Sunday 30 November 2008

دستور في اليد و لا عشرة فداوية على الشجرة

يُعرّف الدستور بأنه نظام قانوني مجتمعي يتضمن حقوق وواجبات المواطنة التي تكمل مجموعة من المبادئ المنصوص عليها في وثيقة الدستور. وتستمد التشريعات القانونية جوهرها وتفاصيلها من النصوص الدستورية لتسير شؤون الدولة والمجتمع. فشرعية القانون لا تتحدد بصياغة قواعده وآليات تطبيقه وحسب ، بل لسنده الدستوري فإكتسابه للشرعية ليس باعتباره قانوناً مجرداً وإنما هو انعكاس لنص دستوري مُكتسب للشرعية الاجتماعية مسبقاً. 9

كما أشتهرت مقولة مأثورة إبان الثورة الفرنسية و نقلت الى إعلان 1789 لحقوق المواطنة جاء فيها : " كل مجتمع لا يكون فيه ضمانات للحقوق ولا فصل للسلطات, ليس لديه دستور". و عُرّف الدستور آنذاك بأنه القانون الأساسي للدولة الهادف الى تنظيم السلطات العامة و تحديد علاقاتها. و تسمو القاعدة الدستورية على كل القواعد الأخرى بما فيها القانون. ويقدم العديد من فقهاء القانون الدستوري شرحا لهذا السمو بإعادته إلى أسباب عضوية كجمعية تأسيسية تحصل من الشعب على توكيل لصياغة الدستور و مثاله المجلس التأسيسي الذي أنتخب لصياغة الدستور سنة 1962 و قدم مسودة الدستور الى سمو الأمير الشيخ عبدالله السالم إعتمادها. و منها أسباب مؤسسة على فكرة العقد الاجتماعي أو القانون الطبيعي : فالدستور يحدد المبادئ التي تفرض نفسها على الحكام والمحكومين. هذه المبادئ تشمل بشكل أساسي الحقوق الفردية والاجتماعية, التي لا تستطيع السلطات العامة خرقها. وإنما على العكس ، على هذه السلطات ضمانها, وتامين التطبيق الحقيقي لها. كمبدأ المساواة بين المواطنين وضمان حرية التعبير وكذلك الحقوق السياسية الناتجة عن التنظيم الديمقراطي. 9

كما يُعرّف النص الدستوري بأنه وثيقة تعكس أكبر عدد ممكن من المبادئ الأساسية والقواعد الخاصة لإرساء أسس بناء النظام السياسي في الدولة. و صياغة القواعد القانونية تستند لنص دستوري مكتسب للشرعية والأخير مشتق من مبادئ دستورية تضفي الشرعية على ممارسات السلطة السياسية “المقيّدة” (أشدد على لفظ المقيّدة) للحفاظ على حقوق المجتمع فإن تجاوزت شرعية قيودها المُلزمة فقد النظام شرعيته السياسية. 9

و تُعرّف المبادئ الدستورية بأنها نظرية سياسية معيارية تمنح السلطة السياسية صلاحيات "مقيدة" لتسير شؤون الدولة والمجتمع، فشرعية السلطة السياسية مشروطة بعدم التجاوز على حقوق المجتمع. كما إن إلغاء أو تغيير نص دستوري ما، يتطلب مناقشة ومصادقة ممثلي الأمة في البرلمان ليكتسب الشرعية لكن هذا التفويض ليس تخويلاً عاماً يمنح البرلمان حرية إجراء تغيير لكافة بنود الدستور تبعاً لمصالح وأجندة ممثلي الحركات السياسية في البرلمان و لكنهتخويلٌ مقيد لتغيير نصوص دستورية محددة شريطة أن لاتمس حقوق المجتمع ومستقبل أجياله وثوابته الوطنية، فعند وجود موجبات للتغيير أو إلغاء لبنود دستورية محددة بهذا الإطار تتطلب تصويتاً شعبياً لتكتسب الشرعية. 9
لذا فإن الدعوة الى الإنقلاب على الدستور و إلغائه بكبسة زر هي بمثابة الإنقلاب على النظام السياسي في الدولة و يعد فسخاً للعقد المكتوب بين الحاكم و المحكوم و سيفقد النظام الجديد أيّاً كان شكله و هويته الشرعية اللازمة لممارسة السلطات التي ستكفل حقوق المواطنة و واجباتها و و سيعمق الخلافات (العميقة أصلاً) بين أبناء الشعب ويدخل البلاد في فوضى جديدة في الوقت التي هي في أمس الحاجة فيه الى إعادة ترتيب الأوراق و تنظيم الصفوف و شحذ الهمم من أجل الإصلاح. 9
الأمر الآخر الذي غاب عن مروجو الدعوة الى الإنقلاب على الدستور ، إنه الصعب بمكان البحث عن نظام سياسي جديد و صيغة توافقية تحل محل دستور عبدالله السالم. فمن يعجز على التوافق على رئيس ديوان المحاسبة سيعجز حتماً عن الوصول الى صيغة بديلة ترضي الأطراف المتنازعة و تعطيه الشرعية اللازمة لإقراره فأي إنتخابات لمجلس تأسيسي على غرار مجلس 1962 ستنتج العشرات من ممثلي الطوائف و القبائل لا رجالات الدولة الذين سمت بهم الدولة في ستينيات القرن الماضي. لذلك فإن أي مقترح بديل سيكون مصيره الفشل تماماً كما حصل لمحاولة تنقيح الدستور في عام 1981. و هذا ما سيدخل البلاد في نفق مظلم لا نعلم نهايته. فهي يعي و يفهم القلاف مايدعو إليه أم إنه سيظل يهرف بما لا يعرف؟ 9
للحديث تتمة ،، 9

14 comments:

Fankooshy said...

