية بشكل أعم. 9
و الواقع أن هذا الإنقسام كان ظاهرياً وليس حقيقياً كما قلنا، حيث أن هذا التقسيم قد تم بناءً على استعدادات الفرد و حاجاته الاقتصادية أكثر مما تم بناءً على انتمائه أو موقعه الاجتماعي، إذ نشط كثير من البدو في مجال التجارة كما مارس بعضهم الغوص بالإضافة إلى مزاولة بعض الاعمال الاخرى في المدينة – خصوصا عند انتهاء موسم الرعي او فقر الأرض بسبب قلة الامطار – كحراس أو فداوية أو أدلاء للقوافل التجارية أو قوافل الحجيج، في الوقت نفسه الذي مارس فيه أهل المدينة الزراعة او الرعي سواء قاموا بذلك بأنفسهم أم وظفوا الرعاة أو الزراع للقيام بها، و كذلك هو الحال أيضا مع أهل القرى الذين لم يكونوا منقطعين للزراعة وحسب. 9
القصد أنه كانت هناك علاقات اجتماعية قوية بين هذه الأقسام الثلاثة، كما أن تبادل المنفعة المادية كان يوثق بينهم بعمق حيث كان سكان المدينة يعتمدون على اهل القرى و البادية في غذائهم بينما كان هؤلاء يعتمدون عليهم في وصلهم بالعالم الخارجي و منتجاته بالإضافة إلى تصريف منتجاتهم في المدينة واعتمادهم على تجارها في تمويل عمليات انتاجهم. هذا بالإضافة إلى الصلات الإجتماعية التي كانت قائمة وأيضا بقوة بين هذه الأقسام عبر القرابة و المصاهرة، أي رغم الإختلاف النسبي بين بيئات هذه الأقسام الثلاثة فإن العلاقات الإجتماعية أوجدت بينهم حدا ادنى من التكوين الثقافي المشترك الذي وفر لهم فرصة التعايش معاً بحيث كان من الصعب، و إن لم يكن مستحيلاً في ذلك الوقت التميز بين أفراد هذه الأقسام. 9
هكذا و بتبسيط شديد كان الوضع قبل تدفق العائدات النفطية، أما بعدها فقد ابتدأت تركيبة السكان في الكويت في التمدد كماً و كيفاً، وكان لازدهار الكويت المدينة في اوائل القرن العشرين، ثم اكتشاف النفط السبب الأساسي لأن يكون هذا التمدد مقصوراً على سكان المدينة وحدهم. وكان لاتساع الحرف والصناعات الخفيفة وما تطلبته عمليات النفط من قوى و أيد عاملة فنية أن كان التمدد في القسم الحضري من سكان الكويت وحسب، فالخدمة المنزلية والرسمية التي كان يأنفها أهل البادية ولا يطيقها سكان القرى اجتذبت أبناء الخليج العربي و المهرة وعمان، أما أعمال البناء و شق الطرق الشاقة فقد تولاها الإيرانيون والعراقيون بينما استحوذ القادمون من الشام ومصر على الأعمال المكتبية و التقنية و سلك التعليم، و غني عن القول هنا أن هذا المد البشري الهائل الذي اجتاح الكويت مع تدفق العائدات النفطية كان بحاجة إلى منتوجات القرى الزراعية ومنتوجات البادية الرعوية، ولكن هذا يجب أن لا يدفعنا إلى الوهم بأنه كان سيؤدي إلى تمدد موازٍ في سكان القرى والبادية من اجل تلبية حاجة استهلاك المجتمع الجديد الزراعية و الحيوانية، فالواقع أنه كان يفرض ذلك إلا أن شيئاً منه لم يتم بسبب فقر المراعي الكويتية و انعدام الماء وندرة التربة الزراعية، و لهذا كان طبيعياً أيضاً أن لا يعم التمدد السكاني القرى و البادية. 9
هكذا كان الحال قبيل و عشية صدور قانون الجنسية عام 1959 وقد كان المفروض أن يأتي هذا القانون متوافقاً و التطور الموضوعي للمجتمع الكويتي وأن يعمل به بموجب هذا التوافق، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث، بل إن عكسه هو ما حدث تماماً في المدة الأخيرة. فبدلاً من البدء في تجنيس سكان الكويت بأقسامهم الثلاثة، البدو – الحضر – القرويين، ثم الالتفات إلى احتياجات المجتمع الجديد والبحث عن المجموعات البشرية القادرة على تلبيتها و من ثم العمل على تجنيسها بل و ترغيبها في هذا التجنيس، بدلاً من أن يحدث ذلك، حدث العكس تماماً حيث أدى قانون الجنسية والعرف الاجتماعي والدافع السياسي إلى عدم الالتفات إلى احتياجات المجتمع والتجنيس بموجبها كما أدى وبشكل جزئي إلى حرمان بعض أفراد هذا المجتمع من التمتع بجنسيته. 9
