عمارة يعقوبيان هي رواية لدكتور الأسنان و الأديب المصري علاء الأسواني. نشرت في المجلات الأدبية ثم كرواية و تحولت الى فيلم عربي شهير جمع نجوم السينما المصرية كعادل إمام و نور الشريف. لست من هواة السينما المصرية الحديثة لذا لم أشاهد الفيلم. لكن قرأت كثيرٌ من النقد الإيجابي للرواية ثم قال لي أحد الأصدقاء بأن الفيلم جميل و لا بد أن الرواية أجمل. لذا توكلت على الله و أصطبحت الرواية معي أثناء السفر. 9
تدور أحداث الرواية في عمارة سكنية بنيت عام 1934 بواسطة هاجوب يعقوبيان عميد الجالية الأرمنية في مصر. بنيت العمارة على الطراز الإيطالي الفاخر و ضمت شققاً فسيحة فاخرة للأجانب و الأثرياء. كما بنيت مخازن على السطح لتخزين الحاجيات و عددها خمسين بعد شقق العمارة. إبان الثورة الضباط الأحرار في سنة 1952 ، هاجر العديد من قاطني الشقق من الأجانب و علية القوم المرتبطين بعلاقات وثيقة مع القصر الملكي. و عليه فقد تم إحتلال هذه الشقق من ضباط ذوي رتب مختلفة كان أغلبهم من ثقافات بسيطة من الريف المصري. و تحولت غرف التخزين في سطح العمارة الى مساكن شعبية. 9
الرواية تستعرض حياة أربعة من ساكني العمارة. هم : زكي الدسوقي وريث طبقة إقطاعية سياسية بائدة حيث كان رد فعلها على التهميش السياسي والاجتماعي هو ظهور اليأس من العودة إلى المراتب الماضية ومن ثم وقوعها في هاوية اللذة والشراب الذي أدى بهذه الشخصية أي الدسوقي إلى سلوك افقده وقاره وحتى صدامه مع شقيقته التي انعزلت وسقطت تحت نير الاكتئاب أيضا. الشخصية الثانية هي للصحفي حاتم رشيد الإبن الوحيد لأحد عمالقة القانون الدارسين في السوربون الفرنسي و زوجته الفرنسية. و الذي أثرت فيه نشأته و إبتعاد والديه عن القيم المحافظة ليختلط بالخدم و يختلط عليه أمر هويته لينتهي به الأمر الى لوطي يلتقط البسطاء من الحانات و الخمارات لممارسة الشذوذ معهم. الشخصية الثالثة هي طه الشاذلي الشاب البسيط ابن بواب العمارة الذي عمل بجد حتى يتمكن من دخول الكلية العسكرية و لكن إصطدمت أحلامه بحقيقة نسبه المتواضع الذي لم يشفع له عند مدير الكلية. ثم دخل كلية الهندسة و رأى الحياة على حقيقتها و آثار سياسة الإنفتاح و نشط مع التيار الديني لينتهي به المطاف في إحد معسكرات التدريب للجماعات الإسلامية. آخر الشخصيات المحوية هي الشيخ عزام ، رجل الأعمال الوقور ، الذي لا يعرف أحد سبب ثرائه المفاجئ و الذي يدخل مجلس الشعب بعد تحالفه مع القوى الحزبية المهيمنة على العملية السياسية و يصبح وكيلاً للشركات اليابانية. 9
تستعرض الرواية التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري بعد ثورة مايو و النكسة و إنتصار أكتوبر و سياسة الإنفتاح مروراً ببزوغ الصحوة الإسلامية في مصر. المؤلف إستطاع أن يشمل عينات و ثقافات مختلفة تعيش في بيئة واحدة لكن بطريقة منفصلة و منسلخة تماماً عما يحيط بها. و تحاول الرواية اختزال مصر كوطن في عمارة يعقوبيان والتي مثلت كل شرائح المجتمع المصري كقطاع عرضي من خلال الطبقة الفقيرة المسحوقة أو الطبقة الغنية ، حيث تفرق بين الفئة التي انتفخت حديثا أو التي أهملت ما بعد الثورة وظلت فاعلة اجتماعيا رغم الخسارة التي منيت بها على الصعيد السياسي. 9
