نصيحة إنتخابية

الزميل الحبيب إدراك قام بتجربة جريئة و مذهلة في أحد المنتديات السياسية الكويتية التي تعج بقاصري الفكر. الزميل أدراك و ليعذرني في وصفه بمثل هذا التصنيف الذي قد لا يستسيغه ، شاب كويتي في العشرينيات من العمر ، معتدل الطرح و مهتم جداً بالفلسفة و علوم المنطق و الشعر ، و هو يدين بالإسلام و ملتزم به على مذهب أهل السنة و الجماعة و له مواقف سياسية واضحة لا أريد التفصيل بها الآن. 9

لكن من أهم هذه المواقف ، هو معاداته و رفضه للنظام الإيراني و ما يشكله من أخطار على دولة الكويت و كان قد كتب عدة مقالات نارية في هذا الجانب منها " رسالة الى الكلب الإيراني" و "أغبياء بلا حدود" التي قال فيها بأن الرئيس الإيراني أشد غباءً من الرئيس الأمريكي. 9

زميلنا أدراك ، قرر أن يخوض تجربة فريدة و يثبت لنفسه بعض النظريات التي قرأ عنها في علوم الفلسفة و المنطق. فكتب الرسالة التالية و نشرها مخالفاً و معاكساً بذلك جميع آرائه السابقة التي عرف بها و لطالما حاز بسببها الإعجاب : 9

الى سيدي أحمد نجاد أعذرني

أتوجه بهذه الرسالة الى الرئيس أحمد نجاد .. اني اعتذر منك ان بدر مني أي خطأ .. و من هنا اني اعلنها جميعا لكم .. اني اتراجع عما قلته بخصوص هذا الرئيس الذكي الذي كسب حب شعبه .. و الذي تحدى السياسات الأمريكية و انتصر عليها .. شكرا لك يا نجاد لأنك أثبت عجز 21 دولة عربية و انت دولة وحيدة تتصرف كأنك امبراطورية .. المثل الأيراني يجب ان يحتذى به .. و لقد أثبت فعلا انهم أقوياء و يستطيعون ان يلعبون سياسة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ... لم يركعوا لأحد أبدا و انظر كيف أصبحوا ... و اني أعتذر عما بدر مني .. فالنفس البشرية تخطئ و خيرهم من يتوب و يعلن عن الخطأ .. رجل كسب حب شعبه فلماذا لا يكسب حبنا ؟ الم يرجع الكرامة لنا و جعل اسرائيل ذليلة لا حول لها ولا قوة ؟ فعلا .. عدلت .. فأمنت .. فنمت

فماذا أصاب إدراك بعد ما كتبه ؟

تحول البطل القومي الى خائن و عميل و متقلب و ذليل و مفتري و فسخت صفات الوطنية و الرجولة (!!) عنه و أتهم بأنه قد أساء الى مقام فاروق الأمة الصحابي الجليل المبشر بالجنة من فوق سبع سماوات. لا أبالغ في شئ ،، فعلاً هذا ما أصاب زميلنا إدراك. 9

زميلنا أدراك كتب ما كتب ، بعد أن لاحظ إفتتاحية صحيفة السياسة التي عنونت ب "يا خادم الحرمين عدلت فأمنت فنمت" ، التي شبه بها أحمد الجارلله خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالخلفاء الراشدين أبوبكر الصديق و عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. هذه المقالة مرت على الجميع مرور الكرام حين كتبها بعثي مرتزق مدحاً و نفاقاً في رئيس دولة شقيقة. أما عندما يكتب من شهد له الجميع برجاحة العقل و الأمانة و الصدق و نظافة اليد و اللسان معبراً عن رأي ما (ليس رأيه الحقيقي) ، يستل الجميع قلمه ليهاجمه و يطعنه في وطنيته و شرفه و دينه. تغيرت المبادئ و المواقف بتغير الكاتب و الشخصية التي طالتها كلمات المديح الزائف ! فأي نفاق نعيش مع مبادئنا التي نسخرها خدمةً لمصالحنا و أهوائنا. 9

