القول بأن الدستور قد نص على هيمنة أسرة الحكم الكريمة على السلطة التنفيذية ما هو إلا إكذوبة كبرى غير مستغربة على "أهل الكذب" تفضحها نصوص الدستور و تفسره المذكرة الإيضاحية. 9
المادة السادسة من الدستور نصت بصراحة على إن "نظام الحكم في الكويت ديمقراطي السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً". 9
كما ذكرت المذكرة التفسيرية للدستور "اقتضى الحرص على وحدة الوطن واستقرار الحكم ان يتلمس الدستور في النظام الديمقراطي الذي تبناه طريقا وسطا بين النظامين البرلماني والرئاسي مع انعطاف اكبر نحو اولهما" و لمن يريد أن يتعرف بصورة أشمل على الفارق بين النظامين البرلماني و الرئاسي فما عليه إلا أن يطلع على محضر إجتماع المجلس التأسيسي (20) و المداخلة القيمة للدكتور عثمان خليل عثمان. 9
يقول الدكتور عثمان (بتصرف بسيط) بأن "في النظام البرلماني يكون رئيس الدولة عنواناً للدولة و رمزاً محترماً و مقدساً للجميع يعبرون عن هذا بأن ذاته مصونة لا تمس (المادة 54 من الدستور). فرئيس الدولة يترفع عن المسئوليات و يرتفع عن السلطة الفعلية و يكون والداً و موجهاً و مرشداً للجميع. و بهذه الصورة تكون لرئيس الدولة السلطة "الإسمية" ، إنما الذي يمارس السلطة فعلاً "بإسمه" هو مجلس الوزراء و الوزراء (المادة 55 من الدستور). مثل هذا النظام يعطي "الشعبية" كاملة للحكم و عمله منبثق عن توجهات البرلمان و عن ميول أعضائه" . 9
و لهذا نصت المادة 123 من الدستور على أن "مجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة و هو من يرسم السياسات العامة و يتابع تنفيذها و يشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية". النص أوجب هذه المسئوليات في مجلس الوزراء و ليس في شخص سمو الأمير الذي يترفّع عن هذه المسئوليات. و جدير بالذكر إن مثل هذه المادة أتت تحت الفصل الرابع من الباب الرابع للدستور : السلطة التنفيذية و لم تأت تحت الفصل الثاني من الباب الرابع للدستور المختص برئيس الدولة مما يؤكد ما جاء به الآباء المشروعون بأن سلطة سمو الأمير هي إسمية و تمارس من خلال الوزراء. 9
هذا هو قول من كتب الدستور و أشرف على خروجه للنور فقارنوا بين كلماته و بين الكذب الفاضح الذي أتى به البعض. فعن النظام الرئاسي قال الدكتور خليل عثمان (بتصرف بسيطٍ أيضاً) في نفس الجلسة "رئيس الدولة له "السلطة الفعلية" و يباشرها و ترى مثل هذا النظام في الجمهوريات و ما دام إن الإمة مصدر السلطة فعليها إنتخاب هذا الرئيس". إقرؤا نص المضبطة و إعرفوا تاريخكم يا كويتيون و إحذروا ممن يهرف بما لا يعرف و لا يملك الشجاعة على التراجع و قول الحق. 9
إن كان سمو الأمير رئيس السلطة التنفيذية و يمثل هيمنة أسرة الحكم عليها فإن الأسرة تهيمن على السلطتين التشريعية و القضائية بموجب أحكام المادة 52 و 53 من الدستور. و هنا أسأل فطاحلتنا القانونيين الجدد : أين سيادة الأمة إذاً ؟
و قدر خرج دستور دولة الكويت عن النظام البرلماني في 8 نقاط ذكرتها المذكرة التفسيرية منها عدم إشتراط الدستور في أن يكون أعضاء مجلس الوزراء هم من نواب الأمة المنتخبين. أي إن القاعدة هي في شعبية الوزارة و الإستثناء هي في التعيين الذي سمح بتوزير أفراد أسرة الحكم الكريمة ممن لا يحق لهم بممارسة الترشح لعضوية البرلمان نأياً بهم عن التجريح السياسي. و جدير بالذكر بأن النظام الرئاسي كان هو خيار الأسرة الحاكمة كما عبر عن ذلك وزير الداخلية آنذاك المغفور له الشيخ سعد العبدلله الصباح في جلسة لجنة الدستور رقم (5). 9