لقد شكلت الحكومة لجاناً من اجل تجنيس أهل الكويت بأقسامهم الثلاثة السابقة، وقد حرصت من أجل ضمان قانونية و شرعية التجنيس أن توكل أمر هذه اللجان إلى أشخاص يستطيعون تمييز الكويتيين في كل الأقسام الثلاثة، فلأهل المدينة شكلت لجاناً تضم بعض كبار السن من أحياء المدينة الثلاثة، بحيث يستطيعون التعرف على طالب الجنسية وما إذا كان من سكان الكويت قبل العشرين ام لا، وكذلك هو الحال بالنسبة للقرى، أما أهل البادية فقد كان من الصعب تحديدهم قياساً إلى مكان إقامتهم كحال سكان المدينة والقرية بسبب عدم استقرارهم و سعيهم الحثيث وراء العشب والماء، لذا فقد أوكلت الحكومة إلى كل زعيم قبيلة أو كبيرها في الكويت او من المتنفذين فيها أوكلت إليه مسألة تجنيس الكويتيين من تلك القبيلة، و الواقع أن هذا خطأ كبيراً من الحكومة، إلا أنه لم يكن أمامها إلا أن تقع فيه، فلجان المدينة و القرى اشترطت أن يتقدم طالب الجنسية بإثباتات مادية صحيحة وموثقة تدعم حججه كملكية بيت أو وصل إيجاره كما اشترطت على من لا يملك ذلك أن يحدد مجال عمله و سكناه بالتواريخ، فسكان الكويت كانوا قليلين و بالتالي كانوا معروفين، ولم يكن لأحد ان ينجح في إدعائه، اللهم إلا القلة الذين أصر البعض على مساعدتهم و الإدلاء بمعلومات خاطئة لصالحهم، هكذا كان الوضع بين سكان المدينة والقرى، أما في البادية فقد سارت الأمور ولكن بغير ما خطط لها.. 9
فالذين أوكلت لهم مسألة تحديد كويتيي البادية كانوا أمينين على هذه المهمة ولكن بالقدر الذي هم أمينون فيه على انتماءاتهم القبلية و تقاليد هذا الانتماء، وكان أن خضع التجنيس للتقاليد القبلية بالقدر الذي خضع فيه إلى المصلحة العامة و القانون المشرع، و الحقيقة أن هذا كان ايضاً أمراً لا بد منه، فرجل القبيلة الذي أوكلت له إليه مسألة تجنيس أو ترشيح أفراد القبيلة الذين استوطنوا الكويت لنيل الجنسية الكويتية كان خاضعاً ومخلصاً لتقاليده القبلية، و هذه التقاليد لم تكن لتفرق كثيراً بين أبناء القبيلة الواحدة، خصوصاً أن هذه التقاليد تربط أفراد القبيلة بزعماء العشائر والبطون منهم، وكان طبيعياً ان ينضوي أفراد القبيلة تحت جنسية زعيمها وكان طبيعياً أن لا يفرق هذا الزعيم بين من اعتبرتهم التقاليد القبلية أبناء عم ولو كان لا يجمع بينهم سوى الجد العاشر، وهكذا حاز على الجنسية الكويتية في البدء أناس لم يكونوا كويتيين تماماً وبهذا فتحت أول ثغرة في عمليات التجنيس الكويتية، و الواقع انها لم تكن ثغرة خطرة ولا حتى صعبة وذلك للاسباب الآتية : 9
1- إن الذين حازوا على الجنسية الكويتية من أبناء البادية غير الكويتيين كانوا قلة معدودة، وقياساً إلى حملة التجنيس العامة التي بوشر فيها مع صدور القانون فإنهم لم يكونوا قطاعاً ضخماً متميزاً يصعب تعايشه و ذوبانه في المجتمع الكويتي. 9
2- إن هؤلاء الذي منحوا الجنسية الكويتية من خارج بادية الكويت لم يكونوا غرباء تماماً عن الكويت وعن علاقتهم بسكانها، بل كانوا من البدو الذين تربطهم بسكان بادية الكويت علاقات و صلات اجتماعية معينة كانت تجعلهم قريبين من المجتمع الكويتي و قادرين على التكيف معه. 9
3- لقد كان هؤلاء – وهذا هو المهم – راغبين في المواطنة الكويتية وساعين لها، أي أنهم اختاروا برضاهم وحسب مصلحتهم ان يكونوا كويتيين، لا لشيء إلا لأن المجتمع الكويتي وأسلوب حياته قد توافق و طموحاتهم ولذا لم يكونوا غرباء في هذا المجتمع، كما لم يتعارضوا نفسياً و ثقافياً معه، و الواقع أن هذا كان سبباً رئيسياً في سرعة اندماجهم و ذوبانهم في المجتمع الكويتي، و هذا ما كان يميزهم عن المجاميع الاخرى التي جنست في المدة الأخيرة. 9
