Saturday 20 September 2008

أما آن الأوان يا رجالات الكويت العقلاء؟

في تاريخ الشعوب ؛ دائماً ما تكون هناك محطات مفصلية تحدد اتجاه المسير للدولة في جميع مناحي الحياة. ولدينا في الكويت العديد من الأمثلة المختلفة عبر أجيال متعاقبة لمحطات تم التوقف فيها و من ثم الانطلاق منها إلى أبعاد جديدة. و بطبيعة الحال يقف وراء هذه التحولات إما أفراداً محاطين بجماعات أو جماعاتٌ تضم أفراداً ، تكون أفعالهم الايجابية أو السلبية في التعامل مع المؤثرات الداخلية أو الخارجية سككاً توجه القطار المنطلق نحو واقع الدولة المقبل.
و سواء كان العامل المؤثر في التغيير فرداً أو جماعة ، فإن الرؤية المسيطرة لهذا الفرد أو الجماعة هي التي تحدد فعلياً النهج الذي ستسلكه الدولة.
فعلى سبيل المثال و في الجانب السياسي ، عندما قتل الشيخ مبارك الكبير أخويه محمد و جراح ليُنصّب نفسه حاكماً على الكويت ، رسم هو كفرد محاطاً بجماعة مستقبل الدولة . إلا أن في مقابل هذا الفعل الشنيع الذي ارتكب بحق أقرب الاقرباء وأحزن معه الكثير ، نجد أن الوضع العام في البلد اتجه نحو الأفضل ، فالحال كما يذكره الشيخ يوسف بن عيسى القناعي في كتابه صفحات من تاريخ الكويت ازدهر ، "و اتسعت الكويت وزاد العمران، وصار لها اسم كبير في خليج فارس، واستتب الأمن في بادية الكويت، وزادت الثروة وتقدمت التجارة وأخذت البواخر تمر الكويت في ذهابها للبصرة ورجوعها منها وبلغ الغواصون على اللؤلؤ الحد النهائي في الاتساع في السفن والمحصول، وكان مبارك في العشر سنين الأول من حكمه جارياً على سيرة أسلافه من التواضع وعدم المظالم بل كان خيراً من أسلافه في صرامة الحكم والدفاع عن أهل الكويت خارج حدود الكويت فالقوي والضعيف عنده بالحق سواء، حتى أخضع آل الصباح بحكمه الصارم فلم يستطع أحد منهم التجاوز على أحد من الرعية" . و حول نفس الأمر و تأكيداً له يقول خالد سليمان العدساني في مذكراته أنه "كان لنفوذ الشيخ مبارك وصولته وقوة شكيمته اثرا كبيرا في امتداد هيبته واحترام الحكومات المجاورة وغير المجاورة لحقوق رعيته وحفظ مصالحا أنى سرت وتباعدت بها السبل. فشاع اليسر والرخاء في عهده وكان ذلك تعويضا للكويتيين عما كان بعضهم منه من قسوات أو نزوات مرعبة" .
في مقابل ذلك ، و نقلاً عن مذكرات العدساني أيضاً نرى مثالاً آخر في كيفة تأثير الجماعة المتحدة بأفرادها في رسم الخريطة السياسية المشرقة للبلد و في الدفع نحو المشاركة الشعبية الحقيقية والتمهيد لإنشاء الحكم الدستوري فيما بعد في الستينات ، فالسرد التاريخي يقول أنه "قبيل عام 1930 توحدت بعض المساعي المخلصة من العناصر الجديدة النشيطة في الكويت ففاوضت حاكمها المرحوم الشيخ أحمد جابر الصباح