يتسم قانون المناقصات العامة بالجمود الشديد و هو أحد أسباب توقف التنمية في الكويت. فالقانون الديناصوري الذي أقر سنة 1964 يستند على مبدأ أصيل هو "أقل الأسعار" و على آلية محددة هي الموافقة على الإشتراطات الفنية عبر نماذج معبأة و جاهزة تحدد فيها الشركات المتنافسة بتحديد أسعارها المباشرة دون الدخول في مفاوضات حول هذه الأسعار أو تفضيل مواصفات فنية أعلى غير تلك المنصوص عنها في وثائق المناقصة. 9
و للكويت إستراتيجية معلنة أقرت في عهد وزير الطاقة الأسبق الشيخ أحمد الفهد تلزم مؤسسة البترول الكويتية و الشركات التابعة لها بمجموعة إجراءات معينة موضوعة ضمن خطة في إطار زمني محدد. من هذه الإجراءات ضرورة تحويل الشركات النفطية الى مراكز ربحية و هذا يستدعي تعديل النموذج المالي. فحسابات شركة نفط الكويت تظهرها بأنها شركة خاسرة إذ تحتسب المصروفات فقط دون إحتساب العائدات الناتجة عن بيع هذا النفط الى الخارج ، حيث يضطلع قطاع التسويق العالمي بمؤسسة البترول الكويتية بهذا الدور. و بذلك فإن لا أحد يستطيع تقييم كفاءة شركة نفط الكويت الفعلية و لا أحد يستطيع تقييم قرارات الشركة و إستثماراتها الرأسمالية حيث لا يوجد نظام مالي بإمكانه مقارنة مقدار الصرف الرأسمالي و التشغيلي على مشروع ما و مقارنته بالعوائد المحتملة نتيجة هذا المشروع و تقرير ما إن كان العائد من المشروع مجزياً أم لا. لذا كان القرار بتحويل الشركات الى مراكز ربحية و تعامل كشركات تجارية حالها كحال شركات النفط العالمية بحيث تتم مقارنة أدائها بتلك الشركات و الحكم على أدائها وفق أسس تجارية بحتة. 9
و للكويت أيضاً خطة طموحة لزيادة الإنتاج الى أربعة ملايين برميل يومياً و زيادة الطاقة التكريرية بمواصفات آمنة بيئياً و التوسع في مشاريع البتروكيماويات. و يقدر المراقبون الإنفاق الرأسمالي على هذه المشاريع ما يقارب الثلاثون مليار دينار في السنوات الخمس عشر المقبلة. لذا يتطلب هذا الإنفاق إتخاذ إجراءات تتعارض و قانون المناقصات العامة. فعلى سبي المثال لو طرحت مشاريع المصفاة الرابعة بالنموذج التقليدي كما حصل في مارس 2007 لتكلفت الدولة خمسة مليارات ومائة وأربعة مليون دينار كويتي. بينما كلفت نفس المشاريع بنظام التكلفة الإضافية أربعة مليارات دينار كويتي فقط لا غير. فهل يسمح قانون المناقصات بطرح المناقصات على نموذج التكلفة الإضافية؟ الإجابة و بكل أسف ،، لا !! 9
و هذه المشاريع الضخمة تتطلب سرعة في الإنجاز لذا وضعت خطوات عملية و عدلت اللوائح الإدارية و الصلاحيات المالية لتسريع مدد إنجاز المشاريع من سبعة سنوات الى خمس فقط. فيأتي بعد هذا الجهد كله من يأتي و يطالب بإرجاعنا الى المربع الأول في دولة البيروقراطية القانونية. فقانون المناقصات لا يسمح بطرح المشاريع على هيئة الهندسة و الشراء و التنفيذ. لذا يتعين على الشركات النفطية القيام بجميع المخططات الهندسية و الدراسات المتعلقة بذلك حتى يتم إحتساب أطوال الأنابيب و أقطارها و أنواع الصمامات و موادها و الطلاءات المستخدمة و الصواميل و البراغي و المسامير حتى يتم الحصول على عروض سعرية دقيقة. جدير بالذكر بأن شركاتنا النفطية ليست دور تصميم هندسي بل تحاول تركيز عملياتها في الإستثمار و التنقيب و إنتاج النفط و الغاز و من ثم تصديره و باقي العلميات المساندة كالهندسة و المشاريع و النقليات و التأثيث و التغذية تعهد بها الى مقاولين متخصصين. بل إن فترة تجهيز و طرح و ترسية المناقصات من خلال اللجنة تستغرق 25 إسبوعاً مقارنة بعشرة أسابيع من خلال نظام المناقصات الإلكتروني المطبق في القطاع النفطي و الذي يحقق أعلى درجات الشفافية. 9
