عبدالعزيز الشايجي ،، شكراً

نختلف ، نحتد بالطرح ، نتنافس .. لكن لا أحد منا يشكك في حب الآخر للوطن. مشكلتنا إننا أحياناً عندما ننتقد نقسو و لا نمارس النقد الإيجابي ، و مشكلتنا أيضاً بأننا لا نريد أن نفهم ما يريد الاخرين قوله و لا نريد أن نستمع لنصائحهم و إقتراحاتهم. لا أحد منا يعرف أن يسير الى تلك المساحة التي تتوسط الجميع و التي بوسعنا كلنا إستغلالها. 9

كنت دوماً أنتقد حدس بأنها كثيرة التنظير و قليلة العمل. و كنت دوماً ما أضرب المثل في المشاريع التنموية التي قدمتها الكتل السياسية فأجد إن معظم تلك المشاريع على قلتها قد أتت من التكتل الذي يتهم بأنه العائق الأول ضد التنمية و هو التكتل الشعبي كمشاريع الشركة الثالثة للإتصالات و قوانين إستغلال الأراضي الفضاء. بينما أجد أن باقي الكتل تقدم رؤى وتنظيرات بعيدة تمام البعد عن هموم المواطن أو مشاريع على وزن تجريم البلوتوث و منع الإختلاط. و في الوقت نفسه عاب علي الزملاء في حدس سلبيتي و الإكتفاء بالنقد اللاذع دون تقديم نصائح و إرشادات حول تطوير ممارسات العملية السياسية في الكويت. 9

و أنا من المؤمنين بأنه في غياب الرغبة الحكومية في تقديم المشاريع التنموية و تباطؤها و تأخرها في هذا الجانب ، فإنه يجب على ممثلي الأمة التقدم بتلك المشاريع على صورة مشاريع بقوانين و ألا يخشوا الرأي القائل بأن ذلك تجاوز على صلاحيات السلطة التنفيذية فما على السلطة التنفيذية إلا التنفيذ و ما على السلطة التشريعية إلا تشريع إعتمادات مالية من أجل تمويل مشاريع تنموية ذات إطار زمني محدد و واضحة المسئوليات و المهام. 9

و هذا ما أخفقت به الحكومة عندما لم تلجأ لمجلس الأمة لتخصيص الإعتمادات المالية لمشاريع المصفاة الرابعة و الداو و المستودعات التخزينية ، فمثل هذه المشاريع يجب أن تصدر على هيئة قوانين تضع الخطوط العريضة لها من إعتمادات مالية و صلاحيات طرح المناقصة و الترسية و التنفيذ فتتجاوز بذلك عوائق تشريعاتنا البالية و روتيننا المؤسسي القاتل لما تتمتع هذه المشاريع من خصوصية. 9

لماذا ننتظر سراب الخطة التنموية التي مللنا سماع الوعد بشأنها ؟ ففي يوم الثلاثاء إجتمع اللمجلس الاعلى للتخطيط والتنمية الذي صرحت بعده وزيرة التخالف الوطني في الحكومة السيدة موضي الحمود بأن "تنفيذ المشاريع الكبري قريباً أمر صعب". يعني بالعربي الفصيح ، يطالبنا وزراء الشيخ ناصر المحمد بأن نكيّف الخطة و مشاريع الكويت على قدرات حكومته المهلهلة بدلاً من أن نكيّف و نطوع الحكومة بناءً على تحديات المرحلة و مشاريع البلد ! و أنا أرد عليها و أقول : من المؤكد بأن التنفيذ سيكون صعباً دام الشيخ ناصر المحمد و حضرتك موجودان على سدة الوزارة ! 9