لقد قاتل الآباء المؤسسون من خلال لجنة الدستور لإرساء هذا المبدأ في العقد الإجتماعي الذي يجمع الحكام بالمحكوم. و ما علينا إلا التمعن في السجالات الجميلة بين خبير المجلس التأسيسي السيد عثمان خليل عثمان و الخبير الدستوري للحكومة السيد محسن عبدالحافظ التي إحتوتها مضبطة لجنة الدستور في إجتماعها العاشر. هذا السجال لم يحل إلا بتوجيهات من أبو الدستور المغفور له الشيخ عبدالله السالم بإعتماد الرغبة الشعبية التي شجعت "شعبية" الجكومة و أرستها كمكسب شعبي لا يمكن التنازل عنه كما يحاول "مثقفو السلطة". 9
يقول خبير الحكومة خلال تلك النقاشات "الأسرة الحاكمة التى تولت جميع المناصب الوزارية طوال المدة الماضية ليس من مصلحتها ان تتنازل عن سلطتها وتنزل مقاعدها لمن هم من خارج مجلس الامة ولن تقدم على ذلك فبناء عليه سيكون نصف اعضاء مجلس الوزراء من مجلس الامة والنصف الاخر من الاسرة الحاكمة اما الكفاءات الاخرى فسيكون الامير مجبرا على عدم ادخالها فى الوزارة وقد تكون هناك كفاءات ممتازة خارج المجلس فحينئذ يضطر الاميرلاختيار عدد الوزراء الاعضاء حينما اتفق وليس هذا من المصلحة العامة". و هذا يلخص وجهة نظر من كان يقاوم فكرة "التنازلات" التي قدمتها الأسرة من أجل تأسيس دولة الدستور و التي إعتقدت بأن الهدف هو إبعاد العائلة الحاكمة عن الوزارة كما ذكر محضر الإجتماع نقلاً عن وزير الداخلية آنذاك المغفور له الشيخ سعد العبدلله الصباح. أما وجهة النظر التي غلبت في النهاية فكانت تمثل بأن الأصل أن يكون الوزراء من المجلس. والاستثناء أن يكونوا من خارج المجلس. 9
إذا الحديث عن هيمنة أسرة الحكم على أعمال التنفيذية هو مجرد عرف وقتي و قد تمت مناقشته في لجنة الدستور و تم تضمين المذكرة التفسيرية بما يكفل مراجعة الدستور في وقت لاحق من أجل مزيد من الضمانات الشعبية كما شرحت : "ضرورة مرور الحياة الدستورية الجديدة ، ذات الطابع البرلماني الواضح بل الغالب، بفترة تمرين على الوضع الجديد، يتبين خلالها ما قد يكون في هذا الوضع من توسعة او تضييق. وهي ان تضمنت بعض التضييق فان ذلك منطق سنة التطور، وفيه مراعاة لحداثة العهد بهذه "المشاركة الشعبية في الحكم" وتمهيد لاعادة النظر في الدستور بعد السنوات الخمس الاولى من تطبيقه بنص الفقرة الاخيرة من المادة 174، وبالضوابط المنصوص عليها في تلك المادة. كما يدخل في الاعتبار من هذه الناحية ما عرفت به حكومة الكويت من حرص على مصالح المواطنين ، وتجاوب مع اتجاهات الرأي العام واحاسيسه". و هو الأمر الذي لم يتم تطبيقه أبداً لأسباب لا تخفى على أحد. 9
هناك من يريد أن يتخلى عن هذه المكتسبات الشعبية و يزور الحقيقة و المواثيق و العهود إرضاءً لمواليه. فلم يذكر مصطلح "أسرة الحكم" في الدستور إلا في المادة الرابعة التي نصت على إن "الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح" و لم تذكر في اي قانون إلا قانون توارث الحكم فقط. فمن أين ظهرت لنا هذه البدع ؟
إقرؤوا تاريخكم جيداً يا كويتيون و أحفظوه في صدوركم من الكذب و التزوير و التدليس فهذه مكتسابتنا الحقيقية و لا تغركم كلمات الحشو اللغوي الخالية من أي مصداقية. 9
و للحديث بقية عن باقي الأكاذيب ،، 9
10 comments:
قواك الله
يبيلنا ترسيخ الثقافة الدستورية بين الناس لأنها مع الأسف مغيبة عنهم وبتعمد .