لجنة المناقصات المركزية لا تملك الخبرة النفطية و لا الإلمام الكافي بالأمور الفنية النفطية كما إن إستراتيجية القطاع النفطي في الكويت تتطلب إيلاء الأهمية القصوى لعنصري الوقت والمرونة في مواجهة تحديات المرحلة القادمة. فكم من مناقصة ألغيت دون النظر الى أهمية المشاريع بالنسبة للشركات النفطية ودون وضع أي اعتبار لعامل الوقت. و كم من مقاول أضيف أو شطب إضافة أو شطب مقاولين من القوائم المؤهلة دون الرجوع للشركات النفطية. كما إن اعتماد مبدأ أقل الأسعار دون النظر إلى الأسعار السائدة في السوق وجودة الخدمة والمواد المقدمة من المقاولين قد قتل القطاع النفطي و مستوى الجودة لدى مقاوليه. جدير بالذكر بأن 95% من الدخل القومي و أرجو أن لا نتهاون في هذا الأمر خصوصاً بعد سلسة الإنفجارات النفطية و صدور العديد من تقارير التحقيق التي أوصت جميعها بإعتماد أعلى مستويات الجودة في الأعمال الهندسية للقطاع النفطي و عقود الصيانة. 9
إذاً العائق الاساسي يتمثل في قانون المناقصات العامة والذي يحتوي على كثير من القيود التي تحد من مرونة تعامل الشركات بشكل تجاري فعلى سبيل المثال أعطى القانون الحالي المناقصين الحق بالتظلم من قرارات لجنة المناقصات دون إعطاء الشركات نفس الحق. 9
العيب هنا ليس في طرح و ترسية عقود المصفاة الجديد بطريقة تتمشى و قرارات المجلس الأعلى و البترول. لكن العيب يكمن في غياب البصيرة السياسية لسمو رئيس مجلس الوزراء الذي يدرك تماماً حجم مناقصات القطاع النفطي و هذا العيب تجلى حين "أهدر" سمو رئيس مجلس الوزراء فرصة إقرار قانون خاص لمناقصات القطاع النفطي خوفاً من رقابة مجلس الأمة رغم إنه ما إنفك يتحدث عن الشفافية و مكافحة الفساد ، و فضل الإعتماد على وسيلة بالية هي القرارات الوزارية التي تتغير بتغير الوزير. و أهدر بذلك فرصة توفير الغطاء القانوني لمشروع إستغرق سنوات طويلة من العمل المضني و هو مهدد الآن بالإلغاء أو التأجيل بعد إن إرتعدت فرائصه من تهديد التكتل الشعبي بإستجوابه و ترك وزيره الذي نفذ سياساته بشفافية و وضوح وحيداً يتلقى الضربات الواحدة تلو الأخرى. 9
إنها الكفاءة ما تنقصنا و لا شئ غير الكفاءة ! 9
17 comments:
محد يايبنا قري الا قانون اقل الأسعار السخيف
حسافه والله
CTC
لجنة المناقصات المركزية اقوى لجنة بالعالم
:)
انزين و اذا طرحت مناقصة بـ 70 مليون دينار
و شركة واحدة فقط اللي قدمت الـ
tender guarantee
و هي الوحيدة المستوفية للشروط
و شولة ما ترسي عليها المناقصة؟
متخيل الوضع؟
الدولة بكاملها تعاني من سوء الادارة
والقطاع النفطي ليس بمستثنى
مبارك عليك الشهر و كل عام و إنت بخير
اتفق مع الأخ محسد مع الأسف
"إنها الكفاءة ما تنقصنا و لا شئ غير الكفاءة !"