عن حاجة الكويت الى قيام مجلس بلدي منتخب من الاهالي للاشراف على تنظيف الكويت وتجميلها على غرار المجالس البلدية فارضين ضريبة تجبى من اموالهم الواردة من طريق البحر بمقدار نصف في المائة من اصل ثمن كل بضاعة قادمة للكويت بالاضافة الى الرسم الجمركي المعتاد والبالغ مقداره اربعة في المائة الذي كان يجبى لمصلحة الحكومة والذي لم يكن يصرف منه أي شئ للخدمات العامة"........... "ولقد كان المجلس البلدي محكا صحيحا لاختبار رجالات الكويت من اعضائه ومدى نزاهة أو شجاعة كل منهم تجاه الخدمة العامة وتجردهم من الاغراض والاهواء الذاتية، كما تم بهذا المجلس ايضا خلق النواة الأولى للحركات الوطنية من التالية من بين من ائتلفت نفوسهم وتوحدت اهدافهم حيث تعارفوا بعد طول تجربة وكثرة اختبار، إذ كان المجلس البلدي لكثرة الشئون المناطة به بمثابة برلمان صغير يتجلى فيه العمل المثمر، كما استبان للناس من خلال المواقف المتعددة نفسية كل عضو منهم ومدى حرصه على المصلحة العامة المجردة" .
إن القيام بإجراء فعلي من قبل الشيخ مبارك كفرد أو من رجالات الكويت الوطنيين كجماعة أصبح في وقتٍ ما محطة انطلاق نحو تطور البلد و تثبيت اسمه ككيانٍ مزدهرٍ سياسياً و اقتصادياً واجتماعياً له وزنه في المحيط الاقليمي و الدولي ، ومصدر طمأنينةٍ و زهوٍ في نفسية الشعب. ولم يكن ذلك ليحدث لولا أن الاصرار على الإقدام و التنفيذ جاء عبر قياداتٍ لديها نظرة ثاقبة مصحوبة بأفكار إنمائية ، وإحساس بالمسؤولية وإدراك تام لعواقب التفرد بالحكم و السلطة أو المطالبة بالشراكة السياسية و الادارية في البلد.
إن افتقادنا لمثل تلك الرؤى التقدمية و الاستشراف الواعي للمستقبل أدى بنا إلى الانحدار شيئاً فشيئاً إلى أن بلغ الحال بالوطن أن تتآكل قواعده الأساسية المبنية من أفكار و أفعال الآباء و الأجداد ، فلا من يدعو و يروج للتفرد بالسلطة لديه الحزم القيادي و الحكمة و بعد النظر و التخطيط الشمولي ، ولا من يطالب بالمشاركة في اتخاذ القرار و تحديد توجهات الاعمار لديه الحس الابداعي و حسن التقدير و روح العمل و التعاون و التضحية و البذل و العطاء ، و لتعيش الكويت بعدها حالة فريدة من الفوضى الإدارية لم تشهدها إطلاقاً من قبل.
نحن مهيؤون بعد انقضاء شهر رمضان الكريم للدخول في فترة عصيبة في تاريخ البلد ؛ تحتم على جميع العقلاء المدركين لأبعادها النهوض فعلاً و قولاً لاحتوائها في بداياتها ، خصوصاً و أن معظم من هم في مواقع المسؤولية غير آبهين بما تفرضه عليهم مسؤولياتهم الوطنية و الوظيفية من أعباء؛ وترك الحبل على الغارب لن يكون مأمون العواقب.