كانت مادة التربية الوطنية تدرس في المدارس سابقاً في المتوسط بالسبعينيات وأخفيت بفعل فاعل
الحين يتخرج الطالب من الجامعة ولا يعرف عن دستور الكويت إلا إسمه ، مع الأسف
الله يعطيك العافية
و متابع
ما رأيك في مقولة أن الدستور جامل السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية ؟
تحياتي
رائعه مقاله يجب ان تدرس
معلومات قيمة
تشكر على المجهود
وبانتظار البقية
بو بدر
بل حتى الوثائق الدستورية مفقودة
مثلاً المذكرة التي قدمها السيد محسن عبدالحافظ عن الفارق بين النظام البرلماني و الدستوري أين هي ؟
أين النظام المؤقت الذي قام عليه المجلس التأسيسي ؟
أين دستور 1938
من خلال قراءة كتاب باراك أوباما الذي قدم فيه رؤيته تعلمت بان المحكمة الدستورية في أمريكا لا تحكم على النص الجامد بل تسعى الى تطبيق روح المواد الدستورية من خلال الرجوع الى الوسائل و الوثائق التي مهدت الى كتابة الدستور الأمريكي
وعندما بحثت في هذا الأمر وجدت أن هذه القاعدة الدستورية صحيحة
و كنت أود الكتابة عن ضرورة الحفاظ على تلك الوثائق الدستورية
حمد
الله يعافيك
ABC
بل هذا الأمر قد ذكر في نصوص مضابط لجنة الدستور
بوجهة نظري إن أخطر ما تواجهه الكويت اليوم هو نص المادة 80 التي اعتبرت بأن الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم
هذا النص نسف مبدأ فصل السلطات حيث إشتركت السلطة التنفيذية في أعمال السلطة التشريعية
كما إن الدستور قد أعطى الهمينة لوزارة غير منتخبة و لم يتم التصويت على تشكيلها. و اليوم لا تتقدم الوزارة لا بخطتها و لا برنامج عملها كما هو حاصل حالياً
اليوم تتقدم الحكومة بالتشريعات و تعيق تلك المقدمة من الأعضاء و هي من يحضر الميزانيات دون برامج عمل و ما يقوم به أعضاء مجلس الأمة هو وضع الرتوش عليها فقط
أي إن السلطة التنفيذية هي من يرسم و يشرع و يخصص الميزانيات و ينفذ
الأصل أن تقوم السلطة التشريعية بإقرار الخطط و تخصيص الميزانيات و تشريع القوانين
و على السلطة التنفيذية ... التنفيذ
لكن حتى يتم التعديل ، و هو ما أطالب به أيضاً ،، يجب علينا الإلتزام بالنظام الدستوري
لكن أخشى إن طالبت انا بتعديل دستوري أن يخرج علينا البعض و يقول بأن دعوتي خارجة عن القانون
رغم إنهم أنفسهم هم من يطالب بتنقيح الدستور
عجبي
:)
مركبنا
شكراً على الإطراء
صلاح
العفو
تابعنا و لنقرأ رأيك في النهاية
Post a Comment