صح لسانك اخوي
والفقره الاخيره هي الاهم على الاطلاق
احنا اذا مشينا بالافنيوز نضيع
شلون اذا مشينا بدون دستور لول
اصلا الشباب الكويتي ماراح يسمح بالغاء الدستور :)
شكرا

Mohammad Al-Yousifi said...

ما حزرت يا قلاف

فريج سعود said...

ما تخاف يشوّر فيك ؟

Bavaud said...

عزيزي حلم جميل
بداية تحية طيبة لك ومدونتك

أخي العزيز، أنا سبق و أن تطرقت لموضوع تعليق العمل بالدستور عبر بوست (مو الا الدستور) على مدونتي والذي نشر قبل ما يقار 5 ايام
و أتشرف جدا لو تفضلت بقرائته

أنا لا أعمل كفداوي، ولا أعرف صباحية، ولا لدي أيدلوجيات و خطط ضد الشعب أعمل سراً على تحقيقها

أنا مجرد طبيب شاب كويتي، كانت آخر زيارة لي للكويت منذ أكثر من عامين، لكني أحب الكويت و أتمنى لها الريادة والعودة كما كانت... بالظبط كما تتمنى أنت، و هذا شئ أنا لا أشك فيه إطلاقا

كما أنني أفتخر و أعتز بدستورنا و أبو دستورنا الشيخ عبدالله السالم رحمه الله

لكن للأسف فالمرحلة التي وصلنا إليها فعلاً كارثية! و إن كانت الحكومة هي مصدر الأزمات خلال المرحلة السابقة، فأنا أرى حاليا أن مجلسنا الموقر أصبح هو سبب كل أزمة تمر بها الكويت حاليا

كما ان الدستور في واقع الأمر معلقاً، قل لي أنت يا أخي الفاضل، ماذا تبق من مواد الدستور لنطبقة؟
الدستور صار طوفة هبيطة، و أنا أعتذر عن هذا الوصف، ولكن لا المجلس يعترف فيه، ولا الحكومة
فأغلب قوانيننا الحالية، وإن تمت دراستها بتفصيل، فمتأكد بأنها ستكون غير دستورية
الإسلاميون لم يتركوا من مادة، إلا و ألحقوها بعبارة... وفق الشريعة الإسلامية
للصراحة فأنا أخشى على الكويت وعلى الشعب الكويتي من أؤلئك الذين يرتدون ثوب الوطنية و احترام الدستور، فقط ليصلوا المجلس و يلعبوا بالدستور لعب

هل بإستطاعتنا وقف هذا الغزو المتطرف مع إبقاء العمل بالدستور؟ لا أعتقد
هل يمكننا ضمان حقوق المواطنين و حق محاسبة المسؤولين و أبناء الأسرة مع تعليق العمل بالدستور؟ أيضا لا أعتقد

بإختصار... خياريين كلاهما أمر من الثاني
الدستور في بادئ الأمر، و أول خطوة يحتاجها، هي تطبيقه!
أما الخطوة الثانية فهي تعديله
وقد أعطيت بعض الأمثلة على المواد التي يمكن تعديلها في قسم التعليقات على موضوع (موالا الدستور) و اغلب هذه التعديلات مقتبسه من دساتير دول أخرى لكن دعني أعيدها لك هنا

1. يشترط على مجلس الوزراء، و قبل مباشرته مهامة و سلطاته، الحصول هعلى موافقة الأغلبية من اصوات مجلس الأمة (النصف +1) و بذلك يسود الإتفاق مسبقا بين المجلس و الحكومة
وهذا حق للأسف مجلسنا لا يمتلكه و يسبب الكثير من الأزمات و المشاكل لاحقاً

2. وضع مدة زمنية دنيا من عمر الحكومة أو الوزير، قبل إمكانية العضو من استجوابه، مثلا سنتين من عمر الحكومة أو الوزير
لاني سبق وأن قلت، أنا يعين الوزير امس، و يحترق مستشفى اليوم لإن الخدمات الصحية في الكويت تعاني الإهمال منذ 3 عقود، و بأتي عضو ليستجوب الوزير غدا... منطق لا يقبله عقل