أي أن التركيبة السكانية للمجتمع الكويتي لم تتغير كثيراً بفعل عمليات التجنيس هذه، كما ان هذه العمليات و بشكل عام لم تتعارض مع احتياجات المجتمع الجديد للقوى البشرية وإن كانت لم تلب كل هذه الاحتياجات، حيث إن الواقع كان يفرض من وقتها ضرورة احتضان الكفاءات العربية و الأجنبية التي قدمت لتقديم خبرتها للكويت وكان يتطلب ضرورة تجنيسها، بل وحتى ترغيبها في هذا التجنيس، إلا أن هذا في الواقع لم يحدث عدا بعض الحالات الفردية التي تكاد تسمى بالاسم. إلا أن هذا لم يمثل فجوة ولا انقلابا في التركيبة السكانية للكويت، بل يمكن الجزم بأن عملية التجنيس في الكويت سارت بشكل طبيعي حتى ذلك الوقت. 9
أما متى ابتدأ ميزان التركيبة السكانية في الاختلال ومتى بدأت عمليات التجنيس في الشطط و الجنوح فهذا ما تم بعد أواسط الستينات من هذا القرن. 9
فبعد إقرار النظام الديمقراطي و صدور قانون الانتخاب وقصره حق الانتخاب على الكويتيين أخذت المصالح الانتخابية تتدخل بشكل غير طبيعي و غير صحي أيضاً في عملية التجنيس، وكان هذا التدخل بطيئاً ونسبياً في بداية الأمر، إلا أنه مع إطلالة عام 1965 و إحساس بعض أطراف النظام بتنامي المعارضة السياسية و بالتالي تضخيمهم غير المعقول لقوتها، كل هذا دفع بهم خطأ إلى التفكير في تطويق هذه المعارضة، وبما أنها تتنامى و تنتشر داخل صفوف الشعب الكويتي فكان أن تفتق ذهن البعض عن اللعبة الخطرة التي لم تقتصر آثارها و نتائجها على الجانب السياسي وحسب، بل كل الجوانب الإيجابية التي كانت قائمة في المجتمع، وكانت هذه اللعبة هي لعبة تغير التركيبة السكانية تبعاً لتغيرها، و هنا فقط جنحت عمليات التجنيس، و هنا فقط كان لها مردودها السلبي، والسلبي فقط … ليس على الجانب السياسي كما قلنا وحسب بل والجانب الاجتماعي بكل ما يمثله من قضايا متعددة. 9
و عملية التجنيس بالآلاف التي تمت بهذا الهدف في عامي 65 – 66 واقتصرت على الرجال الراشدين الذين يحق لهم الانتخاب كانت خارج عملية التجنيس الأصلية وبعيداً عن أهدافها ومتناقضة أصلا وعملية تطوير المجتمع الكويتي و تقدمه، حيث أنها اقتصرت على تجنيس أبناء البادية و من خارج الأرض الكويتية، وقد كان لهذا تبعاته ونتائجه السيئة، فهولاء الذين تم تجنيسهم، وكما قال النائب الخطيب في معرض تناوله السريع في المجلس لهذه العملية، أنهم كما قال “يختلفون من حيث التكوين النفسي والثقافي عن المجتمع الكويتي” والواقع أن هذا الإختلاف أو هذا الانتقاء لهذه النوعية كان مقصوداً و متعمداً مع الأسف، و الواقع أن هذا الأمر لم يقتصر على هؤلاء وحسب، بل كان من نتائجه أن أخذ المتجنسون الجدد و المختلفون في تكوينهم النفسي و الثقافي عن المجتمع الكويتي، أخذ هؤلاء يستقدمون أقرباءهم و ذويهم، فالتجنيس كما قلنا إنما انصبّ على الرجال الراشدين ممن يحق لهم الانتخاب إلا أنه كان من الطبيعي أن لا يستوطن هذا المجنس لوحده، وكان طبيعياً أن يستقدم أسرته و ذويه معه وكان طبيعياً أن يسعى هؤلاء للاستيطان ونيل حقوق المواطنة كالآخرين، و غني عن القول أن هذا أحدث فجوة عميقة بين هؤلاء وبين المجتمع الكويتي ككل، وبكل أقسامه الثلاثة، حضراً كانوا أم بدواً أم سكان قرى. 9
ولم يكن هذا الخطأ الوحيد الذي أفرزته عمليات التجنيس بقصد انتخابي، بل إن الخطأ الثاني كان في تناسي من يستحق الجنسية الكويتية ولكن تم التغاضي عنه أو لم يجد من يمد له عوناً على الأقل لا لشيء إلا لأنه ليس بذي منفعة انتخابية، و هؤلاء كانوا أغلب رجال الشرطة و الجيش الذين تجاهلتهم هذه القوى بل و تجاهلهم أيضاً أهلهم وذووهم لأن قانون الانتخاب كان يمنعهم من حق التصويت. 9
