Sunday 25 May 2008

إحساس

أتاني صوت صديقي مخنوقاً عبر الهاتف ، إني أتحدث ، أعبر ، أقول ، أجد من يستمع إلي ، و لكنني أبحث عمن يحس بما يختلج بداخلي ! هل فقدنا القدرة على الإحساس بالآخرين؟ هل أصبح الإنسان أنانياً للدرجة التي تعميه عن الإحساس بمن هم حوله ، حتى و إن كان أقرب المقربين؟ هل توقفت للحظة و سألت زوجك/زوجتك أو طفلك أو صديقك عما يحسه في هذه اللحظة تحديداً؟
قبل سنوات و حين بدأت في الكتابة ، كتبت موضوعاً شائكاً إحتوى على بعض العبارات المثيرة للجدل. إنصبت حمم الهجوم على من كل جانب ، و كنت اخشى آنذاك المناقشة إذ لم أكن مقتنعاً بنفسي في الكتابة ، فقط كانت الرغبة في التعبير و التعلم. أتتني رسالة من زميلة لا أعرفها و لا تعرفني فيها أسئلة بسيطة و مباشرة عما أقصد ، و حين شرحت نفسي بطريقة أفضل ، حصلت على رسالة أخرى تشجيعية تطلب مني عدم تغيير ما كتبت و الإصرار على موقفي (الذي يخالف أفكارها) مع قليل من النصح و الإرشاد. كان موقفاً بسيطاً ، لكنه زاد من عزمي على الكتابة و المواجهة. و إختفت تلك الزميلة و لم أصادفها إلا قبل أيام قليلة مضت و أتيحت لي الفرصة لشكرها على موقفها الذي نسته تماماً. أردت فقط أن أخبرها بأن من يزرع الإهتمام سيحصد الود و الإمتنان الذي لن تستطيع السنين محوه. المفارقة بأنني إكتشفت بأنني لست الوحيد من يحفظ هذا الود لتلك الزميلة. 9
ما أبسط تلك المواقف الذي نقف فيه للحظات و نحاول أن نهتم بالآخرين من حولنا. ان نكف عن التفكير بما نحب و ما نريد و ما نهوى لدقائق معدودات و ان نمنح تلك اللحظات الثمينة لمن نحب. هل تعلم بما تود زوجتك القيام به؟ هل تعلم بمدى إشتياق أطفالك لك؟ هل فكرت بأن ترد جميل والديك عليك و لو ليوم؟ هل تعلم بمقدار الحزن في قلبك صديقك الذي يسامرك و يرسم الضحكة على شفاهك؟
كيف ضاعت قيم الجماعة و الأسرة و العائلة في وسط الزحام؟ كيف أثر بنا هذا العالم المادي فسادت قيم الفردية و الوجودية. أنا أعتقد بأن من عاش تلك الحياة الراغدة السعيدة هو من يقدر قيم التفاعل مع من يحب. أما من حرم من تلك المشاعر و الأحاسيس فمن الطبيعي إنه سيغوص الدنيا بحثاً عن ملذاته و يحاول تعويض ما فات. و قيل قديماً ،، فاقد الشئ لا يعطيه. 9
قبل عدة سنوات و في زيارة للولايات المتحدة الأمريكية سمعت عن محاضر مشهور كان يقوم بزيارة المدينة التي تواجدت بها في تلك الأثناء فحرصت على حضور محاضرته التي كانت تتكلم عن القيادة. وصلت الى المحاضرة و أجهدت نفسي في قراءة المذكرة الموجودة على الطاولة و التي تلخص النقاط الأساسية للمحاضرة. حين رفعت عيني وجدت المحاضر يحدق بي بقسوة ثم إتجه بالكلام نحوي : أنت تعتقد بانك أذكى من الآخرون؟ تعتقد بأنه يمكنك القيام بعملين في وقت واحد. تستطيع الإستماع الى شكوى أحد مستخدمينك و انت تقوم بطباعة مذكرة مهمة (أفعل هذا !!) و تحاول طمأنتهم بأنك قادر على إستيعاب ما يقولونه. نعم أنت قادر على الإستيعاب حتى و انت منهمك في الكتابة و قادر على تحليل الموقف و قادر أيضاً على إتخاذ القرار الصحيح. و لكنك فشلت في الإحساس بهم ، فشلت في أن تحظو على ثقتهم و تأكد بأن صمتهم المستقبلي لن يكون بمثابة رسالة شكر على إستماعك لهم بل هي رسالة رفض لفشلك في الإحساس. كان درساً مجانياً بقيمة الصفعة التي يتلقاها الغارق في ملذاته ليصحو على هموم الآخرين. 9
حين تصحو المرأة من النوم و تطلب من زوجها كوباً من الماء ، فإنها لا تفعل ذلك لأنها عطشانة أو لأنها في أمس الحاجة لشرب الماء. فهي تستطيع النهوض و شرب الماء. و لكن حين تقول ذلك لرجلها فإنها تطلب منه أن يحس بما تحس ، بأن يقول لها أنا عطشان لعطشك و أن يحضنها و يستغرق في النوم و هو ممسك بها من دون ان ينهض لإحضار الماء !! 9
أرجو أن نحس بمن حولنا ممن نحب و لو لدقائق. 9

