في شبهة الجمع بين العملين النيابي و التجاري

تابعت و بإهتمام شديد لقاء الدكتور ناصر الصانع على قناة الوثن و مع الفاسق أحمد الفهد يوم الأربعاء الماضي. و للأسف لم يجد سعادة الدكتور الفاضل أنظف من هذا المنبر ليرد على التساؤلات التي أثارتها المدونات مؤخراً حول تعاملاته و تعاملات السيد عبدالعزيز الشايجي. طبعاً اللقاء كان مرتباً ، بداية من المسجات التي إستلمناها و التي أشارت اللى اللقاء و محاور اللقاء رغم إن اللقاء كان يبث على الهواء المباشر. و وضحت عجلة الدكتور ناصر في التصدي لتلك القضية ما دعى مقدم البرنامج للضحك و طلبه من الدكتور ناصر التريث للإجابة على تلك الشبهات الى ما بعد الفاصل الإعلاني. 9

الفرصة مُنِحَت للدكتور ناصر الصانع للرد على هذه الشبهات أمام الجميع و لكنه أخفق للأسف بتلاعبه بالمعلومات و الحقائق. الدكتور ناصر أقر بإمتلاك الشركة عن طريق أبنائه الذين "يطقطقون" في التجارة على حد قوله. و تهكم على إدعاءات المدونين بأن الشركة غير مذكورة في ذمته المالية. ثم إدعى بأن شركته هذه لا تتعامل مع الجيش الأمريكي. 9

حسناً لنعود الى ما كتب و نشر. الإتهامات كان حول عدم تضمن كشف الذمة المالية للدكتور ناصر قروضاً إقترضتها شركته للتعاقد مع شركة أخرى تتعاقد بما يخص نقليات الجيش الأمريكي. هل رأيتم تلاعب الدكتور ناصر بالكلمات ؟ ها نحن نعيد ذات الأسئلة التي تهربت من الرد عليها يا دكتور. هل إقترضت شركتك أموالاً للتعاقد مع شركة تتعامل مع الجيش الأمريكي؟ و هل ذكرت هذه القروض و هذه التعاقدات في كشف الذمة المالية التي رفضت نشره إسوة بما فعله زميلك جمعان الحربش؟ فمن المعلوم لدى العاملين في الشركات الخاصة بأنه بإمكانها أن تقترض و أن تحصل على تسهيلات مالية عند حصولها على عقود من شأنها أن تدر عليها أموال طائلة. أي إن شركة صغيرة لا يتعدى رأس مالها بضعاً من الألوفات ولا توجد لديها ملاءة مالية أن تحصل على قروض بمئات الآلاف من الدنانير متى ما أقرت البنوك بوجود هذه العقود. 9

الأمر الآخر و الطامة الكبرى هي في شبهة "حملة ترشيد" و التي حاول الدكتور الصانع إيهام الجميع بأن الوزير العليم لا ناقة له و لاجمل فيها. فيا زعيم الشفافية و يا غوبلز حدس هذه كذبة صريحة و مفضوحة، هل لك بأن تقول من عرض موضوع دعم الحملة على مجلس الوزراء؟ هل كان الشيخ علي الجراح أم محمد العليم. إليكم التسلسل الزمني للقضية حتى نعرف مدى التلاعب بالكلمات و محاولة الضحك على الذقون : 9

أولاً : جمعية المهندسين تتعاقد مع شركة ديفرنت ميديا في ظروف غامضة. لا أحد يعلم كيف دعيت الشركات المشاركة و كيف تم تاهيلها و أين نشرت الدعوة. هذا الأمر حصل في عهد الشيخ علي الجراح حيث لم يكن للحكومة أي دور في هذه القضية ، بل هو مجرد إجتهاد من جمعية نفع عام و لا علاقة لوزارة الكهرباء و الماء بها

ثانياً : بعد فوز شركة ديفرنت ميديا بالعقد ، و بعد تولي السيد محمد العليم سدة الوزارة ، قام السيد العليم بعرض موضوع دعم الحملة مالياً. لذا خصص مبلغ عشرة ملايين دينار لمدة 4 سنوات لدعم الحملة من خلال هذا العقد القائم. إذاً من كان له دور في القضية هو ممثل حدس في الحكومة السيد محمد العليم و ليس الشيخ علي الجراح الذي يحاول السيد الصانع التذاكي و تلبيسه العمة