إلا أن هذا لم يكن كل شيء إذ إن المجتمع الكويتي الذي تفاعلت معه اجناس عديدة وذاب بعضها ذوباناً كاملاً أو شبه كامل فيه رغم وجود بعض الفوارق المذهبية بين بعض هذه الأجناس والمجتمع الكويتي كالحال مع بعض المهاجرين من الأرض الفارسية، إن المجتمع الكويتي كان قادراً على احتضان هذه المجموعه المجنسة وضمها بين جناحيه كالآخرين … ولكن هذا ما كان يتعارض مع احلام البعض و مصالحهم الإنتخابية و السياسية، فكما أوضحنا، تمت عملية تجنيسهم بدوافع إنتخابية وحسب، ولذا فإن أي تطور يتعرض له هؤلاء و يتعارض مع هذه الدوافع كان يتعارض و مصلحة القوى التي سعت لتجنيسهم، من هنا كان هم هذه القوى أن يحتفظ هؤلاء بوضعهم، بانعزالهم، بتكوينهم الثقافي والنفسي المتميز عن غيرهم من الكويتيين. 9
ومن هنا أيضاً أطلق هذا البعض نغمة التفرقة العنصرية بين البدو و الحضر، أي بين هؤلاء المتجنسين و سكان الكويت، و وجد البعض من أهل الكويت مصلحة في تعميم هذه النغمة فانضموا إلى جوقة العازفين عليها ظناً بأنهم يحققون مصالحهم من خلال استثارتها ، وكأن الكويت لم يكن فيها بدو على الإطلاق، وكأن حضر الكويت أنفسهم لم يكونوا بدواً يضربون في بطون الجزيرة العربية قبل أن يختاروا الاستيطان في أطرافها الساحلية. و هكذا أطلق البعض هذه النغمة الجديدة في المجتمع الكويتي كي يحفتظ بهذا الاحتياطي السياسي سنداً و دعماً له في المعركة الانتخابية وفي معركة التطوير الاجتماعي ضد القوى السياسية المعارضة و النشطة في المجتمع الكويتي. 9
و الواقع ان هذا البعض يشتط بعيداً في أحلامه، و يراهن خاسراً على بث روح التفرقة واستثارة العواطف العصبية طمعاً في الاحتفاظ بالأوضاع على ما هي عليه، ولكن قوى التغير دائماً في حركة، وحركتها دائمة إلى الأمام، وهذه القوى التي حضرت بدو الكويت الأوائل وطورت حضر الكويت الذين كانوا بدواً قبل ذلك، قادرة الآن وبالضرورة على الإرتقاء بالمستوى الاجتماعي للسكان الجدد، وإذا كان البعض قادراً على تأخير هذا الارتقاء وليس على إلغائه، فإن القوى الوطنية قادرة من جانبها على التعجيل به وما عليها إلا أن تعمل، فمصلحتها مع مصلحة هؤلاء السكان الجدد الذين سيكونون بلا شك أكثر استجابه لما تطرحه هذه القوى لأنه يتلاقى ومصلحتهم. 9
والآن، ما الهدف من كتابة هذا المقال المطول وبهذا الشكل المفصل؟ ونجيب: إن الهدف هو قطع الطريق على محاولات البعض إثارة العصبية القبلية في حمية من فرضت عليهم ظروف الحياة الجديدة تناسيها، واتهام القوى الوطنية بانها صاحبة هذه الدعوة وهذا الاتجاه بينما واقع الحال و تاريخ الكويت يشهد بأن أقسام سكانه الثلاثه التي عددناها عاشت ردحاً من الزمن – وستعيش – متوافقه و مترابطة ليس فقط لأن أحداً لم يكن من مصلحته إثارة النعرات المتعددة بينها بل لأن هذه النعرات لم يكن بالإمكان أن تثار بسبب أن أصل الأغلبية كان الصحراء. وأن الاختلاف في التكوين الثقافي و النفسي لم يكن وارداً بينهم، وأخيراً يستطيع الجميع أن يحرث في البحر ولكن أحداً لن يتوقع له أن يجني ثمراً. 9

Saturday, 25 July 2009

زهيرية : الـمـهـم وحـدة هـــالـبـلـد مـا تـنـشـرى بــاسـعـار

المصطلح الطائفي للأسف هو واقع مزعج حاضرٌ بيننا باستمرار ، و مهما حاولنا أن نطرده من مجالسنا نراه يطل برأسه علينا كـ "النزغة" ليخرج لنا لسانه و يبدأ بقول و فعل كل ما من شأنه إثارة أصحاب النفوس الضيقة و الأفق المحدود.