على الصعيد السياسي الداخلي ؛ وبالتحديد في مجلس الأمة ، نرى أن النية موجودة لتقديم استجوابات كثيرة منها ما هو معد سلفاً كاستجواب النائب أحمد المليفي لسمو رئيس مجلس الوزراء أو استجواب النائب حسن جوهر لوزير التربية ، أو ما هو في طور الاعداد كتلك التي تجهز لوزراء النفط و التجارة و الشؤون و الصحة. هذه الاستجوابات إن حادت عن المسار الصحيح قد تفضي إلى نوع من الاحتقان السياسي متبوعٌ ربما بحل دستوري للبرلمان مع تغيير الدوائر الانتخابية من خمس إلى عشر أو تعطيل تام و غير دستوري للحياة النيابية في البلد ، فهل العقلاء مقدرين للدور الواجب تأديته للحفاظ على وحدة الصف دون التفريط بالمكتسبات الديمقراطية؟
أما على الصعيد السياسي الخارجي ، فهناك لعبة الشد و الجذب بين الولايات المتحدة و إسرائيل و إيران ، و بما إننا حلفاء حاليين للولايات المتحدة فلا بد وأن نتأثر بالتغييرات التي ستعقب ظهور نتائج انتخابات الرئاسة هناك في السابع من نوفمبر والتي سترسم معطياتها مساراً جديداً للتعامل مع الملفات الساخنة في المنطقة، فهل الحكماء مستعدون للتحرك في توجيه القرار المحلي لما فيه أمننا الوطني و مصالحنا الاستراتيجية؟
ولا ننسى الجانب الإقتصادي ، فمن الطبيعي أن تتأثر الكويت بالكساد العالمي الناتج عن الأزمة الشديدة في الاقتصاد الأمريكي ، وهذا بالطبع سينعكس علينا محلياً كما انعكس على باقي الدول سواء في أداء البورصة و أسعار السلع و خدمات البنوك و التضخم و معدلات التوظيف و البطالة و معدلات النمو ، فهل النجباء لديهم التصور الكافي لكيفية التصرف إذا ما التهمت البقرات العجاف البقرات السمان؟
هذا ناهيك عن القضايا الاجتماعية و الأمنية و التربوية و الأخلاقية و العمرانية و و و ..الخ والتي لا مجال هنا لطرحها في مقال واحد لكثرتها ، والتي إن أتت متعاقبة فستحدث عواصف و أمواج متلاطمة في المجتمع، فهل مفكري هذا البلد قادرين على المساهمة في إعادة مؤشر البوصلة إلى الاتجاه الآمن متى ما حاد المركب تماماً عن نجمه؟
بعد هذا السرد المقتضب عن الوضع الحالي المؤلم ، و عن الوضع القادم الذي تدل معظم المؤشرات أنه سيكون أكثر إيلاماً ، نتوجه بالسؤال لهم : أما آن الأوان يا رجالات الكويت الوطنيين العقلاء و الصادقين الغيارى النجباء أن تنهضوا و تأخذوا زمام المبادرة في إصلاح البلد كما فعل أسلافكم؟ نحن نعلم أنكم موجودون ، لا بل أحياناً نراكم حولنا بهدوء تتحدثون ؛ و في صحفنا و مدوناتنا بكل لباقة تكتبون ، لكن يعز علينا أن تبتعدوا عن ساحة تقرير المصير في وقت به الكويت بأمس الحاجة لمساهماتكم ؛ لا سيما و هي تشكو من غياب القدوة الوطنية الكويتية الخالصة التي تجمع ما بين القول الحسن و الفعل الأحسن.
وأخيراُ .. فما فائدة أن يكون المواطن صالحاً حين يكون وطنه بأمس الحاجة له أن يكون مُصلحاً؟