و نجح الكاتب في أن ينقل لنا حقيقة ما يجري في المجتمع المصري و أن يناقش القضايا الإجتماعة بتجرد تام. نعم ، المجتمع المصري يعيش حالة من النفاق ، فالفتاة المصرية تُجبر على التنازل بما يخص شرفها و عفتها لإطعام أسرتها الجائعة. نعم ، الحياة السياسة ملوثة تماماً و لا توجد أي مظاهر ديمقراطية حقيقية. نعم ، هناك ممارسات فاضحة من السلطات الأمنية ضد الإسلاميين ، و تبين الرواية كيف إن طه الشاذلي قد تم إرغامه على الإلتحاق بالقوى الإسلامية المتطرفة بحثاً عن احلامه التي لم يجدها على أرض الواقع. شخصية طه عبارة عن ناقوس يؤرجحه الأسواني لنسمع دقاته الحذرة ويقول لنا أن الفقر والفساد ينتج الإرهاب والتطرف. وأن التعامل مع الناس بتعال وإلغائهم بهذه الطريقة يولد الحقد ومن ثم الثأر والفوضى. 9
الرواية أشاعت جواً من الإستسلام لكل أفراد الرواية. قابلون و قانعون بالموزاييك الإجتماعي السيئ الذي يعيشونه. و لعل النموذج الإسلامي (طه الشاذلي) هو الوحيد الذي يحاول مقاومة الأوضاع السيئة ، لكن بطريقة تبدو خاطئة. و ينتقد الكاتب و هو محق الآثار السيئة لثورة مايو على مجريات الحياة الإجتماعية في مصر و التي حولته من مجتمع أرستقراطي متمدن الى مجتمع ثنائي القطبية ، لا توسط بين الطبقات التي تعيش فيه. فإما هم سياسيون فاسدون و تجار مخدرات ، أو مهمشون يبيعون أجسادهم و أحلامهم بحثاً عن لقمة العيش. 9
أستطيع تصنيف الرواية على إنها من أدب الواقع و من من نفس مدرسة نجيب محفوظ التي تعتمد على المكان أو الحارة كمسرح لأحداث الرواية. الرواية تنقل أحداث وسط البلد بحرفية ماهرة و تصورها أدبياً و إنسانياً. إنبهرت جداً بجرأة الكاتب و إصراره على أن يخوض غمار ما لا يريد البعض الخوض فيه. 9
رواية أكثر من ممتازة ، و من أفضل ما كتب عربياً في السنوات الأخيرة. أنصح الجميع بقراءتها. 9
Password : Tipsclub
24 comments:
مساء الخير حلم ... شاهدت الفيلم و لم أقرأ الرواية ، و مما شاهدته فلا رغبة لي بقراءة الرواية ، و لكن هناك كتاب آخر ممنوع في وطننا العزيز لذات الكاتب بعنوان شيكاغو ، و يبدو أن أكثر جرأة من عمارة يعقوبيان ، فهل سمعت أي شيء عنه؟
سرد الرواية اجمل من الفلم , طبعا في بعض الاختلافات البسيطه في الفلم عن الكتاب
انا حبيت الفلم و الرواية و نقدك للرواية ايضاً
امممم مع ان في بعض الظلم لفئة من المجتمع
و على فكره شخصية زكي الدسوقي فيها مني وايد , خصوصا ميزة ان يعصب بس مايشكل خطر و يهدا بسرعه لوول..و ايضا صديقته الفرنسيه موجوده بعالمي
-----------------------
وعد باجر انزل بوست يديد...يا جميـــــل
شفت الفيلم وااااااايد حلو
ولكن ما قريت الروايه
شوقتني انشالله اقراها
تحياتي :)))
قرأت الرواية وشاهدت الفيلم وللامانة القراءة كانت اكثر تفصيلا
اذا لم تقرأ شيكاغو الرواية التي صدرت بعد يعقوبيان فانصحك بقراءتها
فهي لها معني مختلف عن الاولي
تحياتى
صبحك الله بالخير
يعطيك العافيه يا اخوي حلم
دايما تشوقني لقراءه رواية
لك اسلوب حلو بالسرد
:)
العزيز الحلم الجميل
أنصحك بمشاهدة الفلم، صحيح أنه لن يكون بمتعة قراءة الروايه، و لكنه يستحق المشاهدة فهو ليس كباقي أفلام السنمه المصريه الحديثه.. حرفيه عاليه جدا
روايه الأسواني الثانيه "شيكاجو" لا تقل روعه عن عمارة يعقوبيان فهي تستحق القراءة أيضا "أوصي بها"..0
تحياتي لك عزيزي
الفلم كأي فلم مصري عادي مليق و دعايته أكبر منه ! ومقص الرقيب أخذ راحته خاصة بالمشاهد الجنسية ! ولا أنصحك بمشاهدته وبفلوس التذكرة تعشى بمطعم نواره بمعية رواية شيكاجو لنفس المؤلف أبرك لك
قراءة أي رواية هي المتعة الحقيقية للقاريء لأنها تجمح بالخيال لسبر شخوص الرواية والمرور بالأماكن
: )
The movie the book!!!