ثالثاً : لا أحد يعلم قيمة العقد الأصلي و لكننا نعلم تماماً حجم الأموال التي صرفت بواسطة وزارة الكهرباء و نحن نعتقد بأن قيمة العقد الأصلي تقل كثيراً عن حجم الأموال التي صرفت

الآن أستحلفكم بالله العظيم ، ألا توجد شبهة تنفع حين يرسى عقد لجمعية نفع عام لا تخضع لقانون المناقصات المركزية ، ثم يقرر وزير حدسي بعرض الموضوع على مجلس الوزراء من أجل دعم الحملة بمبلغ عشرة ملايين دينار من خلال عقد لا أحد يعلم تفاصيله الفنية و لا ملاءة الشركة التي يقول رئيس جمعية المهندسين بأنها عريقة في هذا المجال رغم إنها حديثة الإنشاء ؟

و قبل أن أسترسل بالكلام أود التذكير أن مقالي هذا عن كذب السيد ناصر الصانع و تشويهه للحقائق لا يعني إدانة المرشحين أو مجرد توجيه إتهام ألى شخوصهم الكريمة و لكن جل ما أتمناه الآن من شباب حدس التحقيق و التمعن في هذه الشبهات و التي شوهت صورة الحركة أمام الشارع العام. فالقضية معنية في شخصي المرشحين قبل أن تتجاوزهما الى الحركة و قد أعطيت الفرصة كاملة لهما لتوضيح الحقائق و لكن للأسف ما زال السيد ناصر الصانع مصراً على الإستخفاف بعقول الناخبين. و لقد مارس مؤسسي حدس و ممن ارسوا دعائم تيار الإخوان المسلمين في النسيج الإجتماعي الكويتي و من كبار التجار الكويتيين كالعم عبدالله العلي المطوع رحمه الله العمل التجاري بعد ان نأى بنفسه عن العمل السياسي فأبعد الشبهة بذلك عن تزاوج العمل السياسي بالتكسب التجاري. بل الهدف هو وضع حلول جذرية للتخلص من هذه الشبهات. 9

و هنا نستذكر ما خطه زميلنا الطارق قبل مدة في نقد حدس و الذي و بامانة دون المجاملة قد أثبت قوة إستقرائه لواقع حدس و الخطأ الذي لم يقع فيه بعض مرشحيها فحسب بل وقع فيه كثيرٌ من النواب السابقين

ارتباط بعض أعضاء حدس بمصالح تجارية مع بعض المتنفذين ومع الحكومة ، يجعل عمل الحركة في منطقة ( الشبهات ) وسيشكل خطرا على استقلالية القرار السياسي لحدس على المدى البعيد . 9

المجتمع الكويتي مجتمع صغير لا تكاد تسأل أحد ما عن أحد إلا كان يعرفه أو يعرف أحدا يعرفه ، وهذا المجتمع يزاد قربا وصغرا في المجتمع الاقتصادي وبين التجار ، فمن الصعوبة بمكان أن يجهل التجار وجود تاجر كويتي أو على الأقل صاحب مصلحة تجارية ، وأعضاء الحركة الدستورية الإسلامية ( حدس ) جزء من هذا المجتمع الصغير المتعارف فيما بينه ، ومن أعضاء حدس والمنتمين لها تجار ولهم مصالحهم التجارية ، وهذا أمر طبيعي . 9

لكن الأمر غير الطبيعي أو بالأحرى غير الصحي هو وجود أعضاء في حدس يملكون جزء من القرار فيها ، وتربطهم مصالح تجارية مع جهات متنفذة أو غير متنفذة ، وهنا يجب أن تتضح نقطة مهمة وهي أن حدس لم تشهد حتى الآن تجييرا لموقف من مواقفها السياسية لصالح رغبات أشخاص فيها سواء كانوا تجار ولهم مصالح تجارية أو غيره ، فالقرار في حدس يتّخذ وفق آليات معقدة يصعب أختراق الأفراد لها ، فضلا عن كون أعضاء حدس ممن نظن فيهم الخير والصلاح ، لكن وبصراحة لا يوجد مكان في عالم السياسة للظنون الحسنة ، وهذا ليس قدحا في الأشخاص بقدر أنه توصيف للبيئة السياسية عموما . 9

