Wednesday 16 January 2008

حاج كومبوستيلا لباولو كويلو

أي شئ يا رب أصعب على الإنسان من اكتشاف أنه قادر على بلوغ القدرة؟
باولو كويلو
قبل أن يصبح باولو كويلو كاتباً شعبياً معروفاً كان كاتباً مسرحياً و مدير مسرح و إنساناً هيبياً و مؤلف أغانٍ شعبية لأشهر نجوم البرازيل. و في سنة 1986 سلك طريق مار يعقوب ، المزار الأسباني القديم ثم وصف تجربته في كتاب أسماه حاج كومبوستيلا. و تمثل هذه الرواية باكورة أعماله. 9
يروي الكتاب قصة سعي روحي مميز على طريق مار يعقوب في أسبانيا ، ينطلق فيه الراوي في مسيرة طويلة بحثاً عن سيفه الذي فقده لحظة كان يقدم اليه. أشترط عليه المعلم لاسترداده أن يقوم بالحج على طريق قديمة ، كان يعبرها حجاج القرون الوسطى واعتبرت مزاراً من أهم المزارات الدينية في الغرب. في الطريق يقوم المرشد بتروس بتلقين الراوي باولو تمارين وطقوس "رام" (جمعية روحانية قديمة)، وهي ممارسات بسيطة تساعد الإنسان على اكتشاف طريقة خاصة به مبنية على الصرامة والمحبة والرحمة وتمدّه بالطاقة والشجاعة والتنوير الذي يصله بالحقيقة. إنها رحلة أسطورية لتجارب روحية كثيرة، تتمثل في اكتشاف معان جديدة للحب والورع والموت والألم. نجد باولو يحدو مسعى معاصرا لحكمة القدماء. رحلة أصبحت بداية لتجربة حقيقية يتعلم فيها الإنسان طبيعة الحقيقة عبر بساطة الحياة التي تتكرر لدى الإنسان ليحاول من جديد رحلة أخرى للبحث عن تلك المعرفة، وبقدرة الكاتب وموهبته الأدبية يجعل القارئ يعيش سيره ومعاناته وجنونه ومعاني حياته. 9
يتعرض الراوي في مسيرته لتجارب روحية كثيرة تتمثل في اكتشاف معان جديدة للحب والورع والموت والألم، والأهم من ذلك كله، يتبين أن التوصل إلى مرحلة المصالحة مع النفس والاشراق ليس نخبوياً، وليس حكراً على الناس المختارين، بل هو أيضاً متاح أمام كل انسان يسير على طريقه الخاصة به ، كما سار الراوي على طريق مار يعقوب، ذلك أن الخارق موجود على طريق الناس العاديين. المهم الطريق بحد ذاتها، واكتشافنا لأنفسنا من خلال السفر والمغامرة والسعي. وأمام هذا الاكتشاف يصبح الهدف أمراً ثانوياً. فالراوي، بعد أن سار على الدرب بغية اكتشاف سر سيفه، يكتشف ذلك السر، لكنه لا يعلنه، فالسر هو ما يكتشف ولا يعلن. 9
الحب ، يصنفه الكاتب في روايته الى 3 أصناف مختلفة : ايروس أو الحب الشهواني المتعلق بالغريزة و فيلوس أو الصداقة التي تجمع بين البشر و أغابي أو المحبة بمعناها الإنساني كحب آلهي و يستعرض صورها و نماذجها خلال هذه الرحلة. 9
إستطاع باولوبقدرة فائقة أن يجعل القارئ يقترب من نفسه ويتجرد من الخوف بما فيه الموت الذي يلتهم الإنسان ويكبله بأساور الرعب من العالم الآخر. و عن الموت يكتب كويلو : 9
إن الإنسان هو الكائن الوحيد في الطبيعة الذي يعي موته المقبل و لهذا السبب ، لهذا السبب فقط ، أكن أحتراماً للجنس البشري و أتصور أن مستقبله سيكون أفضل من حاضره. حتى عندما يعرف الإنسان أن أيامه معدوده ، و أن كل شئ سينتهي في الوقت الذي يتوقع فيه النهاية ، فهو يجعل من الحياة صراعاً جديراً بكائن ابدي. و ما يدعوه الناس باطلاً كترك الآثار بعد الموت ، أو انجاب الأطفال ، أو العمل على تخليد الذكرى ، أرى فيه التعبير الأسمى عن الكرامة الإنسانية. 9
إن الإنسان و هو مخلوق هش ، يحاول دوماً أن يتستر على اليقين الأسمى لموته. ذلك أنه لا يعرف أن الموت هو الذي يدفعه ليحقق أفضل الأشياء في حياته. تراه يخاف العبور في الظلمة ، و يرعبه المجهول الى أقصى حد. و تتمثل الوسيلة الوحيدة للتخلص من هذا الخوف أن ينسى أن أيامه معدودة. هو لا يعرف أنه لو وعى الموت ، لصار أقدر على مواجهته بجرأة أكبر ، فيمضي قدماً في إنتصاراته اليومية لأن ليس لديه ما يخسره منذ اللحظة التي يصبح فيها الموت أمراً محتوما. 9