أحياناً يضطر المرء للدخول و لو بشكل محدود في حوارات محاطة بالمدارات الطائفية ، و حيث أن اللغة العربية لغة مطاطة شديدة التمدد و الاتساع فالذكي هو من يستطيع أن يوصل المعلومة بعيداً عن إشعال وقود المفردات المحظورة المثيرة للنعرات ، و الأذكى هو من يتجنب الدخول في الأسئلة و النقاشات الاستنكارية و يدور دائماً في فلك الحوار الاستفهامي.
إن من يكرم ضيافة المصطلح الطائفي و يفتح له المايكرفونات على المنابر و يفرد له المقالات في الصحف هم القلة القليلة دائمة الاجتماع معه عبر الموائد الفاخرة و القاعات المكيفة و الكراسي الوثيرة ، لنراهم عقب ذلك و بخلاف الواقع يحاولون عبر أبواقهم مفردة النغمة و أصواتهم النشاز العالية إيهام المحيط بأنهم الأكثرية السائدة.
مثيرو النعرات في الوطن لا يقدرون قيمة الأمن و الأمان الذي نحياه جميعاً ، فالتفكير الأحادي و عقلية إقصاء الآخر رغبة منهم في بلوغ حلم الدولة "المفصلة على قياسهم" يجعلهم عمين عن الواقع القادم الذي سينجم عن تشددهم الفكري والذي سيتمثل حتماً بتدمير الخير الوفير و الجنة التي يعيشون. لا بل وأصبحت هذه النظرة الأنانية الضيقة هي "الدروازة المشرعة" التي تتيح لأعداء الوطن التسلل علينا لتدميرنا عبر نشر أفكارهم المسمومة و التي أحياناً لا يستطيعون حتى تداولها في بلدانهم.
رؤيتي الحياتية المتواضعة كما غرسها بي من حولي و تعلمتها من التجربة أكدت لي أن خير سبيل لتحجيم هذا المتطفل "النحيس" المدعو المصطلح الطائفي هو "الحقران" ، فوحدة الوطن و نسيجه الاجتماعي أغلى و أسمى من نقاش يبدأ بإثارة الضغينة ليزرع بعدها الأحقاد بالأنفس و ينتهي بنكث الغزل الكويتي و تفكيك خيوطه. و الواقع الكويتي يثبت يومياً بما لا يدع مجالاً للشك أن صداقاتنا و مجالسنا و مصاهرتنا مبنية على التفاعل مع المحترمين من أهل الكرم و الجود أياً كانت خلفيتهم الفكرية و العرقية و ما هؤلاء العنصريون إلا في ضلال كبير.
تبقى نقطة واحدة مهمة بهذا الشأن ، تندرج في دور السلطة و من خلال الحكومة في حلحلة الإشكاليات الناجمة عن إرهاصات النغمة المتشددة لتلك الشرذمة ، فقطع الشك باليقين من حيث تأكيد مدنية الدولة و هويتها الدستورية و تشريع قوانين تجرم الازدراء العنصري هي حلول لا بد منها للمحافظة على ديمومة دولة الرخاء و استقرارها. لكن إلى أن يفيق النائم الذي بإمكانه التشريع و التنفيذ من "تعسيلته" ، لا بد و أن نستمر مع جميع المخلصين بأداء أدوارنا في محاربة كل ما من شأنه المساس بوحدة الوطن مستخدمين في ذلك كافة السبل المتاحة و التي منها هذه الزهيرية التي بين أيديكم.
