في البدء ،، ضجرت من ممارسات الحكومة في بلدي. ضعفها كان يثير غيظي وإهمالها لتطبيق القانون وتهميشها لمبدأ سيادة القانون وكان هو الهدف "الحقيقي" من إطلاق حملة إرحل ،، ويومها قلت لغيري "لا تستوحش طريق الحق لقلة سالكيه". وحين تخاذل الآخرون ممن كنّانرى فيهم الصلاح والعقل ذكّرت نفسي وقلت في نفسي "لا يعرف الحق بالرجال ولكن يعرف الرجال بالحق ،، إعرف الحق تعرف أهله". 9
وحين إختلفت مع أدعياء منطق "الغاية تبرر الوسيلة" .. زعل من زعل وإتهمني بما ليس فيني فتأمّلت في حالي وقلت "ما ترك لي الحق صاحباً". وإستمريت وضايقهم هذا الإستمرار حتى ضجرت ،، و أقول اليوم "أف منكم .. قد مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني وسئمتهم وسئموني" وأدعو الرب أن يحشرني مع صاحب جميع هذه المقولات الخالدة. 9
أما "الدماغ الفارغ" فهو الذي يساند المحتجين في كل مكان ،، في مصر وسوريا وتونس وليبيا والبحرين واليمن !! لكن حين طالت الإحتجاجات واقعه المعيشي في بلده .. علا صوته على المحتجين ،، لا على الحكومة التي عبثت بالمقدرات وتلاعبت بحقوق المواطنين والمقيمين وخدّرت القانون وأدخلته غرفة العناية المركزة. 9
كان إحتجاجه ،، على الإختلاف الفكري بينه وبين المعارضين وغياب المنهج الواضح عن كتلة المعارضة. وكأن من خرج في البحرين وسوريا يتوافق معهم مذهبياً أو أن قبائل ليبيا لديها نفس أفكاره العلمانية أو إن المحتجين في مصر كان لديهم المشروع الواضح الذي سيخرجهم من تيه حكم مبارك الى دولة الحضارة الجديدة في مصر. غاب عنه ،، أو حاول تجاهل المبدأ الإنساني والديمقراطي .. أن 'للشعوب حق الإختيار" .. وهذا الحق واحد لا يتغير .. مهما تباعدت المسافات. 9
ألغى حق الآخرين في الإختيار .. لأنه وضع نفسه في العلياء .. بينما يقبع في حقيقة الأمر في أسفل السافلين. ألغى الآخرين حين نصب نفسه خبيراً دستورياً .. فتارة يقول أن مطالبة رئيس الحكومة بالإستقالة هي مطالبة غير دستورية .. رغم إنها "العمود الفقري لنظام الحكم" كما ورد في المذكرة التفسيرية للدستور والتي لها نفس الأثر القانوني للدستور. وتارة ينبّه على تطاول المعارضة على سلطات الأمير ،، رغم إن للجميع بمطالبة رئيس الوزراء بالإستقالة ولرئيس الوزراء نفس الحق في الإعراض عن تلك المطالبة. 9
هذه التخريجات الدستورية التي أتت ممن لا يفقه لا بدستور ولا قانون .. بل كان جل علمه في قراءة البالي من الكتب و الإدلاء بالشاذ من الكلم والوقوف موقف الجبان الأعمى مما يحدث في بلده ،، لم تحمل أدنى قيمة لدى ولم تشكل محوراً يمكن التناقش حوله. فهي أتت من أدمغة فارغة وقلوب سوداء وضمائر خاوية من أي مبدأ حقيقي. 9
ويجب أن نعيد التذكير ب "شذوذ" هذه الآراء فلم نر أو نسمع لأي خبير دستوري أو قانوني يؤيد مثل هذه التخريجات العجيبة. بل إن الواقع كرس نقيضها. فقد قدم رئيس الوزراء إستقالته بناءً على الضغوط الشعبية وقد قبلها سمو الأمير الذي عيّن غيره في هذا المنصب دون أن يتحدث أحد عن مخالفات دستورية أو تطاول على الصلاحيات الأميرية. 9
هذا نموذج بسيط من الأدمغة الفارغة في بلادي ،، أو ما يعرف ب "أسلحة الغباء الشامل" لبناؤونا الأحرار من صانعي تنمية الإنسان الهش الخاوي من أي قيمة حقيقة. وغيرها أدمغة خاوية كثيرة .. تقرأ وتصدق دون أن تحاول أن تستخدم عقولها .. فهي كقطيع الخراف تقاد الى المسلخ بحثاً عن جت أو برسيم يشبع نهم خلافاتها الفكرية والمذهبية والفئوية. 9
اللهم إحشرهم مع من يحبوّن