قل خيراً أو فأصمت

أنا من أشد المعجبين بالكاتب عبداللطيف الدعيج برغم إختلافي معه في كثير من الآراء و الأفكار و القناعات. لكن ما كان يشدني الى مقالاته هي كميات "الصدق" و "الصراحة" و "وضوح" مسطرته التي لا تتباين في التعامل مع المواقف المختلفة. 9

و قد أثار مقاله "حملة أمن دولة عيال الشهيد" حفيظة الكثيرين و علي الإعتراف هنا بأنه قد أثار حفيظتي أيضاً لا لأنه إتهم شريحة كبيرة (قد أكون أنا من بينها) بإتهامات ظالمة لا أساس لها من الصحة و ليس لمخالفة موقفه آرائي في القضايا الأخيرة ، و لكن السبب الحقيقي يكمن في كم "التدليس" الذي مارسه السيد الدعيج و هو إسلوب غير مألوف عنه بل إنحدر الى ما يشبه كتابات صحيفة "الفتن" الصفراء بمحاولاتها الحثيثة للتزوير و خلط الأوراق و تصوير الجميع على إنه "حرامي" أو "مشروع حرامي" . 9

لنتتبع التزوير و التدليس الذي إختطه الكاتب الذي مارس كتابة المقال الصحفي لأربعين سنة أو أكثر ،، 9

يدعي الكاتب المحترم بأن مدونات نبيها خمس لم تتناول الموضوع ! في حين إن آراء السيد جاسم القامس و بشار الصايغ و المدونين عاجل و مطقوق و الطارق معروفة و منشورة للجميع. بل على النقيض تماماً : أتمنى أن يوضح لنا أحدهم مقالات لمدونة "تقليدية" أو مشاركة في حملة نبيها خمس بحسب التصنيف الدعيجي الوطني كانت قد ساندت وزير الداخلية أو النواب المدافعين عنه خلال فترة الإستجواب ؟ هذه أولى المغالطات ! 9

المغالطة الثانية هي في تقسييم الكاتب المحترم للمدونات الى ناشئة و قديمة ! هذا التصنيف مرفوض من أهل التدوين أنفسهم .. فما بالك من غريب على "الكار" و لو إدعى هذا الغريب قربه من المدونات و إحتضانه لها ، رغم إن الجميع يعرف و يعلم بأن هذا الدعم مرهون بتوافق فكري غير موجود لدى الكثير من الكتاب "المؤمنين". هنا يحاول الكاتب تسفيه هذه الآراء التي عمت المدونات في إنعكاس شفاف لإتجاهات الشارع الكويتي. قلناها كثيراً : المدونات هي نبض الشارع يا بو راكان و ليس مقالاتكم التي تنشر يوماً و تمنع أسابيع ! 9

من السخافة تزوير الساحة المحلية و تصويرها على إنها فسطاطين : فسطاط الحق و فسطاط الباطل .. فسطاط المدونات الناشئة و فسطاط القوى الوطنية ! لكن مثل هذا الأمر ليس بمستغرب على يساري متطرف إنقلب الى يميني متطرف .. فالتطرف في الرأي سمة سائدة في أطباعه و باتت جزءاً من البنيان النفسي لصاحبه. 9

حديث السيد الدعيج عن المؤامرة و الحملة المشبوهة ،، هو كقصص ألف ليلة و ليلة أو دمنة و كليلة أو طرائف كتاب الحيوان ! دعني أفصل لك المؤامرة يا محترم حين تكتب "استجوبوه" عن وزير الداخلية و وصفك للإستجواب بأنه "مستحق" لتعود و تكتب في ظرف أيام قليلة عن "الإستجواب التافه" في المقال الذي نشره بعده بيوم ؟ ألم تكشف تناقضاتك و تقلباتك أحدى تلك "المدونات الناشئة" ؟ 9