I did this mistake couple of times now! The book then the movie! Which always I managed to find the movie as a disappointment! Recently I watched the Kite runner movie! All I can say is shame!!
Specially these kinds of books that transform you to an environment that people are not familiar with, you need the book, to explain, and describe and justify meanings and reasons!
صج حلوه
انا قريتها وشفت الفلم
شي عجيب والله
ربما علاء الأسواني الكاتب الوحيد الذي تناول بعض الآثار السيئة التي أثرت على المجتمع المصري بعد ثورة مايو مما جعل الكثير يتعاطف مع اكثر من شخصية يراها المجتمع ليست سوية حتى حاتم رشيد
التجرد بكتابة القصة وعدم وضع رتوش يحاول الكثير من الكتاب العرب التستر وراها هي من جعلت الأسواني يتميز
بصراحه
الفيلم ما عجبني لدرجة اني ما كملته و دعايته اكبر منه
لكن اتوقع ان الروايه احلى
العسل الأسود
و انا قرأت الرواية و يبدو بأنني لن أشاهد الفيلم. الرواية كعمل أدبي ، رائعة جداً ، و ليست عندي ثقة في الصناعة السينمائية المصرية لذا لن أستغرب أن تم تشويه الرواية و تحوليها الى عمل ساقط ملئ بالمشاهد الجنسية
لدي شيكاغو و كنت قد بدأت بقراءتها قبل فترة و لم اكملها. سأعاود الكرة مرة أخى
أنجلو
في الكتاب لم يكن هناك نقد إلا لثورة مايو و الطبقة التي إستفادت من الثورة. أحداث الرواية هي تشخيص لحال المجتمع المصري و هذا التشخيص واقعي تماماً
وين بوستك يا خاين الوعد؟
صبا
دائماً الرواية قبل الفيلم. دائماً
مشاري
الرواية دائماً ممتعة أكثر. حتماً سأقرأ شيكاغو
داركنس
يعافيك
مبندر
إن كان لي وقت سأستثمره في قراءة شيكاغو. أنا مقاطع الأفلام المصرية من دهر
تحياتي أيها الزميل العزيز
لووول انا قلت بعطيك بوسه؟
لا لا اكيد تتخيل
حياتي انت كتبت البوست من امس :)
غير معرف
سأطيل بالرد لأنك غير معرف
:)
نوارة مطعم عظيم أستمتع بأجوائه و لا يستوي أن أذهب الى شرق من غير ما أمر عليه. بس مو نوارة الأصلي مال قبل ، مال مصطفى يونس و جواد خلف ، ذاك إختربت سمعته بعد أن قامت البلدية بإغلاقه في مناسبات عدة. جرب نوارة الكويت بحانب برج الشرق ، نفس الأجواء نفس الطعم لكن أنظف
بما يخص الرواية أم الفيلم
طبعاً أنا من انصار قراءة رواية ما و ليس مشاهدتها. الرواية تفتح لك آفاق التخيل فتصبح أنت المخرج ، تتخيل شكل البطل و البطلة و أحداث القصة
كما إن الرواية تعبر عن مكنونات الشخصيات و تشرح بنيانهم النفسي و كيف أثرت البيئة ، التنشئة في سلوكياتهم و تصرفاتهم
مثال ، عندما يكون البطل خائفاً فإن المؤلف يشرح أسباب خوفه ، و يعبر عن مشاعره بداخله. اما في السينما فإنك سترى وجه نور الشريف و هو يرتجف و يتصبب عرقاً
:)
Someday
The Book , the book and the book !! Always the book.
You made another mistake by watching a movie for Sandra Bullock !! Yuck !
حساوية
يقولون معلقة صورة مساعد ندا داخل كبتك. صج؟
هذيان
كثيرون تناولوا نقد ثورة يونيو. و لكنهم كانوا مدفوعين بالسلطة الساداتية. و ليس البرجوازية
الأسواني طرح أمور كانت غائبة عن بالي
بيس
لا أعلم عن الفيلم لكن الرواية جميلة
أنجلو
يوز عني يا زكي يا دسوقي
:)
Post a Comment