Thursday 3 September 2009

الحرية أو الموت لنيكوس كازانتزاكيس

يعتبر الكاتب اليوناني "نيكوس كازانتزاكيس" من أبرز الكتَّاب والشعراء والفلاسفة في القرن العشرين فقد ألف العديد من الأعمال الهامة في مكتبة الأدب العالمي، تضمنت المقالات والروايات والأشعار وكتب الأسفار والتراجيديات، بالإضافة إلى بعض الترجمات. وقد ترجمت كتبه إلى أكثر من 40 لغة. و شهرته قد تحققت بعد تحويل روايته الشهيرة "زوربا اليوناني" الى فيلم شهير انتج عام 1964 و قام ببطولته الممثل العالمي "أنتوني كوين". و أنا من عشاق هذا الفيلم و هذا الممثل و قد سبقت و أن كتبت عن هذا الفيلم من قبل. لذا فإن سعادتي كانت مضاعفة بعد إن علمت بأن كاتب الرواية التي قام بإعارتي اياها أحد الأصدقاء هي لنفس الكاتب. 9
ولد الكاتب في جزيرة "كريت" كبرى الجزر اليونانية و المتنازع عليها بين اليونان و الأتراك. و لد تحت ظلال الإحتلال العثماني لكريت و تنقل كثيراً في أسفاره قبل أن يعتنق الفكر الشيوعي اللينيني تحديداُ قبل أن يتأكد و يتحقق من مجازر ستالين بإسم الماركسية العلمية. و له رواية أخرى أثارت كثيراً من الضجة لتعرضها الى الثوابت المسيحية عًرفت بإسم "الإغواء الاخير للسيد المسيح" و قد منعت في كثير من الدول و تحولت الى فيلم هوليودي. 9
نشرت رواية "كابتن ميخايليس" و هو الإسم الأصلي للرواية في سنة 1953. وتستعرض ثورة السكان المحليين في كريت على الإحتلال العثماني سنة 1889 بقيادة الكابتن "ميخايليس". و هي شخصية ثورية و وحشية تتنازعها كثير من الأمور منها : 9 

الإحساس المفقود بالكرامة بسبب إحتلال الأتراك لجزيرته .. الود و اللاود مع كبير الأتراك و أخاه في الدم "نوري بك" .. إحتقاره للمتعلمين و من تخلوا عن العادات الكريتية .. علاقته الغريبة بأسرته و بالنساء تحديداً الذين لا يقيم لهم أدنى وزن .. غيرته من زميله "الكابتن بولجيكس" .. هيامه و تفكيره بالجميلة الشركسية "أمينة هانم" زوجة نوري بك التي تنصّرت بحثاً عن حريتها في أن تخرج لتسير في الطرقات دون حجاب. و أن تحدق حولها و هي داخل الكنيسة و أن يراها الناس و أن تداعبها الشمس و يداعبها الهواء بحرية و أن ترتدي الثياب اليونانية و أن تظهر شعرها الأسود لتستمع الدنيا بمرآه. كانت المسيحية بالنسبة لها باباً تفتحه و تعبر من خلاله الى الطرقات دون حجاب. 9


و الحرية لا تأتي بالإستكانة و النواح و الإنتظار فالحرية ليست أبداً كعكة تهبط الى أفواهنا من السماء فنبتلعها. و لكن الحرية قلعة لا بد أن نقتحمها بأسيافنا. ان الذي يتلقى حريته من الآخرين يظل عبداً الى الأبد. ربما من الواجب علينا إنتظار أيام طويلة من الأسى و النحيب .. ربما مائة سنة أو مائتين أو حتى ثلاثمائة .. لا أدري .. و لكن يوما ما .. لن يكون هناك طريق آخر ! 9