ما الذي غير موقفك يا عبداللطيف ؟ أكتب .. إشرح .. وضح .. ربما "لا نفهمك" .. لكن حقاً ما الذي يفهمك ؟ فلا يفهمك أحد سوى "العمام" ملاك جريدة القبس .. الذين يمنعونك عن كتابة حرف واحد عن السيد جاسم الخرافي .. الذين باتوا يجاهرون بالدعوة الى تنقيح الدستور و تفريغه من مضامينه بما يتناسب و مصالحهم الخاصة و الى محاصصة الأسرة الكريمة في الحكومة لتشمل و تحتوى تيار أحمد الفهد و غيره من التيارات التي تدعي اليوم بأنك تريد محاربتها .. الذين يسعون الى التهدئة السياسية في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة التى تغيير لائحة مجلس الوزراء لكي يحق للكويتي أن يجاوب عن إستجواب موجه الى شيخ .. و هذا هو تفكير من في السلطة و الذي إنتقدته أنت في إحدى مقالاتك التي سرعان ما يزول حبرها و تنمحي أفكارها و تتقلب مواقفك تجاهها ! 9

أنكون نحن المؤامرة .. أم تغير موقفك "اللا مفهوم" هو المؤامرة ؟!نحن من كتب منتقداً توزير "ميدو مشاكل" .. نحن من إنبرى للدفاع عن النائب "عادل الصرعاوي" حين تعدى عليه باللفظ أحد فداوية أحمد الفهد .. لمن أين كنت أنت ؟! أين دفاعك عن "النواب الوطنيين" يا محترم ؟! 9

بل ماذا كتبت عن توزير أحمد الفهد ؟ و هل تجرؤ على إنتقاد من وزره ؟ و ماذا بعد هذا الإنتقاد ؟ هل ستستمر في توفير التغطية السياسية لحكومة ناصر المحمد السادسة ؟ و بمناسبة الحديث عن ناصر المحمد ،، أستغرب و أتساءل عن سر الهجمة العنيفة على الوزير العفاسي دون سواه ! هل لأنه مطيري مثل مسلم البراك ؟ أما زلت مصراً على العزف على ذاك "الوتر النشاز" يا كاتب الوطنية الأوحد ؟

من وزر صباح الخالد الذي ماطل في التنفيذ ؟

و من وزر جمال الشهاب الذي مثلما أتى قد رحل ؟

و من وزر بدر الدويلة الذي وعد و أخلف ؟

متغيرات كثيرة .. لكن الثابت إسم رئيس الحكومة ! فهل لك لنا أولاً موقف رئيس الحكومة المؤتمن على تنفيذ القوانين و المهيمن على مصالح الدولة مما يجري ؟ و بعد ذلك هل لك أن تبين لنا موقفك من موقف (أو لا موقف) رئيس مجلس الوزراء ؟ هذا فقط لكي تعرف من هو "السمنديقة" يا من يتباكى اليوم على السب و الشتم و الطعن و هو من إبتدأه في الأساس فإن كان بيتك من زجاج فلا ترمى الناس بالحجارة. 9

لماذا نتكلم عن كل شئ و نهاجم الفساد و رموزه ثم نصمت حين يتم إعادة التوزير و ندافع عمن إتخذ هذا القرار و عمن لا يمتلك لا القوة و لا الأمانة في تنفيذ القوانين الرياضية بل نحاول ان نقدم له الدعم و نحمي وزرائه و إن سرقوا و إن إنتهكوا القوانين و إن إستباحوا الحرمات و إن هتكوا عرض سيادة القانون التي نتغنى بشعاراتها لا بل نصم كل من ينتقد رئيس مجلس الوزراء بأنه ابن حرام ،، ابن زنا .. هكذا يريد عبداللطيف الدعيج أن يعلمنا فن كتابة المقال ، هكذا يريد لنا أن نكون وطنيين .. أن نسكت عن المخالفات .. أن نصمت طمعاً في حظوة لتيارنا الموبود و أفكاره المريضة التي لفظها الشعب ، يريدنا أن ندخل في متاهات السياسة القذرة .. يريدنا أن نقف في صف فاسد ضد فاسد آخر .. هذه هي وطنية عبداللطيف الدعيج و رفاقه النواب الذي يدافع عنهم اليوم ! 9

الشباب اليوم يمارسون أروع الأدوار في المحاسبة الشعبية للنواب ليثبتوا مرة اخرى بأنهم الضمير الحي و ليس ضمير عبداللطيف الدعيج المستتر و الذي غاب عن الكذب و التزوير و التدليس الذي مارسه نواب تيارنا الوطني الجديد في مخالفة "القواعد الوطنية" و بيانات تياراتهم السياسية و مواقف الغالبية العظمى من الشعب الكويتي الذي يحاول السيد الدعيج تصويره بأنه قد إنحاز الى الوزير و تلك لعمري مغالطة كبرى تضاف الى سيل الأكاذيب التي ساقها في مقاله الموبوء. 9