3. أن تكون هناك فترة زمنية محددة، بين قيام سبب الإستجواب، و تقديم عريضة الإستجواب
و هذا اسلوب متبع في كثير من برلمانات العالم
مثال إذا سمح لي المجال و ادري إني طولت عليك
أزمة الفالي، حسناً دخل الفالي، تعطى الحكومة فترة دستورية مدتها شهرين مثلا، لتعدل فيه الوضع او سبب الاستجواب، وإن لم تتمكن الحكومة من تصليح و تعديل الوضح، بات الاستجواب ساريا
و لو اعطيت الحكومة اسبوع.. مو شهرين، لكنا قد انتهينا من تلك الازمة، لكن السادة الأعضاء يبدوا أن دافع الإستجواب لديهم كان موجود على اي حال سواء تسفر الفالي ام لم يسفر

فإن كنا لا نطبق الدستور، ولا نريد تعديله، أو تبديله، ولا اعطاء الحكومة فرصة بتعليقه، و برأيي فإن الشعب سيستفيد كثيرا من فترة التعليق لمراجعة نفسه و دراسة قراراته مره اخرى، فلن نصل الا حل

كما أن خيار الحل الدستوري، لا اعتقد بأنه سيكون لمصلحة أحد، خاصة بأن الشعب سيتوجه لإختيار اعضاءه على اسس طائفية خاصة أن سبب الأزمة كان سيد طائفي

أخيرا، أعتذر عن الإطالة، لكني كنت أريد شرح وجهة نظري في هذه المسألة، و اشكرك على إفساحي المجال لأعبر عن رايي

أخوك/ بافاد

مرة أخرى اتمنى ان أتشرف بقرائتك لموضوع مو الا الدستور، مع التعليقات عليه

علي حيدر النويسندي said...

فمن يعجز على التوافق على رئيس ديوان المحاسبة سيعجز حتماً عن الوصول الى صيغة بديلة ترضي الأطراف المتنازعة
...............
أحييك من صميم قلبي
...............
اي تغيير في الوقت الحالي بيكون لمصالح شخصية ، ويكون لفئه على حساب فئه اخرى
..............
كلام جميل ، وأرفع لك القبعه عزيزي

bo bader said...

متابعينك !!

ومتفقين معاك !!

====

فريج سعود ، الحين ما يشور

بطل سحره ...

Anonymous said...

حلم
قرأت مواضيعك الثلاث الأخيرة ، التي ليس لها علاقة بالكرة ، و إن كانت الكرة موضوعا اجتماعيا و سياسيا مهما أيضا ، و لأنني عدت من لبنان قبل حوالي الأسبوع أعرف أننا يمكن أن نتحول إلى لبنان مستقبلا إذا لم نتمكن من الحفاظ على تجربة الدستور و الديموقراطية ، و جعلها هويتنا الأصيلة التي لا يمكن التنازل عنها مهما تغيرت الاتجاهات ، و تغير الأشخاص الذي يمسكون بمقاليد الحكم ، و إلا فالناس من حولنا في الداخل و الخارج مستعدون لتمزيقنا ، إن لم يكن لرغبتهم في مضرتنا ، فلرغبتهم في الانتفاع بنا ... الدستور دليل الكويت الذي لا يمكن أبدا التنازل عنه.

حلم جميل بوطن أفضل said...

فانكوشي

و لكل من يطالب بالتعديل و التنقيح الهلامي مآرب أخرى

حلم جميل بوطن أفضل said...

مطقوق

صح

حلم جميل بوطن أفضل said...

فريج سعود

أخاف من حليمة و لا أخاف منه. السؤال إنت تخاف من منو؟ جيرارد؟

حلم جميل بوطن أفضل said...

بافاد

شكراً لك على دعوتك الجميلة التي إطلعت من خلالها على موضوعك المطول نسبياً

تعليقك جميل و يطرح تساؤلات مهمة و لك وجهة نظر واضحة من خلال موضوعك في مدونتك الخاصة

لكن يا سيدي العزيز أنا أستهلكت طاقتي تماماً ليس فقط هذا اليوم بل خلال هذا الإسبوع. و ردي على الزميل سفيد ما خلى فيني حيل

لذا أرجو أن تستمحيني عذراً في الرد على مداخلتك أو على بوستك. فهما يحتاجان صفاءً فكرياً و راحة جسدية و هما ما لا أتمتع بهم حالياً

لكن أعدك ببوست خاص أرد فيه على جميع ما تفضلت به نقطة بنقطة و لو إنني سأتطرق الى مواضيع أستهلكت بالنقاش كتعديل المادة الثانية من الدستور التي أعتقد بانها محور إعتراضك الأساسي ، لكن لا بأس

خلك متابع و أتمنى أن أوفق بكتابة الموضوع في القريب العاجل

تحياتي

حلم جميل بوطن أفضل said...

كويت كويت

شكراً

حلم جميل بوطن أفضل said...

بو بدر

فريج سعود قنبلة تدوينية موقوته

حلم جميل بوطن أفضل said...

العسل الأسود

كنت أتمنى أن تقرأي مواضيع الكره بدلاً من مواضيع الكرة و أن تعلقي عليها بالتأييد الكامل لفريق ليفربول

لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

حمدلله على السلامة يا جاي من السفر