كل هذه المشاعر التي تنازعت الكابتن ميخايليس أنتجت لنا وحشاً رفض الإنصياع لأوامر الأتراك و حملته العسكرية على المواطنين المحليين و رفع راية "الحرية أو الموت" متحدياً بذلك العقل و رغبات الساسة اليونانيين و الزعماء الدينيين المسيحين بإلقاء السلاح إتقاءً لمجزرة جديدة. 9
تصور الرواية كفاح الشعب اليوناني للحصول على الحرية التي يقول عنها بطل الرواية "الحرية بذرة و هذه البذرة لا تنمو بالماء و إنما بالدماء وحدها تنمو و تترعرع". و يصر على القتال لأنه يشعر بحريته و هو يقاتل "انني أصبح حراً حتى في رق العبودية حين أستمتع بحرية المستقبل .. حرية الأجيال القادمة ، و عندما أقاتل في سبيل الحرية طوال حياتي فانني سأموت إذا رجلاً حراً". بل يمضي و يدعي إنه ذلك ما يحتاجه الوطن "ان كريت ليست في حاجة الى أرباب بيوت. إنها تحتاج الى مجانين يخلدون ذكراها". 9
و في الرواية ومضات عن مشاعر إنسانية : العدوين اللدودين اليوناني و التركي كانا قد ترعرعا معا على الجزيرة. فيها ولدا و لعبا و ذهبا الى المدرسة قبل أن تختلط دماءهما و يتآخيا. و لكن كلاهما يدرك بأن للقدر طريق آخر لا يعرف ذلك التسامح الذي يتظاهرون بها فيكتب كازانتراكيس "هنا في هذا الفناء بالقرب من شجرة الزيتون هذه ملتفة الأغصان ركع الرجلان معاً و سالت دماؤهما. كانا قد اختارا بين الأخوة و الموت .. فاختاروا أن يصبحوا أخوين. و ها هوذا يعود الى الفناء ذاته بعد سنين طويلة و كأنما عارض الله ما فعلاه .. و عليهما أن يقتل كل منهما صاحبه". 9
كما تتطرق الرواية الى موقف المقاتل الباحث عن الحرية من الموت فالكابتن ميخايليس "كان يدرك تماماً ما يقصده ملك الموت : فليس هناك ما يدعو الى التوسل اليه و هو الذي لا يملك أن يجدي المخلوقات نفعاً .. فهو الموت .. جامع الديوان .. الدواء الذي يبعث به السلطان الذي يجلس في السماء و يمسك بسجلات الضرائب". 9
و تتساءل إحدى الشخصيات عن معنى القتل و الواعز خلفه .. "كيف يمكن لإنسان أن يرفع سكينه ليقتل إنساناً آخراً ؟ .. إنه الشر بعينه أن تقتل رجلاً ، و لكنه ليس خطئنا .. يا إلهي .. يا إلهى .. حتى نعيش في سلام" .. لكن هذا يتم تبريره بدعوى البحث عن الحرية لا الإنتقام "نحن لسنا قطيعاً من الحملان. ان دماء القتلى تصرخ فينا : ثوروا ايها الفرسان ، الحرية أو الموت !" و تصف القدر بأنه ما إلا "عجلة دائمة الدوران يديرها الله أحياناً و الشيطان أحياناً أخرى فالإثنان متحالفان و أحدهما يخرب والثاني يبني و لن تجد واحداً منهما إلا و هو مشغول بعمله". 9

قراءة ممتعة

5 comments:

Anonymous said...

Thanx for the reference.

If we do not act in regards to our current & grim situation in Kuwait, we simply have no right - at all - to complain, about anything.

If we do not change things ourselves, it is only fair for us to welcome and accept the consequences.

--------

By the way, I never knew you were a dad; lucky you. Your status as a parent places you higher up on my list of favorite blogs.

-mate said...

أسلوبك مشوق كعادتك, وإذا تسنى لي الوقت بقراءتها. يعود الفضل طبعاً لإسلوبك المشوق في عرضك التمهيدي

ولكني أخبرك أنني سأرفع شعاراً شبيهاً وسأسميه

الدوري أو الموت

على وزن: النصر أو الشهادة

هذا الشعار سنرفعه في وجوهكم أنت وصاحبك راع المؤخرة التي لم تعتل منصة الجدول حتى الآن

أتمنالك قراءة خمسمية رواية سعيدة
:)

حلم جميل بوطن أفضل said...

Anonymous 1

Well said !Ttotally agree

حلم جميل بوطن أفضل said...

Mate

يا دوري بيهم ؟؟

الأشبال و لا الناشئين ؟؟

العب بعيد بابا

Anonymous said...

أخي الحلم الجميل

هل لي بايميلك الالكتروني ؟ أحتاج مراسلتك شخصيا لو سمحت :)