دعنا نتحدث بصراحتك التي اعتدناها ،، هل الفساد ممثل في شخص واحد فقط أم إن الأمر أعقد من ذلك بكثير ؟ هل ما زلت تصدق دعاوي الإصلاح و شعارات مكافحة الفساد ؟ ألا تستطيع تجاوز ما وصفته بقولك "قد يكونوا مخطئين" كما تجاوزناه نحن في مهزلة إستجواب وزير الداخلية بعد أن إنكشفت الخدعة الكبرى و إنطلت على عقولكم الهشة الخاوية ؟ بل لقد صمت يا سيدي الفاضل بعد إن إنكشف الزيف و الخداع و فضلت أن تهاجم و تطعن و تصنف من تبين في نهاية المطاف بأنه كان حق .. و ما حصل كان سرقة تجاوزت بملايينها الخمسة مبالغ تجاوزات دورة الخليج السادسة عشر التي أتهم بها ممثلو الإسطبل. لا عفواً لم تصمت فحسب .. بل كابرت .. و من الواضح بأنك لا تستطيع تجاوز الأزمة التي تعيشها و يعيشها معك نواب "التيار الوطني الجديد" فتحاول خلط الزيت بالماء و تصوير إن ما يجري مؤامرة و ضرب و إستهداف للقوى الوطنية كعلي الراشد و مرزوق الغانم و ربما خنفور و زنيفر و ديميتري أيضاً ! 9

لكن الكذبة الكبرى كان في تصويره لجلسة طرح الثقة و تقنينها و شرعنتها عن طريقة حسبة الأصوات. أفتلك هي ديمقراطيتك يا رافع لواء الحريات و الديمقراطيات ؟ ألا تتضمن مفاهيمك المعوجة عن الديمقراطية مبدأ "سيادة الأمة" التي إنتهكت حينما تم الإصرار على إعادة تعيين ناصر المحمد "المرفوض شعبياً" للمرة السادسة خلال ثلاث سنوات ،، ذلك الشخص الذي وصمت كل من يعارضه بأن ابن حرام لتأتي اليوم و تزايد على الجميع في عدم الطعن و السب و الشتم ؟ هل ستسغرب بعد ذلك و أنت من يدافع عن هذا الأمر بأن تتم إعادة توزير أحمد الفهد "المرفوض شعبياً أيضاً" ؟ لا تكن كالنعام يا عبداللطيف تدفن رأسك في الرمال بل واجه ما يحصل من عبث و إستهتار بإرادة الأمة و حاسب نوابك و ممثليك في البرلمان و صوتك الى السلطة ،، و لا تتمنع عن ذلك إعتقاداُ بأن ناصر المحمد قد قلب ظهر المجن لتيارات الإسلام السياسي فوالله سيقص الحب فيك و في تيارك الوطني تماماً كما فعل جابر الخالد بكم بإحالته المزعومة لبلاغ الإعلانات الإنتخابية للنيابة ! 9

ألا تتضمن مفاهيمك تلك نظرية "فصل السلطات" التي إنتهكت حينما تم توزير رئيس السلطة القضائية تحت أمرة رئيس السلطة التنفيذية ؟ أتبعها بعد أيام خبر موافقة مجلس الوزراء أي السلطة التنفيذية على مرسوم تعيين رئيس السلطة القضائية ؟ ألا تعلم بأن المنصب الوحيد في الدولة الذي يحظى بتعيين شعبي (بخلاف مجلس الأمة) هو منصب رئيس ديوان المحاسبة ؟! لا بل حتى هذا الحق هيمن عليه رمز الفساد السياسي و المالي في الكويت و أكبر تاجر و مقاول مع مؤسسات الدولة السيد جاسم الخرافي الذي أتحداك أن تكتب عنه ربع حرف في جريدة القبس الميمونة ؟