نظن أن وجود أعضاء في حدس وبالأخص في مواطن صنع القرار فيها لهم مصالح تجارية أمر يدخل حدس في منطقة الشبهات التي أمرنا شرعا بالابتعاد عنها بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه ولعرضه ) ونحن نريد هذا الاستبراء لحركة سياسية نطمع منها الكثير . 9

إن صرامة حدس في هذا المرحلة وحرصها على الابتعاد من مواطن الشبهات سيقعّد لقواعد صلبة تكون أحد أعمدة العمل السياسي في حدس وعند غير حدس ، فحين تصر حدس على الفصل بين ممارسة السياسة وبين ممارسة التجارة الخاصة تكون قد أوجدت عرفا متقدما جدا في العمل السياسي ، وتكون أيضا قد عصمت نفسها مستقبلا في حال انفتاحها على العمل الحزبي من انحراف القرار السياسي خلف المصالح التجارية . 9

وللتجار من أعضاء حدس نقول : إن المال كان دوما هو عصب رئيسي في العمل السياسي ، وإن حدس تحتاج وجودكم ونمو مصالحكم الخاصة التجارية ، ونحن نراكم في تجارتكم أكثر نفعا لحدس وللمشروع الإسلامي وأبعد عن الشبهة وأسلم . 9

و هو بالمناسبة أمرٌ قد ذكره السيد ناصر الصانع في نفس المقابلة و عاب على بعض النواب السابقين (السيد محمد جاسم الصقر) دفعه للجنة التشريعية لتفسير المادة 121 من الدستور الكويتي في مجلس 1999 و التي تنص على

لا يجوز لعضو مجلس الامة اثناء مدة عضويته ان يعين في مجلس ادارة شركة او ان يسهم التزامات تعقدها الحكومة او المؤسسات العامة . ولا يجوز له خلال تلك المدة كذلك ان يشتري او يستاجر مالا من اموال الدولة او ان يؤجرها او يبيعها شيئا من امواله او يقايضها عليه ، ما لم يكن ذلك بطريق المزايدة او المناقصة العلنيتين او بالتطبيق لنظام الاستملاك الجبري . 9

علماً بأن اللجنة التشريعية في مجلس الأمة ليست جهة إختصاص بتفسير الدستور إنا هذا الإختصاص منوط بالمحكمة الدستورية. و رغم ذلك فلقد سمحت اللجنة في تفسيرها المعيب لهذه المادة في مجلس 1999 للنواب بعضوية مجالس إدارات الشركات التجارية و التي ترتبط بمصالح إقتصادية من خلال المناقصات الحكومية. بل كان من الأوجب إحالة هذا الموضوع على المحكمة الدستورية للفصل فيه. و تناسى السيد ناصر الصانع بان زميله الحدسي السيد جمال الكندري هو أيضاً لرئيس مجلس إدارة لشركة الأبراج القابضة أيضاً و التي فازت بالكثير من المناقصات الحكومية في خرق واضح لهذه المادة الدستورية. 9

و هذا هو السبب الذي يجبر التخالف الوطني الديمقراطي على عدم اللجوء للمحكمة الدستورية بما يخص قانون منع الإختلاط لأنه يعلم تماماً بأن متى ما فتح هذا الباب أمام الجميع فإنه سيفتح المجال أمام طعونات كثيرة شتطال الكثيرين ممن إستفاد من تغييب المواد الدستورية و أهمها الجمع بين العمل النيابي و العمل التجاري. 9

إذاً هناك شبهات ، و هناك تهرب من الإجابة و الرد على تلك الشبهات و هناك تغييب للحقائق و تزوير لها من قبل السيد ناصر الصانع و أعتقد بأن الحل الأمثل للحد من هذا اللغط هو عبر منع أعضاء مجلس الأمة من ممارسة العمل التجاري على الوجه المنصوص في الدستور. طريق هذا الحل هو تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية بما يسمح بالطعن في جميع هذه المخالفات ،، و توتة توتة .. خلصت الحدوتة !! 9