15 comments:

Mohammad Al-Yousifi said...

حطيت ايدك عالجرح

كرهت عمري

Anonymous said...

حلم

هذا اللى كان يدور ببالى اليوم


:(

اصعب احساس انى دوم متواجده لكل من حولى فى اى وقت
ولحظة ضعفى و حاجتى لهم وهى نوادر
كل من يقول يالله نفسى



زين اذا صج اهى عطشانه و تبى ماى

حلم جميل بوطن أفضل said...

مطقوق

أفا .. شكو؟

حلم جميل بوطن أفضل said...

براقش

إذا عطشانة تقوم تروح تييب ماي حق روحها من غير منة أحد

و فعلاً كل من يقول كله نفسي خصوصاً الرياييل .. أعترف

Anonymous said...

طغيان المادة وانحسار القيم

حلم جميل بوطن أفضل said...

محسد

نعم هي النزعة المادية و الأفكار الوجودية المغرقة في الفردية

أنا فحسب و من بعدي الطوفان

كويــتي لايــعه كبــده said...

شكرا

انت تعلمتها والآن انت انت تعلمها

وشكرا

للاهتمام الكافي ان تشاركنا هذا الفكر

القيم والاخلاق الراقيه هي مكافأة ذاتها

وخير الناس من يعيش القدوه لا من يلقن المحاضرات

تسلم يا الحلم

Salah said...

عندي قصص وروايات حصلت لي شخصيا تؤكد كلامك

بس حرام عليك قوم عطها ماي لا تخليها عطشانة

:)

فريج سعود said...

ما ادري شنو سالفة الاسهال التدويني الي حايشك
بس بوست اليوم قمة و مؤثر وانا شخصيا محتاجه لولا مثال قلاص الماي الي جنه ويه سيد جابر
:))

Nora said...

صدقني .. نحس بما تكتب هنا بقوة بعد
.
لكن
.
خارج السياسة
:)

Eng_Q8 said...

كلام صحيح

بس الي ما يعرف يطلع الاحساس شيسوي

حلم جميل بوطن أفضل said...

كويتي لايعه جبده

شكراً على الإطراء

حلم جميل بوطن أفضل said...

صلاح

أروي ظمأنا بهذه القصص العجيبة

!!

حلم جميل بوطن أفضل said...

فريج سعود

شفيك زعلان؟ كل هذا علشان بو نوره؟

لا يزعل

:)

و رجاءً لا تبوق مصطلحاتي

حلم جميل بوطن أفضل said...

أحلى مهندسة

أنا بروحي مليت من غير ما تقولين