وسـط الـحشـا بـضــــامـري نـار ٍ تـشـب بــسـعـار
والاسـبـاب اقـوام الـجـهـل تـنـهـش بـعـض بــسـعـار
بـسـكـم يـا اهـل ديـــــــرتـي بـســنـا غـلـط بــس عـار
الــــكــــويــــت تــراهــا لـــنـا لـلـشـيـعـة و الـســنــة
أمــر(ن) مـــن رب الـســمـا و دســـتــورنــا ســنــه
ما يـْهـم بــــالــــراي نـخـتـلـف بـالـكـــون ذي ســنــة
الـمـهـم وحــــــدة هـــالــــبـلـد مـا تـنـشـرى بــاسـعـار
المفردات
بسعار: باشتعال شديد ، بسعار: بطريقة مسعورة ، دستورنا سنه : شرعه و أقره بالمساواة بين المواطنين ، ذي سنة : هذه عادة ، باسعار : بأثمان
ملاحظة : كتبت بتاريخ 28 اكتوبر 1996 الساعة 11.10 صباحاً

Saturday, 20 September 2008

أما آن الأوان يا رجالات الكويت العقلاء؟

في تاريخ الشعوب ؛ دائماً ما تكون هناك محطات مفصلية تحدد اتجاه المسير للدولة في جميع مناحي الحياة. ولدينا في الكويت العديد من الأمثلة المختلفة عبر أجيال متعاقبة لمحطات تم التوقف فيها و من ثم الانطلاق منها إلى أبعاد جديدة. و بطبيعة الحال يقف وراء هذه التحولات إما أفراداً محاطين بجماعات أو جماعاتٌ تضم أفراداً ، تكون أفعالهم الايجابية أو السلبية في التعامل مع المؤثرات الداخلية أو الخارجية سككاً توجه القطار المنطلق نحو واقع الدولة المقبل.
و سواء كان العامل المؤثر في التغيير فرداً أو جماعة ، فإن الرؤية المسيطرة لهذا الفرد أو الجماعة هي التي تحدد فعلياً النهج الذي ستسلكه الدولة.
فعلى سبيل المثال و في الجانب السياسي ، عندما قتل الشيخ مبارك الكبير أخويه محمد و جراح ليُنصّب نفسه حاكماً على الكويت ، رسم هو كفرد محاطاً بجماعة مستقبل الدولة . إلا أن في مقابل هذا الفعل الشنيع الذي ارتكب بحق أقرب الاقرباء وأحزن معه الكثير ، نجد أن الوضع العام في البلد اتجه نحو الأفضل ، فالحال كما يذكره الشيخ يوسف بن عيسى القناعي في كتابه صفحات من تاريخ الكويت ازدهر ، "و اتسعت الكويت وزاد العمران، وصار لها اسم كبير في خليج فارس، واستتب الأمن في بادية الكويت، وزادت الثروة وتقدمت التجارة وأخذت البواخر تمر الكويت في ذهابها للبصرة ورجوعها منها وبلغ الغواصون على اللؤلؤ الحد النهائي في الاتساع في السفن والمحصول، وكان مبارك في العشر سنين الأول من حكمه جارياً على سيرة أسلافه من التواضع وعدم المظالم بل كان خيراً من أسلافه في صرامة الحكم والدفاع عن أهل الكويت خارج حدود الكويت فالقوي والضعيف عنده بالحق سواء، حتى أخضع آل الصباح بحكمه الصارم فلم يستطع أحد منهم التجاوز على أحد من الرعية" . و حول نفس الأمر و تأكيداً له يقول خالد سليمان العدساني في مذكراته أنه "كان لنفوذ الشيخ مبارك وصولته وقوة شكيمته اثرا كبيرا في امتداد هيبته واحترام الحكومات المجاورة وغير المجاورة لحقوق رعيته وحفظ مصالحا أنى سرت وتباعدت بها السبل. فشاع اليسر والرخاء في عهده وكان ذلك تعويضا للكويتيين عما كان بعضهم منه من قسوات أو نزوات مرعبة" .