الحل بيدنا يا إخوان ،، ما الذي يمنع مشروع بقانون يلزم الحكومة بإعتماد مبلغ ثلاثمائة مليون دينار كويتي من أجل بناء ثلاثة مستشفيات جديدة خلال مدة لا تتجاوز الخمس سنوات بدلاً من مشاريع التوسعة التي لم تضع في حسبانها الخدمات الطبية المساندة كالتحاليل و المختبرات و الأشعة و الخدمات الغذائية و الصيدلانية ، بل إكتفت بزيادة عدد الأسرة الطبية فقط أي زيادة في الكم على حساب النوع ! ما الذي يمنع إعتماد مبلغ خمسون مليون دينار مع تخصيص قطعة أرض لبناء مجمع ثقافي يضم مكتبة وطنية و مرسم و مسارح ؟ ما الذي يمنع مشروع بقانون يكلف مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بتمويل دراسة تطوير المناهج على ضوء إحتياجات سوق العمل خلال العشرين سنة القادمة ؟ لماذا لا تخرج مشاريع شركات المدينة الإعلامية و المستودعات والتأمين الصحي على هيئة قوانين كما حدث في حالة شركة الإتصالات الثالثة التي خفضت الأسعار و وفرت الوظائف و درت الأموال على خزينة الدولة ؟

السيد عبدالعزيز الشايجي أثار قضية إستغلال أراضي المطار و التي تكفي لإستيعاب أربعة عشر (14) منطقة سكنية وإنشاء مطار جديد في المنطقة الغربية بحيث تتحق المواصفات الأمنية و التقنية و البيئية من ناحية البعد عن المنشآت النفطية ومعداتها التي تتضارب و أجهزة الملاحة الجوية و منازل السكن الخاص و أبراج السكن الإستثماري و تتكامل مع مشاريع الدائري الثامن و السكة الحديد و خطوط النقل الى المستودعات الشمالية و الإيذان ببدء التوسع الحضري في المناطق الغربية مما يخفف عبء الإزدحام المروري و كلف الإيجار و يحقق تواجداً كويتياً في مناطق مهمة أمام القوى الإقليمية. 9

مثل هذا المشروع سيخلق منطقة جذب استثماري وعمراني وتجاري ويتيح فرص عمل في هذه المجالات، كما أن الطرق المؤدية للمطار الجديد ستساعد في تسهيل عملية إحياء وانشاء مناطق سكنية وتجارية بين المدينة والمطار الجديد ما سيسمح أيضا باستغلال المساحة المقام عليها المطار القديم والتوسعة المطلوبة والتي تصل الى اكثر من 60 كيلومترا مربعا وهذه المساحة تستوعب في حال استصلاحها ما قد يصل الى 14 منطقة سكنية وحرفية وصناعية ومناطق تخزين بعد إزالة العوائق الموجودة، ولا يخفى على أحد ما يحققه انشاء هذه المناطق من قفزة اقتصادية وعمرانية واستثمارية، بالإضافة الى امكان النمو الأفقي للمناطق السكنية القريبة من المطار، وبناء مطار جديد يكون وفق أحدث التقنيات العالمية ويراعي التوسعات المستقبلية والتطورات المستقبلية في صناعة الطائرات فالدول التي تسعى الى التقدم والازدهار يجب أن تعمل وفق أسس وسياسات واستراتيجيات واضحة من أجل المستقبل المنظور والبعيد، وعليها أن تحل مشاكلها باستئصالها من جذورها لا إجراء عمليات ترقيع أو مسكنات لا تسمن ولا تغني من جوع. 9

موقع المطار الحالي يستوعب 14 منطقة سكنية

الحكومة طبعاً لا ترغب في تنفيذ مثل هذا الحل المنطقي. أولاً لأن مشروع استاد رياضي أو ترميم قبة في أحد القصور يخب عليها فما بالكم ببناء مطار جديد مرة وحدة ؟! كما إن الموافقة على مثل هذا المشروع سيفتح شهية الناس للضغط على النواب من أجل إقرار مشاريع جديدة تضيف أعباءً جديدة لا تقدر حكومة ناصر المحمد الضعيفة على حملها. بالإضافة الى عامل أساسي و مهم يجب الإنتبه إليه و لا نخشى التصريح عنه و هو أن السلطة لا ترى جدوى من الإستثمار في الكويت فهي تفضل كنز الأموال في الخارج عبر إستثماراتنا في مؤسسات مالية فاشلة من أجل ضمان أجيالها القادمة (لا أجيالنا) تماماً كما فعل علي الخليفة صبيحة الثاني من اغسطس 1990. 9

