الأموال المتحصلة من الفساد الإداري هل هي أموال قذرة ؟

الإجابة المباشرة لهذا السؤال هي : "نعم" ! و من لديه خلاف هذه الإجابة فليدلي بدلوه مشكوراً ! 9

و للتدليل على صحة ما أدّعي ، يجب الرجوع الى نص المادة الأولى من قانون غسيل الأموال الكويتي الصادر في 2002 و الذي يعرف عملية غسيل الأموال ب : "هي عملية او مجموعة من عمليات مالية، او غير مالية، تهدف الى اخفاء او تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو عائدات أي جريمة و إظهارها في صورة أموال أو عائدات متحصلة من مصدر مشروع". 9

إذاً أي أموال متحصلة من مصدر غير مشروع هي أموال قذرة ، و محاولة إخفاء مصدرها أو إظهارها على إتها عائدات متحصلة من مصدر مشروع تعد من عمليات غسل الأموال. و هذا قطعاً ينطبق على الأموال المتحصلة من خلال الفساد الإداري ! و لهذا سنّ قانون حماية الأموال العامة و عدّ التعدي على الأموال العامة من الجرائم التي توجب المسائلة و لا تسقط بالتقادم أو بإرجاع تلك الأموال المحرمة بنص الدستور الكويتي. 9

و لتعزيز هذا الإدعاء ، أشير الى ورقة عمل مقدمة من وزارة التجارة و الصناعة الكويتية في عام 2002 بالتعاون مع مكتب الجرائم المالية والتجارية و الذي تفادى العمومية الموجودة في نص القانون ، حيث حددت تلك الورقة اللوائح الخاصة التي تدخل في عمليات غسيل الأموال والتي من خلالها يتم تحديد العمليات الإجرامية ذات الصلة بسهولة ومن دون تشعب و هي : الاتجار بالكحول ، تقطير الكحول لأجل الاتجار به ، الدعارة المنظمة، و الاتجار بكافة المؤثرات العقلية ، و الإضرار بالبيئة ، و الفساد الإداري. 9

و من باب المعرفة التي لا تضر ، القانون البحريني حدد الأموال القذرة بانها "جميع الأموال المتحصلة عن أنشطة إجرامية جريمة معاقب عليها سواء في دولة البحرين أو في دولة أخرى" . 9

أما في المملكة العربية السعودية فقد تم تعريف النشاط الإجرامي بأنه : "أي نشاط يشكل جريمة معاقباً عليها وفق الشرع أو النظام بما في ذلك تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية ". 9

أما في دولة الإمارات العربية المتحدة فقد حدد قانونها المجالات التي ينطبق فيها تعريف الأموال القذرة و منها : المخدرات والمؤثرات العقلية ، الخطف والقرصنة والإرهاب ، الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام قانون البيئة ، الاتجار غير المشروع في الأسلحة النارية والذخائر ، جرائم الرشوة والاختلاس و الإضرار بالمال العام ، التربح الوظيفي ، جرائم الاحتيال وخيانة الأمانة وما يتصل بها ، أية جرائم أخرى ذات الصلة والتي تنص عليها الاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفاً فيها. 9

كذلك هو الحال بالنسبة للقانون اللبناني الذي حصر المقصود بالأموال غير المشروعة وهي الأموال الناتجة من ارتكاب إحدى الجرائم التالية : زراعة المخدرات أو تصنيعها أو الاتجار بها ، الأفعال التي تقدم عليها جمعيات الأشرار العقوبات والمعتبرة دولياً جرائم منظمة ، جرائم الإرهاب ، الاتجار غير المشروع بالأسلحة ، جرائم السرقة أو اختلاس الأموال العامة أو الخاصة أو الاستيلاء عليها بوسائل احتيالية والمعاقب عليها في القانون اللبناني بعقوبة جنائية ، تزوير العملة والأسناد العامة. 9

أما في القانون السوري فإن الأموال غير المشروعة هي الناتجة عن : زراعة أو تصنيع أو تهريب أو دخول المخدرات أو المؤثرات العقلية أو الاتجار غير المشروع بها ، الأفعال التي تقدم عليها جمعيات الأشرار وجميع الجرائم المعتبرة دوليا جرائم منظمة ، جرائم الإرهاب  ، تهريب الأسلحة النارية وأجزائها والذخائر والمتفجرات أو صنعها أو الاتجار بها بصورة غير مشروعة ، نقل المهاجرين بصورة غير مشروعة ، عمليات الدعارة المنظمة ، سرقة المواد النووية والكيميائية والجرثومية أو تهريبها أو الاتجار غير المشروع بها ، الاتجار غير المشروع بالأعضاء البشرية والمواد الجرثومية والسامة ، سرقة واختلاس الأموال العامة أو الخاصة أو الاستيلاء عليها بطرق السطو أو السلب أو بوسائل احتيالية أو تحويلها بشكل غير مشروع عن طريق النظم الحاسوبية ، تزوير العملة أو وسائل الدفع الأخرى أو الإسناد العامة أو الأوراق ذات القيمة أو الوثائق أو الصكوك الرسمية ، سرقة الآثار أو الممتلكات الثقافية أو الاتجار غير المشروع بها. 9

و الآن نأتي للسؤال التالي : من هو غاسل الأموال ؟ هل هو صاحب الأموال القذرة ؟ أم إن ذلك يطال جميع من شارك في إخفاء مصدر تلك الأموال عبر إخفاء الفواتير و هوية من تحصّل على أموال التوريدات غير المشروعة و المسئول عن دفع قيمة تلك التوريدات بغير الطريقة المنصوص عليها في نظم و لوائح وزارة المالية ؟ (راجع تقرير ديوان المحاسبة في شأن مصروفات ديوان المحاسبة). 9

الإجابة واضحة وضوح الشمس في نص المادة الثانية من القانون الكويتي ، حيث عد في مكانة غاسل الأموال كل من اخفى او موّه حقيقة الاموال او مصدرها او مكانها او طريقة التصرف فيها او حركتها او الحقوق المتعلقة بها او ملكيتها ، مع العلم بانها متحصل عليها من جريمة او متحصل عليها من فعل من افعال الاشتراك فيها. 9

لكن ماذا يعني مصطلح "جريمة" في نص المادة المشار إليها أعلاه ؟

هذا المصطلح يحصر تلك الأموال في "الجرائم" التي صدر فيها حكم قضائي ، أي أن  الركن المعنوي محسوم في تلك الجريمة أي العلم والاعتقاد أو ما يحمل على الاعتقاد. فهل صدر حكم قضائي بما يخص مصروفات الديوان ؟ و هل مورس "حق التقاضي" المكفول لجميع المواطنين و المقيمين و من بينهم ناصر المحمد و خالد الفضالة فيما يتعلق بتلك القضية ؟

هذا ما سنحاول الإجابة عليه في المقال القادم ، لنعرف حقيقة ما جري بعيداً عن ترّهات "مثقفي السلطة" و أباطيل "جحا التدوين" الذي ما زال يبحث عن "أذنه" التي تأبى سماع صوت الحقيقة ! 9

تابعونا ،، 9