هذا الفيلم من تأليف و بطولة و إخراج : "ماري منيب" البرلمان الكويتي
جميلة هي النقاشات التي تناولت مشروع قانون الخصخصة من مختلف النواحي. و هذا الحوار المجتمعي هو ما نحن بأمس الحاجة إليه عند مناقشة قضايانا الوطنية. فشكراً لمن تقدم بإقتراح القانون و شكراً لمن ساهم بدراسته و نقده وتنقيحه و إقتراح التعديلات عليه. و ألف شكر لمن إقتطع دقائق من وقته لكي يقرأ و يطلع و يحكم بنفسه. 9
و قد نشرت جريدة الرأي مسودة تقرير اللجنة المالية عن قانون الخصخصة تمهيداً للتصويت على مواده في المداولة الثانية. و هنا أود أن أكتب عن نقاط جوهرية تمس القانون الذي أدعو الى رفض صيغته الحالية و إن كنت من المطالبين بإقرار قانون ينظّم عمليات الخصخصة وفق الضمانات الدستورية و القانونية التي تشيع الثقة في عدم إنحراف مشروع القانون عن أهدافه. 9
النقطة الأولى هي عن التعديل المعيب الذي قامت به اللجنة و إكتفاءها بمنع خصخصة مرافق إنتاج الغاز الطبيعي و النفط ، أي منشآت شركة نفط الكويت دوناً عن باقي المنشآت النفطية التابعة لمؤسسة البترول الكويتية كالمصافي و مصانع البتروكيماويات. و إعتراضي على قصور هذا المنع ليس دستورياً و لكنه فني. فهذه القطاعات ناجحة و ذات قيمة مضافة و تدر مئات الملايين من الدنانير على الدولة. 9
حكومة ناصر المحمد هي من ألغت مشروع بيع مصفاة روتردام المملوكة لشركة البترول الكويتية العالمية. حكومة ناصر المحمد هي من وقعت إتفاقيات لبناء مصافي في فيتنام و باكستان و الصين. ذات الحكومة تريد بيع مصافيها المحلية في الوقت الذي تريد تعمير باقي دول العالم ! و عش رجباً ترى عجباً من تناقضات حكومات ناصر المحمد المتعاقبة !! 9
إن كانت هذه الحكومة تريد التخلص من أعباء إدارة قطاعات فاشلة تجارية فهذا حق مشروع لها و لكن كيف لها أن تبيع منشآت نفطية ذات أحمال بيئية ثقيلة و تعتبر من نقاط تسويق النفط الكويتي الخام و تعتبر اللقيم الأساسي لمشاريع البتروكيماويات الوليدة الى القطاع الخاص دون وجود نظام ضريبي ؟
مواردنا النفطية تشكل أكثر من تسعين بالمائة من مداخيل الدولة فكيف لنا أن نسمح بنقل ملكياتها ؟
من يتحدث عن التكنولوجيا ، يجب عليه اللجوء الى عقود الإستشارات الفنية الخاصة. من يتحدث عن تطوير هذه المنشآت يجب أن يتحدث عن إدارة الحكومة غير الكفؤة و التي سيّست القطاع النفطي و عاكست رأي القيادات النفطية و إتخذت قرارها التاريخي الذي كلّف الدولة فرصة إستثمارية ذهبية بإلغاء مشروع الداو الذي ثبت للجميع بأنه كان مشروعاً سيؤمن للكويت فرصاً إستثمارية واعدة. 9
الست رولا لا حديث لها إلا عن "الوكالة البحرية" و كأن هذا القانون قد وضع فقط لتخصيص الوكالة البحرية ! هذا مسمار جحا أو "مسمار رولا" لا فرق ! نص المادة 152 من دستور دولة الكويت واضح لا لبس فيه : "كل التزام باستثمار مورد من موارد الثروة الطبيعية أو مرفق من المرافق العامة لا يكون الا بقانون ولزمن محدود". و في هذا الشأن نعيد التذكير بالتعديل المقدم من الدكتورة أسيل العوضي القاضي بعدم جواز منح التزام باستثمار أي من المرافق العامة الاستراتيجية وعلى الأخص التعليم والصحة والكهرباء والماء والنفط والغاز الطبيعي الا بقانون مستقل وإلى مدة محددة. 9