إليكم بعضٌ مما كتبه الجارلله في مقاله ، 9

فبارك الله فيك يا خادم الحرمين وراعي الوطن وحامي القيم, وحارس الفضيلة والعدل والانصاف

عرفتك الناس في كل المنطقة العربية والاسلامية قدم بركة, وقدم سعد وفارس كلمة, ورجل المواقف حين تعز الرجال

وبوركت أياديكم, واذا كانت سيماء المؤمنين تظهر واضحة فها هي بدت على وجهكم بيضاء كالطهر, ناصعة كالايمان, قوية على الضالين, رحيمة مع المؤمنين والصالحين, حريصة على كل مقومات الوطن ومصالح المواطنين

نعم ،، هؤلاء هم الغوغاء ، مخدري العقل ، التي تحكم بالإسم و الإنتماء و الهوية و تغيب المنطق و الدليل. برغم تاريخ إدراك و آرائه الواضحة ، لم يكلف أحداً منه عناء السؤال ، سؤال إدراك ،، ما الذي جعلك تتخذ موقفك هذا؟ ما الذي غير رأيك؟ لم يطق أحداً منهم أن يسمع أدلة إدراك التي إستند عليها في حكمه (المزيف) هذا. فالكل يمتلك مفاتيح العلم في يمينه و صكوك الوطنية في يساره ، يوزعها لمن يشاء و يحجبها عمن يشاء ! 9

هذا هو الداء الذي يصيب عقول الكثيرين منا. عندما نحجب عن أنفسنا مصادر المعرفة. عندما لا نمنح عقولنا الفرصة الكافية لسماع الغير. لمحاولة فهم مواقفهم. حتى لو كنا متيقنين بصحة مواقفنا. يجب أن نؤمن بوجود الخير في غيرنا من البشر الذين يختلفون عنا ، و أن نسأل أنفسنا : لم إتخذ أخي أو أختي موقفاً مخالفاً لموقفي؟ ما هي أسباب هذا الموقف و دوافعه؟ هي محاولة للفهم لا أكثر و لا أقل ، ربما تقودنا لتقبل الآراء و تقلل من مناخ الإرهاب الفكري الذي نعيشه. الذي يقسمنا جميعاً الى فسطاطين ، في أتفه المسائل و أحقرها ، فسطاط الحق الذي نمتلك وكالته الحصرية و فسطاط الحلم الجميل ! 9

برأيي المتواضع ،، جل ما فعله إدراك ، رضي الله عنه و أرضاه ، أنه قال للحمار : أنت حمار. فزعل الحمار و بدأ ينهق و يمشي و يقول للناس أن إدراكاً ينعت خلق الله بأنهم حمير. 9

ربما في كلامهم بعض الصحة ، لكن السؤال المحير هو ، متي سيدرك الحمار بأنه فعلاً حمار ! 9

خلاصة القول و ما أريد الوصول إليه من هذا المقال : نحن مقبلون على عملية ديمقراطية و مرحلة مهمة من تاريخ وطننا العزيز. و حتماً ستشهد المدونات صراعاً مريراً و تضاداً في الآراء. شخصياً سأحاول أن أدعم بعض المرشحين و أن أعري آخرين و سأشرح قدر المستطاع أسباب مواقفي هذه. أتمنى فقط أن نتحلى بأسس الحوار الصحيحة و أن نتخلي عما شهدته بعض المدونات مؤخراً من تطرف بالرأي و غلو في الخصومة. الزميل عاجل اشار الى أن بعض المدونات ستظهر من أجل الطعن في بعض الشخصيات الوطنية و حذر منها. أنا أجد نفسي مختلفاً معاه ، إذ لا يمكن أن نفرض الوصاية على أحد. فمن نظنه نحن وطنياً ، قد لا يكون كذلك عند (س) أو (ص) من الناس. لذا لنكتب و لنعبر عن آرائنا. و لنترك عقول القراء الكرام تقرر. 9

و هذه هي الإجابة على إستفسارك يالعرزالة : نحن نصمت حتى لا نستفز الحمير و نزعجكم بنهيقهم !! 9