في مقابل ذلك ، و نقلاً عن مذكرات العدساني أيضاً نرى مثالاً آخر في كيفة تأثير الجماعة المتحدة بأفرادها في رسم الخريطة السياسية المشرقة للبلد و في الدفع نحو المشاركة الشعبية الحقيقية والتمهيد لإنشاء الحكم الدستوري فيما بعد في الستينات ، فالسرد التاريخي يقول أنه "قبيل عام 1930 توحدت بعض المساعي المخلصة من العناصر الجديدة النشيطة في الكويت ففاوضت حاكمها المرحوم الشيخ أحمد جابر الصباح عن حاجة الكويت الى قيام مجلس بلدي منتخب من الاهالي للاشراف على تنظيف الكويت وتجميلها على غرار المجالس البلدية فارضين ضريبة تجبى من اموالهم الواردة من طريق البحر بمقدار نصف في المائة من اصل ثمن كل بضاعة قادمة للكويت بالاضافة الى الرسم الجمركي المعتاد والبالغ مقداره اربعة في المائة الذي كان يجبى لمصلحة الحكومة والذي لم يكن يصرف منه أي شئ للخدمات العامة"........... "ولقد كان المجلس البلدي محكا صحيحا لاختبار رجالات الكويت من اعضائه ومدى نزاهة أو شجاعة كل منهم تجاه الخدمة العامة وتجردهم من الاغراض والاهواء الذاتية، كما تم بهذا المجلس ايضا خلق النواة الأولى للحركات الوطنية من التالية من بين من ائتلفت نفوسهم وتوحدت اهدافهم حيث تعارفوا بعد طول تجربة وكثرة اختبار، إذ كان المجلس البلدي لكثرة الشئون المناطة به بمثابة برلمان صغير يتجلى فيه العمل المثمر، كما استبان للناس من خلال المواقف المتعددة نفسية كل عضو منهم ومدى حرصه على المصلحة العامة المجردة" .
إن القيام بإجراء فعلي من قبل الشيخ مبارك كفرد أو من رجالات الكويت الوطنيين كجماعة أصبح في وقتٍ ما محطة انطلاق نحو تطور البلد و تثبيت اسمه ككيانٍ مزدهرٍ سياسياً و اقتصادياً واجتماعياً له وزنه في المحيط الاقليمي و الدولي ، ومصدر طمأنينةٍ و زهوٍ في نفسية الشعب. ولم يكن ذلك ليحدث لولا أن الاصرار على الإقدام و التنفيذ جاء عبر قياداتٍ لديها نظرة ثاقبة مصحوبة بأفكار إنمائية ، وإحساس بالمسؤولية وإدراك تام لعواقب التفرد بالحكم و السلطة أو المطالبة بالشراكة السياسية و الادارية في البلد.
إن افتقادنا لمثل تلك الرؤى التقدمية و الاستشراف الواعي للمستقبل أدى بنا إلى الانحدار شيئاً فشيئاً إلى أن بلغ الحال بالوطن أن تتآكل قواعده الأساسية المبنية من أفكار و أفعال الآباء و الأجداد ، فلا من يدعو و يروج للتفرد بالسلطة لديه الحزم القيادي و الحكمة و بعد النظر و التخطيط الشمولي ، ولا من يطالب بالمشاركة في اتخاذ القرار و تحديد توجهات الاعمار لديه الحس الابداعي و حسن التقدير و روح العمل و التعاون و التضحية و البذل و العطاء ، و لتعيش الكويت بعدها حالة فريدة من الفوضى الإدارية لم تشهدها إطلاقاً من قبل.
نحن مهيؤون بعد انقضاء شهر رمضان الكريم للدخول في فترة عصيبة في تاريخ البلد ؛ تحتم على جميع العقلاء المدركين لأبعادها النهوض فعلاً و قولاً لاحتوائها في بداياتها ، خصوصاً و أن معظم من هم في مواقع المسؤولية غير آبهين بما تفرضه عليهم مسؤولياتهم الوطنية و الوظيفية من أعباء؛ وترك الحبل على الغارب لن يكون مأمون العواقب.