23 comments:

على نفسها جنت براقش said...
This comment has been removed by the author.
Mohammad Al-Yousifi said...

مبدع

white tulip said...

hi
"
The road to wisdm is to have no fear of making mistakes."
p.c
some day ihope to walk the "Camino de Compostilla"jst to continue followin my dreams...

cheerz
F-GB
p.s:like your blog cuz it reveals more of paolo

bass said...

ساقتبس مما كتبت جملتين الاولى :

" و أتصور أن مستقبله سيكون أفضل من حاضره. حتى عندما يعرف الإنسان أن أيامه معدودة "

أتمنى أن أكون من هالنوع ، و أن يكون عقلي هو المسيطر في الامور المهمةفي حياتي .

الاقتباس الثاني :

فيمضي قدماً في إنتصاراته اليومية لأن ليس لديه ما يخسره منذ اللحظة التي يصبح فيها الموت أمراً محتوما ؟؟

مو المصيبة أن نفس الكلام موجود في القران ، بس وين الي يستفيد ؟!

دمت بخير لهذا الاختيار الرائع

فتى الجبل said...

الرواية غالبا ما تكون انعكاس للواقع
مع المبدعين فقط

Someday said...

المهم الطريق بحد ذاتها، واكتشافنا لأنفسنا من خلال السفر والمغامرة والسعي. وأمام هذا الاكتشاف يصبح الهدف أمراً ثانوياً
thats what I believe in too!!!!

Anonymous said...

باولو كويلو! كاتب رائع! عجيــــب!
قرأت له الخيميائي، على نهر بيديرا هناك جلست فبكيت، فيرونيكا تقرر أن تموت، و مؤخرأ اشتريت ساحرة بورتوبيللو! مع أن الانطباع لها لم يكن جيداً ..

أشكر لك مشاركتك بهذه الرواية، و التي سمعت عنها لكن لم أقرأها، برأيك هل تستحق القراءة؟ هل أضافت شيء لك؟

أجمل ما قرأت لباولو الخيميائي، و على نهير بيديرا! و أكثر مايعجبني هو فلسفة الكاتب الاسبوعية، والتي تنص على أن اسبوع في حياة الانسان كفيل أن يغيّر مجرى حياته! والتي كتب جميع قصصه بهذه الفلسفة! مبدع! و قصصه مليئة بالعبر و الفوائد التي يتقنصها القارئ من كل صفحة، تقريباً .. و الأجمل الترجمة الرائعة لقصصه ..

أنصح من لم يقرأ الخيميائي بقراءتها، تستحق ذلك، حقاً ..