إن كان السرقة أو الإنتهاك أو التدليس تشرع أو تقنن أو تحلل بحسب التصويت كما تدعي فما هو وجه إعتراضك على لجنة الظواهر السلبية ؟ أو قانون منع الإختلاط ؟ أو قانون التجنيس ؟ أو ضوابط الحفلات ؟ أعتقد بأنه حسب منطقك الجديد الذي تحاول من خلاله تزوير الحقيقة بأنه من الواجب علينا أن "نخيط" شفاه كل المعارضين لتلك القوانين و الضوابط التي أقرت بأغلبيات كاسحة بحبال أحذيتهم ؟ أليس كذلك يا سعادة الكوماندر ؟

هل لك أن تعرف لنا تلك الوطنية التي تدعيها و توزع صكوكها على من تحب و تمنعها على يفضح مواقفكم الخائبة ؟ هل الوطنية أن تمنع تنفيذ القوانين و أن تغض النظر عما يجري من إنتهاك واضح للقوانين و سرقات المتنفذين و فسادهم و إغتصابهم لثروات و مقدرات الوطن ؟ إن كانت تللك وطنيتك .. فنحن منها براء .. إشبع بها وحدك مع أعمامك و مرؤوسيك حيثما تكتب ! و العقلانية أيضاً هي إمتياز وطني لك يا أعقل العقلاء .. أما الأمانة فهل أحتاج أن أذكرك بالملايين الخمسة ؟!

لا نطلب صكوك وطنية من أحد ،، لا سيما منك إنت ،، لكن إعلم و فليعلم من يحاول الدفاع عنك خلسة .. بأن على كل نائب تحمل نتيجة مواقفه و على كل كاتب أن يتحمل نتيجة كتاباته. و إن حاولت ان تشتكي و تصور ما حصل على إنه سب و شتم فإعلم بأنك من بدأت بالتزوير و التدليس و التشنيع فقل خيراً أو فأصمت. 9

و هنا فقط أريد أن أوجه تساؤلاتي هنا لمن عتب (و هو محق) على إعطاء هذا المقال الملئ بالتزوير و المغالطات حجماً أكبر مما يستحقه : كيف لكم ان تنتقدوا ردة الفعل و تتركوا سبب المشكلة ؟ الرجل شتم و طعن و هزأ و حاول تصوير المحاسبة الشعبية للنواب على إنها تشكيك في الذمم و يزايد على الجميع و هو أضعف الناس ؟ أعتقد إن صمتكم كان هو اللازم بدلاً من ان تتورطوا مع شخص ما زال يحاول صب الزيت على النار و إستدراج نوعية معينة من الكتابات حتى يلطم و ينوح و يحاول تحوير النقاش الى أي شئ آخر غير كذبه و تزويره ! 9

آخر القول ،، أتمنى اتمنى اتمنى .. أن لا تثنينا الكتابات المريضة عن رؤية ما يحصل للرياضة الكويتية .. فلا ناصر المحمد يأبه .. و لا العفاسي و لا بو فهد و لا حتى بو راكان .. كلهم يلعبونها سياسة ! لكن هذا لا يعني أن نكافح و ان نضع أيدينا بيد كائن من كان يحاول تصحيح الوضع .. و أعني هنا السادة مرزوق الغانم و صالح الملا. 9

صدقوني هذا لا يريد إلا إثارة الإنتباه بعد أن أُشهر إفلاسه رسمياً و كشفه قانون المطبوعات الجديد الذي عمل عليه السيد أنس الرشيد و الذي لطالما إنتقده السيد الدعيج لأن مثل هذا القانون أتاح الفرصة لكثير من المطبوعات الجديدة التي يكتب بها الكثير من شباب هذا الوطن بعد إن إحتكر الدعيج مهنة المقال الصحفي و ما عاد لنا متيسراً أن نسمع صوته غير فحيحه. لكن الوضع اليوم إنكشف و مراهق الستينات ما زال يعتقد إنه يستطيع أن يقلب الأوضاع ،، فرجاءً حقروه و لا تعطونه أكبر من حجمه فهو يعرف مكانه و مكانته تماماً. أنتم المؤثرين اليوم لا كتاب الصحف الصفراء ،، أنتم من يعبر عن نبض الوطن ، أنتم من يحمل همومه ، أنتم من يحمل الأفكار الواعدة ،، لا كوادر الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي و رفاق كفاح القنابل الصوتية ! 9

حانت لحظة المواجهة و يجب التصدي لها و لقوى الفساد مهما كانت أسمائها أو عناوينها .. كل ذلك بعيداً عن "النباح" و الصياح و عويل النائحات ! 9