24 comments:

bakah said...

اخي الكريم بروفسور حمادو ..

مقالة أقل ما يقال عنها انها تثير الشجون والخوف ..!

يجب ان يضحي أحد لهذا الوطن .. وبعدها سيكون الجميع وطنيون ..

فقط تيار واحد يبدأ .. والكل سيسير في موجته لأن الناس ستكون هي الدافع والراعي الأكبر ..

دمت بخير اخي الكريم

Anonymous said...

يا ليت قومي يعلمون !

البرلمان وللحقيقة اصبح حجر عثرة في طريق التقدم والتنمية

مقالة جميلة
شكرا برفيسور

Yin مدام said...

أبدعت
وبعد إبداعك لا يسعني أن أقول

إلا آن وآن وآن من زمآآآن

:\

يعطيك ألف عافية يا بروفيسور "هالمرة ضبطت الإسم"

سؤال said...

فعلا نحن بحاجة إلى المصلح، فالصالح خيره لنفسه، وأما المصلح فخير لأمته ووطنه

البركة فيك :)

Anonymous said...

حلمك ليس جميلا يا أخي العزيز !

بعد قراءتي لمقالك تخيلت بأنني كنت أحلم بأنني أنتظر من يدخلني الجنة... لكني استيقضت و لم أدخلها فزاد قهري قهرا.. أتدري لماذا؟ لأن الحلم حلمي و مع ذلك اعتمدت فيه علي غيري !

نعلم بأن السماء مظلمة.. و الظلمة لا تحتاج إلى من يدل عليها بل من يدل فيها يا أخي الكريم ، و جلوسنا "بانتظار" ذاك الدليل لا يعني إلا العيش في ذاك الظلام فترة لا نعلم متى تنتهي

أوافقك بأننا نحتاج لرجالات يرسمون المستقبل و إشراقة شمسه ، لكنني لن أجلس منتظرا هؤلاء الرجالات الذين لا يعلمون عن "هوى داري" .. لأن الحلم حلمي و أنا من يملك القرار فيه

إنتظار حل المشاكل ليس حلا ، إن كان الحل بيدي فعلي أن أسعى فيه بنفسي ، و إن سعيت و وجدت الحل بيد غيري فعلي أن أبادر بالوصول إليه و حثه بشتى الوسائل لكي يحقق ما أبتغي

و الله لو كان الأمر يتعلق بحاجة لواسطة للحصول على وظيفة أو مصلحة ما "لعرضنا الوجوه" لمن يسوى و من لا يسوى ! و لكن عندما تكون الحاجة للوطن تصبح وجوهنا "عزيزة" فجأة.. فلا نملك إلا أن نجلس ببروجنا العاجية و ننتقد و نتندر... و من ثم ننتظر الفرج و تحرك.. الرجالات !

nanonano said...

الأوان حان من زمان..بس منو مستعد ياخذ المبادره

فريج سعود said...

اول للزمان ارجع يا زمان

Mohammad Al-Yousifi said...

سماري

Yang said...

صباح الخير ياكويت

عاجـل said...

ما ظل بيها

الكل لاهي بالبيزات

بروفسور حمادو said...

الزميل العزيز مطعم باكه

جميع التيارات ابتدأت وخذلت الجموع الإ تيار واحد واحد لم يبدأ وهو الذي نتجه له بهذا المقال.. وأنا مثلك متأكد بأنه إن تحرك فالكل سيسير في موجته و ستكون الناس هي الدافع والراعي الأكبر له لا سيما و إن العملة الوطنية الصادقة المتجردة من أيـّة مصالح هي غاية الأغلبية البسيطة الصامتة ..

تحياتي الحارة لك

بروفسور حمادو said...

الزميل العزيز مُحَسّدْ

ليس البرلمان فقط هو حجر العثرة ، بل غالبية من يشاركون في رسم القرار و تنفيذه ، وما معظم البرلمان إلا مواليد لأرحام قوى تنفيذية و مسؤولين لهم مصالح متشعبة

مجرد استدراك

فقد ذكرني ردك بالشعر الجميل الذي أحفظه منذ سنوات الدراسة الثانوية للشاعر محمد إقبال

يا ليت قومي يسمعون شكاية.....
هي في ضميري صرخة الوجدان
اسمعهموا يارب ما ألهمتني .....
وأعد إليهم يقظة الإيمان

لك التحية

بروفسور حمادو said...

Yin الزميلة العزيزة

على قولة الفنان سعد الفرج في مسلسل درب الزلق

آنا أشوف إن الأوان حان أشكرة

:)

هذه المرة أنا من يقول لك يا أختي الكريمة هدئي من روعك و ابتسمي

شكرا للإطراء ، فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي

لك أجمل التحية

بروفسور حمادو said...