بيدنا الحل ، بيدنا دفعهم على إنفاق الفوائض على مشاريع تنموية الكويت في أمس الحاجة لها. بيدنا الجهاد حتى إقرار هذه المشاريع بقوانين حتى و إن إستخدمت الحكومة حق ردها بمراسيم لتقر بأغلبية خاصة كما حدث في مشروع الإتصالات الثالثة. بل بيدنا محاسبة و تغيير الحكومة متى ما رأينا تقاعسها و عدم جديتها في الإنصياع الى المصلحة الوطنية. 9

و لقد لاحظنا منذ فترة إهتمام السيد عبدالعزيز الشايجي بهذه القضية عبر سلسلة من التصريحات و الأسئلة البرلمانية تتعلق بخطط الحكومة لتوفير 410,000 قسيمة سكنية خلال 25 سنة و نتائج إستثماراتنا الخارجية في المؤسسات المالية المتعثرة و خطط تطوير المطار. و لما كنت قد كتبت عن هذه المشكلة في مقال سابق ، دعيت السيد الشايجي لأن يتخلى عن أسلوب حدس القديم و أن يتجه مباشرة الى الحل دون إطالة الوقت و إضاعته في محاولات لترشيد حكومتنا غير الرشيدة و رجوناه بأن يتقدم بمشروع قانون سيكون إن أقر فاتحة خير على الشباب الكويتي و قطاعات الإنشاءات و السياحة و النقل و التخزين في الدولة. فما كان من السيد الشايجي إلا أن لبى الدعوة و رد على تحيتنا بتحيةٍ أحسن منها و قدم مشروع قانون "إنشاء المطار الجديد" هذه فأستحق منا الشكر و الثناء و التقدير. و "شكــــــــــراً" كبيرة من القلب سينالها متى ما أقر هذا المشروع بقانون الذي سنبقى له متابعين و مساندين حتى ينتهي إقراره بإذنٍ من الله. 9

و أتمنى قبل أن يقر المشروع أن يتم تضيمنه الكلف المالية حتى لا تتذرع الحكومة بالميزانية و أن يبين إجراءات تخصيص الأرض المقترحة و إشتراطاتها و آلية طرح و ترسية و تنفيذ المناقصات المختلفة مع توزيرع الأدوار بشفافية حتى تتحق الرقابة السابقة اللاحقة و لا تتعثر هذه المشاريع لأنها أقرت بالطريق الصحيح السليم أي قانون شرعي دستوري ممهور بختم و توقيع صاحب السمو أمير البلاد بعد إستكمال مناقشته من السلطتين التنفيذية و التشريعية فنياً و مالياً و سياسياً. هكذا تتحقق الشفافية و هكذا يكون العمل السياسي الصحيح. 9

في النهاية ، لا يسعني إلا أن أتوجه بالنصح الى حدس بأن تفتح قلبها للجميع و أن تستفيد من أخطائها الماضية و أن تقرن أقوالها و وعودها بالفعل الصادق. فحب الناس و الشعبية لن يتحققا بزرع الأعوان و الأنصار و الدخول في المعارك الحزبية و الخطابات المؤدلجة. بل السعي لتفريج كرب الناس و الإستماع لهمومهم و تقديم المشاريع التنموية التي تختص بالواقع المعيشي لعامة المواطنين. كما أدعو الآخرين في الوقت نفسه الى إستقبال هذا الخطاب الجديد من حدس بحسن ظنٍ. 9

هي الصفعة الأولى في وجه كل من يزايد و يكابر على التفرقة بين زيد و عبيد من المواطنين. فلتتبعها صفعاتٍ أُخَر ! 9