لا والله الكفاءة موجودة ولله الحمد لو يبونها
ما تنقصنا هي النزاهة!
ولا أكمل...
===
تعليق على موضوعك السابق "ترزية صلاح الهاشم"
الأخت زهرة الرمان تقول
"وين تروح عوائد النفط !"
لا تسألين!!!
"اذا مو هذا وقتها ! في اطلاق النهضة الحقيقية للبلد .. متى بيكون"
never!
لأنها مو مخصصة لهذا الشيء اساسا
البيرقراطية القاتلة بالدولة تحجرت في مفهوم النظرة القانونية ونسيان اساس المسألة المنظور بها
مبارك عليك الشهر
:)
لماذا لا يتبني النواب السنعين تعديل قانون المناقصات الديناصوري لتلافي السلبيات الموجودة ؟
ومبارك عليكم الشهر
why me
حسايف شوية
Secret
لنأتي الى المثال غير المفضل لدلى الكويتيون
دبي
هل تظنون بأن محمد بن راشد (الأصلي مو مال الوشيحي) يترك أبناءه و زوجته هيا و الخيول و يغوص في أوراق المناقصات و تقارير نسب التنفيذ للمشاريع؟
و هل تظنون بأن مناقصات دبي لا تتم وفق القانون؟
بل عندهم قانون. لكن عندهم الإلتزام بالقانون. و عندهم البطانة الصالحة. و عندهم الرؤية و الإرادة
لذا هم نجحوا فيما فشلنا و نفشل نحن في تحقيقه يوماً لعد يوم
إذا المسألة هي كلمات على ورق. فلننسخ قانون مناقصات دبي و نطبقه بالكويت. لكن هل هذا يكفي؟
محسد
نعم فالتسييس بدأ ينخر في العصب الرئيسي للإقتصادي الوطني و هو قطاع فني لا يحتمل التسييس
و علشان لا تزعل
حدس يدها ملطخة بهذا التسييس
:)
بو جيج
علينا و عليك و كل عام و انتي بخير
كويتي لايعه جبده
فهمتني خطأ. ما يميزنا كدولة عن باقي جيراننا هو كفاءة العنصر البشري بسبب هوامش الحرية و الديمقراطية لدينا و هو ما لا تجده لا في دبي و لا قطر و لا السعودية
لكنني أتكلم على كفاءة الإدارة. النوايا الصادقة لا تكفي. بل نحتاج أن تصعد الكفاءة الى أعلى بدلاً من أن تقتل إبداعاتها
لذا نصيح و نطالب بالحكومة الشعبية
فالكفاءة مفقودة على قمة الهرم السياسي
أما بخصوص تعليق زهرة الرمان فجوابي عليها موجود بالبوست السابق
:)
ملاحظة
علينا و عليك
:)
غير معرف
ليس فقط قانون المناقصات. بل أمور كثيرة في البلد. مثلاً نظام الكفيل العنصري. الحكومة و المجلس لا يجرؤان على تغيير هذه النظم لأنهم فاقدين للإبداع و فاقدين للشجاعة و سيمثل هذا الأمر بالنسبة لهم قفزة الى المجهول
معظم النظم لدينا استحدثت في الستينيات و كانت نظم متطورة آنذاك. نحن لا نزال نصمم على إستخدامها بسبب الجًبن الإداري الذي نعيشه
البنك الدولي حذر الحكومة مؤخراً من التوظيف العشوائي و لكنها تجبن عن مواجهة المشكلة
الحكومة و المجلس ليسا على قدر تحديات المرحلة القادمة
حين "أهدر" سمو رئيس مجلس الوزراء فرصة إقرار قانون خاص لمناقصات القطاع النفطي خوفاً من رقابة مجلس الأمة رغم إنه ما إنفك يتحدث عن الشفافية و مكافحة الفساد
.
.
بالضبط هذا مربط الفرس : الشفافيه
دبس الرمان
أي شفافية نرتجي إن كان ناصر الصانع هو رئيس جمعية الشفافية؟
حكومة لا تجرؤ حتى على التصريح. شفافية مين يا عم ؟!؟
Post a Comment