على الصعيد السياسي الداخلي ؛ وبالتحديد في مجلس الأمة ، نرى أن النية موجودة لتقديم استجوابات كثيرة منها ما هو معد سلفاً كاستجواب النائب أحمد المليفي لسمو رئيس مجلس الوزراء أو استجواب النائب حسن جوهر لوزير التربية ، أو ما هو في طور الاعداد كتلك التي تجهز لوزراء النفط و التجارة و الشؤون و الصحة. هذه الاستجوابات إن حادت عن المسار الصحيح قد تفضي إلى نوع من الاحتقان السياسي متبوعٌ ربما بحل دستوري للبرلمان مع تغيير الدوائر الانتخابية من خمس إلى عشر أو تعطيل تام و غير دستوري للحياة النيابية في البلد ، فهل العقلاء مقدرين للدور الواجب تأديته للحفاظ على وحدة الصف دون التفريط بالمكتسبات الديمقراطية؟
أما على الصعيد السياسي الخارجي ، فهناك لعبة الشد و الجذب بين الولايات المتحدة و إسرائيل و إيران ، و بما إننا حلفاء حاليين للولايات المتحدة فلا بد وأن نتأثر بالتغييرات التي ستعقب ظهور نتائج انتخابات الرئاسة هناك في السابع من نوفمبر والتي سترسم معطياتها مساراً جديداً للتعامل مع الملفات الساخنة في المنطقة، فهل الحكماء مستعدون للتحرك في توجيه القرار المحلي لما فيه أمننا الوطني و مصالحنا الاستراتيجية؟
ولا ننسى الجانب الإقتصادي ، فمن الطبيعي أن تتأثر الكويت بالكساد العالمي الناتج عن الأزمة الشديدة في الاقتصاد الأمريكي ، وهذا بالطبع سينعكس علينا محلياً كما انعكس على باقي الدول سواء في أداء البورصة و أسعار السلع و خدمات البنوك و التضخم و معدلات التوظيف و البطالة و معدلات النمو ، فهل النجباء لديهم التصور الكافي لكيفية التصرف إذا ما التهمت البقرات العجاف البقرات السمان؟
هذا ناهيك عن القضايا الاجتماعية و الأمنية و التربوية و الأخلاقية و العمرانية و و و ..الخ والتي لا مجال هنا لطرحها في مقال واحد لكثرتها ، والتي إن أتت متعاقبة فستحدث عواصف و أمواج متلاطمة في المجتمع، فهل مفكري هذا البلد قادرين على المساهمة في إعادة مؤشر البوصلة إلى الاتجاه الآمن متى ما حاد المركب تماماً عن نجمه؟
بعد هذا السرد المقتضب عن الوضع الحالي المؤلم ، و عن الوضع القادم الذي تدل معظم المؤشرات أنه سيكون أكثر إيلاماً ، نتوجه بالسؤال لهم : أما آن الأوان يا رجالات الكويت الوطنيين العقلاء و الصادقين الغيارى النجباء أن تنهضوا و تأخذوا زمام المبادرة في إصلاح البلد كما فعل أسلافكم؟ نحن نعلم أنكم موجودون ، لا بل أحياناً نراكم حولنا بهدوء تتحدثون ؛ و في صحفنا و مدوناتنا بكل لباقة تكتبون ، لكن يعز علينا أن تبتعدوا عن ساحة تقرير المصير في وقت به الكويت بأمس الحاجة لمساهماتكم ؛ لا سيما و هي تشكو من غياب القدوة الوطنية الكويتية الخالصة التي تجمع ما بين القول الحسن و الفعل الأحسن.
وأخيراُ .. فما فائدة أن يكون المواطن صالحاً حين يكون وطنه بأمس الحاجة له أن يكون مُصلحاً؟

Sunday, 31 August 2008

وطني

This election is a chance for our Country to tell the merchants of fear and division:
you don't decide who loves this country;
you don't decide who is a patriot;
you don't decide whose service counts and whose doesn't.
Four years ago I said, and I say it again tonight, that the flag doesn't belong to any ideology.
It doesn't belong to any political party.
It is an enduring symbol of our nation, and it belongs to all of our people.
After all, patriotism is not love of power or some cheap trick to win votes;
patriotism is love of country.
Years ago when we protested a war,
people would weigh in against us saying, "My country right or wrong."
Our answer? Absolutely, my country right or wrong.
When right, keep it right. When wrong, make it right.
Sometimes loving your country demands you must tell the truth to power.
This is one of those times !!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
من خطبة جون كيري في اليوم الثالث لمهرجان الحزب الديمقراطي في دنفر ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

تعليقي
متى نتعلم شيئاً مفيداً من الأمريكان ؟
نعيش لسنين طويلة هناك
نتطبع بأطباعهم ، نقتبس رذائل الصفات فيهم
و لكن نبقى قاصرين في تحضرنا و تعاملنا مع الآخرين
لذلك هم يعيشون حضارة اليوم و الغد
و لهذا نحن نقبع أسفل سافلين و لا طريق لنا إلا للأسفل حتى نصل قاع المحيط
للأسف !! 9