من المظاهر الجميلة التي نفخر فيها في بلادنا ، موافقة سمو رئيس مجلس الوزراء على تكليف ديوان المحاسبة في للتأكد من مدى مطابقة هذه التصرفات المالية للقوانين واللوائح والقرارات المالية والادارية وخلوها من اي شبهة اعتداء على المال العام وهي الملاحظات التي أدلى بها النائب أحمد المليفي في فترة الإنتخابات. 9
و هذه الطلب الحكومي له مسبباته ، فلقد نص الطلب الحكومي على أن يقدم ديوان المحاسبة تقريره الى الحكومة (لا الى مجلس الأمة) و بوسع الحكومة "قمت" التقرير و حبسه في أدراجها من دون أن يتطور الموضوع الى خطوات عملية للمسائلة السياسية أو الجنائية متى ما ثبتت أياً من الشبهات. 9
كما جاهدت الحكومة في جلسة مجلس الأمة لمنع التصويت على طلب الإحالة رغم إنها وافقت عليها لكي لا تخلق سوابق دستورية و أعراف جديدة توسع من نطاق المسائلة فتحافظ بذلك على الخطوط الحمراء "الوهمية" الكامنة في عقول أعضاء مجلس الأمة. و هذه الموافقة لم تتحصل إلا بعد ضغط شعبي كان نتيجته توقيع 31 نائباً على طلب تكليف ديوان المحاسبة بالتحقيق و قد أتت بعد تكتيكات مختلفة منها طرح حل وسط يقضي بتكليف جهة (محايدة !!) و آخر كان نتيجته إستقدام خبراء عرب للتأكد من المصروفات و تكتيك أخير أسفر عن الضغط على النواب المؤتمنين على مصالح الأمة كان نتيجتها سحب العديد منهم كالدكتور جمعان الحربش لتواقيعهم بحجة إن ذات القضية معروضة على القضاء. 9
و الدكتور جمعان الحربش يمثل حالة خاصة لأنه من أفضل نواب حدس أداءً و قد إبتعد إسمه عن الشبهات المالية و قد حاول مؤخراً كسر بعضاً من تلك الخطوط الحمراء (المشار إليها بالأعلى) التي يحاول البعض رسمها في الوزارات السيادية عبر محاولته الجريئة لمساءلة وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك و التي كانت أحد الأسباب الرئيسية لحل مجلس الأمة. 9
لكن اليوم ، أحرج الدكتور جمعان نفسه و محبيه عبر هذا الموقف الضعيف الذي لا يستند على منطق. فلا توجد قضية منظورة لدى القضاء حول هذه المصروفات غير قضية جنح صحافة رفعها سمو رئيس مجلس الوزراء ضد النائب أحمد المليفي بسبب تصريحاته خلال الحملة الإنتخابية. كما إن الخبير الدستوري للحركة الدستورية الدكتور محمد المقاطع قد نشر رأياً مللنا من قراءته و تكراره حول الفصل الشامل بين المسائلة السياسية في المجلس و المسائلة الجنائية لدى القضاء ، أي إن الحجة التي تسوقها الحكومة (كان أحمد الفهد أكثر من يستخدمها) في كل مناسبة لتجنب التحقيق في قضايا معينة و ذلك من خلال إحالة أوراق القضايا و مستنداتها و التي عادة ما تكون ناقصة و من دون إتهام محدد هي حجة باطلة. 9
يا دكتور جمعان ،، إن كنت تعني ما تقول حقاً ، فلقد أحرجك من ضغط عليك لسحب التوقيع و ذلك عبر طلب الحكومة نفسها التحقيق في هذه المصروفات ، أي إنك أصبحت ملكياً أكثر من الملك و لقد نقضت عهدك بالدفاع عن الأموال العامة يا دكتور و أنت من كان يحاول كسر تلك الخطوط الحمراء. 9
كنت أظنك مختلفاً يا دكتور ، لكن فعلاً ، يا حسافات ،، لقد خسرت نفسك قبل أن تخسر الآخرين بموقفك المخزي هذا !! 9