الزميل العزيز سؤال

و ها نحن نجتهد بكل ما أوتينا من طاقة و أفكار و نستنهض همم المحبين لوطنهم بكل إخلاص من غير الطامعين إلا ببلوغه المكانة الأسمى

والله يبارك فيك ، و ما أنا إلا عود من عرض حزمة

تحياتي الحارة

بروفسور حمادو said...

Moayad الزميل العزيز

لا نختلف معكم إطلاقاًً في كل ما ذكرتم ، وإن كان على شخصنا المتواضع جداً فنحن نجتهد في تنفيذ كل ما ذكرتم في تعليقكم الراقي سواء كنت في الكويت الحبيبة أو خارجها ، فسياسة بني إسرائيل مع سيدنا موسى عليه السلام حين قالوا "اذهب أنت و ربك فقاتلا ، إنا هاهُنا قاعدون" ليست من شيمنا ، و البروج العاجية ليست سكناً لنا ، و نبقى أعزاء على من يحاول أن يساومنا على مصالحنا أذلاء لله و لأوطاننا.

الحلم الجميل قائم ، و نحن هنا لسنا بانتظار المخلّص ليأتينا و يحققه لنا ، بل إننا نرى من حولنا رجالاتاًً كراماً نعرفهم بسيماهم ؛ نحاول استنهاضهم بشتى الوسائل ، و إن لم نستطيع بلوغهم جسداً فنحن نحاول ذلك عبر الكلمة ،
لعل و عسى تصل الرسالة عن طريقنا أو طريق غيرنا لهم ، فالمرحلة القادمة كما نرى ليست بالهينة و الحركة الجماعية مهمة قبل أن تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه و لا نستطيع معالجته

لك تحياتي الحارة أخي الكريم على المشاركة المؤثرة

بروفسور حمادو said...

الزميلة العزيزة nanonano

منو مستعد ياخذ المبادرة .. هذا هو سؤال المليون

أعتقد و الله أعلم بأن مرحلة الوطن الحالية بحاجة إلى عمل جماعي يتوجه بالنصيحة الصادقة و التوجيه السليم للأفراد ، لذلك أرى طرح السؤال بصورة أخرى ، أين هو أو ما هو العامل الحفاز الذي باستطاعته جمع أولئك الوطنيين العقلاء في خلية عمل واحدة؟

لك أجمل التحية

بروفسور حمادو said...

الزميل العزيز فريج سعود

أم كلثوم أيضاً غنت

و ما نيل المطالب بالتمني .. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

وما استعصى على قوم منال .. إذا الإقدام كان لهم ركابا

لك أجمل التحية

بروفسور حمادو said...

الزميل العزيز ma6goog

السماري يبي له نواخذة

تحياتي الحبايب

بروفسور حمادو said...

الزميل العزيز yang

عسى النايم يصحي

لك أجمل التحية

بروفسور حمادو said...

الزميل العزيز عاجل

عزة الله صدقت

جليب و الكل يبي يزعب منه

لك أجمل التحية

Anonymous said...

إذا تريد عذراً ... العذر موجود

كتب د. صلاح الفضلي

يروى أن رجلاً جاء ذات يوم إلى جار له ليستعير منه حبلاً ينشر عليه بعض ثيابه، فطرق الباب على جاره، فلما خرج الجار قال له: «أبو فلان ممكن تعيرنا الحبل كم ساعة ونرجعه لكم»، فقال الجار: «والله الحبل مالنا مشغول حاطين عليه الغدا»، فتعجب الرجل من قول جاره، وسأله: «يا معود الغدا شلون يحطونه على الحبل»، فقال الجار: «والله إذا تريد عذرا العذر موجود، وإذا تريد حبلا الحبل بالسوق»، فأصبح قوله مثلا لمن يتهرب من إنجاز ما هو مطلوب منه بأعذار واهية.