أود أن أعلق على كلام الأخ / فتى الجبل: "الرواية غالبا ما تكون انعكاس للواقع
مع المبدعين فقط"

كلامك صحيح، و أتوقع أن الموضوع لا يقتصر على المبدعين، قد يكون المبدعين يأتون بعالم جميل فنحسبه واقعنا، لتصويرهم الابداعي له! و غير المبدعين قد يعكسون واقعاً لكن نقص الابداع يجعل القارئ يستهزأ بالمكتوب، فيحذفه من صنف الواقع أو الواقعية .. و أتوقع، ان كل كاتب لرواية، أو الأغلب، قد مر بتجربة ساعدته و أسهمت في قدرته على كتابة رواية .. سواء كانت مبدعة أم لا ..

بالتوفيق لعشاق الكتب ..

شكراً مرة أخرى

someone_q8 said...

السلام عليكم

تسلم ياخوي على اختيارك الجميلط وقواك الله وعساك عالقوة

صبا said...

بوست جميل ابدعت في اختيارك لهذا الموضوع

حلم جميل بوطن أفضل said...

مطقوق

أي

حلم جميل بوطن أفضل said...

فطومة

من الجميل أن يذهب الإنسان في رحلة مليئة بالبساطة و الغرابة و جميل كلامك عن عدم الجزع من إرتكاب الأخطاء. طبعاً لا يعني هذا سوء النية و الإصرار على الخطأ. لكن من لا يعمل لا يخطئ

حلم جميل بوطن أفضل said...

الثائرة دوماً بس

باولو كويلو قد صرح مراراً بإفتتانه بالثقافة الإسلامية لا سيما الصوفية منها و إقتبس منها الكثير في أعماله

حلم جميل بوطن أفضل said...

فتى الجبل

صحيح ،، و لأعمال كويلو قيم إنسانية جميلة

حلم جميل بوطن أفضل said...

سمسمة

على فكرة الكاتب لا يقصد شارع الحب

:)

حلم جميل بوطن أفضل said...

سيدة الأعمال

سعاد الحميضي تتابع المدونات أيضاً؟

لدي ساحرة بورتيللو و 11 دقيقة. برغم إن ساحرة بورتيللو تلامس أمور قريبة من حياتنا فهي تتكلم عن دبي إلا أنني أعتقج بأنني سأقرأ 11 دقيقة بناء على إصرار بعض الأصدقاء و لتغيير بعض أحكامي

حلم جميل بوطن أفضل said...

الإنسان الكويتي

الله يسلمك

حلم جميل بوطن أفضل said...

صبا

شكراً

هذيان said...

دائمآ مبدع يا حلم بأختيارك للمواضيع

فلسفة باولو للحب وتصنيفه رائع

وأختيارك للموضوع و وقته موفق


تسلم عزيزي

AnGlOpHiL said...

احتاج لمثل هذه الروايات

يا أبــولو صديق باولو !

حلم جميل بوطن أفضل said...

هذيان

الجميل هو باولو كويلو. نحن فقط متذوقين و ناقلين لما يسطر

حلم جميل بوطن أفضل said...

عاشق العنقليز

تحتاج لأمور كثيرة .. سأفصلها فيما بعد. بس خلي بالك من الخط خليفة الخط .. أقصد براقش :)

Anonymous said...

لووول !!

لا مو سعاد، ميّ

11 دقيقة .. أمممم .. قرأت الخيميائي؟

Anonymous said...

السلام عليكم
في البداية .. شكرا على التعريف بالكتاب , الجانب المتعلق بالموت في الرواية من اكثر الجوانب اللي اندمجت فيها و شدتني .. شعرت بالارتياح للنتيجة التي توصل لها باولو بعد التمرين و هي ..


بما ان اكثر مسببات الخوف للانسان هي الموت
فأذن لا داعي للخوف
لأنه الموت عندما يحين سوف يشعر به صاحبه


هذا و تبقى النفس البشرية معجزة الخالق سبحانه و تعالي التي لم يتم اكتشافها بعد على الرغم من السعي الحثيث لسبر اغوارها

شكرا مرة اخرى يا الحلم الجميل
سعيدة بالتعرف على مدونتك :)