هذا القانون من المفترض كما يدعي المدافعون عنه و على رأسهم السيد أحمد السعدون بأنه إطار تنظيمي لعمليات الخصخصة المستقبلة و ينظم قواعدها على أن تتقدم الحكومة بمشاريع قوانين "مستقلة" لكل مرفق يراد تخصيصه و على أن تتوافق مشاريع القوانين تلك مع القواعد التي تم التأكيد عليها في مشروع قانون الخصخصة. و في هذه الحالة عندما تريد الحكومة تخصيص الوكالة البحرية فإنه يجوز لها تضمين مادة في مشروع قانونها بإستثناء عملية الخصخصة تلك من "قاعدة المنع" التي دعت لها الدكتورة أسيل العوضي ! 9
الست رولا تريد أن تفتح باب تخصيص قطاعات الدولة كافة عبر تركيزها على حالة إستثنائية بسيطة يمكن تجاوزها في نص قانوني مستقبلي أو تعديل تشريعي ! 9
الأمر الآخر الذي فاتني في ملاحظاتي السابقة حول مشروع القانون ، هو أن القانون سيمنح الحق المطلق للحكومة في تخصيص مرافق تحتكر الخدمات العامة. و المادة 153 من الدستور تقضي ب "أن كل احتكار لا يمنح الا بقانون والى زمن محدد". و علينا تذكر تجربة الحكومة في تخصيص القطاع اللوجستي الى شركة المخازن العمومية سابقاً (أجيليتي حالياً) الغارقة في مستنقع الفساد وسط القضايا المرفوعة عليها من الحكومة الأمريكية. علينا أن نتذكر الأراضي الشاسعة التي خصصت لملّاك شركة السينما الوطنية التي رفعت الأسعار و لم تحسن مستوى الخدمة رغم إنها شركة إحتكارية. و هي شركة ظاهرها إنشاء و إدارة دور السينما لكن باطنها النشاط العقاري ، فسينما الأندلس تحولت الى مجمع المهلب ، و سينما السيّارات تحوّلت الى مجمع تجاري آخر و كذلك سينما الحمراء التي تحوّلت الى برج عقاري شاهق. و هكذا سيكون مصير شركات النقل العام و المشروعات السياحية و الخطوط الجوية الكويتية التي سيكون الهدف من تخصيصها هو التمتع في الأراضي الشاسعة التي منحت لها من قبل الدولة. 9
إذاً من الواجب أن يتلازم إقرار هذا المشروع مع حزمة مشاريع قوانين رديفة من أهمها قوانين مكافحة الإحتكار و الضريبة و حماية المستهلك. 9
لكن في الجانب الآخر ، أوضحت النقاشات الصاخبة ، الرفض المطلق من فئات بعينها لفكرة الخصخصة و دفعها بحجج واهية و مسوّغات غبية لفكرة الخصخصة من أجل بقاء البقرة الحلوب التي هي تلك الدولة الريعية التي تعطي و لا تأخذ. 9
قانون الخصخصة مشروع مستحق ، يجب أن يناقش و أن يقر على الطريقة الكويتية و ليس على الطريقة المصرية أو الروسية و يجب أن يأخذ حقّه في النقاش المجتمعي كما هو حال الإصلاحات التي تقوم بها الدول المتقدمة و التي تقوم أحياناً يإقامة إستفتاءات عامة عليها. 9
نحن مع الخصخصة التي تخلق لنا قطاعاً خاصاً حقيقياً ، يوفر فرص العمل للشباب الكويتي و يحسن مستوى الخدمات و يشجع التنافسية و يحسن من مستويات الإدارة و ينقل التكنولوجيا بعيداً عن الإدارة الحكومة المهترءة و يعيد التوازن الى الى النظام الإقتصادي الذي إحتكرته الإدارة الحكومة الفاسدة لسنوات عدة فوظفت من وظفت و أهدرت ما أهدرت و إستباحت ما إستباحت. و نحن مع "قصقصة جنحان" الحكومة التي دخلت طرفاً في الصراع الإقتصادي الذي أوجد مشكال الكويت السياسية و الإجتماعية بل و حتى التخندقات الطائفية و القبلية و مسح الوجه المدني الجميل لهذه الدولة الوليدة. 9
و من أجل هذا المطلب السامي ، نرى بأن نص المشروع الحالي (و بعد تعديلات اللجنة المالية) لا يحقق أدنى مستويات الطموح تلك ، بل على العكس فهو يمنح ذات الإدارة الحكومية الفاسدة و التي بسببها إتجهنا الى الخصخصة ، صلاحيات واسعة في تخصيص ما تشاء من المرافق و منها النفطية دون ضوابط قانونية تسمح لمجلس الأمة بالمشاركة في القرار و المراقبة و المحاسبة. 9
لهذا كله ،، فنحن ندعو لرفض مشروع الخصخصة الحالي ،، و إحذروا من مسمار رولا العوي ! 9