هذا المثل ينطبق على حكومتنا الرشيدة، فهي عندما ينتقدها الكثيرون على عدم فعل شيء من أجل التنمية يكون جوابها الجاهز أن مجلس الأمة يعطل المشاريع التنموية التي تعتزم القيام بها. الآن مضى أكثر من شهرين ونصف على بداية العطلة الصيفية لمجلس الأمة، وهذا يعني أن مجلس الأمة لا يناكف الحكومة كما تدعي ولا يعطل مشاريعها، فما الذي أنجزته الحكومة يا ترى من مشاريع تنموية خلال فترة الصيف الطويلة؟! كم مستشفى أعلنت الحكومة عن بداية العمل به؟ كم مصنعا تم افتتاحه؟ كم مشروعا تم إنجازه؟ الجواب كما يلي: مشروع مستشفى جابر مازال مجرد حفرة، استاد جابر الأحمد لم يتم تسليمه بالرغم من أنه من المفترض أن ينتهي العمل به منذ أكثر من سنة، مشروع المدينة الجامعية لم يتم البدء به حتى الآن، وقبل أيام «بشرنا» الأمين العام لجامعة الكويت د.أنور اليتامى أنه سيتم قريبا المباشرة بالعمل به، وحسب قوله فإن المشروع سوف يستغرق أربع سنوات، وأنه لن يكون له «مثيل في العالم».

هذا الواقع يدل على أن الحكومة لا تملك الرؤية ولا الإرادة في إنجاز التنمية المطلوبة، والدليل أن برنامج عمل الحكومة الذي وعدت بتقديمه إلى مجلس الأمة مع بداية دور الانعقاد المقبل لا يزال متعثراً، وحتى لو رأى البرنامج الموعود النور فإنه لن يكون أحسن حالاً من أسلافه من حيث الكلام الإنشائي الزاخر بجميع ألفاظ التسويف الموجودة في معاجم اللغة العربية دون أن يكون هناك تحديد لمواعيد الإنجاز. إلقاء الحكومة مسؤولية تعثر التنمية الاقتصادية في الكويت على مجلس الأمة هو تهرب منها من الاعتراف بفشلها وعجزها عن تحقيق ولو جزء بسيط من هذه التنمية، بالرغم من الفوائض المالية ذات الأرقام الفلكية. الحكومة تعمل وكأنها مجرد حكومة تصريف أعمال وليست حكومة أصيلة يفترض فيها التخطيط والتنفيذ والتصدي للقضايا الكبرى في البلد. لسان حال الحكومة يقول: إذا كنتم تريدون عذرا فالعذر موجود وهو وجود مجلس الأمة، أما إذا أردتم تنمية فعليكم بالبحث عنها عند غيرنا.



تعليق

لابد أن الشعب الكويتي بجميع فئاته سعيد للغاية بإعلان فوز عسكر العنزي وسعدون حماد نائبين في مجلس الأمة، وبالتأكيد فإن أداء المجلس سوف يرتقي بشكل كبير بعد انضمام عسكر وسعدون إلى جوقة الفرسان. الأمر بالفعل يحتاج إلى «دحة».



salahma@yahoo.com

S-Q8 said...

و انا قاعدة اقرا..
صوت عبدالحليم قاعد يحن في راسي..
طريقك مسدووود مسدووود يا ولدي

اول كان حب الوطن قيمة تغطي على حب النفس و المصلحة الخاصة
بس الحين للاسف انقلبت الآية

Anonymous said...

مساء الخير
الانتخابات الامريكيه في الرابع من نوفمبر

عيد ميلادي انا اللي في السابع من نوفمبر

كويــتي لايــعه كبــده said...

"فما فائدة أن يكون المواطن صالحاً حين يكون وطنه بأمس الحاجة له أن يكون مُصلحاً؟"

هذه الزبدة !!!

لكن حتى الشعب وصلوه الا من رحمه ربي برحمته