وهم النيابة و المسائلة الجنائية

الجميع يعلم بإن إقتناء السيارات التاريخية و القديمة هي هواية شخصية لرئيس مجلس الوزراء. و المتتبع للتسلسل الزمني للقضية سيكتشف بأن طلب التأسيس أتى بكتاب من وزير شئون الديوان الأميري سنة 2002 و هو الشيخ ناصر المحمد و كان التكليف بأن ينشأ "المتحف" تحت مظلة المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب بحكم تخصصه. لكن بعد الموافقة على طلب التخصيص اكتشف الجميع بأن السيارات التاريخية لا تعد من "الآثار" لذا فأنها لا تندرج تحت إختصاصات المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب ! 9

لذا جرى البحث عن مؤسسة تستطيع أن تحتضن هذا المرفق الوطني الهام بحكم تشابه الإختصاص. و تم تجاوز النادي العلمي و المركز العلمي و نادي السيارات و جمعية السلامة المرورية و شركات المشروعات السياحية و وزارة الإعلام ليقع الإختيار على الديوان الأميري ! نعم الديوان الأميري متخصص جداً في شئون السيارات القديمة بحكم إختصاص وزير ديوان الشئون الأميري آنذاك الشيخ ناصر المحمد. عموماً صدر قرار النقل في 9/9/2003. 9

و في السابع من فبراير 2006 تم تعيين ناصر المحمد كرئيساً لمجلس الوزراء ليواحه تحديات المرحلة فيما إصطلح على تسميته ب "العهد الجديد" حاملاً لواء الإصلاح و رافعاً راية الحرب على الفساد. و كان أولى معارك الفساد في إستصدار قرار مجلس الوزراء رقم 97 في 19 فبراير 2006 ، أي بعد 12يوماً فقط من تعيينه في منصبه الجديد ، القاضي بنقل تبعية المتحف "المُشكلة" من الديوان الأميري الى ديوان رئيس مجلس الوزراري تسهيلاً للعمل و لفك تشابك الإختصاصات ! 9

و في 23/12/2006 صدر قرار تاريخي لمجلس الوزراء .. ليس بإنشاء هيئة عامة لمكافحة الفساد .. و لكن بتشكيل مجلس إدارة متحف السيارات التاريخية برئاسة سموه "الفخرية" و بعضوية السيد المحترم خبير السيارات العالمي نايف عبدالله الركيبي. 9

سؤالي هو : فيما لو حولت هذه القضية الشائكة للنيابة .. فماذا سيكون مصير التحقيق ؟؟ هل هناك ما يمنع تشكيل متحف للسيارات التاريخية ؟ هل هناك مواد دستورية تمنع ذلك ؟ و ما المانع بإلحاق تبعية المتحف للديوان الأميري أو ديوان رئيس مجلس الوزراء أو هيئة شئون القصر أو المجلس الأعلى للمعاقين أو المجلس الأعلى للبترول ؟ و ما الجرم القانوني في تعيين السيد نايف الركيبي كعضو في مجلس إدارة هذا المتحف ؟ ألا يمكنه الترشح و الترقي لأعلى المناصب ؟ وكيل وزارة الخارجية ؟ مدير قسم السكرتارية في وزارة الشئون (أتمنى ألا ترفع علي قضية أمن دولة) ؟ أمين سر إتحاد الشطرنج ؟ رئيس موردي الخضار لشبرة الخضرة (لا أحد يبلغ صحيفة الشاهد عن هذه المدونة) ؟ الرئيس الفخري لجمعية أطباء الأسنان الكويتية (تبدو مناسبة تماماً ) ؟

الجواب هو إن لا جريمة جنائية في تلك القضية. و النيابة لن تتمكن من التحقيق في أمر سياسي خالص و أقصى ما يمكن عمله هو محاسبة المسئولين الماليين في الديوان (كما ورد في تقرير لجنة ثامر و بكل أسف) عن مخالفة النظم و اللوائح في حين إن المسئول الحقيقي عن هذه الأخطاء معلوم لدى الجميع. 9

لهذا فإن الشق السياسي دائماً .. دائماً .. ما يكون منفصلاً عن الشق الجنائي حتى و إن تعلق الأمر بهدر الأموال العامة أو قضايا فساد مالي. و لا يمكن لأحد أن يخلط بين الزيت و الماء في هاتين القضيتين المختلفتين تماماً. 9

فحين يقوم الوزير و يصرح بانه لا يجد غضاضة في إرساء مناقصة تجاوز سعرها بخمسين ضعف القيمة الأصلية متجاوزاً النص القانوني الواضح في تعريف الغُبن و الذي أقر المشروع بسقوط دعواه بالتقادم ما لم ترفع خلال سنة من تاريخ توقيع العقد و يقول بانه يحق له مخالفة قوانين المناقصات العامة و العقود العامة و الفتوى و التشريع و لوائح وزارة المالية متى رأى تقديره الخاص ذلك بحكم إنه احد أعضاء السلطة التنفيذية المهيمنة بصفة تقديرية مطلقة (حسب فهمه) على مصالح الدولة. 9

لذا فإن قول السيد علي الراشد في جلسة الإستجواب .. بأنه كان من الممكن وقوفه ضد الوزير (أشك في ذلك) لو إنه لم يقم بإحالة القضية على النيابة هو قول "باااااااااااااطل". فحتى لو قام بتحويلها على النيابة لما أكفاه ذلك المسائلة السياسية. 9

للحديث بقية ،، 9